لصفحة السابقةبيان المحتوياتلصفحة المقبلة

الإطار رقم 17

حساب عزل الكربون عن طريق الغابات

أصبح حساب انبعاثات غازات الدفيئة التي تعزى إلى البلدان والشركات والعمليات الصناعية أحد العناصر الهامة في الاتفاقات الدولية والسياسات القطرية لمعالجة تغير المناخ، وأصبح حساب منافي الكربون التي تعزى إلى الأنشطة الحرجية مجالا لاهتمام كبير، بسبب قدرة الغابات على الإسهام في الأرقام المستهدفة لخفض الانبعاثات القطرية التي تم التفاوض بشأنها في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، وبسبب القيمة المحتملة للمشروعات الحرجية لتعويض الانبعاثات من بعض الأنشطة أو الأعمال التجارية.

حساب الكربون القطري

يتم حساب الانبعاثات القطرية أو امتصاص الكربون من جانب الغابات على أساس سنوكب، وتقدر بأطنان من ثاني أكسيد الكربون الذي يتم إطلاقه أو عزله. وتقاس مظاهر التقدم نحو بلوغ الأرقام المستهدفة التي حددها بروتوكول كيوتو من حيث الانبعاثات أو الامتصاص، بالنسبة إلى عام 1990. ووفقا للمادة 3-3 من البروتوكول، فإن امتصاص الكربون عن طريق التشجير وإعادة التشجير وتجنب إزالة الغابات هو وحده الذي يحسب من الأرقام المستهدفة لتخفيض الانبعاثات القطرية. ولا تزال التعاريف الدقيقة للتشجير وإعادة التشجير وتجنب إزالة الغابات موضع مناقشة.

حساب كربون المشروعات  

الإضافة و الخطوط المرجعية

بينما تقاس الانبعاثات القطرية وامتصاص الكربون بالقيم المطلقة داخل الحدود القطرية، يقاس أثر المشروعات الحرجية بالنسبة لافتراض "بدون تصور للمشروع " أو"خط مرجعي ". ويمكن اشتقاق تعريف الخط المرجعي للمشروع بعدة طرق، من بينها استقراء الاتجاهات السابقة في تغير استخدام الأراضي، أو الآثار المتوقعة للممارسات الحرجية النمطية الحالية، أو بعمل نماذج للضغوط الاجتماعية والاقتصادية على الموارد الحرجية، ولم يتم الاتفاق بعد على طرق نمطية في هذا الشأن. وعند مقارنة مشروع ما وخط مرجعي، يمكن تطبيق ما يسمى باختبارات "الإضافة"، للتحقق مما إذا كان عزل الكربون يعزى إلى المشروع أو إلى مجرد عوامل عارضة، مثل التحولات في السياسات أو في الظروف الاجتماعية- الاقتصادية خارج نطاق المشروع.

حدود المشروع والتسرب

سوف يكون لوضع حدود للمشروع أثر هام على تخفيضات الانبعاثات التي تعزى إلى أنشطة المشروع. فإذ ا كان المشروع يهدف إلى حماية مساحة معينة من الغابة، ولكنه ينطوي على نقل عملية قطع أشجار الغابة إلى منطقة أخرى، فإن هناك احتمالا لحدوث "تسرب " لمزايا المشروع. وبالمثل، إذا أدى مشروع تشجير إلى خفض أسعار الأخشاب، وبالتالي خفض الاستثمار في المزارع الشجرية الحرجية التجارية أو زيادة الأراضي الحرجية التي تقطع أشجارها لتلبية متطلبات أغذية الكفاف، فسوف ينخفض صافي العزل، ويلزم أيضا وضع حدود للمشروع لتشمل جميع تدفقات أو مخزونات الكربون التي يمكن أن تتأثر بصورة كبيرة نتيجة لأنشطة المشروع ؛ وقد يدخل في ذلك الكربون المختزن في منتجات الأخشاب التي تم جمعها.

المدد الزمنية للمشروع وحساب الأرصدة

تعد المدد الزمنية الطويلة المرتبطة بنمو الغابات، ولاسيما في المناطق المعتدلة والشمالية، والانعكاس المحتمل لمنافع الكربون عن طريق الأنشطة الحرجية، من السمات الرئيسية لمشروعات تغيير استخدام الأراضي والغابات. وقد اقترح عدد من الأساليب البديلة لحساب أرصدة عزل الكربون أو الانبعاثات التي أمكن وقفها من الغابات:

 

الإطار رقم 18

أمثلة على المشروعات الجاري تشغيلها والتي تنفذ بأسلوب المشاركة

منطقة ريو برافو للصيانة والإدارة، جزر بليز

يشمل مشروع ريو برافو حماية 14000 هكتار من أراضي الغابات " المهددة بالانقراض " وو ض ع برنامج للإدارة المستدامة لمساحة إضافية مقدارها 46000 هكتار من الغابات، وتتولى إدارة المشروع منظمة غير حكومية بليزية تدعى"برنامج من أجل بليز"، ويمول المشروع جزئيا من تعويض الكربون الذي يباع لمجموعة شركات أمريكية لإنتاج الكهرباء. وعموما، سوف يتم حفظ ما يقدر بنحو 2.5 مليون طن كربون على مدى أربعين عاما التي تمثل عمر المشروع، بقدرة متوسطة تبلغ 36 طنا من الكربون للهكتار وبتكلفة قدرها 3 دولارات لكل طن كربون، ويفترض خط الأساس، الذي تحسب على أساسه فوائد الكربون، أنه بدون هذا المشروع سوف تتم إزالة مساحة الغابات المهددة بالانقراض بكاملها في غضون خمس سنوات. وكانت الأرض مملوكة في السابق لأفراد، ومن المرجح أنها كانت ستباع لجيران من المزارعين الذين أعربوا عن اهتمامهم بتوسيع مزارعهم.

تقليل تأثير قطع الأشجار في صباح، ماليزيا

في إطار هذا المشروع، الذي تدخل فيه شركتان من أصحاب امتياز الغابات هما: Innoprise Corporation Sdn. Bhd و New Eng!and Power of USA ، اعتمدت تقنيات تقليل تأثير قطع الأشجار لاستخدامها في 1400 هكتار من غابة أشجار ثنائية الأوراق في ماليزيا لفترة عامين. وأدى المشروع إلى خفض 50 في المائة من الأضرار التي تلحق بأشجار الغابة (مقارنة بالأساليب التقليدية لقطع الأشجار)، مما نتج عنه حفظ ما يقدر بنحو 40 طنا من الكربون للهكتار، بتكلفة تبلغ حوالي 8 دولارات لكل طن كربون. ويفترض حساب منافع الكربون أن استخدام الأساليب التقليدية لقطع الأشجار كان سيستمر إذا لم يتدخل المشروع. وهكذا، فإن الكربون المحفوظ يعتبر رصيدا إضافيا طوال الفترة التي كانت ستستمر فيها الممارسات التقليدية لقطع الاشجار.

مشروعات الغابات في خدمة مجتمع سكولل تي المحلي في المكسيك

وضعت هذا المشروع جامعة أدنبرة، ومركز أدنبرة لإدارة الكربون في المملكة المتحدة، بالتعاون مع كلية الزراعة في المكسيك، بتمويل من إدارة التنمية الدولية في المملكة المتحدة، وهدف المشروع هو وضع تخطيط نموذجي ونظم ادارية، يستطيع صغار المزارعين من خلالها الوصول إلى أسواق الكربون، وفي إطار المشروع، يحدد صغار المزارعين والمجتمعات المحلية أنشطة اعادة التشجير وزراعة الغابات واستصلاح الغابات المفيدة ماليا، التي يراد بها عزل أو حفظ الكربون. وقد دخلت الأنشطة المقترحة في نظام تخطيط وتقييم وبيع موازانات الكربون عن طريق حساب أمانة تديره منظمة غير حكومية محلية تدعى "أمبيو". وقد تم تطوير النظم الآن بصورة جيدة، وأصبح الكربون يباع لمختلف المشترين، ومن بينهم الاتحاد الدولي للسيارات. ويشترك حاليا حوالي 300 مزارع، لدى كل منهم في المتوسط نحو هكتار واحد من الأراضي الحرجية. ويبلغ متوسط القدرة على عزل الكربون 26 طنا من الكربون للهكتار بتكلفة قدرها 12 دولارا أمريكيا لطن الكربون، ويطبق النظام معيارا بسيطا للإضافة: يعتبر عزل الكربون رصيدا إضافيا، إذا كان أحد أهداف التشجير المقررة هو عزل الكربون، والخط الأساسي المستخدم هو متوسط خزن الكربون من الاستخدام السابق للأراضي، على افتراض أن استخدام الأراضي كان سيستمر في حالة عدم تدخل المشروع.

مشروع حوض الكربون في ماتو غروسو، البرازيل

يهدف المشروع إلى عزل الكربون في مزرعة شجرية حرجية تضم أنواعا محلية أنشئت فوق أرض متدهورة. وتبلغ مساحة هذه المزرعة نحو 5000 هكتار وتقع ضمن ملكية خاصة مساحتها نحو 15000 هكتارا وتشكل هذه المزرعة وحدها حوض الكربون، غير أنه تبذل جهود أيضا لصيانة الغابة الطبيعية، حتى وإن لم تحسب ضمن موازنة الكربون. وتمول المشروع شركة بيجو الفرنسية لصناعة السيارات، كمساهمة منها في سياستها الخاصة بالمحافظة على البيئة. وتدير المشروع شركة برازيلية تابعة للمكتب القطري للغابات الفرنسية، ومعهد حفظ الموارد الطبيعية، وهو منظمة غير حكومية برازيلية. ومدة المشروع 40 عاما. وتبلغ مساهمة بيجو 10 ملايين دولار أمريكي. وهدف المشروع هو بلوغ الحد الأقصى لعزل الكربون، مع استخدام الأنواع المحلية وحماية أو تعزيز التنوع البيولوجي في المنطقة. ويمثل المشروع أول خطوة نحو إعادة إنشاء غابة طبيعية عن طريق إعادة تأهيل المراعي وإزالة أنواع معينة من الحشائش. ويستند الخط الأساسي إلى استمرار الاستخدام السابق للأراضي.

إدارة محمية ماليكو الحرجية، شيلي

يشتري المشروع حق تنفيذ خطة الإدارة في 16625هكتارا من الغابات الطبيعية المملوكة للدولة، وتحظر التشريعات الشيلية تحويل هذا النوع من الغابات إلى مزارع حرجية لأنواع غريبة من الأشجار. والغرض من المشروع هو تشجيع التنمية المستدامة للغابة من أجل تحسين جدواها من الناحية الاقتصادية ومن حيث عزل الكربون. وتتولى إدارة المشروع مؤسسة الغابات القطرية في شيلي والمكتب القطرى للغابات في فرنسا، ويرعى المشروع الصندوق الفرنسي للبيئة العالمية. ويشمل المشروع تعديل أساليب قياس تدفق الكربون لهذا النوع من النظام الايكولوجي . وسوف يتم حساب مزايا الكربون استنادا إلى خط أساسي "بدون تصور للمشروع".

المصادر : Stuart and Costa, 1998; IPCC, 2000,Chap.5;Tipper et al., press; and Conseil Général du Genie Rural des Eaux et des Foréts Personal Communication

ويقدم الإطار رقم 18 بعض الأمثلة على الأنشطة المنفذة ضمن مشروعات تغير استخدام الأراضي والغابات.

 

الاستنتاجات وقضايا المستقبل

تعد الغابات أحد المكونات الهامة لدورة الكربون في العالم . فهي تؤثر في تغير المناخ وتتأثر به على السواء، وسوف يكون لإدارتها أو تدميرها أثر كبير على مسار الاحترار العالمي في القرن الحادي والعشرين.

وتحتوي النظم الايكولوجية الحرجية على أكثر من نصف الكربون البري، وهي تمثل حوالي 80 في المائة من تبادل الكربون بين النظم الايكولوجية البرية والغلاف الجوي. ومع أن النظم الايكولوجية الحرجية تمتص ما بين ا و3 مليارات طن كربون سنويا عن طريق انتعاش الغابات المتدهورة، وإعادة التشجير، وتأثير التسميد بثاني أكسيد الكربون والنتروجين، فإنها تطلق نفس الكمية تقريبا (2 مليار طن كربون) كل عام عن طريق إزالة الغابات. وربما كانت إزالة الغابات في الثمانينات مسؤولة عن ربع مجموع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بشرية المنشأ.

وإذا تحققت التغيرات المناخية المتوقعة، فمن المحتمل أن تكون آثارها على الغابات كبيرة وممتدة. وقد تصمد النظم الايكولوجية الحرجية لبعض الوقت أمام الظروف المناخية المتغيرة، ولكن الاستجابات على المدى البعيد سوف تتوقف على قدرة الأنواع على مواصلة تكيفها مع الظروف الجديدة أو على تغيير توزيعها الجغرافي .

ويمكن أن تسهم إدارة الغابات في خفض الانبعاثات، وعزل الكربون (أنظر الشكل رقم 23). ويعد حفظ مخزونات الكربون الحالية في الغابات أداة أقوى من عزل الكربون، غير أن التدابير الحرجية وحدها لن تكفي لوقف الزيادة في تركيز ثاني أكسيد الكربون في الجو، وربما تساعد فقط في استكمال الجهود المبذولة لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتج عن حرق الوقود الأحفوريا ولبروتوكول كيوتو أثر عميق على قطاع الغابات. ولكن آثاره الدقيقة سوف تتوقف على نوع الأنشطة الحرجية التي يتم ادراجها كتدابير صالحة للتخفيف من تغير المناخ، وعلى نوع القواعد والمعايير التي تطبق على المشروعات المحتملة. ومازالت الآراء منقسمة حول دو الغابات في إطار "آلية التنمية النظيفة" التابعة للبروتوكول.

 

 

ويقول معارضو إدراج الغابات ضمن آلية التنمية النظيفة، إن حوافز عزل الكربون يحتمل أن تؤدي إلى استثمار غير محكوم في الأنشطة الحرجية ذات النطاق الصناعي، مع ما يترتب على ذلك من عواقب سلبية من الناحية الاجتماعية ومن حيث التنوع البيولوجي. ويخشى بعض المراقبين أن يؤدي وجود الغابات، كوسيلة منخفضة التكلفة لتحقيق الأرقام المستهدفة لخفض الانبعاثات، إلى تحويل الاستثمارات بعيدا عن الجهود المبذولة لخفض هذه الانبعاثات من المنبع، وهناك قلق أيضا بشأن استدامة اثار المشروعات الحرجية وإمكانية قياسها. أما المؤيدون فيرون أن هناك منافع محتملة من الناحية الاجتماعية والاقتصادية، بل ومن حيث التنوع البيولوجي، من الاستثمار في المبادرات الخاصة بعمليات الصيانة ذ ات النوعية العالية، وزراعة الغابات، والإدارة المستدامة للغابات، كما انهم يقولون إن القيمة الاقتصادية (أو الكربونية) المضافة التي تعطى للغابات، قد توفر حافزا مفيدا لجهود الإدارة المستدامة للغابات.

لصفحة السابقةاعلى هذه الصفحةلصفحة المقبلة