تُستزرع الطحالب البحرية إغراسيلاريا تقليديًّا في دومينيكا لصنع المشروبات والهلاميات ومنتجات أخرى. ومع ذلك، ولأنها أنواع بطيئة النمو، فرضت تحديّات إنتاجية على مستزرعيها. ولذلك، قدَّمت منظمة الأغذية والزراعة طحالب Eucheuma cottonii إلى المستزرعين كحلٍّ بديل عوضًا عن الاعتماد على الواردات لتلبية الطلب المحلي. FAO/Chris Davis©
في دولة جزرية صغيرة واقعة على الحدود الشرقية للبحر الكاريبي، ينمو نوع من الأعشاب البحرية البرية، أو الطحالب الحمراء، يُسمى إغراسيلاريا (Gracilaria)، وهو نوع يواظب الدومينيكيون على استزراعه كجزء من تقاليدهم ويستخدم لصنع المشروبات والهلاميات ومنتجات أخرى كأصباغ المنسوجات.
وطحالب إغراسيلاريا، كغيرها من أنواع الأعشاب البحرية، لها ميزات تغذوية وتجميلية كثيرة. ولكنّ هذا النوع البطيء النمو يفرض على مستزرعيه تحديات ترتبط بالإنتاج والعرض، مما يؤدي إلى الاعتماد على استيراد أنواع أخرى من الجزر المجاورة لتلبية الطلب المحلي.
وتعدَّ عملية استزراع الأعشاب البحرية عملية معقّدة تتضمن حصاد الطحالب، وتنظيفها من الأعشاب والمخلفات الأخرى، وإزالة لونها وتجفيفها تحت أشعة الشمس، ثمَّ تعبئة المواد الخام المجففة قبل بيعها.
وللأسف، فإن أنواع طحالب إغراسيلاريا تستقطب الأعشاب الأخرى، كالنباتات الملازمة، بسهولة. وفي حين أن أنواعًا أخرى من الطحالب قادرة على تنظيف ذاتها، فإن تنظيف طحالب إغراسيلاريا هي عملية مضنية وكثيفة اليد العاملة. وعلاوة على ذلك، تعتبر غلات طحالب إغراسيلاريا قليلة نسبيًّا، إذ لا يتعدى متوسط نسبة استخراجها كيلوغرامًا واحدًا من المنتج الجاف لكل 18 كيلوغرامًا من المواد الأولية الرطبة، وهذا يعني أرباحًا قليلة.
ويقول السيد Dorian Sanford، وهو مسؤول حكومي عن مصايد الأسماك لتربية الأحياء المائية وتربية الأحياء البحرية: "كان العديد من المستزرعين يستزرعون الأعشاب البحرية بمفردهم. وقد واجهوا الكثير من التحديات في استزراع إغراسيلاريا، ولم تكن العائدات جيدة دائمًا. فكانوا يشعرون بالإحباط، حتى أنّ بعضهم توقّف عن استزراع الأعشاب البحرية".
ورغم هذه الصعوبات، رفض الكثير من المستزرعين التخلي عن استزراع الأعشاب البحرية.
وبرز الحلّ لهذه المشكلة من خلال استزراع Eucheuma cottonii، وهو نوع من الأعشاب البحرية التجارية التي جُلِبت للمرة الأولى إلى هذه المنطقة قبل عقود عديدة. وتم تقديم هذا النوع في إطار مشروع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة) الذي ركّز على تعزيز سبل كسب العيش، ودعم تنمية سلاسل القيمة الزراعية والغذائية بشكل مستدام وبناء قدرتها على الصمود.
وقدَّم مشروع المنظمة تدريبات نظريّة وأخرى ميدانية حول إنتاج Eucheuma cottonnii وممارسات تربية الأحياء المائية الجيدة. واستفاد من التدريب الذي قاده السيد Thomas Nelson، وهو خبير في الأعشاب البحرية من جزيرة سانت لوسيا، فنيون ومسؤولو إرشاد ومستزرعون من ثلاث تعاونيات للأعشاب البحرية.
أنواع Eucheuma cottonii السريعة النمو والذاتية التنظيف تُنتج الأعشاب البحرية بالكميات والنوعيات اللازمة لتحقيق إنتاج تجاري مربح. FAO/Chris Davis©
طحالب Eucheuma cottonii هي أنواع سريعة النمو وذاتية التنظيف تُنتج الأعشاب البحرية بالكميات والنوعيات اللازمة لتحقيق إنتاج مربح. وقد حقّقت نجاحًا كبيرًا في سانت لوسيا والجزر المجاورة الأخرى التي تستزرع الأعشاب البحرية للأغراض التجارية.
وطرأت تحسينات ملحوظة على إنتاج الأعشاب البحرية وغلالها منذ أن بدأت ثلاث مجموعات استزراع رئيسية في المجتمعات المحلية، هي وودفورد هيل (Woodford Hill) وكاليبيشي (Calibishie) وغراند بي (Grand Bay)، باستزراع أنواع Eucheuma cottonii.
ويقول السيد Sanford، الذي تلقى هو نفسه تدريبًا من المنظمة ويقوم حاليًا بإرشاد المستزرعين في الجزيرة في ما يخصُّ إنتاج الأعشاب البحرية للأغراض التجارية: "منذ انضمام المنظمة، أشركنا مجموعات المستزرعين في تجريب هذا النوع من الأعشاب البحرية. وقد واجه البعض صعوبات في البداية، ولكن بعد بضعة أشهر، أظهرت المجموعات حماستها بشأن الغلة الجديدة وبشأن استزراع الأعشاب البحرية وحصادها. وباتت لدينا الآن مجموعات تحصد ما بين 180 و325 كيلوغرامًا من الأعشاب البحرية".
وتزايد التفاؤل بشأن استزراع الأعشاب البحرية منذ استجلاب أنواع Eucheuma cottonii.
وباتت اثنتان من شركات التجهيز الزراعي تشتريان المنتجات الخام من المستزرعين المحليين. وتصدِّر مجموعة المستزرعين في غراند بي كميات صغيرة من الأعشاب البحرية إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وتبحث مجموعة وودفورد هيل في إمكانية تحويل الأعشاب البحرية إلى مستحضرات تجميل.
تسعى منظمة الأغذية والزراعة إلى مساعدة دومينيكا على مواصلة تطوير سلسلة القيمة هذه من خلال الربط بين المستزرعين والمجهزين الزراعيين من أجل المساعدة على تشجيع الاستثمارات في هذا القطاع الواعد. FAO/Chris Davis©
ومن أجل مواصلة إرشاد المستزرعين وتطوير القطاع، تقوم وزارة الزراعة ومصايد الأسماك والاقتصادين الأزرق والأخضر بدعم المستزرعين في بناء أكواخ تجفيف جديدة، كما طوّرت أيضًا مشتلًا لأنواع Eucheuma cottonii لمساعدة مستزرعي الأعشاب البحرية الجدد والحاليين. ويتيح المشتل للمستزرعين التعافي السريع من الأضرار والخسائر التي تلحق بالأعشاب البحرية بسبب العواصف، كالعاصفة الاستوائية "بريت" التي هبَّت في يونيو/حزيران 2023. وتلقى المستزرعون، عن طريق المشتل، 18 كيلوغرامًا من الأعشاب البحرية لإعادة تجهيز مرافق الاستزراع الخاصة بهم.
ورغم الصعوبات العرضية الناجمة عن الظروف المناخية المتطرفة، تظل الأعشاب البحرية في صدارة جدول أعمال تربية الأحياء المائية في البلاد، وذلك لما لها من إمكانات في تحقيق إيرادات عالية. فهي تخلق فرص عمل وتحسِّن جودة الحياة بالنسبة إلى المستزرعين والمجتمعات المحلية في دومينيكا.
ويقول السيد Sanford "ستصبح دومينيكا قريبًا حاضرة على خريطة استزراع الأعشاب البحرية".
وليس تعزيز الإنتاج سوى الخطوة الأولى في بناء سلسلة القيمة. وعلى المدى الطويل، يهدف المشروع إلى تعزيز الروابط بين القطاعين الخاص والعام. ومن شأن عقد شراكات طويلة الأمد من هذا القبيل أن يساعد على زيادة الاستثمارات في قطاع الأعشاب البحرية وتعزيز قدرة إنتاج الأعشاب البحرية في دومينيكا على الصمود وتحسين استدامته.
للمزيد من المعلومات
الموقع الإلكتروني: الملامح القطرية للمنظمة: دومينيكا
شريط فيديو: مستزرِعات الأعشاب البحرية - رائدات في تحويل قطاع الأعشاب البحرية في دومينيكا
مدوّنة صوتية: رحلة لتحويل قطاع الأعشاب البحرية في دومينيكا