الصفحة السابقةالمحتوياتالصفحة التالية

 

نقص الأغذية في مختلف أنحاء العالم

نقص الأغذية والفقر والتنمية

رسم مؤتمر القمة العالمي للأغذية عام 1996 هدفا محددا، ألا وهو تخفيض عدد الجوعى في العالم إلى النصف قبل حلول عام 2015. وبعد ذلك بأربعة أعوام تم إدماج هذا الهدف في أولى الأهداف الإنمائية للألفية الجديدة التي استهدفت خفض نسبة الذين يعانون الجوع ونسبة الذين يعيشون بأقل من دولار واحد يوميا إلى النصف.

وترتبط هذه الأهداف بعضها بالآخر ارتباطا وثيقا. ولا يمكن تحقيق أحدها دون الآخر، ويعتبر تحقيق كل منها أمرا ضروريا من أجل النجاح في بلوغ بقية الأهداف الإنمائية للألفية الجديدة.

 

الفقر والجوع- الأسباب المتبادلة بينهما والنتائج

هناك ارتباط قوى بين الأسباب التي تؤدي إلى الحرمان من الغذاء والتغذية والفقر (أنظر الرسوم البيانية). فالبلدان التي ترتفع فيها نسبة انتشار نقص الأغذية ترتفع فيها أيضا نسبة الأطفال متوقفي النمو وناقصي الوزن. وفي هذه البلدان تعيش نسبة كبيرة من السكان في حالة من الفقر الشديد. وفي البلدان التي يعاني فيها أكثر من 35 في المائة من السكان نقصا في الأغذية تكافح نسبة مقابلة من أجل البقاء على قيد الحياة بأقل من دولار واحد يوميا.

وإذا كانِ الفقر أيضا سببا للجوع، فإن الجوع أيضا قد يكون سببا للفقر، فالجوع يحرم المعوزين من المصدر الوحيد الذي يمتلكونه، وهو القوة والمهارة من أجل العمل المنتج. وقد أكدت دراسات عديدة أن الجوع يضر بقدرة الفقراء على تنمية مهاراتهم كما يقلل من إنتاجية عملهم.

أما الجوع أثناء الطفولة، فهو يضر القوى العقلية والبدنية، ويعرقل القدرة على التعلم في المدرسة والكسب من العمل. وعندما يصل الأطفال إلى سن البلوغ، توضح الدلائل المأخوذة من المسوح الغذائية الأسرية في البلدان النامية أن ناقصي الأغذية الذين يتسمون بالبنية الضعيفة يحصلون على قدر أقل في الوظائف التي تحتاج إلى جهد بدني. وانتهت دراسات أخرى إلى أن وجود زيادة بنسبة واحد في المائة في مؤشر كتلة الجسم (الوزن بالنسبة للطول) يؤدي إلى زيادة بنسبة أكتر من اثنين في المائة في الأجور لأولئك الذين يتجه مؤشر قياسهم إلى الطرف الأدنى.

ويمكن أن يؤدي نقص المغذيات الدقيقة "الجوع الخفي " إلى خفض القدرة على العمل (أنظر الصفحتين 24 و25). وتشير الدراسات إلى أن أنيميا نقص الحديد تقلل من إنتاجية العامل اليدوي بنسبة تصل إلى 17 في المائة. ونتيجة لذلك فإن البالغين الذين يعانون الجوع وسوء التغذية يحصلون على أجور أقل مقابل عملهم. كما أنهم لا يستطيعون العمل لساعات طويلة وسنوات كثيرة مثل قرنائهم الذين يحصلون على القدر الكافي من الغذاء، لأنهم غالبا ما يتعرضون للمرض فضلا عن العمر القصير.

 

الجوع والفقر على مستوى البلدان

إن انتشار الجوع وسوء التغذية على نطاق واسع، يضعف الأداء الاقتصادي ليس فقط بالنسبة للأفراد والأسر، ولكن بالنسبة للأمم بأكملها. فالأنيميا وحدها تخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تتراوح بين 0.5 في المائة و1.8 في المائة في بلدان كثيرة (أنظر الرسم البياني). وقد أوضحت الدراسات في الهند وباكستان وبنغلاديش وفيتنام، في تقديراتها المتحفظة، أن الآثار المجتمعة لتوقف النمو ونقص اليود والحديد قد خفضت الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تراوحت بين 2 و 4 في المائة سنويا. ويشير أحدث الحسابات التي قامت بها المنظمة إلى أن بلوغ هدف مؤتمر القمة العالمي للأغذية، وهو تخفيض عدد ناقصي الأغذية إلى النصف بحلول عام 2015، سيعطي عائدا يزيد على 120 مليار دولار. ويوضح هذا الرقم الأثر الاقتصادي للحياة الطويلة والصحية والمنتجة لمئات الملايين من الناس الذين يتحررون من الجوع.

وكما ذكر الاقتصادي روبرت فوجل الحائز على جائزة نوبل، فإن الجوعى لا يستطيعون شق طريقهم والخروج من الفقر. وفي تقديره فإن 20 في المائة من السكان في إنجلترا وفرنسا قد تم استبعادهم بالفعل من القوة العاملة في عام 1790 بسبب ضعفهم الشديد ومعاناتهم الجوع. ويقول إن التغذية المحسنة كان لها الفضل في تحقيق نصف النمو الاقتصادي في بريطانيا وفرنسا في الفترة بين 1790 و 1880. وبالنظر إلى أن كثيرا من البلدان يعاني الفقر مثلما كانت تعانيه بريطانيا وفرنسا في عام 1790، فإن تحليلاته تشير إلى أن خفض معدل الجوع له أثر مشابه في البلدان النامي ة في الوقت الحاضر.

 

الطريق إلى الأهداف الإنمائية للألفية الجديدة

تشير الدلائل بوضوح إلى أن الفشل في استئصال الجوع سيقوض الجهود التي تبذل لبلوغ الأهداف الإنمائية للألفية الجديدة (أنظر الإطار).

إِن الآمال المعقودة على نشر التعليم الابتدائي ومعرفة القراءة والكتابة على مستوى العالم سوف تضيع هباء طالما أن ملايين الأطفال الجوعى يعانون نقص القدرة على التعلم أو أنهم يضطرون للعمل بدلا من الذهاب إلى المدرسة. فنقص بروتين الطاقة الناشئ عن سوء التغذية في الطفولة، وأنيميا نقص الحديد في الطفولة ونقص اليود ترتبط كلها بنقص القدرة على الإدراك. كما يحد الجوع أيضا من الانتظام في المدرسة. وفىِ باكستان، أدى التحسن الطفيف نسبيا في الطول بالنسبة للسن إلى زيادة معدل الانتظام في الدراسة بصورة كبيرة: بنسبة 2 في المائة للأولاد و10 في المائة للفتيات. وهذه الزيادة في معدل الانتظام في الدراسة بالنسبة للفتيات لها مغزى واحد وهو أن تخفيض معدل الجوع سيؤدي إِلى تسريع التقدم نحو هدف آخر من الأهداف الإنمائية للألفية الجديدة- ألا وهو تنشيط المساواة بين الجنسين.

كما تؤكد البيانات والتحليلات المعروضة في أماكن أخرى من هذا التقرير أن تخفيض معدل الجوع وسوء التغذية يمكن أن يؤثر بحسم على معدل الوفيات بين الأطفال وعلى مكافحة نقص المناعة البشرية/الأيدز والملاريا وغيرها من الأمراض (أنظر الصفحتين 24 وه 2).

 

 

 

 

 

الصفحة السابقةاعلى هذه الصفحةالصفحة التالية