مركز الاستثمار

إزدياد إمدادات القمح في مصر

Photo: ©FAO/Jordi Vaqué

مزارع يتجول في حقل القمح يبحث عن الأعشاب الضارة أو أي آثار للآفات. مصر، أبريل/نيسان 2019.

تعمل مصر على تحسين سلاسل إمدادات القمح حتى تتمكن من تلبية الطلب المتزايد على الخبز. تدعم كلُ من منظمة الأغذية والزراعة والبنك الأوروبي للإنشاء والتعمير الحكومة المصرية والصناعة ذات الصلة في جهودهما تلك.

يقول عادل، صاحب أحد المخابز الآلية في منظقة وسط القاهرة "إنني أشعر بالفخر لأنني أوفر أهم شيء للمصريين". "الخبز هو المنتدى الاجتماعي الخاص بنا، ولدينا علاقات جيدة بزبائننا المخلصين، ونحن حريصون على تلبية احتياجاتهم. إننا نعيش في مجتمع مترابط، فإذا حدثت أي مشكلة بإمكاننا أن نحلها سويًا."

الخبز البلدي هو خبز تقليلدي مسطح، وهو من المكونات الرئيسية في النظام الغذائي المصري حيث يتناوله المصريون عادةً في كل وجبة. ويُشار إليه عمومًا "بالعيش"، وتعني هذه الكلمة "الحياة" في اللغة العربية الفصحى.

تدعم الحكومة المصرية منذ فترة طويلة الخبز البلدي المصنوع من دقيق القمح )استخراج 82 في المائة(، وتشتري الحكومة القمح من الأسواق المحلية أو الأجنبية.

يحصل المستفيدون من نظام بطاقات السلع التموينية المصرية على رغيف الخبز بسعر خمسة قروش، ولم يتغير هذا السعر منذ الثمانينيات. وبهذا السعر، يمكن شراء 358 رغيفًا بدولار أمريكي واحد.

وحتى تتمكن الحكومة من استمرار توفير الخبز بهذا السعر وإطعام الأعداد الهائلة والمتزايدة من السكان، أصبحت مصر  من أكبر مستوردي القمح في العالم، حيث تستورد أكثر من 12 مليون طن من القمح سنويا ، وسيصل هذا الرقم على الأرجح إلى أكثر من 15 مليون طن بحلول عام 2028.

تقوم الدولة بتحديث عملياتها في قطاع الحبوب، بدءًا من العمليات المنتظمة لفحوصات صحة النبات ومراقبة الجودة إلى عمليات التخزين والنقل الملائمة،  عاملة على التغلب على العقبات على طول سلسلة الإمداد.

من شأن ذلك أن يسمح للبلاد بإدارة الكميات الكبيرة من الواردات بكفاءة أكبر مع الحفاظ على الأمن الغذائي الأساسي وسلامة المستهلكين.

  • ©FAO/Jordi Vaqué

على اليسار: عادل خارج مخبزه الآلي. على اليمين: يلتقط عمال المخابز الخبز الساخن أثناء خروجه من الحزام الناقل. القاهرة ، مصر ، أبريل/نيسان 2019

مراقبة الجودة

تهدد الآفات والأمراض النباتات بشكل مستمر ومتزايد. وتعرب الحكومة المصرية عن قلقها إزاء مخاطر عشبة الأمبروزيا الضارة ومرض الارغوت والآفات الأجنبية الأخرى.

يمكن أن تصيب شحنات القمح الملوثة إمدادات الحبوب المحلية بالعدوى، وبالتالي فإنها تهدد سلامة الأغذية وصحة النباتات. ويمكن كذلك أن تؤدي إلى إضعاف الثقة بين الشركاء التجاريين، وثقة المستهلكين في سلامة الخبز، مما يخلف خسائر اقتصادية فادحة.

لا بد من إجراء عمليات فحوصات سلامة صحة النبات ومراقبة سلامة الأغذية بأخذ عينات بالطريقة المناسبة للحفاظ على سلامة منتجات الحبوب المصرية.

يقول أحمد العطار، رئيس الإدارة المركزية للحجر الزراعي بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي "تنفذ الإدارة الأعمال اللازمة للسيطرة على جميع شحنات الحبوب الواردة وفحصها بدقة لمنع دخول أي أمراض أو آفات."

وبالنسبة لظهور مرض الارغوت في بعض شحنات القمح، أشار العتال إلى تعاون الإدارة مع معهد بحوث أمراض النباتات التابع لمركز البحوث الزراعية لابتكار طريقة لمنع انتشار المرض في الحقول وإصابة بذور القمح به.

فقد تم نقل القمح في حينه من السفن إلى الصوامع الموجودة في الميناء حيث تمت غربلة الحبوب وفحصها. وبعد التأكد من أن نسبة الإصابة بفطر الارغوت قد استوفت الحد المسموح به لسلامة الأغذية (0.05 في المائة)، تم الإفراج عن القمح من صوامع الميناء.

وفر هذا النهج وقتًا كثيرًا حيث حال دون حدوث تأخيرات كبيرة في سلسلة الإمداد، مع استبعاد مخاطر انتقال الأمراض إلى الزراعة المصرية

  • ©FAO/Jordi Vaqué

على اليسار: أحمد العطار رئيس الإدارة المركزية للحجر الزراعي بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي. على اليمين: أحد الحقول التي تجري فيها الوزارة بحوث المحاصيل. القاهرة، مصر، أبريل/نيسان 2019.

©FAO/Jordi Vaqué

يزرع صلاح القمح مع عائلته منذ 50 عامًا في محافظة القليوبية التي تقع في شمال القاهرة في منطقة دلتا النيل، ويرى أنه لا بد من الحفاظ على محاصيله سليمة وخالية من الأعشاب الضارة والأمراض. القليوبية، مصر، أبريل/نيسان 2019.

مزيد من الكفاءة على طول سلسلة الإمداد

تشارك العديد من الهيئات العامة والشركات التجارية الخاصة في إدارة التدفق الكثيف لواردات القمح إلى مصر  ونقلها عبر سلسلة الإمداد.

تصل الشحنات أولاً إلى الموانئ المصرية، وتُخزن في صوامع الميناء، ثم تُنقل إلى الصوامع الداخلية قبل توجيهها إلى المطاحن ليتم طحنها وتحويلها إلى دقيق يُصنع منه الخبز الذي يباع في المخابز.

غير أن القمح قد يتلف ما لم يتم تخزينه بشكل صحيح، أو تسليمه في الوقت المناسب.

في بعض الأحيان، يمكن أن تحتل شحنات الحبوب الكبيرة مساحة التخزين المحلية، لذلك ينتهي بها الأمر بالبقاء في الميناء لفترة طويلة.



يقول وائل عباس، مساعد وزير التموين والتجارة الداخلية "نظرًا لأن القمح المحلي والمستورّد هو السلعة الإستراتيجية الأولى في مصر، فإن الوزارة تعمل على زيادة السعة التخزينية لصوامع القمح المستورد". ومن ضمن الجهود المبذولة أيضًا الاستثمار في بناء صوامع أقرب إلى حقول القمح لتخفيف الضغط أثناء الحصاد.

ويقول حبيب عبدالله، مشغل صوامع، أنه يمكن عمل الكثير لتقليل وقت بقاء الشحنات في الموانئ، بتطبيق ضوابط التفتيش الموحدة التي تتناسب مع أفضل الممارسات الدولية.

يضيف عبدالله قائلا "يمكننا تحسين جودة القمح الذي نستورده ونظام تنقيته وتقليل الوقت المستغرق في تفريغ السفن، الأمر الذي سيقلل بشكل كبير من التكاليف". يتضح من المناقشات التي أُجريت بين القطاعين العام والخاص أن تطبيق أفضل الممارسات في تفريغ الحبوب السائبة وتقليل وقت المعالجة وتكاليف التخزين يمكن أن تؤدي إلى توفير مليار دولار للاقتصاد المصري في العقد المقبل.

  • ©FAO/Jordi Vaqué

على اليسار: صوامع القمح. على اليمين: تنقية القمح وتصنيعه في إحدى مطاحن الدقيق بالقاهرة. القاهرة، مصر، نيسان/أبريل 2019.

النتائج التي أسفر عنها الحوار

على ضوء ما سبق، قامت منظمة الأغذية والزراعة والبنك الأوروبي للإنشاء والتعمير بدور الوسيط المحايد بين الحكومة المصرية والقطاع الخاص في إطار الحوار بين القطاعين العام والخاص في مشروع قطاع الحبوب المصري.

أسفر هذا الحوار عن تغييرات مهمة تنظيمية و في السياسة  مثل الاعتماد بشكل أكبر على شركات التفتيش والفحص التابعة للقطاع الخاص في موانئ التصدير، والانتقال إلى عمليات دعم تستهدف المستهلك.

يقول دميتري بريخودكو، خبير اقتصادي أول بمنظمة الأغذية والزراعة، إن مشاركة البنك والمنظمة مع الشركاء من القطاعين العام والخاص لتناول قضايا محددة في قطاع الحبوب "قد أسفرت عن تحسين تنسيق الأمور المتعلقة بالحجر الزراعي وجودة الحبوب، وأمور أخرى تساهم في تحسين أداء القطاع وزيادة الاستثمارات في مصر".

كما تتطلع المنظمة والبنك إلى تقليل تكاليف المعاملات من خلال تطبيق نظام شهادات الصحة النباتية الإلكترونية في تجارة الحبوب المصرية.

إن التوقف عن اتباع الإجراءات الورقية سيخفف العبء الإداري المرتبط بإصدار ما يقرب من 200 ألف شهادة ورقية للصحة النباتية لمعالجة شحنات الحبوب كل عام.

تقول ناتاليا جوكوفا، مديرة إدارة الأعمال الزراعية في البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير، "إن التعاون الجيد بين القطاعين العام والخاص هو المفتاح لتحسين كفاءة سلاسل إمدادات الحبوب، واتباع النُهج المنسقة يحفز الابتكار. كمأ أن  شفافية السياسة وإمكانية التنبؤ يمكن أن تؤدي إلى بيئة أعمال أكثر ملاءمة للاستثمارات ."

وتواصل المنظمة والبنك جهودهما للجمع بين الهيئات العامة والشركات الخاصة، مثل جمعية موردي الحبوب المصرية، التي تأسست بغرض تمكين تجار الحبوب من التعبير عن آرائهم، وذلك لمناقشة أفضل السبل لتطوير قطاع الحبوب وإكسابه مزيد من القوة والفعالية.

  • ©FAO/Jordi Vaqué

على اليسار: عامل يراقب تهوئة صوامع القمح. على اليمين: عامل في المطحنة يشرف على سير النقل أثناء تحميل أكياس الدقيق في عربات النقل. مصر، أبريل/نيسان 2019.