الصفحة السابقةالمحتوياتالصفحة التالية

 

الجزء الثاني

دراسات الحالة القطرية

 

الفصل الأول

بنغلادش (1)

 

أولا - مقدمة

الزراعة هى أهم قطاعات الاقتصاد في بنغلادش. فهي المصدر الرئيسي للمعيشة بالمناطق الريفية التي يعيش فيها نحو 80 في المائة من السكان؛ كما يشتغل بها ما يقرب من ثلثي القوى العاملة. ورغم أن التوقعات تشير إلى أن نصيب الزراعة (المحاصيل، والثروة الحيوانية، والثروة السمكية والغابات) في تناقص، فإنها تمثل ثلث الناتج المحلي الإجمالي، كما تمثل المنتجات الزراعية 33 في المائة من مجموع قيمة الصادرات.

ويلعب قطاع المحاصيل، وخصوصا المحاصيل الغذائية (وعلى رأسها الأرز والقمح)، الدور الرئيسي، حيث يمثل 76 في المائة من القيمة المضافة في الزراعة، رغم أن نصيب القطاعات الزراعية الأخرى غير المحصولية، وخصوصا المنتجات الحيوانية والأسماك، قد ارتفع بشكل مطرد في السنوات الأخيرة والأرز هو المحصول السائد، حيث يغطي 75 في المائهَ من المساحة المحصولية، ويمثل 70 في المائة من قيمة الإنتاج المحصولي.

وقد حقق الإنتاج الزراعي، وخصوصا إنتاج الأغذية زيادة مطردة فقد ارتقع صافي إنتاج الحبوب الغذائية المحلية (الأرز والقمح) من نحو 14.5 مليون طن في1984 / 1985إلى 17.6 مليون طن في 1992 / 1993 . ورغم أن نسبة هذه الزيادة التي بلغت 21 في المائة تجاوزت النمو في السكان الذين ازداد عددهم بنسبة 17.2 في المائة خلال تلك الفترة فقد كان من الواضح أنها لا تكفي لإحداث تأثير على مستوى الفقر.

وتشمل السلع الزراعية الرئيسية التى تصدرها بنغلادش الجوت الخام ومنتجات الجوت، والروبيان والأسماك المجمّدة والشاي. أما الواردات الزراعية الرئيسية فتشمل الحبوب الغذائية (الأرز والقمح)، وزيت الطعام والبذور الزيتية، والقطن الخام، و الألبان ومنتجاتها، والتوابل، والسكر، وزيت جوز الهند. ورغم أن كميات الصادرات الزراعية (باستثناء الجوت الخام ومنتجات الجوت) لم يطرأ عليها تغيير، تصاعدت صادرات بنغلادش من الروبيان، وأرجل الضفادع، والأسماك المجمّدة وأصبحت تمثل بنودا لها أهميتها في الصادرات. كذلك شهدت الواردات من زيت الطعام والبذور الزيتية ارتفاعا حادا، بينما شهدت الواردات من الأرز اتجاها نحو الهبوط. وتتلقى بنغلادش نحو مليون طن من القمح على شكل معونه غذائية.

وقد أشارت التقديرات إلى أن نسبة السكان الذين كانوا يعانون من نقص التغذية فى الفترة 1979-1981 ، بلغت 42 في المائة (أو 37 مليون نسمة) من مجموع السكان. ورغم أن هذه النسبة انخفضت إلى 36.5 في المائة في 1995-1997، فإن الأعداد المطلقة لمن يعانون من نقص التغذية ارتفعت إلى 44 مليون نسمة مع الزيادة في مجموع السكان. ويتناقض هذا الوضع مع الأوضاع في جنوب آسيا ككل، حيث انخفضت نسبة من يعانون من نقص للتغذية إنخفاضا ملحوظا من 38 في المائة إلى 23 في المائة خلال نفس الفترة. وهكذا يظل خفض مستوى الفقر ونقص التغذية من التحديات التي تؤرق بنغلادش. وترتبط حالة انعدام الأمن الغذائي ارتباطا وثيقا بالفقر، ولذلك فإن الزراعة هي التي تمسك بمفتاح خفض مستوى الفقر، في المرحلة الحالية للتنمية في بنغلادش.

وتتمتع بنغلادش بإمكانات طيبة في مجال التنمية الزراعية. فهي تتمتع بتربة طميية خصبة وتنوع إيكولوجي، ولديها موارد هائلة غير مستغلة من المياه السطحية والجوفية وتشير توقعات المطلب والعرض الخاصة بالتغذية- مع افتراض ارجح السيناريوهات المحتملة فيما يتعلق بالنمو السكاني ونمو الدخل والتوسع في مشروعات الري- إلى أن بنغلادش يمكنها أن تحقق فائضا من الحبوب الغذائية.

 

ثانيا- تجربة تنفيذ اتفاقية الزراعة

2 - 1 النفاذ إلى الأسواق

أدخلت بنغلادش، خلال السنوات العشر الماضية أو نحو ذلك، إصلاحات واسعة النطاق عل السياسات التجارية. فقد بسّطت هيكل التعريفة الجمركية، وخفضت عدد شرائح الرسوم، وخفضت معدلات الرسوم الجمركية وضيقت الفرق بين السلع المتماثلة. وفيما يتعلق بالحواجز غير التعريفية كان التركيز على إلغاء القواعد التي تنظم تدابير الاستيراد وإلغاء القيود الكمية. ونتيجة لذلك، أصبحت جميع السلع الزراعية لا تخضع لأي قيود كمية بحلول علم 1994باسدتثناء ثلاثة بنود من النظام المنسق (أنظر ما يلي).

وفي جولة أوروغواي، عرضت بنغلادش سقوفا لربط التعريفة الجمركية بنسبة 200 في المائة، بحسب القيمة، على جميع المنتجات التى تشملها اتفاقية الزراعة، باستثناء 30 بندا من بنود التعريفة الجمركية كان المعدل المربوط عليها بنسبة 50 في المائة (2). وعلاوة على ذلك، فقد تم ربط "الرسوم أو الضرائب الأخرى" بنسبهَ 30 في المائة على جميع هذه المنتجات، وهكذا أصبح إجمالي الرسوم المربوطة بنسبة 230 في المائة على معظم المنتجات وبنسبة 80 فى المائة على 30 بندا من بنود التعريفة الجمركية.

وفي يوليو / تموز 1999، كانت القيود الكمية مازالت مطبقة على استيراد ثلاثه منتجاث؛ هى: البيض مع استثناء بيض التفريخ (HS 0407.00)، أوراق التندو (HS 1404.901) ، وجميع السلع بما ف ي ذلك دهن الخنزير- مع استثناء دهن الخنزير غير المستخدم في الأطعمة، وخلاصة زيت النخيل (HS 1503.001) . وقد واجهت بنغلادش بعض الصعوبات في مجال آخر هو التقيد الكامل بأحكام منظمة التجارة العالمية الخاصة بتقدير الرسوم الجمركية في حالة الواردات الزراعية التي تكتب قيمتها بالناقص في الفواتير. ويتم تقدير الرسوم الجمركية على هذه المنتجات بالطرق الإدرية، وليس على أاس الفواتير.

وفيما يتعلق بتجربة الحماية المحدودية، فقد كانت المعدلات المطبقة شديدة الانخفاض خلال السنوات الخمس الماضية حيث كانت تتراوح بين 7.5 في المائة و 60 فى المائة، في حين كان المعدل المربوط بنسبة 200 في المائة رغم تخفيضه كثيرا منذ منتصف الثمانينات (الجدول 1)

 

الجدول 1: التعريفات الجمركية المربوطة والمطبقةَ على بعض مجموعات المنتجات الزراعية (نسبة مئوية، بحسب المقيمة)

 

وقد استفادت بنغلادش من الخيار الذي أتاحته اتفاقية الزراعهّ للبلدان الأقل نموا بأن يكون من حقها أن تعرض سقوفا مربوطة بدلا من المضي في عملية التعرفة- التي تعني تحديد التعريفات في فترة الأساس استنادا إلى حساب مكافئات التعريفة الجمركية- إذ أن ذلك لم يكن في صالحها لأن مكافئات التعريفة الجمركية كانت شديدة الانخفاض بل وكانت بالسالب في حالات كثيرة كذلك فإن التعريفات المربوطة حاليا بنسبة 200 في المائة يمكن أن تكون مفيدة أيضا عند مناقشة المقترحات الخاصة بزيادة خفض التعريفات المربوطة في الجولة المقبلة.

 

 

ملحوظة: يحسب مجموع مكافئ التعريفة الجمركية (TE) على النحو التالي: TE = [(Pd-Pp)/Pp]*100

حيث Pd هو سعر البيع بالجملة في السوق المحلية و Pp هو سعر تعادل الواردات (سعر الاستيراد مع إضافة تكاليف النقل والمناولة وهامش التسويق بين الحدود وسوق الجملة). وقد عدل سعر الصرف بتطبيق معامل التحويل القياسي. والتعريفة المكافئة للحواجز غير التعريفية هي الفرق بين مجموع مكافئ التعريفة والرسوم المطبقة.

وقد أظهرت دراسة أخيرة عن مكافئات التعريفة الجمركية بالنسبة لبنغلادش (أنظر الجدول 2) إنها كانت إيجابية في معظم السلع الزراعية (المتوسط غير المرجح 37 في المائة)، ولكنها كانت أدنى من التعريفات المطبقة عليها (68 في المائة) في 1995-1996 (3). وهذا يعني أن التعريفات المطبقة لم تكن فعالة تماما في التأثير على الأسعار المحلية. وقد أعطيت أسباب كثيرة لتفسير ذلك كان من بينها أنه ربما كانت هناك كميات كبيرة من الواردات غير المسجلة التي وصلت بنغلادش من البلدان المجاورة مما أدى إلى خفض الأسعار المحلية لأن هذه الواردات دخلت السوق بدون سداد رسوم جمركية. كذلك ربما كانت المنتجات المحلية المكافئة للواردات أدنى نوعية من الواردات. كذلك ربما لم يكن للرسوم الجمركية المطبقة تأثير بالنسبة للعديد من المنتجات التي كانت نسبة الاكتفاء الذاتي فيها تقترب من مائة في المائة، السبب بسيط وهو أنه لم تكن هناك واردات. كما أظهرت نفس الدراسة أن مكافئات التعريفة الجمركية للحواجز غير التعريفية كانت بالسالب في جميع الحالات باستثناء حالة واحدة (اللبن المجفف)، وربما كان ذلك انعكاسا لإلغاء معظم الحواجز غير التعريفية.

ويبدو، من واقع المعلومات الخاصة بالتعريفات المطبقة ومكافئات التعريفة الجمركية المحسوبة في السنوات الأخيرة أن بنغلادش تتمتع بقدر كاف من المرونة بالنسبة للحماية الحدودية حتى في حالة خفض المعدلات المربوطة حاليا بنسبة 200 في المائة إلى ما هو دون ذلك كثيرا، كان يتم تخفيضها إلى ما بين 120-125 فى المائة. ونظرا لأهمية ربط التعريفات الجمركية في سياق منظمة التجارة العالمية يلزم توخي الحذر في التعامل مع خفض التعريفات الجمركية. وينبغي مراعاة عرض معدلات مختلفة للربط على مختلف المنتجات، وذلك على خالف ما حدث في جولة أوروغواي. وفى هذه الحالة، سيكون من الحزم التمييز بين المنتجات "الحساسة" والمنتجات الأخرى استنادا إلى تحليل دقيق لأهمية السلع المختلفة للاقتصاد والقطاع الزراعي.

 

2 - 2 الدعم المحلي

لم تتقدم بنغلادش في جولة أوروغواي بالتزامات تفصيلية بشان تدابير الدعم المحلي، متذرعة بأن جميع تدابير الدعم تنتمي إلى الفئات المستثناة (مثل الصندوق الأخضر والمعاملة الخاصة والتفضيلية و/أو أن الإنفاق على تدابير الدعم التي تؤدىِ إلى تشويه التجارة يندرج ضمن مستويات الحد الأدنى المسموح به للدعم.

وقد أكدت دراسة أخيرة على مستويات الدعم المحلي ما سبق، وهو أن الجانب الأكبر من الدعم المتاح للمزارعين يمنح عن طريق التدابير التي لا (تؤدي إلى تشويه التجارة مثل البحوث، والإرشاد ومرافق البنية الأساسيه وما إلى ذلك (تدابير الصندوق الأخضر.(4)

وفيما يتعلق بالتدابير التي تؤدي الى تشويه التجارة (الصندوق الأصفر)، أظهرت تقديرات مقياس الدعم الكلي عن طريق دعم مستلزمات الإنتاج في فترهَ الأساس (1986 / 1987-1988 / 1989) في السنوات الجارية أنه نادرا ما يتجاوز 2 في المائة من قيمة الإنتاج الزراعي، وهو ما يندرج تماما ضمن مستوى الحد الأدنى المسموح به للدعم في البلدان النامية أي 15 في المائة (الجدول 3). فقد كانت نسبة دعم الأسمدة أقل من 2 في المائة من قيمة الإنتاج الزراعي بينما نادرا ما تجاوز دعم مشروعات الري 1.5 في المائة. ولقد كان الوضع مماثلا بالنسبة لدعم البذور، باستثناء الذرة حيث تجاوز مقياس الدعم الكلي فى بعض السنوات الأخيرة نسبة 10 في المائة من قيمة إنتاج الذرة. وحتى في هذه الحالهّ، كان هناك مبرر قوي لاستبعاد الذرة من الحساب لأغراض مقياس الدعم الكلي لأن هذا الدعم يخصص في معظمة للمزارعين قليلي الموارد (وهم الذين تستثنيهم اتفاقية الزراعة من خفض الدعم).

 

 

وفيما يتعلق بمقياس الدعم الكلي السلعي، فقد ؤجدت خطط لدعم اسعار الأْرز والقمح فقط. وقد أظهرت التقديرات أن مستويات مقياس الدعم الكلي كانت شديدة الانخفاض بل وكانت بالسالب (لأن الأسعار المدعومة كانت أقل من أسعار التعادل للواردات). وباختصار، توضح هذه التقديرِات، بناء على ذلك، أن مقياس الدعم الكلي في بنغلادش كان منخفضا جدا، فقد كان أقل من 3.5 في المائة من قيمة الإنتاج الزراعي. ولما كان هذا المستوى في حدود مستوى الحد الأدنى المسموح به للدعم، وهو 10 في المائة، يوجد مجال كبير لزيادة الدعم دون أن يكون في نلك خروج على أحكام منظمة التجارة العالمية.

وهكذا، يمكن الخروج من ذلك بأن القضية الرئيسية بالنسبة لبنغلادش لا تتمثل في كيِفية الامتثال للقواعد التي تنص عليها منظمة التجارة العالمية - لأن ذلك أمر سهل، إلى أن تنتهي فترة التنفيذ على الأقل - بل في كيفية رفع مستوى الدعم للزراعة بطريقة ناجعة، لأن المستوى الراهن شديد الانخفاض مقارنة باحتياجات القطاع الزراعي.

وقد تم تحديد بعض القضايا في اجتماع مائدة مستديرة عقد في داكا في يوليو / تموز 1999 حول هذا الموضوع (5). وكان من بين هذه القضايا ضرورة استعراض تدابير السياسات، ليس بغرض التقيد باتفاقية الزراعة بقدر ما هو بغرض تحقيق مزيد من الكفاءة في استخدام الموارد مثل تقديم الدعم للكهرباء من النبع مباشرة بدلا من تقديم الدعم للمرحلة الأخيرة كذلك لوحظ أنه ربما توجد بعض المخاطر في إعادة النظر في تدابير السياسات لجعلها مطابقة لأحكام منظمة التجارة العالمية لأن ذلك سيجعلها أكثر تأثيرا على البيئة. ثالثا، تسائل بعض المشاركين في المائدة المستديرة عما إذا كانت المعايير المتوافقة مع منظمة التجارة العالمية فيما يتعلق بتدابير الدعم غير المرتبطة بالإنتاج تمثل أنجع التدابير بالنسبة لبنغلادش، لأن اتفاقية الزراعة تركز على خفض الفائض في الإنتاج في البلدان المتقدمة وهو أمر لا يهم بنغلادش. رابعا، أكد الاجتماع أيضا على أن الإعانات ودعم الأسعار لهما دور في البلدان التى يقوم اقتصادها على الزراعة مثل بنغلادش، بشرط تقديمها في الوقت المناسب، وبالقدر المناسب وفى المجالات المناسبة. ولذلك، فإن الأمر المهم، في سياق منظمة التجارة العالمية هو حماية الخيار الذي يسمح بتقديم هذا النوع من الدعم في حالة توافر الموارد اللازمة لذلك في المستقبل.

ورغم أن ذلك لا يمثل قضية في الوقت الحاضر، فمن المكن أن تشعر بنغلادش بأن قواعد منظمة التجارة العالمية تنطوي على تقييد لحركتها في المستقبل، مثلما يمكن أن يحدث لو أن الجولة المقبلة أسفرت عن تشديد أحكام اتفاقية الزراعة، أو لو أن الموارد المدرجة بالميزانية جعلت من الممكن زيادة اعتمادات الدعم. ونظرا لشدة أهمية الزراعة في اقتصاد بنغلادش، يتعين عليها أن تضمن عدم تقييد قدرتها على الحركة فيما يتعلق بدعم الزراعة في المستقبل، وهذا يتطلب منها أن تشارك مشاركة فعالة في الجولة المقبلة من مفاوضات منظمة التجارة العالمية.

 

2 - 3 قدرة الصادرات على المنافسة

كانت عملية تحرير نظام التصدير في بنغلادش قد قطعت شوطا طويلا عند تأسيس منظمة التجارة العالمية. فقد أصبح الجانب الأكبر من تجارة الصادرات في أيدي القطاع الخاص، كما كانت رسوم الصادرات المتبقية قليله. وكان العدد القليل من السلع المدرجة في القائمة السلبية للصادرات (السلع الخاضعة للقيود) يشمل البذور الزيتية، وبذور الجوت، والقمح، والسكر الخام، والعدس، والبصل، والروبيان الطازجة، وقشر الأرز، والبامبو، والقصب، والأخشاب الخام، والضفادع وأرجل الضفادع، والجلود الخام، وقرون الأبقار. وكانت بعض هذه القيود لأسباب بيئية أو صحية، بينما كان المقصود من البعض الآخر منها هو زيادة القيمة المضافة المحلية.

وفي جولة أوروغواي، لم تحتفظ بنغلادش بحقها فى تقديم دعم الصادرات في المستقبل- وفي الحقيقة لم يكن ذلك باستطاعتها لأنها لم تبلغ عن وجود أي دعم للصادرات في فترة الأساس (1986-1990) .

وتلجأ الحكومة أحيانا إلى تنفيذ برامج لتنشيط الصادرات مثل التعويضات النقدية والتخفيضات الضريبية وتدابير ترويج الصادرات، وذلك لتسهيل نمو الصادرات على أساس انتقائي. وهذه الخطط - ولها اتفاقية الإعانات وتدابير الرسوم الجمركية المقابلة في منظمة التجارة العالمية، وليس من الواضح حتى الآن ما إذا كان مسموحا للبلدان الأقل نموا بان تلجأ إلى هذه الأشكال من الدعم بموجب هذه الاتفاقية، لأن اتفاقية الزراعة تحظر جميع أشكال دعم الزراعة. ومن ناحية أخرى، فمن حق بنغلادش أن تقدم إعانات بغرض التخفيف من تكاليف التسويق الداخلي والشحن الدولي، وهي تستفيد إلى حد ما من هذه الأحكام.

ومن الصعب القول ما إذا كان عدم التمتع بحق تقديم الدعم للصادرات الزراعية سوف يفرض قيودا على السياسات التجارية في أي وقت في المستقبل- وعلى سبيل المثال إذا تحسنت حالة الموازنة أو رئي أن بعض أشكال الدعم أصبحت مرغوبة من وجهة النظر الاستراتيجية في مجال السياسات التجارية. وربما يتعين على البلدان النامية، أو البلدان الأقل نموا، أن تطالب بقدر من المرونة في هذا المجال في الجولة المقبلة (مثل نسبة الحد الأدنى المسموح به للدعم). ومن المرجح ألا يمثل ذلك أي مشكلة.

وفيما يتعلق بقيود الصادرات، فلما لم تكن بنغلادش من البلدان المصدرة الصافية للمواد الغذائية الأساسية (كما هو حال باكستان بالنسبة للأرز)، فسوف يكون من حقها كدولة نامية، أن تلجأ إلى فرض قيود على الصادرات أو حظرها بموجب المادة 12 من اتفاقية الزراعة.

 

2 - 4 الأحكام الأخرى

التدابير الوقائية الخاصة في مجال الزراعة

ليس من حق بنغلادش أن تتمتع بالتدابير الوقائية الخاصة في مجال الزراعة، ولذلك ليست لديها تجارب في هذا الشأن وكذلك فيما يتعلق بالتدابير الوقائية العامة التي تنص عليها منظمة التجارة العالمية.

 

حصص التعريفة الجمركية

لم تكن بنغلادش مضطرة إلى فتح حصص التعريفة الجمركية للبلدان الأخرى، ولذلك ليست لديها تجربة فيما يتعلق بإدارة هذه الحصص. ولم يتم بعد توثيق تجربتها فيما يتعلق بحصص التعريفة الجمركية العامه التي تفتحها البلدان الأخرى.

 

اتفاقية تطبيق تدابير الصحة والصحة النباتية واتفاقية العوائق الفنية على التجارة

تعد هاتان الاتفاقيتان من النتائج الإيجابية التي أسفرت عنها جولة أوروغواي ولابد أنهما سوف تقللان من الحماية التي تستتر وراء الاعتبارات المتصلة بالصحة وسلامة الأغذية. وسوف يصدق ذلك بصفة خاصة كلما انخفضت التعريفات الجمركية تدريجيا. ولابد أن تساعد هاتان الاتفاقيتان على حماية مصالح بلدان مثل بنغلادش التي لا تسمح لها اقتصادياتها الصغيرة باتخاذ إجراءات ضد البلدان الغنية التي تربطها بها معاملات تجارية في حالة حدوث منازعات تجارية.

والتحدي الرئيسي في هذا المجال هو رفع مستوى معايير الصحة والصحة النباتية حتى يمكن تصدير المنتجات الزراعية إلى البلدان التي تكون المعايير المطبقة فيها مرتفعة بالفعل. ومن المسلم به أن هذا التحدي ينبغي مواجهته في أقرب وقت ممكن وعدم تأجيله نظرا لعدم وجود مجال كبير للمناورة. وتتمتع بنغلادش ببعض التجارب في هذا المجال تحدث عنها المشاركون في اجتماع المائدة المستديرة الذيِ عقد في يوليو / تموز 1999. وقد كانت بعض البلدان المستوردة مترددة في قبول شهادات السلامة/المطابقة للمعايير التي أصدرتها الهيئة المختصة في بنغلادش. كذلك فسرت بعض البلدان المستوردة في بعض الحالات، شهادات "المعايير المتكافئة" على أنها "مماثلة لنظام التفتيش وإصدار الشهادات "، وهو ما لم تطالب به الاتفاقات فضلا عن أنه غير ممكن. وهناك اتجاه يبعث على القلق- ويبدو أن هذا القلق في تزايد- وهو وجود "تحرشات" تجارية تستند إلى ذرائع تتصل باتفاقية تطبيق تدابير الصحة والصحة النباتية واتفاقية الحواجز الفنية أمام التجارة لأن البلدان المستوردة فسرت بعض الأحكام التي يكتنفها الغموض في الاتفاقيتين لصالحها. كذلك قيل أنه ليس من الممكن على الدوام حسم هذه الخلافات رسميا عن طريق عملية تسوية المنازعات بمنظمة التجارة العالمية، ولاسيما بالنسبة للبلدان التي تفتقر إلى الموارد المالية. كذلك، لوحظ أن الفترة الانتقالية الممنوحة للبلدان الأقل نموا لتنفيذ الاتفاقيتين شديدة القصر.

كذلك مرت بنغلادش ببعض التجارب غير المواتية في مجال الواردات (6). فقد تمكنت بعض الواردات التي تهدد صحة وسلامة السكان من دخول السوق المحلية في غيبة اللوائح ونظم التفتيش المناسبة. ويرجع ذلك، في جانب منه، إلى تأخرها في تطوير وتحديث قوانين الرقابة على الأغذية. فقد كانت بنغلادش تطبق "قانون الأغذية النظيفة" الصادر في1959 ، وفي 1994 أعيد النظر في هذا القانون في ضوء الخطوط التوجيهية لهيئة الدستور الغذائي، ولكنه لم يصدر بعد.

وأخيرا، لا توجد لدى بنغلادش تجربة كبيرهَ في مجال الأحكام المختلفة التي تنظم المساعدات الفنية والمالية التي تنص عليها اتفاقية تطبيق تدابير الصحه والصحة النباتية واتفاقية الحواجز الفنية أمام التجارة.

 

قرار مراكش

بنغلادش من البلدان التي تم تصنيفها ضمن البلدان المستفيدة من هذا القرار، ولكن تجربتها ضئيلة فيما يتعلق بالاستفادة من هذه المنافع. فقد انخفض، بمرور الوقت، حجم المعونات الغذائية التي حصلت عليها من الحبوب من 66 في المائة من جميع وارداتها من الحبوب في1986-1988 إلى 38 في المائة في 1994-1996.

 

تسوية المنازعات

لم تكن بنغلادش حتى الآن طرفا في أي نزاع تجاري في نطاق منظمة التجارة العالمية، سواء بشكل مباشر أو كطرف ثالث.

 

ثالثا - تجربة بنغلادش في مجال تجارة المنتجات الغذائية والزراعية

3 - 1 تجارة المنتجات الزراعية

تمثل المنتجات الغذائية نحو 80 في المائة من مجموع الواردات الزراعية، وتمثل نسبة ضئيلة فقط من مجموع الصادرات الزراعية. ويمثل الجوت والشاي وحدهما نسبة 80 في المائة من مجموع الصادرات الزراعية، ويقتصر الجانب الأكبر من النسبة المتبقية على خمسة منتجات فقط هي الفواكه والخضر، وأوراق التبغ، والعديد من المواد العضوية الخام وجلود الحيوانات الكبيرة والصغيرة والحيوانات الحية.

ويوضح الشكل 1 أن قيمة الصادرات الزراعية شهدت انخفاضا مطردا في الفترة 1985-1994، حيث انخفضت من 190 مليون دولار في المتوسط سنويا في 1985-1987 إلى 103 ملايين دولار فقط في 1994. وفي أعقاب ذلك، ارتفعت قيمة الصادرات الزراعية بنسبة 25 في المائة في 1995، ثم عادت إلى الانخفاض بنسبة 18 في المائة في 1996، ثم شهدت ارتفاعا حادا، بنسبة 34 في المائة في 1997، ثم بنسبة 11 في المائة في 1998. ورغم هذا الاتجاه نحو الزيادة في الفترة الأخيرة بلغ المتوسط السنوي لقيمة الصادرات 134 مليون دولار في الفترة 1995-1998، أي أنه كان مساويا تقريبا لما كان عليه في الفترة 1990-1994 (الجدول 4)، ولكنه كان أعلى بنسبة 58 في المائة (50 مليون دولار) قياسا على الفترة التي اتجهت فيها قيمة الصادرات نحو الهبوط. وهكذا، فرغم عدم تحقيق مكاسب صافية من الصادرات في الفترة التالية لعام 1994، فقد تغير الاتجاه الذي كان يتجه نحو الهبوط.

 

الجدول 4: تجارة المنتجات الزراعية في الفترة 1990-1994 والفترة 1995-1998 (القيمةَ في المتوسط سنويا، بملايين الدولارات، والنسبة المئوية للغيير).

 

الشكل 1: تجارة المنتجات الزراعية في الفترة 1985-1998 (بملايين الدولارات؛ تمثل الخطوط السميكة القيمة الفعلية، وتمثل الخطوط الرفيعة الاتجاه فى الفترة 1985-1994، والقيمة المستقرأة حتى عام 1998 )

المصدر: قاعدة البيانات الإحصائية (FAOSTAT) التي تحتفظ بها منظمة الأغذية والزراعة

 

يمثل الجوت 60 في المائة من مجموع الصادرات الزراعية، ولذلك تؤثر تجارة الجوت تأثيرا كبيرا على الأداء العام للصادرات الزراعية. واتفاقية الزراعة لا تشمل الجوت كما أنه لا يواجه إلا القليل من الحواجز التعريفيه أو غير التعريفية في أسواق الاستيراد الرئيسية. وهكذا يكون من الأسئله التي يمكن أن تطرح في سياق اتفاقية الزراعة: ما هي تجربة بنغلادش في مجال الصادرات الزراعية الأخرى بخلاف الجوت؟ وتمثل الصادرات الأخرى التي تشملها اتفاقية الزراعة نحو 40 في المائة من المجموع، ويتضح من الإحصاءات أنها كانت في الفترة 1995-1998 أقل بنسبة 3 في المائة مما كانت عليه في الفترة 1990-1994، ولكنها كانت أعلى بنسبة 27 في المائة (11 مليون دولار) من القيمة المستقرأة من الاتجاه في الفترة 1995-1998 (الشكل 2 والجدول 4). وهكذا، لم يكن نداء الصادرات مرضيا تماما عند استبعاد الجوت.

 

الشكل 2: الصادرات الزراعية بدون الجوت فى الفترة 1985-1998 (بملايين الدولارات)

المصدر: قاعدة البيانات الإحصائية (FAOSTAT) التي تحتفظ بهـا منظمة الأغذية والزراعة

 

وعموما، فإن سلوك الواردات الزراعية يسير على نهج الواردات الغذائية (أنظر مناقشة هذا الموضوع فيما يلي) لأن قيمة الواردات الغذائية هي الغالبة. وقد كان متوسط قيمة الواردات الزراعية في الفترة 1995-1998 أعلى بنسبة 84 في المائة مما كانت عليه في الفترة 1990-1994، وأعلى بنسبة 93 في المائة من القيمة المستقرأة من الاتجاه (الجدول 4).

ونتيجة لهذه التحركات، ارتفعت قيمة الواردات الزراعية الصافية (أي قيمة العجز) ارتفاعا ملحوظا في الفترة 1995-1998، لتصبح أعلى بنسبة 105 في المائة (570 مليون دولار) مما كانت عليه في الفترة 1990-1994. وكان الأداء مماثلا تقريبا (زيادة بنسبة 99 في المائة) عند حسابه على أساس الاتجاه.

ويوضح الجدول 5 نداء الصادرات من المنتجات الرئيسية. ويتضج من الأرقام انه لم يحدث تغير في قيمة صادرات الجوت رغم ارتفاع الكميات التي تم تصديرها بنسبة 37 في المائة نظرا لانخفاض الأسعار. وعلى النقيض من ذلك، انخفضت قيمة الصادرات من الشاي نطرا لانخفاض كمية الصادرات. ورغم أن إجمالي الكميات التي تم تصديرها من الجوت، والشاي، والفواكه والخضر، وأوراق التبغ ارتفع بنسبة 32 في المائة لم تتغير قيمة الصادرات لأن أسعار التصدلِر انخفضت بنسبهَ 26 في المائة. ورغم أن نداء الصادرات كان جيدا جدا بالنسبة لبقية المنتجات الزراعية ككلى، فإنها لا تمثل إلا 6 في المائة فقط من المجموع.

 

 

3 - 2 تجارة المنتجات الغذائية

رغم ضخامة نسبة المنتجات الغذائية ضمن الواردات الزراعية (نحو 80 في المائة) فإنها أقل كثيرا في الصادرات. فقد ارتفع مجموع قيمة الواردات الغذائيهَ بنسبة 76 في المائة- إذ ارتفع من 567 مليون دولار فى المتوسط فى الفترة 1985-1987 مليون دولار في الفترة 1996-1998. وكانت خمسة مجموعات من السلع تمثل 90 في المائة تقريبا من مجموع الواردات الغذائيه في الفترة الأخيرة: وهي الزيوت النباتية، والبذور الزيتية، والقمح والدقيق، والأرز ومنتجات أخرى متنوعة. ارتفعت، بصفة خاصة واردات الزيوت النباتية والبذور الزيتية والمنتجات الغذائية المتنوعة ارتفاعا حادا منذ 1985-1987.

وكانت الواردات الغذائية في الفترة من 1985 إلى 1994 تتجه عموما نحو الهبوط، وإن كان الاتجاه قد تصاعد بقوة بعد ذلك: فقد كانت الواردات في 1995 ضعف ما كانت عليه في السنة السابقة، وبلغت قيمتها 913 مليون دولار، وسجلت ارتفاعا طفيفا آخر في 1996 و 1997، ولكنها انخفضت في 1990. وبناء عليه، كان متوسط قيمه الواردات في الفترة 1995-1998 أعلى بنسبة 78 في المائة مما كان عليه في الفترة 1990-1994 (الجدول 6)، ولكنه كان أعلى بنسبة 98 في المائة من القيمة المستقرأة من الاتجاه.

 

 

وتعد بنغلادش من البلدان التي تصدر المنتجات الغذائية بكميات صغيرة جدا، حيث بلغ المتوسط السنوي لقيمة الصادرات 8 ملايين دولار فقط في الفترة 1995-1998، بينما بلغ مجموع قيمة الصادرات الزراعية 134 مليون دولار. ورغم أن الصادرلت الغذائية في تلك الفترة كانت تئثر منها في الفترة 1990-1994 فإنها كانت أعلى كثيرا من القيمة المستقراة من الاتجاه. وكان صافى الواردات الغذائية في الفترة 1995-1998 أعلى بنسبة 80 في المائة من كانت عليه في الفترة 1990-1994.

 

الشكل 3: تجارة المنتجات الغذائية في الفترة 1985-1998 (بملايين الدولارات تمثل الخطوط السميكة القيمة الفعلية، وتمثل الخطوط الرفيعة الاتجاه في الفترة 1985-1994، والقيِمة المسئقرأة حتى عام 1998 ) .

المصدر: قاعدة البيانات الإحصائية (FAOSTAT) التي تحتفظ بها منظمة الأغذية و الزراعة

 

ويوضح الجدول 7 التغيرات التي طرأت على قيمة الوردات وعناصرها بالنسبة لجميع المنتجات الغذائية الرئيسية. ويرجع الارتفاع في قيمة الواردات إلى الزيادة في كمية الواردات في حالة ثلاثة منتجات: هي الزيوت النباتية، والأرز والبذور الزيتية. وكان هذا هو الحال أيضا بالنسبة لجميع المنتجات الغذائية المبينة في الجدول التالي.

 

 

وأخيرا، يوضح الشكل 4 كيف أن مجموع الواردات الغذائية كان يتباين من سنة لأخرى مقارنة بمجموع الصادرات الزراعية. ففي الفترة 1985-1987، كانت النسبة 3.0، أي أن الواردات الغذائية كانت ثلاثة أمثال الصادرات الزراعية. وظلت هذه النسبة ترتفع ارتفاعا طفيفا حتى عام 1994 ، ثم سجلت ارتفاعا حادا في 1995 قبل أن تعود إلى الانخفاض في 1997 و 1998. وكان متوسط القيمة في الفترة 1995-1998 هو 7.4 ، أي ضعف النسبة في الفترة 1990-1994 وهي 4.2. حتى في عامي 1997 و 1998، اللذين انخفضت فيهما هذه النسبة فقد كانت أعلى بنسبة 6.5 أو 55 في المائة في المتوسط مما كانت عليه في الفترة 1990-1994. وهكذا، كان هناك انخفاض واضح وجوهري في ميزان الواردات الغذائية والصادرات الزراعية.

 

الشكل 4: نسبة مجموع قيمة الواردات الغذائيه إلى مجموع قيمة الصادرات الزراعية، 1985-1998

المصدر: قاعدة البيانات الإحصائية (FAOSTAT) التي تحتفظ بها منظمة الأغذية و الزراعة.

 

رابعا- القضايا التي تهم بنغلادش في المفاوضات المقبلة بشأن الزراعة

أوضح التحليل الوارد بالقسم الثاني أن اتفاقية الزراعة لم يِكن لها، عموما، تأثير مباشر على السياسات الزراعية في بنغلادش في الفترة 1995-1998 . فقد كانت الحكومة قد تقدمت بالفعل، من جانب واحد، على تبسيط نظام الأستيراد، بينما كانت التعريفات الجمركية قد تم ربطها في مستويات شديدة الارتفاع ولذلك لم يكن لها تأثير معوق للتدابير الحدودية. وكان الإتفاق على تدابير الدعم المحلي بموجب الاتفاقية في حدود مستويات الحد الأدنى المسموح به لدرجة أن القضية الأساسية كانت انخفاض مستوى الدعم والإعانات وليس التقيد بقواعد منظمة التجارة العالمية. كذلك لم يكن دعم الصادرات يمثل قضية ذات أهمية. وفيما يتعلق ببعض المجالات الأخرى التى تعالجها الاتفاقية مثل التدابير الوقائية الخاصة في مجال الزراعة، وقرار مراكش الوزاري بشان الصعوبات التي تواجه البلدان الأقل نموا والبلدان النامية المستوردة الصافية للغذاء في مجال استيراد المنتجات الغذائية، وتدابير الطوارئ العامة، وتسوية المنازعات وحصص التعريفة الجمركية فليس لدى بنغلادش أي تجارب بشأنها حتى الآن. وليست لبنغلادش أيضا تجربة في مجال الاستفادة من حصص التعريفة الجمركية التي تعرضها البلدان الأخرى. ومن ناحية أخرى فقد كانت لها بعض التجارب فيما يتصل باتفاقية تطبيق تدابير الصحة والصحة النباتية واتفاقيه العوائق الفنية على التجارة.

ومع ذلك هناك من الأسباب ما يحمل على عدم التوقف عند هذا الحد في تحليل تجربة بنغلادش في مجال تنفيذ اتفاقية الزراعة، وغيرها من اتفاقيات في إطار منظمة التجارة العالمية. فمن الضروري، أولا، أخذ مصالح بنغلادش في مجال تجارة المنتجات الزراعية في الاعتبار في المفاوضات الزراعية المقبلة. ثانيا، يتعين على بنغلادش أن تقوم بدور نشط لضمان أن تتجاوز الاتفاقيات الجديدة نطاق تنظيم الدعم المفرط وحماية بعض البلدان، وأن تتناول أيضا بشكل أشمل المشكلات الخاصة التي تواجهها البلدان الأقل نموا، مثل التغلب على صعوبات الاستفادة من الإمكانات الزراعية المتاحة وضمان حصولها على النصيب الذي تستحقه في نمو التجارة العالمية.

 

الهوامش المتاحة لزيادة خفض التعريفات المربوطة

تكشف تجربة بنغلادش في مجال التعريفات المطبقة ومكافئات التعريفة المحسوبة في الفترة 1995-1998 عن وجود هامش كبير لخفض معدل التعريفات الجمركية المربوطة حاليا بنسبة 0 20 في المائة. وربما كان من الممكن خفض هذا المعدل إلى النصف، أي إلى 100 في المائة، كما يقول البعض، بيد أنه من الضروري قبل الإقدام على ذلك إجراء مزيد من التحليلات والاستقصاءات، وخصوصا فيما يتصل بما يمكن أن يكون لذلك من تأثير على استقرار الأسواق. وسوف يتعين على بنغلادش أيضا في المفاوضات متعددة الأطراف المقبلة أن تتابع الحوار الخاص بصيغ خفض التعريفات الجمركية وتأثيرها على معدلات التعريفة الجمركية المربوطة في الوقت الحاضر.

ويتعين على بنغلادش أن تعرض في المفاوضات المقبلة تعريفات مربوطة مختلفة لمختلف المنتجات وليس كما حدث في جولةأوروغواي فهذا يوفر لها قدرا أكبر من المرونة. ويمكنها من أن تميز بين المنتجات "الحساسة" والمنتجات الأخرى، عن طريق فرض تعريفات جمركية أقل على المنتجات الأخرى. ولابد من أخذ نتائج الدراسات التي أجريت على الميزة النسبية (أنظر ما يلي) في الاعتبار، وإن كان هذا المعيار الاقتصادي في المقام الأول ينبغي استكماله بمعايير أخرى حتى يمكن إعطاء المراعاة الواجبة للعوامل الاجتماعية والاقتصادية، مثل توفير فرص العمل، وخفض مستوى الفقر، وتحقيق الأمن الغذائي.

 

تدابير الدعم المحلي

تعد مستويات مقياس الدعم الكلي الحالية أدنى بكثير من المسموح به بموجب اتفاقية الزراعة. وليس من المرجح أن تصادف بنغلادش في المستقبل القريب صعوبات فيما يتعلق بمقياس الدعم الكلي السلعي، بينما يمكن أن يرتفع مقياس الدعم الكلي غير السلعي لو أن الموارد في الموازنة سمحت بذلك. وهناك بلدان عديدة في وضع مماثل لوضع بنغلادش ولذلك إقترحت هذه البلدان تعديل أحكام اتفاقية الزراعة بما يسمح لها بالجمع بين عنصري مقياس الدعم الكلي قبل تطبيق القيود التي تنص عليها اتفاقية الزراعة الأمر الذي يتيح لها قدرا أكبر من المرونة. ورغم أن بنغلادش ليست من هذه البلدان، يتعين عليها أن تتابع الحوار الخاص بذلك بعناية وأن تنظر في تأييد هذا الأقتراح.

ولما كان تقديم الدعم للزراعة في بنغلادش يمثل قضية اقتصادية وقضية موارد أكثر من قضية امتثال للأحكام القانونية المترتبة على منظمة التجارة العالمية، فمن الأنسب التركيز على اقتصاديات الدعم المحلى وتحدي موقفها في منظمة التجارة العالمية على هذا الأساس. وتوفر الميزة النسبية التي تتمتع بها بنغلادش في العديد من المنتجات الإطار المناسب للتحليل. وتوضح أحدث دراسة في هذا المجال أن إنتاج القمح لا يتمتع بميزة نسبية قوية، بينما يمكن أن يكون مركز القطن، والبصل والبطاطس قويا في منافسة الواردات، وليس في أسواق التصدير العالمية (7). وبالمثل، يبدو أن التبغ، والبقول، والخضر والشاي من المنتجات التي يمكن أن تنافس بقوة في أسواق التصدير. ولم تكشف بعض المحاصيل مثل البذور الزيتية، والفلفل وقصب السكر عن أي ميزة نسبيه في الإنتاج المحلي. ولما كانت التزامات منظمة التجارة العالمية لها أهمية استراتيجية في المدى البعيد، لا ينبغي النظر إلى الميزة النسبية من منظور ثابت ولكن من منظور متحرك يستند إلى افتراضات بديلة عن التكنولوجيا وظروف السوق العالمية.

 

اتفاقية تدابير الصحة والصحة النباتية واتفاقية الحواجز الفنية امام التجارة

يمثل تشديد معايير تطبيق اتفاقية تدابير الصحة والصحة النباتية واتفاقية الحواجز الفنية أمام التجارة تحديا مخيفا، ومع ذلك فليس أمام بنغلادش بديل آخر إذا كانت تريد الاستفادة من نمو التجارة العالمية في المنتجات الزراعية، وخصوصا في مجال المنتجات المجهزة. فإذا تقرر رفع مستوى هذه المعايير بالنسبة للاسواق الخارجية سيكون من اللازم أيضا رفع مستواها بالنسبة للسوق المحلية، وهذا يتطلب أولا وقبل كل شيء وضع استراتيجية قومية فعالة لضمان جودة المنتجات الغذائية وسلامتها. وهناك حاجة ملحة لإعادة النظر فى التشريعاا الغذائيه وتحديثها مع الاسترشاد بالخطوط التوجيهية والتوصيات الواردة في قانون الأغذية النموذجي الذي اشتركت في وضعه منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية، وكذلك بمعايير هيئة الدستور الغذائي، وتقارير لجنتي الخبراء المشتركتين بين منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية بشأن الإضافات الغذائية ومتبقيات المبيدات، وتقارير مشاورات الخبراء التي تعقد لمناقشة موضوعات محددة. وينبغي التركيز بصفة خاصة على تحسين البرنامج القومي للتفتيش على الأغذية التي يتم تصديرها وإصدار الشهادات بشانها حتى يمكن زيادة الثقة لدى المستوردين. (ساعدت منظمة الأغذية والزراعة الكثير من البلدان النامية في هذا الخصوص). ويمثل تدريب موظفي الحكومة والمعنيين في الصناعات الغذائية على جميع جوانب جودة الأغذية وسلامتها إحدى الأولويات الأخرى في هذا المجال.

ورغم أن بنغلادش قد فعلت الكثير في الداخل، يتعين عليها أيضا أن تشارك بنشاط في الحوار الجاري حول هذه المسالة في الهيئات الإقليمية والدولية، وكذلك في منظمة التجارة العالمية ذاتها. ورغم أن اتفاقية تدابير الصحة والصحة النباتية واتفاقية الحواجز الفنية أمام التجارة تنصان علي تقديم مساعدات مالية وفنية، فإن هذه الالتزامات لم تنفذ بعد على نحو فعال. كذلك فمن الحزم أن تشارك بنغلادش بمزيد من النشاط في الأجهزة الدولية المعنية بوضع المعايير والمستويات لأن هذه المحافل هي التي تضع الحدود الدنيا للمستويات. وأخيرا، فرغم أن خيار اللجوء إلى عملية تسوية المنازعات قائم على الدوام، فمن الأجدى لبلد مثل بنغلادش أن تؤيد فكرة إقامة جهاز للرقابة التجارية في جنيف، داخل إطار منظمة التجارة العالمية أو خارجه لتقديم المساعدة في الوقت المناسب لصغار المصدرين الأطراف في المنازعات التجارية.

 

النتائج التي يمكن أن تترتب على اتفاقية الجوانب التجارية لحقوق الملكية الفكرية بالنسبة للزراعة

لم تهتم بنغلادش بالنتائج التي يمكن أن تترتب على اتفاقيه الجوانب التجارية لحقوق الملكية الفكرية فيما يتعلق بإصدار براءات اختراع للمواد البيولوجية الزراعية. وهذا يتناقض مع الاهتمام الزائد بهذه القضية بين جميع البلدان التي لها مصلحة، كما قيل في اجتماع المائدة المستديرة الذيِ عقد في داكا في يوليو / تموز 1999، والمشار إليها في القسم الثاني. ولقد كان من بين المجالات التي أحاط بها الكثير من اللبس وعدم اليقين فيما يتعلق بالمستقبل النتائج التي يمكن أن تترتب على إصدار براءات اختراع للبذور والنباتات والحيوانات وتأثير ذلك على ضمان الحصول على إمدادات البذور وتكاليفها، وحقوق السيادة على الموارد الوراثية وحقوق السكان الأصليين والمجتمعات المحلية، والسلامة البيولوجية والأمن الغذائي بصفة عامة. ومن الواضح أن بنغلادش لابد أن تعطي أولوية متقدمة لإجراء استعراض دقيق لمواد الاتفاقية التي يمكن أن تؤثر عليها. ونظرا للاهتمام الكبير الذي يبديه الجمهور بهذا الموضوع، ينبغي أن يشارك كل من يعنيهم الأمر مشاركة كاملة في عملية الاستعراض.

 

المساعديات الفنية والمالية

ينص العديد من اتفاقيات جولة أوروغواي على تقديم مساعدات فنية ومالية للبلدان النامية بصفة عامة والبلدان الأقل نموا بصفة خاصة. ومع ذلك فلما كانت هذه النصوص تأتي من قبيل "أفضل ما يمكن توقعه " وليست ملزمة من الناحية القانونية فإن رصد ومتابعة تنفيذها كثيرا ما لا يؤخذ مأخذ الجد. وهناك الكثير مما يمكن الاستفادة منه في هذا المجال لو أن البلدان المستفيدة تضافرت جهودها من أجل ةحسين أوضاعها.

 

إجراء تخفيضات كبيرة على تدابير الدعم والحماية من جانب الشركاء التجاريين

إن من بين الدروس المستفادة من تجربة بنغلادش والتدابير التي أقدمت عليها من جانب واحد لتحرير التجارة والامتثال الكامل لأحكام اتفاقية الزراعة، أن مثل هذه التدابير بمفردها ليست كافية بالقدر الذي يمكنها من الاستفادة من نمو تجارة المنتجات الزراعية. فمن المهم بنفس القدر أن يقوم الشركاء التجاريون، ولاسيما الشركاء الأغنياء باتخاذ إصلاحات مماثلة. وفي هذا الصدد، تقدمت كثير من البلدان النامية باقتراحات لتنظيم سياسات البلدان التي مازالت تصرفاتها تؤدي إلى تشويه الأسواق الزراعية. ومن بين المجالات المهمة تحسين فرص النفاذ إلى الأسواق عن طريق إجراء تخفيضات حادة على التعريفات الجمركية التي تصل إلى مستوى الذروة وعلى التعريفات التصاعدية وكذلك بإلغاء الحواجز غير التعريفية. كذلك فإن الحواجز غير التعريفية كثيرا ما تأخذ صورا مختلقة، تتراوح بين الإجراءات الصحية المشددة التي تفرض من جانب واحد، ومستويات السلامة والمستويات البيئية، بما في ذلك العنونة الإيكولوجية، في البدان المتقدمة المستوردة وتطبيق تدابير مكافحة الإغراق وتدابير الرسوم الجمركية القابلة. ولما كان القطاع الزراعي في بنغلادش واسعا ولا يعتمد على الإعانات والدعم، فسوف يكون من مصلحتها أيضا أن تتفاوض من أجل إجراء تخفيضات حادة على مستويات الدعم المحلي ودعم الصادرات التي تمنحها بعض البلدان المتقدمة.

 

1- يستند هذا الفصل إلى مصادر عديدة منها الدراسة العامة التى اعدها M. Asaduzzaman, Z. Bakht and Q. Shahbuddin ، داكا، (في إطار مشروع آخر) بتكليف من منظمة الأغذية والزراعة.

2- تشمل بنود التعريفة الجمركية الثلاثين المنتجات الثلاثة عشر التالية: الخيول الحية والأعنام الحية، والطيور الحية وارجل الضفادع، والشعر الآدمى، وتقاوي البطاطس، والشاي الأخضر (الذي لم يمر بمرحلة التخمير)، والشاي الأسود، والأرز الشعير، وبذور حشيشة الكناريا، وبذور فول الصويا، وبذرة القطن والمولاس .

3- أنظر: Z. Bakht, Report on Border Protection and Export Subsidy, Consultancy report prepared for FAO BIDS, Dhaka, August, 1999.

4- أنظر: M. Asaduzzaman, The Uruguay Round, WTO Rules and the Bangladesh Agriculture, Consultancy report prepared for FAO, BIDS, Dhaka, August 1999.

5- تقرير اجتماع المائدة المستديرة عن نتائج اتفاقيات جولة أوروغواي بالنسبة للزراعة في بنغلادش. أنظر:

Report of a Round Table held in Dhaka, 28-29 July, FAO, 1999

6- أنظر: M. Faruque, THE SPS and TBT Agreements and the Bangladesh Situation, Consultancy report prepared for FAO, Dhaka, August, 1999

7-أنظر : Q. Shahabuddin, Comparative Advantage in Bangladesh Agriculture, Consultancy report prepared for FAO, BIDS, Dhaka, August 1999.

 

الصفحة السابقةاعلى هذه الصفحةالصفحة التالية