منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة

16 أكتوبر / تشرين الأول 2025

يوم الأغذية العالمي

ناهدة صليح

"يسرّني أن أقول للعالم إنّنا حتى حين نبدأ بخطوات صغيرة، يمكننا تحقيق فارق حقيقي."
06/09/2024

إيطاليا، فلسطين، إسرائيل 

ناهدة صليح سيدة فلسطينية-اسرائيلية الجنسية في الثانية والستين من العمر تعمل كمدرّبة لذوي الاحتياجات الخاصة وتتمتع بخبرة تفوق الأربعين عامًا في إعادة تأهيل المكفوفين والمعوّقين بصريًا. في عام 2015، أنشأت ناهدة مشروعًا جديدًا في العاصمة الإيطالية، روما باسم TAA (Tocco, Annuso, Assaggio) - ألمس، أشمّ، أتذوّق - وهو عبارة عن حلقة عمل للطهو تتيح استكشاف الأغذية الموسمية وتعلّم كيفية زراعتها والتعرّف على البيئة. فمن خلال تحضير أطباق بسيطة، ترمي حلقة العمل هذه إلى منح الأطفال المكفوفين والمعوقين بصريًا طريقةً غير معتادة في التعامل مع الأنماط الغذائية المستدامة والأكل الصحي.  

فتقول في هذا الصدد: "إنّ العيش من دون حاسة البصر يقيّد المرء من ناحية معينة، ولكن هناك الكثير من الأمور الأخرى التي يمكنه القيام بها. يكفيه فقط تعلّم التقنيات الصحيحة لذلك."  

كل أسبوعين، تلتقي مجموعة من الأطفال والشباب يتراوح عددهم بين 10 و15 شخصًا في أبرشية سانتا ماريا ريجينا باتشيس في منطقة مونتيفردي في روما، حيث يخوضون مغامرةً شيّقة في عالم طهو الأغذية النباتية. ولساعتين من الزمن يستكشفون قوام الأغذية المختلفة واستخداماتها وتحوّلها السحري عبر لمسها وعجنها. ينغمس المشاركون بالكامل في كل جانب من جوانب عملية الطهو عبر اللمس والشم والذوق - حيث تكون تلك الحواس بمثابة مرشدهم الرئيسي عبر هذه الرحلة الشيقة في عالم الأغذية. فيقومون بتقطيع الأغذية وقياس مقاديرها ومزجها، ومن ثم يتمتعون بعزف الموسيقى والإصغاء إليها بمساعدة خبير في العلاج بالموسيقى ريثما ينتهي طهو الغذاء على النار. وفي نهاية كل دورة، يجلس الجميع معًا للتمتع بالثمار اللذيذة لعملهم الحثيث.  

وتحرص ناهدة على استبدال المقادير في وصفاتها "الحلوة الطعم" و"المقبّلة" لتضمن أن تكون لذيذةً ونباتية وصحية. وهي تستخدم الأعشاب لإضافة النكهة إليها، والزيت بدلاً من الزبدة، مع تقليل كمية السكر الاعتيادية إلى النصف. وإذ تختار الخضروات الموسمية دون سواها وتحد من استخدام البلاستيك، فهي تضع الشأن البيئي أيضًا في صلب مبادرتها. 

وأصبح تلاميذ ناهدة ينتهجون سلوكًا جديدًا إزاء المحاصيل الزراعية الموسمية الطازجة إذ أصبحوا يستهلكونها بوتيرة يومية وينشرون العادات الحميدة بين إخوتهم في المنزل. وقد ازدادوا ثقة بأنفسهم في مجالٍ لطالما شعروا بأنه خارج متناولهم بسبب إعاقتهم.  

وتقول ناهدة: "أسهمت حلقة العمل هذه في انفتاح تلاميذي على إمكانيات جديدة كأن يمتهنوا فنّ الطهو أو أن ينضموا إلى برنامج للطهو على التلفزيون. ونحن نريد أن نبرهن للعالم أجمع عمّا هم قادرون على فعله... وهذا تغيير يفوق التصديق." 

وتنوي ناهدة تأسيس بستانٍ لزراعة الخضروات على أراضي الأبرشية بغية تعزيز هذه الرحلة الاستكشافية عبر خلق صلةٍ بين تلاميذها وبين الأرض حيث سيعنون بالنباتات ويختبرون المراحل المختلفة ما بين الزراعة والحصاد. وهي تنوي بيع فائض المحصول في السوق القريبة في سعي منها إلى تعزيز انخراط تلاميذها في المجتمع المحلي وكسب الدعم لصالح هذه المبادرة.  

ويشدد مشروع ناهدة على الجانب الشمولي والاجتماعي لسلاسل الأغذية المستدامة. أما تفانيها فدليل على أن الوصول إلى الغذاء الصحي قادر على تمكين مجموعات مهمشة مثل ذوي الإعاقات والشباب من أجل أحداث تغيير على الأرض.  

Podcast:  Kids, it's time to cook!