Food and Agriculture Organization of the United NationsFood and Agriculture Organization of the United Nations
Colombia-GCF-1

استعادة منطقة الأمازون الأحيائية في كولومبيا: حلّ عالمي لأزمة المناخ


ناجون من النزاع، تحوّلوا إلى أبطال للغابات، يتولون حماية التنوع البيولوجي وبناء سبل العيش

Share on Facebook Share on X Share on Linkedin

منظمة الأغذية والزراعة والصندوق الأخضر للمناخ يعملان من أجل الحدّ من إزالة الغابات ومكافحة تغير المناخ في كولومبيا. ©FAO/Felipe Rodriguez

13/11/2024

"ما الذي أتمنى أن يجرفه النهر؟ إزالة الغابات"، تقول السيدة Sandra Donado وصوتها يتصاعد مع العاصفة المفاجئة التي تهزّ زورقها الذي تبحر على متنه في نهر غوافياري (Guaviare) منطقة الأمازون الأحيائية في كولومبيا.

وهذا المجرى المائي هو شاهد صامت على الاضطرابات التي عصفت ببلدية مابيريبان (Mapiripán)، فقد شهد كلَّ ما حلَّ بها؛ بدءًا من الاتجار بالأحياء البرية، وحصاد محاصيل الكوكا التي أجّجت النزاع، والجثث البشرية التي ميّزت أحلك أيام المنطقة، وصولًا إلى التعرية المتواصلة للغابات المطيرة التي كان النهر يرويها ذات يوم. واليوم، تتمنى السيدة Sandra أن يجرف هذا النهر آلام الماضي، وأن يبشّر بزمن جديد من الشفاء لمجتمعها وأرضها.

ولطالما ظلَّت بلدية مابيريبان تعاني من حلقة مفرغة من النزاع والتدهور البيئي تفاقمت بسبب تغير المناخ. وكانت في السابق تشتهر بالاتجار غير المشروع بفراء الحيوانات البرية، ثمّ أصبحت لاحقًا منطقة لزراعة نبات الكوكا، مما اجتذب جماعات مسلّحة حوّلت الغابة المطيرة الخصبة إلى ساحة معركة.

وكانت السيدة Sandra شابة تعاني من الفقر المدقع والعنف عندما وصلت إلى مابيريبان في مطلع الألفية الجديدة، مدفوعة بالأمل في رغد العيش. وتتذكر قائلة "لقد كانت هناك طفرة اقتصادية، لكنها كانت نتيجة للمحاصيل غير المشروعة، ولم يكن هناك سبيل آخر لكسب لقمة العيش".

ولكن ذلك الرخاء لم يدم طويلًا، فسرعان ما اشتد النزاع ضراوة، وانهارت أنشطة الاتجار بالكوكا، تاركةً المجتمع في حالة من الدمار. وتقول السيدة Sandra، وصوتها يرتجف وهي تروي التجارب المروِّعة التي عاشتها مختبئة خشية الجماعات المسلحة، "لقد عشنا في رخاءٍ ونزاع في آن معًا". وبحلول عام 2009، اضطر معظم سكان المجتمعات الريفية في المنطقة إلى النزوح.

وبعد توقيع اتفاقية السلام في عام 2016، عاد الكثير من الأشخاص، بمن فيهم السيدة Sandra، إلى المنطقة. ولكن الأرض باتت عاجزة عن الإنتاج، بعد أن تضرّرت بسبب النزاع والممارسات الزراعية غير المستدامة. وفي غياب البنية التحتية والوصول المحدود إلى الأسواق، لجأ المزارعون، مثل السيد Marco Antonio Lopez، إلى تربية الماشية من أجل البقاء على قيد الحياة.

ولكن ذلك تطلّب إزالة المزيد من الغابات. ويُقرُّ السيد Marco قائلًا "كنا نزيل نحو 15 إلى 20 هكتارًا بأيدينا من أجل الماشية، لا لتدمير التنوع البيولوجي، بل بحثًا عن وسيلة للبقاء على قيد الحياة".

ووقف المزارعون بلا حول ولا قوة وهم يرون وافدين جُدد يستولون على المناطق المهجورة ويزيلون مساحات أوسع من الغابات. وتقول السيدة Sandra مشمئزة "لم يكترثوا لإزالة 700 إلى 000 1 هكتار. كانوا يقطعون الأشجار ويفتحون ممرات مباشرة وسط الجبل". وباتت العواقب جميعها تبدو واضحة تمامًا، وتضيف السيدة Sandra قائلة "بدأنا نشعر بارتفاع درجات الحرارة، ونلاحظ تغير المناخ".

واليوم، تطمح السيدة Sandra والسيد Marco إلى مستقبلٍ يمكنهما فيه تحسين مستوى حياتهما وصون الغابات في الوقت ذاته، وهو طموح مشترك في جميع أرجاء البلاد. وبالفعل، فقد حققت كولومبيا تقدمًا كبيرًا في الحد من إزالة الغابات. فقد أثبتت البلاد أن معدلات إزالة الغابات في منطقة الأمازون الأحيائية  فيها شهدت، بين عامي 2015 و2016، تراجعًا كبيرًا، مما حال دون انبعاث حوالي سبعة ملايين طن من ثاني أكسيد الكربون. وساعد هذا النجاح البلاد على تأمين مدفوعات قائمة على النتائج بقيمة 28.2 مليون دولار أمريكي من الصندوق الأخضر للمناخ في عام 2020 لتنفيذ مشروع  كولومبيا لخفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها والمعروف في البلاد باسم "الصندوق الأخضر للمناخ - رؤية أمازونيا". ويشجّع هذا المشروع، الذي تتولى قيادته منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة)، على صون الأراضي وإدارتها بطريقة مستدامة في المناطق التي تتسارع فيها إزالة الغابات، مثل بلدية مابيريبان.

ar
ar

النظام الحرجي الرعوي في الأمازون يجمع بين الأشجار والشجيرات ومراعي الماشية. ويؤدي ذلك إلى زيادة تخزين الكربون في الأشجار والتربة، مما يقلّل من انبعاثات غازات الدفيئة الناتجة عن الماشية والأسمدة، ويعزّز القدرة على التكيّف مع تغير المناخ. ©FAO/Felipe Rodriguez

ويعمل مشروع المنظمة، الذي سيستمر حتى عام 2026 ويجري بالتنسيق مع الحكومة والمجتمعات المحلية في كولومبيا، على حماية منطقة الأمازون الأحيائية من خلال رصد الغابات وتطبيق ممارسات الإدارة المستدامة، بما يعود بالفائدة على المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة وجمعيات المزارعين والسلطات المحلية على حدٍ سواء.

ويوضّح السيد Marco قائلًا "نحن، أي المجتمع المحلي، ندرك بالفعل المشكلة التي يطرحها تغير المناخ. فاليوم، عندما نذهب للعمل في الحقول، تكون أشعة الشمس قوية لدرجة أننا لا نستطيع تحمّل حرارتها. وبدأنا حقًّا ندرك ضرورة صون هذه النظم الإيكولوجية الجميلة التي تزخر بها منطقتنا".

وتضيف السيدة Sandra قائلة "إذا ازدهرت الغابة، وازدهرنا نحن أيضًا، ستزدهر الحيوانات".

ar

إزالة الغابات تؤدي إلى انبعاث الكربون في الغلاف الجوي، مما يساهم في تفاقم تغير المناخ ويزيد من الأضرار التي تطال الغابات. ©FAO/Felipe Rodriguez

وتوضّح السيدة Sandra Vanegas، منسّقة الأسواق المحلية لدى المنظمة، قائلة "بفضل هذا المشروع، نضمن صون الغابات بينما تقوم الأسر بتوليد الموارد من خلال من خلال مشاريع تعاونية. ونحن نشجِّع على زراعة الحدائق الزراعية الحرجية حيث يمكنها إنتاج محاصيل لاستهلاكها الخاص وحفظ البذور والنباتات المستوطنة".

وبالفعل، اكتسب أفراد المجتمعين المحليين للسيد Marco والسيدة Sandra فهمًا عميقًا للحراجة الزراعية المستدامة، وهي ممارسة مستدامة في استخدام الأراضي تجمع بين الزراعة والغابات. وبفضل زيارات تثقيفية، اطّلعوا مباشرة على كيفية إيحاء التربة بالأسمدة العضوية وزراعة أغذيتهم بأنفسهم.

ويروي السيد Marco كيف بدأوا يدركون تدريجيًّا أهمية تربية الماشية، فيقول: "لم نكن نعلم في ذلك الوقت أننا لسنا بحاجة إلى مساحات شاسعة من المراعي لنضمن حصول أبقارنا على تغذية جيدة". ويضيف أن المبادرة وسّعت آفاقهم من خلال سلسلة من الدورات التدريبية. وقد بدأوا الآن في تطبيق النظم الحرجية الرعوية من خلال غرس الأشجار في مزارعهم الأسرية.

ويضيف السيد Marco قائلًا "لقد منحتنا المبادرة منظورًا أوسع، وساعدتنا على إدراك أضرار إزالة الغابات وعواقب استمرارها. وعندها اتخذنا، كقادة، موقفًا أكثر حزمًا لحماية الغابة".

ودفعهم هذا الوعي الجديد إلى تشكيل جمعية AGROSIARE للقيام بمشاريع مستدامة. فعلى سبيل المثال، عملوا بهمة ونشاط من أجل غرس وتسويق شجرة الكاكاي، وهي من الأنواع المحلية في منطقة الأمازون المعروفة بثمارها المغذية. وبفضل تدريبهم على المهارات القانونية والتنظيمية، تمكّنوا من تعزيز قدرة جمعيتهم على الدعوة إلى حماية البيئة وتحسين سبل العيش.

ويوضّح السيد Marco قائلًا "إن رؤيتنا تتمثل في ضمان حماية كنز بيئتنا وغاباتنا المطيرة من قبل الذين يعيشون هنا".

ومن خلال العمل مع المجتمعات الريفية، يجد البرنامج حلولًا مناخية فعّالة وعادلة، وتعد بمستقبل مختلف لمنطقة الأمازون.

حلول النظم الزراعية والغذائية هي حلول خاصة بالمناخ والتنوع البيولوجي والأراضي

هذه القصة هي جزءٌ من سلسلة من ثلاثة أجزاء عن الحلول الخاصة بالمناخ والتنوع البيولوجي والأراضي في كولومبيا. تأخذكم هذه القصص من المناظر الطبيعية القاحلة في لا غواخيرا حيث يدعم برنامج SCALA التابع لمنظمة الأغذية والزراعة القدرة على الصمود في وجه تغير المناخ والأمن الغذائي، إلى ساحل المحيط الهادئ، حيث يعمل مشروع مدعوم من مرفق البيئة العالمية على الحفاظ على التنوع البيولوجي الغني مع المساهمة أيضًا في السعي إلى إحلال السلام.

روابط تتعلق بالموضوع

للمزيد من المعلومات: