مدونة السلوك الدولية عن توزيع المبيدات واستعمالهاهي واحدة من أولى مدونات السلوك الطوعية التي تدعم زيادة الأمن الغذائي، وتوفر الحماية للإنسان والبيئة في آن واحد. وقد اعتمدها المؤتمر العام للمنظمة في دورته الثالثة والعشرين المعقودة في عام 1985، ثم عدلت بعد ذلك في الدورة الخامسة والعشرين المعقودة في عام 1989، فأصبحت تشمل الأحكام المتعلقة بالموافقة المسبقة عن علم. وترسي المدونة المعايير الطوعية لقواعد السلوك لجميع الكيانات العامة والخاصة العاملة في مجال توزيع واستعمال المبيدات، أو التي لها صلة بها، وتتخذ المدونة منذ اعتمادها كمعيار مقبول لمكافحة المبيدات على الصعيد العالمي.
وقد أظهرت الخبرة المكتسبة منذ صدور المدونة قبل 15 سنة أنها تؤدي بالاقتران مع الخطوط التوجيهية التقنية المكملة لها دورا مهما في مساعدة البلدان في وضع وتعزيز نظم إدارة المبيدات. فالدراسات الاستقصائية تظهر تناقصا كبيرا في عدد البلدان التي لا توجد لديها تشريعات تنظم توزيع المبيدات واستخدامها، وتزايدا كبيرا في الوعي بالمشاكل المحتملة التي تنجم عن استخدامها؛ وتعزيز المشاركة والمنظمات غير الحكومية وصناعة المبيدات في إدارة المبيدات من جميع جوانبها؛ وتزايدا في عدد البرامج الناجحة في مجال المكافحة المتكاملة للآفات التي يجري تنفيذها في البلدان النامية.
ومع ذلك، وعلى الرغم من هذه البوادر الإيجابية، مازالت إدارة المبيدات في البلدان النامية تشهد قصورا كبيرا في بعض جوانبها. وعلى سبيل المثال، فإن التشريعات الوطنية المتعلقة بالمبيدات لا تطبق على نطاق واسع بسبب نقص الخبرة التقنية والموارد؛ ومازالت المبيدات الشديدة الخطورة والمبيدات غير المستوفية للمعايير تباع على نطاق واسع، وقلما يتوافر لدى المستخدمين النهائيين التدريب والوقاية الكافيين لضمان تقليل الأخطار المحتملة في تداول المبيدات إلى الحد الأدنى..
وبعد اعتماد اتفاقية روتردام المعنية بإجراء الموافقة المسبقة عن علم فيما يخص المواد الكيميائية والمبيدات الخطرة في التجارة الدولية الدولية في سبتمبر/أيلول 1998، أصبحت الأحكام المتصلة بإجراء الموافقة المسبقة عن علم غير ذات جدوى. وعلاوة على ذلك، حدا التغير في إطار السياسات الدولية واستمرار المشاكل المتصلة ببعض المبيدات بالمنظمة إلى المبادرة بمراجعة المدونة وتحديثها. وبدأت هذه العملية في عام 1999 بعدد من التوصيات التي أعدتها "مجموعة الخبراء المعنية بمواصفات المبيدات ومتطلبات تسجيلها ومعايير استخدامها وبالموافقة المسبقة عن علم". وشارك في عملية المراجعة خبراء حكوميون ومنظمات غير حكومية، وصناعة المبيدات، ومنظمات أخرى تابعة للأمم المتحدة. بعد ذلك وضعت مشاورة حكومية النص الأساسي لهذه النسخة المنقحة من المدونة.
وقد حافظت النسخة المنقحة على هيكل المدونة وطابعها الأساسي. وتمثل مواد المدونة الاثنتى عشرة، والخطوط التوجيهية التقنية الداعمة لها، والملحق الجديد الذي يتضمن المراجع المتعلقة بالصكوك السياساتية الدولية المتصلة بالمدونة، معيارا حديثا لإدارة المبيدات. وتجسد هذه الطبعة الجديدة نهجا حديثا للإدارة السليمة للمبيدات يركز على الحد من الأخطار وحماية صحة الإنسان والبيئة، ويدعم التنمية الزراعية المستدامة عن طريق الاستخدام الفعال للمبيدات وتطبيق استراتيجيات الموافقة المسبقة عن علم.
وإضافة إلى ذلك، تتضمن المدونة المنقحة فكرة مكافحة الآفات عن طريق دورة الحياة وتعريفا موسعا لمفهوم الموافقة المسبقة عن علم. وقد عدلت المادة 9 بصورة كاملة بسبب التحول الذي طرأ على أحكام الموافقة المسبقة عن علم نتيجة لإبرام اتفاقية روتردام. وأخيرا، فإن النص الجديد يعزز رصد المدونة ويتضمن دعوة صريحة للحكومات، وصناعة المبيدات، والمنظمات غير الحكومية والأطراف المعنية الأخرى لتقديم تقارير منتظمة عن تطبيق المدونة في طبعتها الجديدة.
وتقدم المدونة دليلا على أنه ينبغي النظر إلى إدارة المبيدات باعتبارها جزءا من الإدارة الكيميائية ومن التنمية الزراعية المستدامة. وهذا يعني زيادة أهمية التعاون والتنسيق وتبادل المعلومات بين مختلف الحكومات والهيئات غير الحكومية، ولاسيما الهيئات العاملة في ميادين الزراعة، والصحة العامة، والبيئة، والعمليات التجارية كما تم التعرف على جهات جديدة من أصحاب المصالح، مثل صناعة معدات الاستخدام والصناعات الغذائية، وبات من المهم تعزيز التعاون مع هذه الجهات.
وتظل الوظيفة الأساسية للمدونة هي أن تكون إطارا ونقطة مرجعية للاستخدام الرشيد للمبيدات لكل من لهم علاقة بالمسائل المتصلة بالمبيدات، وبخاصة إلى أن يأتي الوقت التي تكون فيه البلدان قد أنشأت هياكل أساسية تنظيمية فعالة لإدارة المبيدات بطريقة سليمة. وأتوقع أن تظل هذه المدونة المنقحة والمستكملة مصدرا قيما للكثيرين الذين يستخدمونها.
جاك ضيوف
المدير العام