إنفلونزا الطيور ليست مجرد مشكلة تتعلق بصحة الحيوان، بل يمكن أن تلحق أضرارًا خطيرة بصحة الإنسان والاقتصادات والأمن الغذائي. ©FAO/Stuart Tibaweswa
إذا كنتم تعتقدون أنها مجرد مشكلة تعني الطيور، أعيدوا النظر في ذلك.
لطالما كان هناك ارتباط بين الإنسان والحيوانات. فالحيوانات توفر لنا موارد أساسية مثل الطعام والملبس ووسائل النقل وسبل كسب العيش، إضافةً إلى الرِفقة، بموازاة دعمها للنظم الإيكولوجية الصحية. وفي ظل تزايد عدد السكان والتوسع الحضري وزيادة الإنتاج الحيواني العالمي، أصبحنا نتشارك مساحات أكبر من أي وقت مضى.
ويجعل هذا الأمر صحة الحيوانات بالغة الأهمية كون سلامتها تؤثر علينا بشكل مباشر.
ويساعد رصد صحة الحيوانات وحالات تفشي الأمراض في إنقاذ الأرواح، ومنع تكبّد خسائر اقتصادية، ووقف انتشار الأمراض، سواء أكانت أوبئة (انتشار الأمراض في منطقة جغرافية محددة) أو جوائح (انتشار الأمراض على الصعيد العالمي). وتشكل إنفلونزا الطيور تهديدًا خطيرًا لصحة الإنسان والحيوان على حد سواء.
وفي ما يلي أربعة مسائل ينبغي معرفتها عن إنفلونزا الطيور وكيف تعمل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة) على حماية الحيوان والإنسان:
1- مرض عابر للحدود وحيواني المصدر يؤثر على الحيوانات البرية والحيوانات الأليفة والإنسان.
تتسبب فيروسات الإنفلونزا A بالإصابة بإنفلونزا الطيور. وكما يدلّ عليه اسمها، فهي تُصيب في المقام الأول الطيور البرية والطيور الداجنة.
والتفشي العالمي الحالي لفيروس إنفلونزا الطيور الشديد الإمراض (H5N1) شديد العدوى بشكل خاص ويسبب معدلات نفوق عالية لدى الدواجن. وبالإضافة إلى ذلك، تمّ تشخيص هذا الفيروس لدى الماشية الحلوب والثعالب والفقمات وأسود الجبال، وحتى في الحيوانات الأليفة المنزلية، مما يطرح مخاوف بشأن انتشاره بين الأنواع ومخاطره على صحة الإنسان.
ويتسبب هذا التفشي، الذي بدأ في أواخر عام 2020، في فقدان أنواع نادرة وهامة من الطيور البرية، بالإضافة إلى الدواجن، مما يؤثر على الأمن الغذائي والسلاسل العالمية لإمدادات الأغذية ويؤدي إلى نقص في البيض على سبيل المثال.
وفي ما يتعلق بالأبقار، من شأن إنفلونزا الطيور أن تخفض إنتاج الحليب في ظل تقارير نادرة ولكن موجودة عن حالات إصابة بين العاملين في قطاع منتجات الألبان.
وتعمل المنظمة على مراقبة مخاطر إنفلونزا الطيور من خلال إتاحة عمليات تقييم مشتركة وتحديثات شهرية عن الأوضاع مع شركائها، مما يكفل إتاحة الإرشادات القائمة على العلوم للبلدان كافة من أجل المساعدة في التصدي للخطر الناشئ.
منذ تفشي المرض، اتخذت إجراءات لمكافحته مثل الحجر الصحي، وتقييد الحركة، وتشديد المراقبة، والتخلص من الطيور المصابة للحد من انتشار المرض وتأثيراته. اليمين/الأعلى: © FAO/Giulio Napolitano اليسار/الأسفل: © FAO/A.K. Kimoto.
2- في حالة تحوُّر.
أنماط فيروس إنفلونزا الطيور هي رنا (RNA) فيروسي، مما يعني أنها تتحوَّر وتتطور بسرعة. وتظهر سلالات جديدة باستمرار، مما يزيد فرص تكيفها مع الثدييات. ووفقًا للمنظمة العالمية لصحة الحيوان، زادت حالات تفشي إنفلونزا الطيور لدى الثدييات بمقدار الضعف العام الماضي مقارنةً بعام 2023، مما يزيد من خطر انتشارها وانتقالها بين البشر.
وتاريخيًا، انتقلت بعض هذه السلالات إلى البشر مسببةً نتائج مميتة. فعلى سبيل المثال، كان وباء الإنفلونزا الإسبانية في عام 1918 من سلالة إنفلوانزا H1N1 التي كان مصدرها الطيور وأصاب 500 مليون شخص حول العالم.
3- الانتشار في كل مكان.
منذ أن ظهرت إنفلونزا الطيور H5NI لأول مرة في آسيا في عام 1996، تفشت بعدها إنفلونزا الطيور عدة مرات في مختلف أرجاء العالم. ومع أن هجرة الطيور البرية عبر مسافات طويلة قد سهّلت كثيرًا انتشارها عبر الحدود، لا تزال الممارسات السيئة لإنتاج الدواجن تُشكّل عامل خطر رئيسيًا لدخول الفيروسات وانتشارها.
واليوم، وردت تقارير عن تفشي فيروس إنفلونزا الطيور H5N1 في أفريقيا والأمريكيتين وآسيا وأوروبا، حتى إنه وصل إلى القارة القطبية الجنوبية، مع ما لذلك من تأثيرات على الحياة البرية هناك. وأُفيد عن أكثر من 400 3 حالة تفشٍّ على الصعيد العالمي منذ أكتوبر/تشرين الأول 2022. وكانت نتيجة ذلك فرض حجر صحي وتقييد الحركة وتشديد الرقابة والتخلص من أسراب الطيور المصابة. وتؤثر هذه الاضطرابات في قطاع الدواجن على أسعار الأغذية وتوافر البروتينات الحيوانية في بلدان كثيرة.
وتعمل المنظمة على رصد المعلومات المتعلقة بإنفلونزا الطيور، بالإضافة إلى أمراض أخرى، وتجميعها ونشرها من خلال نظامها العالمي لمعلومات الأمراض الحيوانية، EMPRES-i. ويتيح هذا النظام للحكومات وصانعي القرار رصد وتحليل فيروسات إنفلونزا الطيور الشديدة الإمراض المنتشرة عالميًا. وبالإضافة إلى ذلك، تقدم المنظمة تحديثات عن فيروسات إنفلونزا الطيور على الصعيد العالمي التي يمكن أن تنتقل من الحيوان إلى الإنسان وذلك لزيادة المعلومات العالمية عن الأمراض وجمع المعلومات من البلدان ولصالحها.
تقيم منظمة الأغذية والزراعة شراكات مع المنظمات والبلدان لمعالجة تفشي الأمراض الحيوانية من خلال الوقاية والكشف المبكر والاستجابة عبر إتاحة التدريب للأطباء البيطريين الميدانيين وفنيي المختبرات. ©FAO/Giulio Napolitano
4- الحاجة إلى استجابة عالمية ومنسَّقة.
تترابط صحة الحيوانات والإنسان والنباتات والبيئة وتتداخل مع بعضها البعض.
ولهذا السبب، تقيم منظمة الأغذية والزراعة شراكات مع المنظمة العالمية لصحة الحيوان، ومنظمة الصحة العالمية، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، والسلطات الوطنية والإقليمية للوقاية من تفشي الأمراض الحيوانية والكشف عنها والتصدي لها. ويشمل هذا تدريب الأطباء البيطريين الميدانيين وفنيي المختبرات على تحديد الأمراض وتشخيصها بسرعة.
ويمكن لمكافحة تفشي الأمراض في مكان حدوثها أن تساعد في منع انتشاره إلى المزارع المجاورة والحيوانات الأخرى والإنسان - عبر الحدود - ومنع حدوث تفاعل تسلسلي يؤدي إلى خسائر اقتصادية وانعدام الأمن الغذائي وارتفاع الأسعار في المستقبل.
ومع استمرار انتشار الفيروس في جميع أنحاء العالم، من الأساسي الاستثمار في قدرات الرصد والكشف المبكر والاستجابة لتجنب تكبّد خسائر أكبر وتأثيرات إضافية على اقتصاداتنا وسبل عيشنا ورفاهنا.
للمزيد من المعلومات
الموقع الإلكتروني: أسئلة وأجوبة عن إنفلونزا الطيور الشديدة الإمراض
الموقع الإلكتروني: إنفلونزا الطيور الشديدة الإمراض
الموقع الإلكتروني: منظمة الأغذية والزراعة وصحة الحيوان