الصفحة السابقة بيان المحتوياتالصفحة المقبلة

تأثير الصيد بشباك الجر على موائل أسماك القاع وتجمعاتها

معلومات أساسية

كان تأثير عمليات الصيد وغيره من الأنشطة الإنسانية على البيئة البحرية مصدر قلق كبير للصيادين على الدوام. ولكن هذا القلق من تأثير عمليات الصيد قد زاد خلال العشرين عاما الماضية. وقد تركز الإهتمام على تأثير معدات الصيد بالجر مثل الجرافات والكراكات على موائل القاع والكائنات الدقيقة. والأساس المنطقي لهذا الاهتمام له عدة وجوه. فموائل القاع توفر الملاذ والحماية لصغار الأسماك من ناحية، والحيوانات المرتبطة بها تعد مصدرا لتغذية العديد من أسماك القاع المهمة من ناحية أخرى. ومعنى هذا أن التأثير على تجمعات أسماك القاع قد يؤدي إلى انخفاض الموارد السمكية، بما في ذلك تلك التي تستغل تجاريا. ولذا فإن معرفة رد فعل هذه التجمعات على استخدام معدات الصيد، لها أهمية كبيرة أيضا بالنسبة لمديري مصايد الأسماك.

ورغم العدد الكبير من الدراسات التي أجريت على تأثير معدات الصيد بالجر على تجمعات أسماك القاع في السنوات العشر الأخيرة فإننا لا نعرف شيئا عن هذا التأثير ولا نستطيع الخروج باستنتاجات واضحة في هذا المضمار. وهناك أسباب عديدة لذلك، أولها أن تجمعات أسماك القاع متداخلة، كما أن اختلافاتها الزمنية والمكانية الكبيرة قد تخفي وراءها تدخلات للبشر. وثانيا، تبين الدراسات أن تأثير معدات الجر- ورد الفعل إزاءها- يتفاوت تفاوتا كبيرا، ويتوقف على نمط الموئل وطريقة التدخل (أي كثافة المعدات ونوعها). وبالتالي يمكننا أن نتوقع اختلافات كبيرة في ردود الفعل على تأثير معدات الجر عندما تستخدم في مناطق صيد جديدة غير معروفة. وثالثا، استخدام مناهج مختلفة يتسم الكثير منها بعيوب خطيرة وهذا البند الأخير له أهمية خاصة، إذ يعني ضرورة إعالة النظر في المنهجية المستخدمة في أي دراسة، مع تفسير نتائجها بحرص.

والاستنتاجات التي يمكن استخلاصها من الدراسات الخاصة بتأثير معدات الجر على أسماك القاع، تكون في أغلب الأحيان قاصرة بسبب عيوب منهجية. ولكن ذلك لا يدخل في الحسبان دائما. (والواقع أن بعض الدراسات الاستعراضية الأخيرة قد نشرت دون النظر إلى هذه المحاذير).

وقد تعرضت دراسة أخيرة للمنظمة لمعالجة هذا الوضع حين طرحت تقديرا دقيقا للطريقة والمنهجيات العلمية المستخدمة في دراسة تأثير معدات الجر(69). وتحتوي هذه الدراسة على تقدير للمعرفة الحالية بالتأثير الفيزياثي والبيولوجي لشباك أوتار الجر، وشباك الدعامة الخشبية وكراكات الاسكالولب وفيما يلي أهم نقاط هذه الدراسة.

المنهجيات

المنهجيات المستخدمة في دراسة تأثير الصيد بشباك الجر ينبغي أن تكون، من الناحية المثالية، كما يلي:

  • أن تسمح بدراسة تأثير معدات الجر على نطاق زمني ومكاني يكون ممثلا للصيد التجاري؛
  • أن تشمل مقارنة بين المناطق التي حدث فيها التأثير ومناطق أخرى لم يحدث فيها صيد بهذه الطريقة؛
  • أن تستخدم وسائل كمية لعمل عينة من كائنات القاع الدقيقة.

ولم يفلح معظم هذه الدراسات حتى الآن في الالتزام بواحد أو أكثر من المتطلبات اللازمة لأي دراسة مثالية.

وقد استخدم نهجان مختلفان لدراسة التأثير الفيزيائي والبيولوجي لمعدات الجر على موائل أسماك القاع وتجمعاتها. أحدهما إجراء عمليات جر تجريبية في مكان ما ومقارنة المؤشرات الفيزيائية والبيولوجية قبل وبعد عمليات الصيد و/ أو المقارنة مع مكان آخر قريب لم تستخدم فيه معدات الجر. والنهج الثاني هو مقارنة أماكن الصيد التجاري التي جرت فيها عمليات صيد كثيفة مع المناطق التي أجريت فيها عمليات صيد خفيفة أو لم تجر فيها مثل هذه العمليات مطلقا.

والمشكلة الرئيسية مع النهج الأول هي أن عمليات الصيد التجريبية بالجرافات تجري عادة بطول طرق ضيقة وتنتهي خلال فترة زمنية قصيرة ومعنى ذلك أن هذا النهج لا يخرج بالأثر الذي يحدث على نطاق واسع وخلال فترة زمنية طويلة في أعمال الصيد التجاري. أما المشكلة مع النهج الثاني فهي أن جهد الصيد التجاري بالجرافات يتوزع عادة بغير انتظام في مناطق الصيد. أما أخذ العينات فلا يتم عادة على نطاق واسع بحيث يبين المستوى الحقيقي للتأثير، حيث أن هناك بقعا ينخفض فيها جهد الصيد داخل مناطق بها صيد كثيف والعكس بالعكس. وبالإضافة إلى ذلك، فإن المواقع التي لا تجري فيها أي عمليات صيد قلما توجد في مناطق الصيد التجارية. وللأسف فإن كلا النهجين لدراسة التأثير يعتمدان على الدخول إلى مناطق للمقارنة حيث أن عدم وجود مناطق مقارنة مناسبة قد يؤدي إلى المغالاة قي تقدير تأثير معدات الجر على موائل أسماك القاع.

التأثيرات الفيزيائية

تنطوي شباك أوتار الجر وشباك الدعامة الخشبية وكراكات الاسكالوب في تصميمها على مبادئ مختلقة للصيد، وبالتالي فإن لها تأثيرات فيزيائية مختلفة على قاع البحر. فشباك أوتار الجر مصممة على أن تصيد الأربيان والأسماك التي تعيش بالقرب من القاع. وهي مزودة بأنواع مختلقة من معدات القاع (مثل البكر وقواديس الصخور) وأبواب الشباك وكلها تهدف إلى المحافظة على الجزء الفعال من المعدات فوق قاع البحر مباشرة وأهم تأثير فيزيائي ملحوظ لشباك أوتار الجر هو التجاعيد (يصل عمقها إلى 20 سنتيمترا) التي تحدثها الأبواب، بينما لا تتسبب الأجزاء الأخرى من الجرافات إلا في إحداث تأثيرات طفيفة. وبينت بعض الدراسات أن هناك تغييرات في خواص الترسيبات الموجودة على سطح القاع. ففي القيعان الصلبة قد تزيح معدات الجر صخورا ضخمة في طريقها. كما بينت بعض الدراسات أن علامات أبواب الشباك تختفي خلال أقل من خمسة شهور في المناطق التي بها تيارات عنيفة، بينما في المناطق الساحلية المحمية تظل هناك علامات بسيطة بعد 18شهرا من الصيد التجريبي بشباك الجر. فالعمق الذي تصل إليه علامات شباك الجر واحتمالها يتوقفان على وزن المعدات وأدائها، وعلى نوع الترسيبات وعلى التأثيرات الطبيعية (مثل تأثير التيارات والأمواج).

وتستخدم شباك الدعامة الخشبية وكراكات الإسكالوب لصيد الأصناف التي تعيش في القاع أو المدفونة جزئيا فيه. ولذا فإن شباك الدعامة الخشبية مزودة بسلاسل لها خطافات، كما أن الكراكات بها أسنان مصممة لنبش سطح قاع البحر وحفر بضع سنتيمترات من الترسيبات الموجودة عليه. وأهم التأثيرات الطبيعية الملموسة لشباك الدعامة الخشبية وكراكات الاسكالوب هو تسطيحها لطبوغرافية القيعان غير المنتظمة، وإزالتها للمعالم الطبيعية مثل أكوام التجمعات البيولوجية والمخابئ. وقد تبين أن الأعماق التي تصل إليها خطافات السلاسل في شباك الدعامة الخشبية تتراوح بين سنتيمتر واحد وثمانية سنتيمترات، بينما تصل كراكات الاسكالوب إلى أعماق أقل من ذلك قليلا وتتراوح الفترة التي تظل فيها هذه العلامات موجودة بين أيام قليلة في المناطق المعرضة لتيارات المد والجزر وبين أشهر قليلة في الخلجان المحمية.

 

التأثيرات البيولوجية

تبين أن أشد التأثيرات خطورة لشباك أوتار الجر هو ما يحدث للموائل الموجودة في القيعان الصلبة التي بها معالم راسية. ففي مثل هذه الموائل، تبين أن الكائنات اللاعنقية الكبيرة مثل الاسفنج والحيوانات الزهرية والشعاب المرجانية قد تناقصت بصورة كبيرة في مجموعها نتيجة لمرور معدات أرضية عليها. وبناء على ذلك فإن الموائل التي تكثر فيها الحيوانات اللاعنقية الكبيرة قد تتضر بصورة بالغة من الجرافات.

وقد أجريت بضع الدراسات لمعرفة تأثير الصيد التجريبي بالجرافات على مناطق الصيد (البعيدة عن الشاطئ) ذات القيعان الرملية. وقد أوضحت هذه الدراسات أن هناك انخفاضا في أعداد بعض أصناف القاع. ولكن يبدو أن هذه الأصناف تستعيد حيويتها خلال سنة أو أقل. فقد أشارت الدراسات إلى أن الجرافات لا تحدث تغييرا كبيرا في تجمعات أسماك القاع التي جرت دراستها. ولكن الموائل أظهرت تغيرات زمانية ومكانية ملموسة في أعداد الأصناف وأفرادها. وربما كانت هذه الموائل مقاومة لا تتأثر بالجرافات لأنها تتعرض إلى درجة كبيرة من الاضطرابات الطبيعية مثل التيارات العنيفة والتفاوت الكبير في درجات ا لحرارة.

وجرت دراسات دقيقة من خلال تجارب عديدة لمعرفة تأثير جرافات الأربيان والكلويات على القيعان الناعمة (أي ترسيبات الطين أو الطمي). ولكن هذه الدراسات لم تعطي نتائج واضحة أو متسقة. ورغم ما لوحظ من حدوث تغييرات في العديد من أصناف القاع أثناء التجارب، فإنه لا يمكن إرجاع سوى عدد محدود من التجارب المتسقة والواضحة إلى تأثير شباك الجر. ورغم ذلك فإن هذه الموائل ذات القيعان الناعمة أظهرت تغيرات زمنية ملموسة في كثير من أصناف القاع نتيجة التنوع الطبيعي، كما أن التغيرات التي تحدث في الحقيقة بسبب شباك الجر قد تختفي وراء هذا التنوع، وبالتالي يصبح من الصعب اكتشافها.

وقد أجريت دراسات محدودة نسبيا لمعرفة تأثير شباك الدعامة الخشبية في بحر الشمال وبحر آيرلندا بصفة أساسية، حيث توجد مناطق بعينها من قاع البحر تعرضت للصيد الكثيف بشباك الجر منذ عشرات السنين. وقد بينت هذه الدراسات انخفاضا ملموسا في أعداد الكثير من أصناف القاع (وصل الانخفاض في بعض الأحيان إلى 50 في المائة). كما كانت هناك دلائل واضحة على تأثير قصير الأجل للصيد الكثيف بشباك الدعامة الخشبية. ولم تجري دراسات للتأثير طويل الأجل بسبب ندرة الأماكن التي لم تجر فيها عمليات صيد كمواقع مناسبة للمقارنة.

إن الدراسات التي أجريت على صيد المحار المروحي بالكراكات تفوق كثيرا في عددها تلك التي أجريت على الصيد بشباك الدعامة الخشبية. ويبدو أن تأثير صيد الاسكالوب بالكراكات يماثل نتائج الصيد بشباك الدعامة الخشبية، مع الانخفاض الملموس في وفرة العديد من أصناف القاع- ومع ذلك فإن الانخفاض الذي حدث في كثافة الأسراب بسبب الكراكات كان في أغلب الأحيان أقل مقارنة بما يحدث نتيجة التغيرات الزمنية والمكانية. ولم يكن هناك تأثير لأعمال كراكات الاسكالوب أو شباك الدعامة الخشبية في المناطق المعرضة للاضطرابات الطبيعية مثل تأثير الأمواج وتغيرات الملوحة، مما يؤكد الاتجاه العام القائل بأن هذه الموائل تبدو مقاومة للتأثيرات التي تحدثها معدات الجر.

الاستنتاجات

مازالت معرفتنا بالكيفية التى تؤثر بها معدات الجر على أنماط الموائل المختلفة شحيحة للغاية. والواقع أننا لا نستطيع سوى استخلاص استنتاجات محدودة بخلاف الاستنتاجات العامة، عن كيفية ردود أفعال تجمعات أسماك القاع على تأثيرات الصيد بشباك الجر. ويرجع السبب الرئيسي في نقص معرفتنا هذه بصفة أساسية إلى التعقيد الذي تتسم به هذه التجمعات وتنوعها الطبيعي، وإلى أن أغلب الدراسات التي أجريت حتى الآن كانت بها عيوب وأوجه قصور في المنهجيات المطبقة. والأكثر من ذلك أن إجراء هذا النوع من الدراسات قد يكون صعبا ويحتاج إلى جهد كبير في نفس الوقت.

وتتعرض الموائل ذات القيعان الصلبة التي تنتشر فيها الكائنات اللاعنقية الكبيرة إلى أضرار بالغة بسبب شباك أوتار الجر، بينما لا تتأثر القيعان الناعمة إلا بتأثيرات طفيفة. كما تبين أن شباك الدعامة الخشبية وكراكات الاسكالوب تحدث تغييرات في تجمعات أسماك القاع.

ويثير توثيق تأثيرات شباك الجر على أنماط معينة من الموائل قضية مهمة تمثل تحديا في مجال الإدارة ألا وهي كيف تتكون أسراب الأسماك ذات الصلة وغيرها من الموارد البحرية المستغلة التي تتأثر بالتغييراتالتي تحدث في تجمعات أسماك القاع؟ فمعرفتنا بالعلاقة بين التعقيد الذي تتسم به موائل أسماك القاع وبين ديناميات أسراب الأسماك تعد ضعيفة، وبالتالي فإننا لا نستطيع معرفة الآثار المحتملة لشباك الجر بصورة كاملة قبل أن نفهم هذه العلاقة بصورة أفضل.

قياس طاقة الصيد

مشكلة إدارة طاقة الصيد

السمات المشتركة في الكثير من مصايد الأسماك التجارية هي تراجع الغلة، وتقلص الكتلة الحيوية من المخزونات السمكية، والربحية غير المضمونة. ففي المصايد التي ليست لها إدارة أو تلك التي تدار كمصايد مفتوحة في الواقع، نجد أن التسابق على الصيد سرعان ما يخلق طاقة صيد أكبر من تلك المطلوبة لصيد حصيلة مستمرة ويأخذ الإفراط في الطاقة شكل توسع مفرط في الصيد (والتجهيز). وإذا ما لم يتم التحكم في هذه الطاقة، فإنها تؤدي عادة إلى الإفراط في الصيد.

وقد أصبحت مشكلتا الطاقة المفرطة وإدارتها من القضايا الرئيسية في إدارة مصايد الأسماك في الألفية الجديدة فالحقيقة أن الطاقة المفرطة والصيد الجائر هما أعراض لنفس مشكلة الإدارة الكامنة، إلا وهي عدم وجود تعريف واضح لحقوق الملكية أو حقوق المستخدمين. فلو أن للصيادين حقوقا خالصة وآمنة، لأمكنهم تعديل طاقة الصيد بحيث تتناسب مع كميات الأسماك المتاحة، دون أن يندفعوا إلى الإستثمار في طاقة زائدة حتى يستطيعوا صيد الأسماك قبلا غيرهم.

ويمكن القول إنه لو كانت هناك نظم إدارة تقوم على الحقوق، لأمكن حل المشكلة إلى حد كبير، ولما كانت هناك حاجة إلى اعتبار طاقة الصيد قضية في حد ذاتها.

وفي السنوات الأخيرة عزت الحكومات في مختلف أرجاء العالم استخدام الحقوق في مصايد الأسماك. ولكن التغيير مازال بطيئا. وهناك أسباب سياسية و إجتماعية و إقتصادية وراء ذلك. كما أن الاهتمام بالأمن الغذائي، والتأثيرات الاقتصادية والمالية لأي تغييرات في مصايد الأسماك أو مجتمعات الصيادين هي اعتبارات لها أهميتها بالنسبة لمديري مصايد الأسماك. فهذه التأثيرات لا تفتصر على القطاع التجاري، وإنما تؤثر على جميع مستخدمي الموارد البحرية الحية سواء كانوا من المستهلكين أو من غير المستهلكين، بما في ذلك مصايد الأسماك الترفيهية وعامة الناس.

وربما استمر الاتجاه نحو تطبيق حقوق استخدام- أو ملكية- قوية في مصايد الأسماك.

ولكن المرجح أن حقوق الإستخدام الخالصة لبعض مصايد الأسماك لن تكون ممكنة، لأسباب تقنية واجتماعية وسياسية. ومن ثم ينبغي أن تكون هناك إدارة لطاقة الصيد بالجمع بين ضوابط المدخلات والمخرجات، حتى لا تتسبب المستويات المفرطة في جهد الصيد في انخفاض مجموع المصيد من الأسماك وفوائده الإقتصادية فتصل إلى مستويات تقل بكثير عن المستويات الممكنة.

ولكي يستطيع المديرون توجيه طاقة الصيد، فلابد لهم من معرفة مقدار الطاقة الموجودة من ناحية، وأن يحددوا مستوى هذه الطاقة بالنسبة لكل مكان للصيد (أي المستوى المستهدف للطاقة) الذي يحقق أهداف الإدارة على أفضل وجه، من ناحية أخرى. وقد استعرضت المنظمة عدة طرق لقياس طاقة الصيد (70). وفيما يلي تعريف لطاقة الصيد والطرق المختلفة لقياسها.

ما هي طاقة الصيد؟

عادة ما يكون لدى المجموعات المختلفة من السكان فهم مختلف للطاقة. فعلماء تكنولوجيا الصيد غالبا ما ينظرون إلى طاقة الصيد على أنها الإمكانية التكنولوجية والعملية لسفينة ما لتحقيق مستوى معين من النشاط، وليكن أيام الصيد، أو المصيد، أو المنتجات المصنعة. أما علماء صيد الأسماك فغالبا ما يفكرون في طاقة الصيد من حيث جهد الصيد، ومعدل النفوق الناجم عنه (أي نسبة المخزونات السمكية التي تنفق أثناء الصيد). وعادة ما يكون لدى مديري مصايد الأسماك وجهة نظر مماثلة عن طاقة الصيد، وإن كانوا يربطون هذا المفهوم مباشرة بعدد السفن التي تعمل في مكان الصيد. ويعبر الكثير من المديرين عن طاقة الصيد بمقاييس معينة مثل مجموع الحمولة أو الجهد الإجمالي (مثل أيام الصيد الموحدة المتاحة). وأغلب هذه الأفكار تعكس فهما للطاقة من حيث المدخلات أساسا (منظور المدخلات).

 

وعلى النقيض من ذلك، فإن الإقتصاديين يميلون إلى النظر إلى الطاقة باعتبارها المصيد المحتمل الذي يمكن تحقيقه لو أن القارب كان يعمل بأقصى ربحية أو فوائد (منظور المخرجات).

وحتى يمكن جمع وجهات النظر المختلفة هذه عن طاقة الصيد، وضعت مشاورة فنية عقدتها المنظمة تعريفا لطاقة الصيد يقوم على منظور المدخلات (أي جهد الصيد وعدد القوارب وغيرهما) ومنظور المخرجات (المصيد) في آن واحد:

(طاقة الصيد ) هي كمية الأسماك (أو جهد الصيد)، التي يمكن إنتاجها خلال فترة زمنية (سنة أو موسم صيد مثل)، بواسطة سفينة أو أسطول يستخدم استخداما كاملا وفى ظروف مورد بعينه(71).

وسوف تستخدم المؤشرات عادة لرصد وقياس طاقة الصيد، وهي المؤشرات التي تتراوح بين مواصفات السفن (حمولتها بالطن وقوتها بالحصان) وبين الجهد المحتمل أو المصيد المحتمل (بعد تعديله بحسب الإستخدام الكامل).

ومصطلح الطاقة الزائدة يعكس حقيقة أن جهد الصيد هو أكبر من بعض المستويات المطلوبة لطاقة الصيد (الطاقة المستهدفة). وقد يكون ذلك إما غلة مستدامة مستهدفة في الأجل الطويل- تنعكس في الأجل القصير في إجمالي المصيد المسموح به- أو هدفا طويل الأجل يتصل بذلك لمدخلات ثابتة تستخدم في منطقة الصيد.

قياس الطاقة

المقاييس الكمية للطاقة

إن قياس الطاقة الزائدة أو درجة استخدام الطاقة مسألة سهلة نسبيا، إذ أنها لا تحتاج لأي معرفة بحالة الموارد في حد ذاتها. فيكفي تقدير المستويات الفعلية لاستخدام مدخلات الصيد (باستخدام مؤشرات للسفن أو المعدات أو جهد الصيد) أو مخرجات الصيد (باستخدام المصيد كمؤشر) ومقارنة هذه المستويات الفعلية بالمستويات الممكنة، مع افتراض الاستخدام الكامل غير المشروط والطبيعي، للمدخلات المتوافرة (أي المستويات الفعلية للطاقة).

ولكي يتسنى قياس الطاقة الزائدة كميا في أي مكان للصيد، فإن الأمر يحتاج إلى رقمين: المستوى الفعلي للطاقة (73) والمستوى المستهدف للطاقة. وتستخرج درجة الطاقة الزائدة بمقارنة هذين الرقمين ببعضهما. فاستخراج المستوى المستهدف للاستغلال (المصيد المستهدف، ومستوى الجهد اللازم، والحد الأدنى لحجم الأسطول) يتطلب وضع مستوى مستهدف للطاقة. وباستثناء أماكن الصيد البسيطة، فإن التقدير الكمي للطاقة أمر صعب نسبيا.

ومع التعقيد الذي تتسم به عملية تقدير المصيد المحتمل، كما يحدث في حالة المصايد التي تحتوي على أصناف عديدة استخدمت عدة أساليب للمساعدة في قياس طاقة الصيد الزائدة والطاقة المفرطة كميا. ومن بين هذه الأساليب تحليل البيانات وحدود الإنتاج المحتمل، وتحليل ما بين الذروتين (73).

ووضعت مقاييس الطاقة المفرطة التي تستخدم أسلوب تحليل تغليف البيانات لقياس مستويات الطاقة المفرطة في المصايد من حيث علاقتها بالمستوى البيولوجي المستهدف للغلة (74) أو من حيث علاقتها بالمستوى الإقتصادي المستهدف للغلة مثل الغلة الإقتصادية القصوى.

كما استخدمت نماذج بيولوجية إقتصادية لتقدير المقاييس القائمة على المدخلات للطاقة المفرطة والافراط في رأس المال. واستخدام مثل هذه النماذج يسمح بتقدير حجم الأسطول وتركيبه اللذان يناسبان أهداف الإدارة على أفضل وجه، ومقارنة هذا الحجم والتركيب بحجم وتركيب الأساطيل الموجودة بغرض التوصل إلى تقدير لمستوى الطاقة المفرطة والإفراط في رأس المال (75).

وكل هذه النهج بها مزايا وعيوب واختيار الطريقة المناسبة سيتفاوت طبقا لطبيعة مكان الصيد، والبيانات المتوافرة والغرض من وراء استخدام مقاييس ذاتية للطاقة.

المقاييس الذاتية للطاقة

يحتاج الأمر إلى بيانات كمية حتى يمكن إعطاء تقديرات كمية لطاقة الصيد. ونظرا لأن البيانات الكمية قد لا تكون جاهزة فإن على المديرين أن يضعوا تقديرات غير كمية لطاقة الصيد، وكذلك تقديرات ذاتية ومؤشرات كمية لمستويات الطاقة.

وقد استخدمت أساليب التقدير السريع ومعرفة الخبراء (طريقة Delphi ) لاستخراج تقديرات ذاتية لمجموعة كبيرة من المؤشرات. ومع ذلك، فإن هذه الأساليب لا ينبغي أن يلجأ إليها المحللون إلا عندما تكون لهم صلة بالأفراد أو المنظمات التي تملك معرفة غزيرة بمصايد الأسماك المعنية والتي بمقدورها إعطاء معلومات عن التغييرات السابقة.

المؤشرات النوعية للطاقة

يمكن الإستناد في التقديرات النوعية للطاقة المفرطة على مؤشرات يمكن التحقق منها، وإن كان من الواضح أن مؤشرا واحدا لا يكفي لمعرفة الطاقة المفرطة في أحد مصايد الأسماك. فالأمر بحاجة إلى مجموعة من المؤشرات، يدل كل منها على تغيير ما بمرور الوقت، حتى يمكن معرفة المستويات النوعية للطاقة في مصايد الأسماك، ومن بين هذه المؤشرات:

الوضع البيولوجي لمصايد الأسماك: إذ لوحظت علامات على الصيد الجائر بالنسبة لصنف مستهدف في أحد المصايد الخاضعة للإدارة فإن هناك فرصا لوجود طاقة مفرطة، لاسيما إذا كانت طاقة الصيد متزايدة.

النسبة بين حصيلة الصيد و المصيد المستهدف: من المرجح أن تكون هناك طاقة مفرطة عندما تفوق مستويات الحصيلة المصيد المستهدف بصورة مستمرة أي عندما تزيد النسبة بين الحصيلة والمصيد المستهدف بصورة ملموسة عن واحد صحيح. ومع ذلك، فإن هذا المؤشر ينبغي النظر إليه في إطار إدارة مكان الصيد. فإذا كان مكان الصيد قد تعرض لإغلاق قبل زيادة المصيد المستهدف فإن مستوى الحصيلة لن يفوق المصيد المستهدف، ولن تلاحظ أي طاقة مفرطة. كما أن هذا المؤشر لن يكون حساسا لأي كميات تلقى في البحر إن أحدثت في أماكن الصيد التي تدار بالحصص. وبناء على ذلك، فإن هذا المؤشر ليس مؤشرا جيدا للطاقة المفرطة في المصايد التي تدار بطريقة إجمالي الصيد المسموح به أو بطريقة الحصص. وبالإضاقة إلى ذلك، فلو أن مكان الصيد تعرض للصيد الجائر، وأصبح مستوى الحصيلة أقل من المستوى المستهدف، فإن المقياس قد يكون أقل من واحد صحيح رغم وجود طاقة مفرطة.

إجمالي المصيد المسموح به/ طول موسم المصيد: إذا استخدمت النسبة بين مستوى إجمالي المصيد المسموح به وطول موسم الصيد، فإن أي زيادة بمرور الوقت في هذه النسبة تدل على طاقة مفرطة.

النزاعات: الخلافات التي تحيط بالاتفاق على إجمالي المصيد المسموح به وإعادة تخصيص هذا الإجمالي بين مجموعات المستخدمين المختلفة، قد تكون مؤشرا على الطاقة المفرطة في مكان الصيد.

التراخيص غير المستخدمة: هناك عدد كبير نسبيا من التراخيص غير المستخدمة، أو نسبة منخفضة من التراخيص المستخدمة إلى مجموع التراخيص، وهو ما يدل على طاقة مفرطة في أحد أماكن الصيد، فإذا انخفضت هذه النسبة، فإن احتمال وجود طاقة مفرطة في هذا المكان يزداد.

المصيد من كل وحدة جهد: انخفاض المصيد من كل وحدة جهد بمرور الوقت، مفابل كميات المصيد الثابتة، ينطوي عادة على صيد جائر، بل والأرجح أن تكون هناك طاقة مفرطة. ومع ذلك فإن تفاوت إجمالي المصيد المسموح به في ظل استراتيجية ثابتة لإدارة نفوق الأسماك قد يخفي ذلك، كما أن اتجاهات المصيد من كل وحدة جهد قد تظل ثابتة على حالها أو تزيد بالنسبة للأصناف التي تعيش في أسراب، حتى مع انخفاض أعداد المخزون الكلي منها.

قيمة المصيد من كل وحدة جهد: قد تكون قيمة المصيد من كل وحدة جهد مؤشرا محتملا على وجود طاقة مفرطة في مصايد الأسماك التي تحتوي على أصناف متعددة لاسيما إذ كانت قيمة المصيد من كل وحدة جهد تنخفض مع ثبات أو انخفاض المصيد من كل وحدة جهد بشكل عام. والمؤشر الخاص بقيمة المصيد من كل وحدة جهد هو مؤشر مفيد للطاقة في مصايد الأسماك التي يكون فيها تسجيل المصيد من كل صنف على حدة أمرا غير عملي، وإن كان من الممكن تسجيل القيمة الإجمالية لمبيعات هذه الأصناف.

(69) FAO. 2004. Impacts of trawling and scallop dredging on benthic habitats and communities, by S. Lokkeborg. FAO Fisherles Technical Paper No. 472. Rome.
(70) FAO. 2000. Report of the Technical Consultation on the Measurement of Fishing Capacity, Mexico City, 1999. FAO
Fisheries Report No. 615. Rome; FAO. 2003a. Measuring and assessing capacity in fisheries: issues and methods, by S. Pascoe, J.E. Kirkley, D. Gréboval and C.J. Morrison-Paul. FAO Fisheries Technical Paper. No.433/2. Rome; FAO 2004
Measuring and assessing capacity in fisheries: basic concepts and management options, by J.M. Ward, J.E. Kirkley
R. Metzner and S. Pascoe. FAO Fisheries Technical Paper No. 443/1. Rome. (In press); FAO. 2003b. Measuring capacity in fisheries, by S. Pascoe and D. Gréboval, eds. FAO Fisheries Technical Paper No. 445. Rome
(71) أنظرالهامش 70.
(72) عندما يستخدم المصيد المحتمل كمؤشر للطاقة الفعلية، لابد من إجراء تعديل لبيان الظروف المتغيرة للموارد (معدلات المصيد).
(73) التفاصيل الخاصة بكيفية تقدير هذه المقييس يعرضها J. Kirkley and D. Squires. 1999 (Measuring capacity and capacity utilization in fisheries. In FAO Managing fishing capacity: selected papers on underlying concepts and issues, edited by D. Greboval FAO Fisheries Technical Paper No 386. Rome) وهناك أمثلة أخرى للتطبيقات التي استخدمت فيها هذه الأساليب وردت إشارة إليها في الهامش 70.
(74) J. Kirkley, J. Ward, J. Waldron and E. Thunberg. 2002. The estimated vessel buyback programme costs to eliminate overcapacity in five federally managed fisheries. Final contract report to the National Marine Fisheries Service, Silver, Spring, Maryland. Gloucester Point, Virginia, USA, Virginia Institute of Marine Science.
(75) كمتال على تطبيق النموذح البيولوجي الاقتصادي لهذا الغرض أنظر الهامش 70 (المنظمة 2004 )
 

الصفحة السابقة اعلى هذه الصفحةالصفحة المقبلة