لصفحة السابقةبيان المحتوياتلصفحة المقبلة

الجزء الأول

حالة الموارد الحرجية والتطورات الأخيرة في قطاع الغابات

التطورات الأخيرة في قطاع الغابات

يناقش هذا الفصل بعض القضايا الرئيسية والاتجاهات التى ظهرت فى قطاع الغابات، مركزا بصورة أساسية على العامين أو الثلاثة أعوام الأخيرة. ونظرا لأنه يستحيل تغطية جميع التطورات الجديدة، والأحداث البارزة، والاتجاهات الواضحة على نطاق العالم، فإن هذا الفصل يسلط الضوء على قضايا مختارة تلقى اهتماما دوليا خلال هذه الفترة.

حالة الموارد الحرجية

الغطاء الحرجي

يقدم التقدير العالمي للموارد الحرجية لعام 2000 (تقدير 2000) أحدث المعلومات عن حالة وتغير الغطاء الحرجي، أو مساحته على نطاق العالم. ويعرض الجزء الثاني نتائج التقدير بمزيد من التفصيل.

وتغطى الغابات نحو 3870 مليون هكتار، أي ما يعادل 30 فى المائة من مساحة اليابسة في العالم. وتستأتر الغابات المدارية وشبه المدارية بنسبة 56 فى المائة من غابات العالم، فى حين تستأتر الغابات المعتدلة والشمالية بنسبة 44 فى المائة. ولا تشكل المزارع الشجرية الحرجية سوى نحو 5 فى المائة من مجموع الغابات، ويتكون الباقي من غابات طبيعية. وقد بيق "التقدير العالمى للموارد الحرجية لعام 2000" أن التغيرات التقديرية السنوية الصافية فى مساحة الغابات فى العالم بلغت أثناء التسعينات- 4ر9 مليون هكتار، وهى تمثل الفرق بين المعدل التقديري السنوي لإزالة الغابات البالغ 6ر14 مليون هكتار والمعدل التقديرى السنوى للزيادة فى المساحة الحرجية البالغ 5.2 مليون هكتار.

حالة الغابات

مع أن مساحة الغابات العالمية ومعدلات إزالة الغابات تستخدم فى أغلب الأحوال كاطار للمناقشات بشأن الغابات، فإن حالة الغابات وقدرتها على توفير طائفة من السلع والخدمات المطلوبة منها، ربما كانتا أكثر أهمية، غير أن تقدير الحالة يعد أكثر صعوبة من تقدير المساحة. وقد بذلت محاولة فى تقدير 2000 (أنظر الجزء الثاني) لتقديم تقرير عن الأضرار التى تلحق بالغابات لأسباب مختلفة، وتقدير إمدادات وإنتاج إلأخشاب. وتعطي الجهود الأخيرة التى بذلت لتقدير فعالية إدارة الغابات مؤشرا للاتجاهات ذات الصلة بصورة غير مباشرة ) أنظر الجزء المعنون "إدارة الموارد الحرجية وصيانتها وتنميتها بصورة مستدامة" المنشور على الصفحة رقم 6). وقدم برنامج الأمم المتحدة للبيثة، والبنك الدولي، ومعهد الموارد العالمي تقديرا تجريبيا لسلامة النظم إلايكولوجية فى العالم، بما فى ذلك الغابات (Rosen,2000).

وقد أدى القلق بشأن إز ا لة الغابات وتدهورها، الذي بدا واضحا فى أماكن كثيرة فى مختلف أنحاء العالم، الى القيام بعدد من التحليلات للأسباب والنتائج (على سبيل المثال؛ UN, 1996; Kaimowitz and Angelsen, 1998 ;and Contreras-Hermosilla,2000) وأسباب تدهور ا لغابات وفقدانها معقدة، وتتفاوت بصورة واسعة من مكان إلى آخر وهناك فرق بين الأسباب المباشرة و الأسباب ا لكامنة، وتشمل الأسباب المباشرة الرئيسية لتدهور الغابات الآفات ا لحشرية و الأمراض؛ والحرائق؛ و الإفراط فى قطع الأخشاب الصناعية، وحطب الوقود والمنتجات الحرجية الأخرى؛ وسوء إدارة غابات الإنتاج، بما فى ذلك ممارسات القطع السيئة؛ والإفرا ط فى الرعي؛ وتلوث الهواء؛ والظواهر المناخية الحادة، مثل العواصف، ويعد تدهور الموئل بسبب هذه العوامل مع القطع المفرط، من العوإمل الرئيسية للاستنفاد المحلي لعناصر الحياة البرية التى تعتمد على الغابات. وتشمل الأسباب الكامنة الفقر، والنمو السكاني، والأسواق والتجارة فى المنتجات الحرجية، وسياسات الاقتصاد الكلي.

وسوف يقتصر هذا القسم على مناقشة سببين فقط جديرين بالملاحظة من اسباب الأضرار التى لحقت بالغابات خلال الفترة 1999- 2000 : (1) حرائق الغابات الخطيرة فى بلدان كثيرة، مع تحديث للمعلومات عن حرائق الغابات خلا J عامي - 1997و1998وهما من أسوا الأعوام التى شهدت حرائق برية وحرائق الغابات فى العصر الحديث؛ (2) العواصف الشديدة التى اجتاحت أوروبا فى ديسمبر/ كانون الأول 1999. وكما كانت هذه الأحداث مدمرة، فقد كان لها أيضا بعض النتائج الايجابية وأسفرت عن دروس مفيدة.

فقد كان حجم حرائق الغابات على نطاق العالم خلال السنوات الأربع الماضية، حافزآ لاستجابات السياسات القطرية والمبادرات الإقليمية والدولية لمنع وقوع الحرائق والتحذير منها فى وقت مبكر، والكشف عنها ومكافحتها. وأظهرت البلدان قدرتها على التعامل بسرعة وفعالية مع العواصف فى أوروبا، حيث ساعد هذا على تقليل الآثار البيئية وإلاقتصادية وإلاجتماعية السلبية للعواصف. وتقترح الآن تعديلات للتدابير الخاصة بإنشاء وإدارة الغابات لخفض المخاطر المحتملة للأضرار التى تسببها ا لعواصف فى المستقبل.

حرائق الغابات (1) : إحترقت مساحات كبيرة من الغابات حول العالم فى عامي 1997 و 1998 ، عندما سادت ظروف الجفاف الشديد المرتبط بظاهرة النينيو وكان حجم هذه الحرإئق والأضرار التي تعزى إليها من الضخامة لدرجة ان إحدى صحف الولايات المتحدة الأمريكية وصفت عام 1998 بأنه "عام ا شتعال الأرض بالحرائق "، وفى بعض الأوقات بدا هذا الوصف صحيحا بالفعل، نظرا لأن ملايين الهكتارات احترقت وغطى الدخان الكثيف أقاليم شاسعة مثل أمريكا الوسطى وجنوب شرق آسيا، مما أحدث ارتباكا فى الملاحة الجوية والبحرية، وسبب تهديدات خطيرة للصحة العامة. فقد فتل سبعون شخصا بسبب الحرائق فى المكسيك وحدها. والنظم البيئية التى لا تتائر عادة بالحرائق، مثل غابات الأمازون المطيرة فى البرإزيل وغابات شياباس الجبلية في المكسيك، قد لحقت بها أضرار كبيرة. ومن بين تقديرات الغابات المحترقة ما يلي:

وشهد العالم حرائق غابات خطيرة أيضا فى عامي 1999و2000 وان كانت أضيق نطاقا مما كانت عليه فى 1997 و1998 فقد انتشرت الحرائق فى اندونيسيا فى عامي 1999و 2000، ولكن ليس مثلما حدث فى عامي 1997 و 1998 ، وحدثت أخطر الحرائق التى شهدها عام 2000 فى اثيوبيا، وشرق البحر المتوسط، وغرب الولايات المتحدة:

واحتلت الحرائق المذكورة أعلاه " العناوين الرئيسية في الصحف "، غير أن الحرائق التى تحدث بصورة متكررة وعلى نطاق واسع فى أماكن كثيرة من العالم لا تظهر أخبارها في الصحافة العالمية، فمئات الآلاف، بل وملايين الهكتارات أحيانا، تحترق سنويا فى نظم إيكولوجية معتادة على الحرائق، مثل منطقة غرب أفريقيا الجافة، ومساحات كبيرة من أفريقيا جنوب خط الاستواء، وآسيا الوسطى، وجنوب أمريكا اللاتينية، وأستراليا. ففي موسم الحرائق فى عام 2000 مثلا، احترق ما يقدر بنحو 200 مليون هكتار فى أفريقيا جنوب خط الاستواء.

وقد أدت الحرائق البرية الخطيرة على مدى السنوات القليلة الماضية إلى زيادة الوعي الجماهيري باسباب وآثار حرائق الغابات، والاهتمام بالقضايا المتعلقة بالسياسات، وحشد الجهود على المستويات القطرية والإقليمية والدولية. وهناك نقاش يدور حاليا في الولايات المتحدة، ويتركز على مدى تأتير تقليم الأشجار، وجمع الأخشاب، والحرق المنظم فى خفض مخاطر الحرائق في المستقبلا فقد أدت سياسات استبعاد الحرائق لعشرات السنين إلى تجمع تراكمات غير معتادة من الوقود داخل النظم الأيكولوجية المعتمدة على الحرائق. وتنشب الحرائق الآن فى غابات الأشجار الصنوبرية الرفيعة والعالية بكثافة أعلى مما كانت تحدث قبل عام 1900، عندما كانت تنشب الحرائق بصورة أكثر تكرارا. ولأن الحرائق أصبحت تنشب الآن على نطاق أوسع وبصورة أكثر كثافة، فقد أصبحت مكافحتها اليوم أكثر صعوبة وأضرارها أكبر حجما.

وإذا كانت هناك فكرة عامة عند الجمهور بأن الحرائق ضارة بالنسبة لجميع الغابات، فهي في النظم الإيكولوجية الحرجية المهيأة للحرائق، تعد شكلا من أشكال الاضطراب الطبيعي الذي يساعد على صيانة وتجديد هذه النظم الإيكولوجية الحرجية، ويمكن أن يحسن بالفعل من نوعية الموئل على المدى الطويل، وعلى حين قد تكون الآثار قصيرة الأجل للحرائق مدمرة بشكل واضح، قد تكون الآثار الإيكولوجية بعيدة الأجل مفيدة لهذه النظم الإيكولوجية.

واجريت عدة دراسات عن الحرإئق الإندونيسية فى عامي 1997 و 1998 ، بحثت الأسباب الاجتماعية والاقتصادية الكامنة لهذ ه الحرائق (على سبيل المثال، .Rowell; and Moore, 2000; Barber and Schweithelm 2000 ، والدراسات التى يجريها مركز البحوث الحرجية الدولية). ووجدت هذه الدراسات علاقة قوية بين الحرائق وسياسات استخدام الأراضي وممارسات ادارة الأراضي. وكان من بين الأسباب الحرإثق الزراعية صغيرة النطاق التى تنتشر فتصعب السيطرة عليها، واستخدام الحرائق لازالة كساء الأراضي فى المزارع الكبيرة (مثل مزارع نخيل الزيت)، والصراعات بين مستخدمي الاراضي.

وغالبا ما ترتبط الحرائق التى تحدث فى أماكن أخرى فى جنوب شرق آسيا وأجزاء من الأمريكتين وأفريقيا، بالممارسات الزراعية وازالة كساء الأراضي، إذ أن الحرق احدى الوسائل القديمة لإدارة الأراضي. وأدت الدلائل، التى توحي بأن عمليات الحرق تقل بدرجة ملحوظة فى الغابات التى تدار بواسطة المجتمعات المحلية، إلى وضع برامج تشرك المجتمعات المحلية فى الجهود المبذولة من أجل خفض مخاطر الحرائق البرية (مثل مشروع مكافحة الحرائق التابع للاتحاد الدولي لصون الطبيعة والصندوق العالمي للحياة البرية)، ويجري وضع عدة مشروعات لمكافحة الحرائق بالاعتماد على المجتمعات المحلية، معظمها مصمم على شكل مشروعات متكاملة لمكافحة حرائق الغابات، فى عدة بلدان مثل: إندونيسيا وناميبيا ومنغوليا والبرازيل، وهذه المشروعات القائمة على المشاركة تشرك المزإرعين والقرويين في الجهود المبذولة لتحسين استخدامهم لاسلوب الحرق (مثل إزالة كساء الأراضي الزراعية)أو لإشراكهم فى مهام الوقاية من الحرائق أو إخمادها. وتبين التجربة الناجحة فى غامبيا (انظر الإطار رقم 1) أن إدارة الموارد الطبيعية بالاعتماد على المجتمعات المحلية قد تكون بديلا واعدا للأساليب التقليدية لمكافحة الحرائق.

 

الإطار رقم 1:

الحراجة المجتمعية والوقاية من الحرائق و إخمادها في غامبيا

لم يكن النهج التقليدي للوقاية من الحرائق وإخمادها ناجحا بشكل عام فى كثير من البلدان النامية. ويمكن أن يعزى هذا الإخفاق إلى نقص الموارد اللازمة لتشغيل النظم الحكومية لمراقبة الحرائق. وفضلا عن هذا، فإن الأراضي والموارد الطبيعية فى معظم البلدان مملوكة للدولة، ولهذا لا يميل السكان المحليون إلى إلاستثمار في ادارة هذه الموارد، غير أن التجربة أظهرت أن موقف السكان يمكن أن يتغير إذا منحت الحكومات حقوق الملكية أو الاستخدام طويل الأجل لهذه الموارد.

وأدخلت غامبيا الحراجة المجتمعية على أساس تجريبي فى عام 1991 وبدأت تطبيقها على نطاق البلد فى عام 1994 1 ووافقت الحكومة تماما على نقل ملكية الغابات إلى المجتمعات المحلية الريفية بإصدار تشريع الغابات فى عام 11998 وقامت، فى دراسة حالة أخيرة عن ادارة حرائق الغابات من خلال مشاركة المجتمعات المحلية، بمقارنة مواقف القرويين الذين يشاركون فى إدارة الغابات ا لمجتمعية، بمواقف أولئك الذين لا يشاركون (FAO, 2000a)، وتبين الدراسة أن السكان بوجه عام يدركون جيدا الأضرار التي تسببها الحرائق، كما يدركون مدى اعتمادهم على الموارد الحرجية، ولم يكن نقص الوعي هو الذي يمنعهم من المشاركة فى مكافحة الحرائق البرية، ولكن نقص الحافز. وتبين الدراسة أن نشوب الحرائق انخفض بدرجة كبيرة فى تلك المنطقة من البلد التي بدأت فيها الحراجة المجتمعية. ففي هذه المنطقة، لم يتم الابلاغ إلا عن حريقين فقط منذ عام 1992- وأخمد الحريقان بنجاح بواسطة المجتمعات المحلية. وتشير الدراسة كذلك الى أن الإدارة المجتمعية تسهم فى التنفيذ الصارم للقوانين واللوائح المتعلقة بالوقاية من الحرائق، لأن الموارد تخضع لرقابة أكثر فعالية.

وكثير من البلدان ليست لديها سياسات أو استراتيجيات منتظمة لمكافحة الحرائق حتى يمكنها الرد بسرعة وبقوة لمكافحة نشوب الحرائق، وإن كان هذا الموقف بدأ يتغير. فالبلدان تضع الآن بشكل متزايد سياسات وممارسات لتحسين القدرات المؤسسية من أجل منع الحرائق والاستعداد لها ومكافحتها، فقد تعاونت وزارتا البيئة والزراعة فى المكسيك، على سبيل المثال، منذ موسم الحرائق المدمر عام 1998، معآ من أجل خفض التهديد الذي تشكله الحرائق الزراعية للغابات. وفي البرازيل، اتخذت تدابير لدعم برامج منع الحرائق بالتعاون مع الجمهور، ولتدريب المزارعين على الممارسات المحسنة للحرق الزراعي، وفى أوائل عام 2000، أنشئت إد ارة جديدة لعمليات حرائق الغابات والحرائق الزراعية ضمن وزارة الحراجة والمحاصيل الزراعية في إندونيسيا، لتعزيز قدرات مكافحة الحرائق فى هذا البلد.

واستهلت أيضا مبادرات حديثة لتشجيع التعاون الإقليمي الأفضل فى مجال مكافحة حرائق الغابات. فعلى سبيل المثال، بدأت في عام 1998 مبادرة جديدة لمكافحة حرائق الغابات فى دول البلطيق، شملت إعداد آليات للمساعدة المتبادلة فى حالات طوارئ الحرائق الضخمة. وانشئ فى تايلند مركز إدارة حرائق الغابات التابع لرابطة اقطار جنوب شرق آسيا، كنتيجة لحرائق عامي 1997-1998 . لتوفير التدريب والبحوث في مجال مكافحة الحرا ئق لأقطار الرابطة. واستهلت فترة العامين الماضيين بعدة مبادرات دولية تتعلق بزيادة الوعي بالحراثق البرية والوقاية منها والاستعداد لها ومكافحتها والرد عليها.

وهناك ثلاث مبادرات بارزة هي:

وبدأ صناع السياسات يدركون أن استمرار التركيز على الاستجابة لحالات الطوارئ لن يمنع نشوب حرائق كبيرة ومدمرة فى المستقبل. والمخرج من مصيدة الاستجابة لحالات الطوارئ هو أن يقترن التأهب للطوارئ وبرامج الاستجابة، بسياسات وممارسات لاستخدام الأرإضي بصورة أكثر استدامة. ويعد العمل بنشاط في اتجاه ممارسات الحراجة المستدامة جزءا هاما من الاستراتيجية المحسنة لصيانة الموارد الطبيعية وتقليل آثار حرائق الغابات.

عواصف الرياح فى أوروبا (3): اجتاحت العواصف العاتية أوروبا فى ديسمبر/ كانون الأول 1999، وضربت العاصفة الأولى الدانمرك والسويد يومي 3 و 4 ديسمبر/ كانون الأول، وهبت عاصفتان لاحقتان بين يومي 26 و 28 ديسمبر/ كانون الأول فى اتجاه الجنوب، وتركزتا على فرنسا وألمانيا وسويسرا. وقد تضررت هذه البلدان الخمسة بصورة خطيرة، غير أن بلدانا أخرى تعرضت لأضرار كبيرة. وفي هذه الأيام القليلة، الحقت العواصف اضرارا بالأراضي الحرجية وا قتلعت آلاف الأشجار الواقعة خارج الغابات، مخلفة وراءها منظرآ عامأ مختلفآ، وسقطت أشجار يقدر حجمها بنحو 193 مليون متر مكعب، وكان حصاد الريح فى بعض البلد ا ن يعادل حصاد عدة سنوات. ومثل الدمار فى جملته ستة أشهر من الحصاد المعتاد فى أوروبا، وكانت عواقب العواصف بالغة الأثر. فقد أضرت بمعيشة كثير من السكان، وألحقت أضرارا جسيمة بالغابات والصناعات القائمة عليها وأسواق الحاضر والمستقبل (أنظر "إنتاج واستهلاك المنتجات الحرجية" على الصفحة رقم 13).

وكانت الاستجابة للعواصف فى معظم الأماكن سريعة وفعالة. فقدمت حكومات كثيرة المساعدة لقطاع الغابات وقطاع الصناعات الحرجية لديها (أنظر الإطار رقم 2 عن وصف الحالة في فرنسا)، وشملت الاستجابات القطرية خفض قطع الأشجار فى الغابات التي لم يلحق بها الضرر" وبرامج لتخزين الأخشاب " والإعانات و اقروض لمصانع نشر إلأخشاب للاحتفاظ بمخزونات متزايدة؛ و تحويل المواد الى اسواق طاقة الوقود؛ وتمويلا لاعادة غرس الأشجار وإعادة فتح طرق الغابات، واتخاذ تدابير خاصة بالصحة النباتية، وحنتمد عمال الغابات والمعدات؛ والمساعدة فى عمليات النقل، بما فى ذلك نقل الأخشاب الى مصانع فى مناطق نائية وقدمت أيضا إعفاءات ضريبية لمالكي الغابات وكانت أموال الدعم والقروض ذات الفائدة المنخفضة متاحة لشراء الآلات واستئجار عمال الطوا رئ.

إن العواصف ليست غريبة على اوروبا- فقد هبت رياح عصفت باكثر من عشرين مليون متر مكعب من الأخشاب حوالي عشر مرات منذ أواثل الخمسينات- ولكن تلك العواصف التى هبت فى ديسمبر/ كانون الأول 1999 كانت الاكثر دمارا منذ عشرات السنين، ولا يستطيع المرء أن يقول ما إذا كانت العواصف أصبحت أكثر تكرارا أو أكثر عنفا فى الإقليم، ولكن تقريرا أعد للسلطات الفرنسية (Y. Birot, personal communication) يفيد بأن عدة عوامل قد أسهمت فى زيادة الأضرار التى تلحق بغابات فرنسا بمرور الوقت، من بينها:

 

الإطار رقم 2

أثر العواصف على الغابات في فرنسا

عبر إعصاران فرنسا من الغرب إلى الشرق فى 26 ديسمبر/ كانون الأول 1999، ثم في 27 و 28 من نفس الشهر. وبلغت سرعة الرياح ما بين 150 و 200 كيلومتر فى الساعة، وهي سرعات عالية بصورة غير عادية فى أوروبا، وكانت فرنسا قد شهدت أعاصير بنفس الدرجة من الشدة فى العقدين الماضيين- فى بريتاني ونورماندي فى عام 1987 ، والمنطقة الجبلية الوسطى فى عام 982 1، وشمال شرق فرنسا فى عام 1990 - ولكنها كلها كانت تغطي مساحة اصغر بكثير.

وفاقت الأضرار التي لحقت بالغابات الفرنسية الأضرار التي سببتها أي عاصفة أخرى في القرن الماضي. فقد إقتلعت أشجار، أو سقطت أو تحطمت، تعادل حصاد عامين. وبلغ حصاد الريح أكثر من ثلث جملة المخزون المتنامي فى بعض المقاطعات، وحدثت مصاعب مالية كبيرة لنسبة كبيرة من السكان تتكون من ثلاثة ملايين شخص يملكون غابات صغيرة أو متوسطة المساحة، بالإضافة إلى مجتمعات كثيرة تعتمد إعتمادا كبيرا على عائدات الغابات. وفي منتصف يناير/ كانون الثاني، بدأت حكومة فرنسا "خطة قطرية لحصاد الريح "، ركزت خلال العام الأول على تقديم الدعم- فى شكل إعانات وقروض ميسرة على سبيل المثال- لجمع الأخشاب وتخزينها ونقلها، لرفع أكبر قدر ممكن من الأخشاب من الغابات. وكان الهدف هو تيسير إعادة تجدد الغابات وخفض مخاطر الحرائق، والآفات الحشرية والأمراض.

ومع نهاية عام 2000, تمت إزالة نصف ما أسقطته الريح من الأشجار، معظمها من الغابات التي يسهل الوصول اليها وذات القيمة الكبيرة. وبيعت الأخشاب بأسعار لا تتجاوز 80 في المائة من قيمتها العادية، بل وبأقل من ذلك فى أغلب الأحيان. وخصصت إعانات حكومية بلغت قيمتها نحو 90 مليون يورو ( VV مليون دولار أمريكي) سنويا خلال الفترة 2000-2009 لمساعدة المجتمعات المحلية والملاك الأفراد على ازالة كساء الغابات وتجديدها.

وبعد هبوب العواصف، بحثت بلدان كثيرة عن الطرق لخفض الأضرار المحتملة للعواصف الشديدة في المستقبل، ففي فرنسا، على سبيل المثال، وضعت توصيات بشأن تدابير إنشاء الغابات وإدارتها لخفض تعرضها للخطر فى المستقبلا وتشمل التغيرات فى زراعة الغابات والعناية بها، التى نودي بها فى فرنسا وبلدان اخرى، ء زيادة إلاعتماد على التجدد الطبيعي وزيادة تنوع الأشجار، بما فى ذلك أشجار ا لأخشاب الصلدة. والجدير بالملاحظة أن هذه التدابير قد يكون لها بعض الآثار طويلة الأجل على التنوع البيولوجي للغابات فى أجزاء من أوروبا.

 

إدارة الموارد الحرجية وصيانتها وتنميتها بصورة مستدامة

تتركز الجهود فى جميع أنحاء العالم على تحقيق الإد ارة المستد امة للغابات، وهو نهج يوازن بين الأهداف الاجتماعية وإلاقتصادية وإلبيئية. وقد أدى هذا الى تغييرات فى السياسات والتشريعات الحرجية فى بلدان كثيرة، ففي هذا المجال، تحدث تغييرات فى أهداف الإدارة وممارساتها، وفي نطاق المشتركين فى تخطيط وإدارة الغابات، وأصبحت النهج الأوسع فى إدارة الغابات، مثل إدارة النظم الأيكولوجية وإدا رة المناظر العامة، أكثر قبولا على نطاق واسع، كما أصبحت توضع موضع التطبيق العملي، وتعترف هذه النهج بدينامية النظم الايكولوجية والاجتماعية، والحاجة إلى إدارة متوائمة، وأهمية صنع القرار التعاوني، ويجري التوسع فى تطوير استراتيجيات متكاملة لصيانة الغابات، بحيث تصبح صيانة الموارد الحرجية بشكل عام، والتنوع البيئي بشكل خاص، جزءا من نظم إدارة مناطق الغابات المحمية فى الداخل والخارج على السواء. (أنظر الجزء الثاني "صيانة التنوع البيولوجي للغابات: إدإرة المناطق المحمية").

 

الإطار رقم 3

التكنولوجيات الحيوية الحديثة و الغابات

تنقسم التكنولوجيات الحيوية الحديثة المستخدمة في الوقتالحاضر فى مجال الغابات إلى ثلاث فئات عامة:

وعلى المستوى الدولي، تشمل الجهود المبذولة لتشجيع الادارة المستدامة للغابات تطوير أدوات وآليات لتشجيع اتباع ممارسات الإدارة الأفضل. ويعد إصدار شهادات اعتماد المصدر للمنتجات الحرجية إحدى الآليات التي تعتمد على السوق والتي وضعت لتشجيع الإدارة المستدامة للغابات (أنظر "إصدار شهادات اعتماد المصدر للمنتجات الحرجية- آخر التطورات " على الصفحة رقم 19). ويرد فى الجزء الثالت المعنون "الحوار والمبادرات الدولية المعنية بالغابات "، وصف لعدد من الجهود الدولية الأخرى لدعم الإدارة المستدامة للغابات، كما وضعت معايير ومؤشرات للإدارة المستدامة للغابات كوسيلة لقياس التقدم المحرز نحو تحقيق الادارة المستدامة للغابات، وأنشئت غابات نموذجية وإيضاحية لبيان الإدارة المستدامة فى التطبيق العملي . ويعمل هدف عام 2000، الذي وضعته المنظمة الدولية للأخشاب الاستوائية، على تشجيع الإدارة المستدامة للغابات في بلدان تنتج وتستهلك هذه الأخشاب ويوجه إهتمام متزايد لمكافحة الأنشطة غير القانونية في قطاع الغابات، ولأول مرة يتم التصدي لقضية الفساد في الغابات بشكل علني فى المحافل الدولية ( أنظر الجزء الثاني " الأنشطة غير القانونية والفساد في قطاع الغابات "، لمزيد من التفاصيل).

وتركز المناقشة هنا على موضوعين متصلين بتنمية الموا رد الحرجية، هما التكنولوجيا الحيوية وإقامة المزارع الشجرية الحرجية، وموضوعين متصلين بإدارة الغابات وصيانتها، وهما اتباع ممارسات سليمة بيئيا لقطع الأخشاب، ووضع قيود على قطع الأخشاب. وبالإضافة إلى هذ!، نوقشت قضية تتعلق بإدارة وصيانة موارد الحياة البرية القائمة على الغابات: وهي مشكلة الصيد غير المستدام للحيوانات البرية، التي تتزايد خطورتها فى أجزاء من العالم. ولاستكمال هذا القسم، ترد في الجزء الثاني ("صيانة التنوع البيولوجي للغابات: إدارة المناطق المحمية")، مناقشة كاملة لقضايا رئيسية تتعلق بصيانة التنوع البيولوجي للغابات.

التكنولوجيا الحيوية فى قطاع الغابات

تشمل التكنولوجيا الحيوية طائفة واسعة من التقنيات العلمية التى تستخدم الكائنات الحية أو أجزاء منها لصنع مشجات أو تحويرها. وقد استخدمت التكنولوجيا الحيوية النباتية التقليدية- تربية النباتات- لآلاف السنين فى تحسين المحاصيل، أما استخدامها ف ي تربية وتحسين أشجار الغابات فقد بدأ منذ عهد قريب. وتستخدم التكنولوجيات الحيوية الآن بصورة شائعة فى تربنة واستنبات الأشجار، وفي تطبيقات التجهيز، مثل مكافحة التلوث وتفتيت المواد الخام.

وتعد التكنولوجيا الحيوية النباتية الحديثة من أسرع المجالات تقدما فى البحوث العلمية عن النباتات فى السنوات الاخيرة. فهي تنطوي على منافع كامنة- ومخاطر أيضا- بالنسبة للغابات. والتكنولوجيات الحيوية الحديثة المستخدمة فى الوقت الحاضر فى مجال الغابات تنقسم بشكل عام إلى تلاث فنات: التكنولوجيات الحيوية التى تقوم على الواسمات الجزيئية؛ والتكنولوجيات التى تحسن التكاثر الخضري. والتحوير الوراثي لأشجار الغابات (أنظر الاطار رقم 3).

ومع أن كثيرا من العوامل التقليدية للتكنولوجيا الحيوية وتطبيقاتها لا يثير الجدل، إلا أن الكائنات المحورة وراثيا أصبحت هدفا لنقاش مكثف، وفى بعض الاحيان، نقاش مشحون بالانفعال، ومع ا ن هذا الاهتمام تركز أساسا على قطاع المحاصيل، إلا أن النقاش بدأ يدخل الآن قطاع الغابات. وقد بدأ التفكير فى التحوير الوراثي كأنواع من أشجار الغابات، باستخدام تقنيات إعادة تركيب الدنا (DNA) ، من أجل التعامل مع صفات مثل مقاومة الفيروسات والحشرات, ومحتوى النسيج الخشبي، وتحمل مبيدات الأعشاب. وحقن جينات تنظم هذه الصفات في أنواع جديدة يعد مشروعا ضخما. والعامل المقيد الرئيسي فى الوقت الحاضر هو مستوى المعرفة المنخفض فيما يتعلق بالتحكم الجزيئي في الصفات. وهذا مهم بشكل خاص بالنسبة لتلك الصفات التى تنظمها مجموعة من الجينات كما هو الحال فى الخصائص الاكثر أهمية بالنسبة لغابات الإنتاج - مثل معدل النمو، والتكيف، ونوعية الجذوع والأخشاب.

وليست هناك أي معلومات عن إنتاج تجاري لأشجار غابات محورة وراتيا، مع أن هناك تقارير عن 116 تجربة ميدانية فى 17 بلدا تشمل 24 نوعا من الأشجار (Owusu,1999).ومن المسلم به أن جوانب السلامة الحيوية للأشجار المحورة وراثيا تحتاج إلى دراسة متائية، خاصة بسبب فترة النمو الطويلة للاشجارواحتمال تناثرحبوب اللقاح والبذورفوق مساحات كبيرة. ومع أن استخدام التكنولوجيات الحيوية الجديدة في قطاع الغابات يتيح فرصا مثيرة للاهتمام، خاصة بالنسبة للصيانة الوراثية وزيادة إنتاج الاخشاب والمنتجات الحرجية الاخرى، فإنه يلزم اتباع نهج حنر, يأخذ كل حالة على حدة عند إدراج هذه الأدوات الجديدة فى برامج الصيانة والاستنبات طويلة الاجل, فهناك حاجة إلى تقييم أوسع لقضايا جديدة بما فى ذلك قيمتها المضافة مقارنة باساليب ا لاستنبات التقليدية القائمة، وتكلفتها، ومستوى بناء القدرات والموارد المطلوبة لاستخدامها والإبقاء عليها، وأثرها المحتمل على صحة البشر والبيئة، والاعتبارات الرقابية والقانونية القائمة على المستويين القطري والدولي، وأذواق المستهلكين.

إقامة المزارع الشجرية الحرجية

تستطيع المزارع الشجرية الحرحية أن تؤدي عددا من الوظائف. فقد أنشنت في أماكن كثيرة من العالم لإحياء البينة ولصيانة التربة والمياه، وفى أماكن أخرى، كان إنتاج الأخشاب هو ا لهدف الأول، وتركز المناقشة التالية على المزارع الشجرية الحرجية لأغراض إنتاج الأخشاب (للحصول على معلومات عن مساحة هذه المزارع فى العالم لعام 2000 أنظر الجزء الثانى "حالة الغابات: التقدير العالمى للموارد الحرجية لعام 2000). فقد حظي دور المزارع الشجرية الحرجية فى الإدارة المستدامة للغابات باهتمام كبير (4). وأحد اسباب ذلك هو أنه من المتوقع تلبية الزيادات فى الطلب على الأخشاب فى المستقبل من هذه المزارع أساسا فهي تعتبر طريقة فعالة لإنتاج المنتجات الحرجية فى قاعدة أرضية محدودة نسبيا، ولذلك يرى الكثيرون أنها تسهم فى خفض إزالة الغابات وتدهور الغابات الطبيعية، غير أن هذه المزارع يمكن أن تكون لها آثار بيئية واجتماعية سلبية اذا خططت وأديرت بصورة سيئة، وإذا لم تؤخذ فى الاعتبار الاستخدامات الحالية للارإضي، ويتمثل هذا القلق فى المعارضة للمزارع الحرجية التى اظهرتها بعض الجماعات، وخاصة المنظمات غير الحكومية البيثية وجماعات المجتمع المدني.

 

(1) المادة المستخدمة في هذا القسم قدمها R.Mutch and J.Goldmmer. وقد جمعت هذه المادة من أجل " ا لتقرير الخاص عن حرائق الغابات "، الذي يجري إعداده في إطار التقدير العالمي للموارد الحرجية لعام 2000 الذي تقوم باعداده منظمة الأغذية والزراعة. وهذه الدراسة العالمية الجارى اعدادها، تقوم بجمع إحصاءإت وبيانات عن الحرائق حسب كل بلد. وسوف توفر أساسا لفهم حالة الحرائق العالمية في التسعينات .

(2) بيانات مؤقتة, لم تتأكد بعد.

(3) أغلب المعلومات إلواردة هنا مأخوذة من،/ UN-ECE FAO. 2000a and the UN-ECE Timber Section ، على العنوان التالي في شبكة ا لانترنت : www.unece.org/trade/timber/storm/storm.htm

(4) على سبيل المثال، اجتماع الخبراء الدوليين المعني بدور الغابات المغروسة فى الإدارة المستدامة للغابات، الذي اشتركت في رعايته حكومات شيلي والدانمرك والهند ونيوزيلندا وبولندا، وعقد في سنتياغو، بشيلي فى الفترة من 6 الى. ا أبريل/ نيسان 1999. وقد وفر هذا الاجتماع المدخلات للمحفل الحكومي الدولي اتلمعني بالغابات

لصفحة السابقةاعلى هذه الصفحةلصفحة المقبلة