لصفحة السابقةبيان المحتوياتلصفحة المقبلة

موجز تنفيذي

منذ عشر سنوات تقريبا، أعلن في ريو دي جانيرو بالبرازيل عن التزام دولي بالعمل صوب تحقيق الإدارة المستدامة لكافة أنواع الغابات وصيانتها وتنميتها، وكان ذلك في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية، وكان المؤتمر المذكور عاملا محفزا للنقاش والعمل بشأن الغابات، فأعاد تعريف أغرا ض إد ارة الغابات، ومن المستفيد منها" وصاغ رؤية جديدة للإدارة المستدامة للغابات، بالإضافة إلى تعزيز الالتزام بتنفيذها وممارستها؛ كما صاغ تحالفات جديدة غير تقليدية كوسيلة لتحقيق الأهداف المشتركة في القطاع الحرجي. ويسلط تقرير "حالة الغابات في العالم- 2001" الضوء على التطورات الهامة المرتبطة بالغابات، التي يرجع منشأ الكثير منها الى وقت انعقاد مؤتمر ريو، بل وإلى ما قبله، إضافة إلى تطورات أخرى مبعثها أحداث واتجاهات معاصرة اقتصادية واجتماعية وسياسية.

وإذا كان السبيل الى الإدارة المستدامة للغابات محفوفا بالتحديات، وتحقيق التقدم ليس بالسرعة التي قد يرجوها البعض، فإن ا لدرب يبدو جليا الآن، وأصبحنا نتقدم للأمام بالفعل صوب غايتنا.

الموارد الحرجية: الغطاء وحالته

تقدر مساحة الغابات في العالم بنحو3870 مليون هكتار، منها 95 في المائة غابات طبيعية وه في المائة مزارع شجرية حرجية. وتؤثر إزالة الغابات المدارية وتدهور الغابات في الكثير من أرجاء العالم، بصورة سلبية على توافر السلع والخدمات الحرجية، وفي حين أن مساحة الغابات في البلدان المتقدمة قد استقرت على نحو ما، بل وشهدت عموما زيادة طفيفة، تواصلت إزالة الغابات في البلدان النامية، وبلغت تقديرات التغيرات السنوية الصافية في مساحة الغابات في العالم خلال العقد الماضى (1990-2000) بمقدإر 4,9 مليون هكتار، وهى تمثل الفرق بين المعدل التقديرى السنوي لازإلة الغابات البالغ 6, 14 مليون هكتار والمعدل التقديرى السنوي للزيادة فى مساحة الغابات البالغ 2,ه مليون هكتار.

وأسباب تدهور الغابات متنوعة. البعض منها، مثل الإفراط في استغلال المنتجات الحرجية، يمكن تلافيه أو تقليله بفضل التخطيط والإدارة السليمين، في حين يمكنبفضل التخطيط والإدارة السليمين، في حين يمكن تخفيف وطأة تائير عوامل أخرى، مثل الكوإرث الطبيعية، عن طريق التخطيط للطوارئ ويناقش تقرير "حالة الغابات في العالم-2001 ” اثنين من أسباب دمار ا لغابات في الآونة الأخيرة: الحراثق الهائلة في كافة أرجاء العالم، وعواصف الرياح التي ضربت أوروبا في ديسمبر/ كانون الأول 1999 كما يناقش خطرا يتهدد الحياة البرية التي تضمها الغابات، ألا وهو الاستغلال ا لتجاري للحوم الحيوانات البرية.

وإذا كانت الحرإئق الهائلة خلال الفترة 1999- 2000 لم تكن واسعة النطاق أو مدمرة بذات القدر مثل حرائق الفترة 1997-1998، إلا أنه حدثت حرائق هائلة في كل من غرب الولايات المتحدة، واثيوبيا، وشرق البحر المتوسط، وإندونيسيا، وقد أدت الحرإئق خلال السنوات الأربع الماضية، إلى زيادة الوعي العام والاهتمام بالحراثق الهائلة، وحفزت استجابة السياسات القطرية، وكانت دافعا للمبادرات الاقليمية والدولية للوقاية من الحرائق والإنذار المبكر عنها ورصدها ومكافحتها، وأصبح هناك فهم أفضل الآن للروابط بين الحرائق وسياسات وممارسات استخدام الأراضي. وبدأت في الكثير من البلدان مشروعات مكافحة الحرائق القاثمة على المجتمعات المحلية، كما أعيد فى بعض البلدان تقييم سياسات الوقاية من الحرائق في النظم الايكولوجية المعتمدة على الحرائق.

سياسات الوقاية من الحرائق وأساليبها

لن يكون استمرار التركيز على الاستجابة للطوارئ حائلا دون حدوث الحرائق الكبيرة والمدمرة في المستقبل. والسبيل الى الخروج من شراك الاستجابة للطوارئ يكون في الجميع بين برامج التأهب والاستجابة للطوارئ و سياسات و ممارسات الاستخدام المستدام للأراضي.

وقد ألحقت العواصف التي ضربت أوروبا في ديسمبر/ كانون الأول 1999 دمارا هائلا بالغابات وبالأشجار خارج الغابات، مما أثر على نحو خطير على سبل معيشة الكثيرين، وسبب اختلالا في الصناعات الحرجية و الأسوق. وتمثل الأضر! ر! لكلية التي حاقت بأوروبا ما قيمته ستة أشهر من الحصاد العادي للإقليم، في حين أسقطت الرياح ما يعادل حصاد سنوات عديدة في بعض البلدان. وبادرت الحكومات الى العمل بصورة سريعة وفعالة لتقليل التأثيرات السلبية البيئية والاقتصادية وإلاجتماعية. وأقترح في بلدان كثيرة إجراء تغييرات في إنشاء الغابات وتدابير ادارتها، سعيا إلى تقليل احتمالات مخاطر الأضرار إلتي تسببها العوإصف في المستقبل.

وبات استنزاف الحياة إلبرية التي تضمها الغابات، من جراء الاستغلال التجاري للحوم الحيوانات البرية مبعث قلق متزايد، فالتجارة الجائرة في هذه اللحوم، هي مشكلة خطيرة في الكثير من الأقاليم، بل وبلغت أبعاد الأزمة في أجزاء من افريقيا المدارية، حيث يتهدد الخطر، من بين ما يتهدد، أنواعا كثيرة من الرئيسات والظبيان. وتتصدى لمعالجة هذه المشكلة العسيرة مبادرات قامت بها المنظمات غير الحكومية والحكومات، كما عالجتها على المستوى الدولي اتفاقية التجارة الدولية بالأنواع الحيوانية والنباتية البرية المعرضة للخطر.

إدارة الموارد الحرجية وصيانتها وتنميتها المستدامة

يبرز تقرير "حالة الغابات في العالم- 2001" بعضا من التدابير الفنية، وتدابير السياسات والمؤسسات، التي أتخذت مؤخرا لتحسين إدارة الغابات وصيانتها، ويعكس الاتجاه صوب إيجاد التوازن بين الأهداف الاجتماعية، والاقتصادية، والبيئية. وتشمل هذه التدابير الجهود الرامية إلى تخفيض حصاد الأخشاب من الغابات الطبيعية، واستنباط مصادر بديلة للأخشاب الصناعية، وتحسين ممارسات الاستغلال، وتقليل الأنشطة الحرجية غير القانونية، وزيادة إدارة الغابات القائمة على المجتمعات المحلية.

وهناك اتجاه عالمي صوب مزيد من الاعتماد علىالمزارع الشجرية الحرجية كمصدر للأخشاب الصناعية وتاريخ اقامة المزارع الشجرية الحرجية الكبيرة على النطاق العالمي، هو تاريخ حديث، إذ أن نسبة النصف من جميع هذه المزارع في العالم لا يتجاوز عمرها 15 عاما وكان لآسيا فضل الريادة في مضمار إنشاء هذه المزارع على الصعيد العالمي؛ ففى عام 2000 كان نحو 62 في ا لمائة من جميع المزارع الشجرية الحرجية يوجد في هذا الإقليم. ومن بين التطورإت الهامة الأخرى: زيادة استثمارات القطاع الخاص في المزارع الشجرية الحرجية في البلدان النامية؛ وزيادة الاستثمارات الأجنبية في هذه المزإرع، والتوسع في مشروعات التعاقد مع المتعهدين، وهي ترتيبات تقوم بموجبها المجتمعات المحلية، أو أصحاب الحيازات الصغيرة، بإنتاج الأشجار لبيعها لشركات القطاع الخاص.

وأستخدمت التكنولوجيات الحيوية إلتقليدية بفعالية، منذ امد بعيد، في زيادة إنتاجية المزارع الشجرية الحرجية او في حين أن الكثير من تطبيقات التكنولوجيا الحيوية في الحرإجة لا خلاف عليها، فإن القطاع الحرجي دخل الآن الى حلبة النقاش الجارية بشأن إستخدام الكائنات المحورة وراثيا. وشملت الدراسة التحوير الوراثي لأنواع أشجار الغابات فيما يتعلق ببعض الصفات، مثل مقاومة الفيروسات والآفات وتقليل محتوى اللجنين وتحمل المبيدات، ولا تورد التقارير اي ذكر للإنتاج التجاري من أشجار الغابات المحورة وراثيا، وإن تكن هناك بعض التجارب الحقلية الجارية في العديد من البلدان، ويتيح تطبيق التكنولوجيات الحيوية الجديدة فرصا محتملة، لكن لابد من توخي الحرص عند استخدامها في برامج الصيانة والتربية طويلة الأجل، وفي المزارع الشجرية الحرجية. ويناقش تقرير "حالة الغابات في العالم- 2001" منهجين حديثي العهد، ومختلفين غاية الاختلاف، لتحسين ادإرة الغابات في إطار الإنتاج الحرجي: تبني ممارسات سليمة بيئيا لاستغلال الغابات- او تقليل تأتير قطع الأشجار- وتقييد أو حظر قطع الأشجار. وأسلوب تقليل تائتر قطع الأشجار أثبت مزاياه البيئية مقارنة مع الطرق التقليدية لقطع الأشجار، وتشير بعض الشواهد على أن تكاليف التشغيل العالية لأسلوب تقليل تأتير قطع الأشجار تقابلها مكاسب مالية موازية، وعلى الرغم من هذه النتائج الواعدة، فإن أسلوب تقليل تأتير قطع الأشجار لا يمارس بعد على نطاق واسع. ويتوقف تبني هذا الأسلوب على نطاق واسع، على اثبات جدواه الما لية في ظل طائفة واسعة من الظروف، وت أ كيد إمكانية مالك الغابة و/ أو المدير على تحقيق هذه المكاسب.

ولقد فرض الكثير من البلدان، في الآونة الأخيرة، حظرا أو قيودا على استغلال الأخشاب، سواء كمحاولة لصيانة مواردها من الغابات، أو كرد فعل على الكوارث الطبيعية المدمرة (مثل الانهيارات ا لأرضية والسيول) التي تعزى، خطأ أو صوا با، إلى الإفراط في العمليات التجارية لقطع الأشجار وتفاوتت النتائج التي أسفرت عنها هذه القيود وهذا الحظر. ففي بعض البلدان، ساهمت هذه القيود وهذا الحظر في صيانة الغابات الطبيعية. وكانت لها، في بلدان أخرى، تأثيرات سلبية على القطاع الحرجي وعلى المجتمعات المحلية، أو أنها أدت ببساطة إلى نقل مشكلة الإفراط في استغلال الغابات الى بلدان أخرى. وتشير الخبرة، حتى الآن إلى أن هناك بعض الشروط الأساسية التي تعد ضرورية لضمان النجاح مثل: تحديد أهداف واضحة قائمة على فهم أسباب تدهور الغابات، ووضع سياسات ملائمة، ووجود ارادة سياسية قوية، وتوافر موارد كافية لتغطية ما تنطوي عليه من تكاليف في الأجلين القصير والمتوسط.

وقد حظيت القضايا المؤسسية وإلإشرإفية باهتمام متزايد، لاسيما وأن التدابير الفنية وحدها أثبتت أنها غير كافية لتحقيق الإدارة المستدامة للغابات. ويركز تقرير "حالة الغابات في العالم- 2001"، على اثنتين من هذه القضايا: الأنشطة الحرجيه غير القانونية، وإدارة الغابات القائمة على المجتمعات المحلية.

وهناك وعي متزايد بمدى انتشار الأنشطة الحرجية غير القانونية على نطاق العالم، بما في ذلك الفساد، وبما تنطوي عليه من تكاليف مالية وبيئية واجتماعية باهظة . فالفساد، الذي كان إلى عهد قريب جدا موضوعا محظورا، يناقش الآن بصورة علنية في المنتديات الدولية الرئيسية، وتعمل على معالجته بنشاط الحكومات، والمنظمات غير الحكومية، والقطاع الخاص، والمنظمات الدولية. ومن العناصر المستخدمة في المعركة ضد الجريمة والفساد، تعزيز نظم الرصد والتنفيذ، وزيادة شفافية اتخاذ القرارات، وتبسيط القوانين، وتطبيق العقوبات الرادعة. ولقد كرست بعض الحكومات، بدعم من المنظمات غير الحكومية والمؤسدسات الواعية في القطاع الخاص، جهودا هامة لأجل مكافحة الأنشطة غير القانونية والفساد في قطاع الغابات.

وأصبحت الآن مشاركة المجتمعات المحلية في إدارة الغابات، سمة هامة من سمات السياسات والبرامج القطرية الحرجية في جميع أنحاء العالم. ويشهد حاليا الكثير من أجهزة الغابات القطرية عمليات لتطبيق الادارة اللامركزية وإعادة الهيكلة وتقليص الحجم، وإن تكن النتائج التي أسفرت عنها هذه العمليات متباينة. وفي ضوء ما تواجهه الحكومات من نقص الموارد المالية والبشرية، فإنها اتجهت بصورة متزايدة إلى إلاعتماد على المجتمعات المحلية لتعينها على حماية وإدارة الغابات المملوكة للدولة. ويسلط تقرير "حالة الغابات في العالم-2001 "الضوء على بعض من معالم الإدارة القائمة على المجتمعات المحلية، مقارنا بين الأساليب المستخدمة في جنوب آسيا والأساليب التي ظهرت مؤخرا في أفريقيا.

السلع والخدمات الحرجية

تعتبر الحاجة الى التوفيق بين الطلبات المتضاربة لأصحاب الشأن المختلفين، على الكثير من السلع والخدمات التي توفرها الغابات، من أكبر التحديات التي تواجه قطاع الغابات، ويركز تقرير "حالة الغابات في العالم- 2001" على منتج حرجي واحد، هو الأخشاب الصناعية، وخدمتين بيئيتين، هما بالتحديد: تخفيف حدة تغير المناخ، وصيان ة التنوع لبيولوجي.

وتميزت السنتان الماضيتان بانتعاش طيب عموما في الطلب العالمي على الأخشاب الصناعية، بعد تراجعه الشديد خلال الفترة 1997 - 1998 نتيجة الأزمة الاقتصادية الآسيوية. وعلى الرغم من الاختلالات التي تسببت فيها هذه الأزمة، إلا أن تاتيراتها كانت اقل حدة وأقصر عمرا مما كان متوقعا. غير أن إنتاج الأخشاب المدارية بقي دون مستوياته السابقة، كما واجهت بعض البلدان الآسيوية صعوبات مستمرة، أما التجارة، التي انخفضت خلال 1997-1998، فقد انتعشت إلى حد كبير خلال الفترة 999 ا-. 2000، وإن تكن مستويات ارتفاع الأسعار متفاوتة تبعا لنوعية الانتاج، وكان أحد التطورات الجديدة، تصاعد أهمية الصين كواحدة من المستهلكين الرئيسيين للأخشاب، وحدوث زيادة هائلة في وارداتها من الأخشاب في السنوات الأخيرة مردها، جزئيا، إلى القيود التي فرضتها على استغلال الغابات الطبيعية، وترتبت عن ذلك تأنيرات هامة على الإنتاج وعلى تدفقات التجارة داخل إقليم آسيا وخارجه.

وتواصلت عدة إتجاهات في مضمار التجارة، مثل زيادة نسبة صادرات المنتجات الخشبية من إجمالي الإنتاج، وزيادة التصنيع القطري الداخلي، وزيادة حجم التجارة فيما بين البلدان النامية (خاصة في آسيا)، وتحرير التجارة على المستوى العالمي، بالرغم من قيود التصدير التي فرضتها بعض البلدان. واكتسب إصدار شهادات اعتماد المصدر للمنتجات الحرجية- وإن ظل موضع خلاف إلى حد ما- قبولا كبيرا. وجاء الاهتمام الكبير من أهم البلدان المستوردة (أي أوروبا الغربية والولايات المتحدة)، ومن البلدان المصدرة التي توجد أسواق صادراتها الرئيسية في هذه المناطق. ويتواصل توسيع مساحات الغابات المعتمدة، حيث تقدر الآن بزهاء 90 مليون هكتار. ومع ذلك، فإن هذا الرقم لا يمثل سوى نحو 2 في المائة فحسب من مساحة الغابات في العالم، والأهم من ذلك ان معظم الغابات المعتمدة توجد في عدد محدود من بلدان المناطق المعتدلة، وليس في البلدان المدارية حيث القلق على أشده إزاء أساليب الاستغلال ا لجائر للأخشاب.

وتشمل التطورات في الآونة الأخيرة، مزيدا من التوسع في الخطط القطرية لإصدار شهادات اعتماد المصدر، والاعتراف المتبادل بعمليات إصدار هذه الشهادات، وتفضيل سلاسل تجارة التجزئة الكبرى في اوروبا والولايات المتحدة، ومختلف فئات المشترين، للمنتجات الخشبية المعتمدة بشهادات، إضافة إلى إصدار الشهادإت لبعض منتجات اللب والورق والمنتجات الحرجية غير الخشبية.

وتواصل الصناعات الحرجية تأقلمها مع التغيرات التي تطرأ على المواد الخام، وبالتحديد زيادة إلإمدادات من المزارع الشجرية للأخشاب ومن طائفة واسعة من الانواع وأعطت هذه الاتجاهات قوة دفع لإنتاج المنتجات الخشبية المحورة وراثيا (وعلى الأخص في أوروبا والولايات المتحدة)، التي استحوذت على جزء من سوق الأخشاب الرقائقية من البلدان المدارية. وقد أدى تناقص الإمدادات المتاحة من المواد الخام المستمدة من الغابات، إلى ظهور طرق مبتكرة لزيادة إمدادات الأخشاب والاستفادة بقدر أكبر من المخلفات والنفايات.

وأدت المفاوضات التي جرت مؤخرا بشأن بروتوكول كيوتو لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، الى تسليط اهتمام بالغ على الغابات في سياق تغير المناخ. فالغابات تؤثر على تغير المناخ وتتأثر به في آن واحد، فهي تقوم بدور هام في دورة الكربون العالمية، ومن شأن إدارتها أو تدميرها أن يؤثران على نحو كبير في مسار الاحترار العالمي في القرن الحادي والعشرين. وإذا ما تحققت التنبؤات بشأن تغير المناخ، فإن تائتراتها على الغابات ستكون عميقة وطويلة الأجل ا فالغابات تستطيع ان تساهم في تخفيض معدلات الانبعاث، وفي تخزين الكربون وامتصاصه . ومن شأن بروتوكول كيوتو، في حالة التصديق عليه، أن يؤثر بصورة عميقة على القطاع الحرجي، رهنا بالأنشطة الحرجية باعتبارها تدابير صالحة لتخفيف حدة تغير المناخ، وبالقواعد والمعايير المطبقة.

وقد أصبحت صيانة التنوع البيولوجي، خلال العشرين عاما الماضية، سمة من سمات السياسات والتخطيط القطري في مجال الغابات في كافة أرجاء العالم، وقضية كبرى على جدول الأعمال الدولي، ومكونا هاما للمساعدات الإنمائية، ومحور الكثير من الأنشطة التي تدعمها المنظمات غير الحكومية، وتعتبر المناطق المحمية، منذ فترة طويلة، حجر الزاوية في صيانة التنوع البيولوجي. ويقدر أن المناطق المحمية تغطى نحو 12 في المائة من غابات العالم. وتشمل التحولات الرئيسية، التي استجدت على إدارة المناطق المحمية، الجهود الرامية إلى دمج الصيانة وإحتياجات التنمية، والصيانة القائمة على المجتمعات المحلية، وزيادة التركيز على إدارة لنظم الايكولوجية، واتباع المنهج البيولوجي الإقليمي، الذي ينظر بموجبه إلى المناطق المحمية ضمن سياق جغرافي واسع، وفي إطار أعم لاستخدام الأراضي.

الإطار المؤسسي لقطاع الغابات

يقوم معظم البلدان الآن بتنفيذ برامج قطرية للغابات، وهي عملية تخطيط متكررة للقطاع الحرجي تفضي الى وضع إطار شامل للسياسات الحرجية. وساهم ذلك، في أماكن كثيرة، في مراجعة السياسات والتشريعات الحرجية، وزيادة مشاركة أصحاب الشأن في عمليات التخطيط واتخاذ القرارإت المتعلقة بالغابات. بيد أن المعوقات التي تحول دون تنفيذ البرامج القطرية للغابات، تؤكد، ضمن ما تؤكده، ضرورة زيادة الموارد المالية، وإد ا رة النزاعات، وتعزيز القدرات المؤسسية و البشرية. وهناك تحولان رئيسيان، وإن بديا متعارضين، يؤثران على القطاع الحرجي من بين القطاعات الأخرى: العولمة من جهة، واللامركزية من الجهة الثانية. فإد ارة الغابات تتأتر حاليا بحرية تنقل الأيدي العاملة، وتدفقات رأس المال والسلع والمعلومات فيما بين البلدان، وكذلك بالترتيبات المؤسسية التعددية بقدر أكبر، وبنقل المسؤوليات الى المستوى المحلي، وتبني العمليات القائمة على المشاركة داخل البلدان وتجري إعادة ترتيب أدوار ومسؤوليات الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني، بينما تمر العلاقات بينهم بمرحلة تغير.

وأصبحت المنظمات غير الحكومية وفئات المجتمع المدني الأخرى تعمل بنشاط متزايد في مناصرة القضايا المرتبطة بالقطاع الحرجي، والعمل القانوني وإدارة الموارد الطبيعية، وأضحت المنظمات غير الحكومية أصواتا هامة في المناقشات الدولية.

ويشهد القطاع الخاص تغيرات هيكلية ووظيفية على حد سواء. فالشركات الكبرى زادت كبرا واتجهت نحو مزيد من الدمج الرأسي أو الأفقي، وأصبحت الشركات التجارية الخاصة، تملك، او تسيطر، على مساحات حرجية كبيرة في جميع أنحاء العالم، وتخلت الحكومات بصورة متزايدة عن مسؤوليات الكثير من الأنشطة، سواء من خلال خصخصة المشروعات التجارية المملوكة للدولة، أو عن طريق تغيير اتفاقات إلامتيازات. وتبنت بعض الشركات بصورة طوعية وسباقة الممارسات المقبولة من الناحيتين البيئية و الاجتماعية. وتتعاون الشركات أكثر فأكثر فيما بينها، ومع المجتمعات المحلية ومجموعات أنصار البيئة، في الأنشطة المرتبطة بالإدا رة المستدامة للغابات.

الحوار الدولي والمبادرات العالمية والإقليمية

كان هناك انقسام شديد فيما بين البلدان بشأن قضايا الغابات في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيثة والتنمية، وسعيا إلى التقدم لأبعد من الاتفاقات التي أبرمت في هذ! المؤتمر، تواصلت المداولات الحكومية الدولية، بداية في إطار الفريق الحكومي الدولي للغابات، خلال الفترة من 1995 إلى 1997 ، ومن بعدها في إطار المحفل الحكومي الدولي المعني بالغابات في الفترة من 1997 إلى 2000. ووافقت البلدان، في أكتوبر/ تشرين الأول 2000، على ترتيبات دولية بشأن الغابات، بما فيها إنشاء محفل الأمم المتحدة للغابات. وتنصب اختصاصات محفل الأمم المتحدة للغابات على تدعيم الادارة والصيانة والتنمية المستدإمة لجميع أنواع الغابات، وتعزيز الالتزام ا لسياسي على المدى الطويل، وتشجيع تنفيذ مقترحات العمل التي وافق عليها كل من الفريق الحكومي الدولي للغابات والمحفل الحكومي الدولي المعني بالغابات.

وشهدت السنوإت القليلة الماضية مزيدا من التقدم في تنفيذ ثلاث إتفاقيات ابرمت في ريو- اتفاقية التنوع البيولوجي، وإتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، وإتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وتعززت الروابط بين هذه الاتفاقيات وعمليتي الفريق الحكومي الدولي للغابات والمحفل الحكومي الدولي المعني بالغابات، والاتفاقيات والاتفاقات الموجودة من قبل (اتفاقية التجارة الدولية بالأنواع الحيوانية و النباتية البرية المعرضة للخطر، واتفاقية ر ا مسار بشأن الأراضي الرطبة، والاتفاقية الدولية للأخشاب الاستوائية).

ويتواصل الاتجاه الذي شهدته السنوات الأخيرة في شكل مزيد من التعاون الإقليمي في مجال الغابات. ويتضمن تقرير "حالة الغابات في العالم- 2001 " تقريرا عن المبادرات الإقليمية الحكومية الدولية المتعلقة بالغابات في كل من وسط أفريقيا، وأفريقيا الجنوبية، وأمريكا الوسطى، وحوض الأمازون، وآسيا وأوروبا. كما يزداد التعاون، علاوة على ذلك، على المستوى الايكولوجي الإقليمي؛ وأوضح أمثلته المبادرات الهامة بشأن البلدان ذات الغطاء الحرجي المحدود والغابات الجبلية (وعلى الأخص ضمن إطار السنة الدولية للجبال عام 2002)، ويتحقق هذا التعاون كذلك على الصعيد الفني، مثل التعاون الإقليمي بشأن الحرائق الهائلة.

ويدعم عدد من المبادرات الإقليمية والعالمية جهود البلدان في مجال الإدارة المستدامة للغابات. ولقد ساعد وضع معايير ومؤشرات الإدارة المستدامة للغابات، في التوصل إلى تحديد أفضل للإدارة المستدامة للغابات، وفي قياس ما أنجز من تقدم صوب تحقيقها. وتساعد برامج الغابات النموذجية والغابات الايضاحية، التي يجري تنفيذها في معظم أقاليم العالم، على تطبيق الإدارة المستدامة للغابات في الواقع العملي.

كما دعمت برامج وكالات المساعدة الإنمائية الدولية جهود التخطيط الحرجي وبناء القدرات القطرية، بصورة متزايدة خلال العقد الماضي، وشجعت على تبني الأساليب القائمة على المشاركة، والإدارة ذات المرتكزات المحلية، والمساواة بين الجنسين والاستجابة لقضايا الجنسين. ومن شأن التحول الذي طرأ مؤخرا على محور تركيز هذه الوكالات، لينصب على تخفيف وطاة الفقر، وسبل المعيشة ا لمستدامة، والأمن الغذائي، أن يشجع على زيادة ا لتركيز على الأهداف الاجتماعية لإد ارة الغابات.

الاستنتاج

لقد كانت فترة التسعينات فترة مؤثرة في تحديد رؤية عالمية مشتركة لمستقبل الغابات ولعلاقاتها بحياة الناس، وفي السعي نحو التوصل إلى اتفاقيات بشأن كيفية التقدم صوب هذه الرؤية، واستحداث التكنولوجيات والأدوات لتيسير هذا الأمر، وتوضيح ما يرتبط بها من تكاليف ومزإيا. ولئن كان الأساس قد وضع، فإن تحقيق رؤية الادارة المستدامة لغابات العالم وصيانتها وتنميتها هو رهن بعدة أمور، مثل القدرة على توفير التمويل، والتقاسم المتكافئ لتكاليف ومنافع الإدارة المستدامة للغابات، وتعزيز الالتزام السياسي واستمراره، وترجمة الالتزام السياسي الى عمل فعال على أرض الواقع.

لصفحة السابقةاعلى هذه الصفحةلصفحة المقبلة