الصفحة السابقةالمحتوياتالصفحة التالية

 

نحو الوفاء بالتزامات مؤتمر القمة العالمي للأغذية

التصدي لعوامل الخطر المشتركة بين المنازعات وانعدام الأمن الغذائي

تعتبر المنازعات من أكثر أسباب انعدام الأمن الغذائي شيوعا. إذ أن تشريد الناس وتعطل كل من الإنتاج الزراعي وتوزيع الأغذية يتركان عشرات الملايين من الناس يواجهون خطر الجوع والمجاعة. وكانت الحروب والصراعات المدنية هي الأسباب الرئيسية لمعاناة 15 بلدا من بين 44 بلدا واجهت طوارئ غذائية استثنائية خلال عام 2001 والربع الأول من عام 2002. وعلى الجانب الآخر، فإن انعدام الأمن الغذائي قد يؤدي إلى حدوث المنازعات أو تفاقمها، وبخاصة عندما تضاف إليها صدمات وضغوط أخرى. وتفضي العلاقة بين انعدام الأمن الغذائي والمنازعات إلى آثار حرجة على الأمن الغذائي وبرامج منع حدوث المنازعات على السواء.

 

المنازعات كسبب من أسباب انعدام الأمن الغذائي

يعتبر تشريد الناس من أهم الآثار المباشرة للمنازعات على الأمن الغذائي. وفي عام 2001 كان هناك أكثر من 12 مليون لاجئ و 25 مليون من المشردين داخليا، وعدد غير معروف من الناس الذين وقعوا في شراك مناطق القتال. ويحتاج هؤلاء الناس إلى مساعدة غذائية مؤقتة لحين العودة إلى ديارهم وحقولهم أو العثور على مصدر جديد للعيش. وكانت نسبة اللاجئين والمشردين داخليا والعائدين أكثر من 35 في المائة من الذين حصلوا على معونات غذائية من برنامج الأغذية العالمي في عام 2000.

كما أن المنازعات هي أحد الأسباب الرئيسية لانعدام الأمن الغذائي الهيكلي. وغالبا ما تمنع المنازعات المسلحة المزارعين من إنتاج الأغذية، كما أنها تقطع سبل الوصول إلى الغذاء بسبب تعطل أعمال النقل والتجارة والأسواق. وطبقا لبيانات منظمة الأغذية والزراعة، أدت المنازعات في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى إلى خسائر في الإنتاج الزراعي تبلغ قيمتها 52 مليار دولار تقريبا خلال الفترة من 1970 إلى 1997، وهو رقم يعادل 75 في المائة من المساعدات الإنمائية الرسمية التي تلقتها البلدان المتضررة من المنازعات ه وبالنسبة لجميع البلدان النامية، تقدر الخسائر في الإنتاج الزراعي بنحو 4.3 مليار دولار سنويا في المتوسط - وهو مبلغ كان يكفى لزيادة المتحصل من الأغذية لنحو 330 مليون من ناقصي الأغذية إلى أدنى المستويات المطلوبة.

وقد أدت المنازعات التي ترتبط غالبا بالجفاف، إلى حدوث ست من بين سبع مجاعات أفريقية كبرى منذ 1980. إذ أن الإنذار المبكر والاستجابة عادة ما يمنعان حدوث المجاعة عندما يكون سببها الجفاف والكوارث الطبيعية الأخرى. ولكن الحالة لا تكون كذلك في مناطق الحروب، حيث أن نقص الأمن وتعطل النقل والشبكات الاجتماعية يحول دون تسليم معونات الإغاثة.

 

 

عوامل الخطر الكامنة في انعدام الأمن الغذائي والمنازعات

في الوقت الذي يمكن فيه تحديد وقياس أثر المنازعات على الأمن الغذائي، تشير الدلائل الآن إلى أن الطريقة التي يساهم بها انعدام الأمن الغذائي في نشوء المنازعات هي طريقة غير مباشرة. وما يمكن تسجيله هو أن انعدام الأمن الغذائي والمنازعات إنما يتواجدان في نفس المكان (أنظر الرسم البياني) وأنهما معا يمثلان آثارا لمجموعة مشتركة من عوامل الخطر (أنظر الرسم).

ويقول بعض المحللين إن التخلف والفقر يرتبطان ارتباطا وثيقا بانعدام الأمن الغذائي، مما يجعل البلدان أكثر ميلا للمنازعات. وفي معرض تقديم الدليل على ذلك، يشيرون إلى أن 80 في المائة من الحروب والصراعات المدنية قد وقعت في بلدان تندرج في النصف السفلي من دليل الأمم المتحدة للتنمية البشرية (أنظر الخريطة).

ويقول آخرون إن التدابير الموضوعية ضد الضيم الاجتماعي مثل انعدام المساواة وعدم وجود الديمقراطية والانقسامات العرقية والدينية ليس لها أثر منهجي على مخاطر حدوث المنازعات. وتنتهي إحدى الدراسات التحليلية للحروب الأهلية خلال الفترة من 1965 إلى 1999 إلى أن مخاطر حدوث المنازعات ترتبط أساسا باعتقاد الثوار بأنهم يستطيعون تحقيق استفادة جيدة من الحرب.

ولا يزال آخرون يؤكدون بأن الخسارة السريعة للأرواح هي القاسم الرئيسي المشترك في كثير من الحروب الداخلية الأخيرة. والشباب الذي خاب أمله وأحس بالإحباط ولم يتمكن من تحقيق حياة معيشية مثل التي حققتها الأجيال السابقة، يصبح صيدا سهلا ورخيصا لتجار الحروب الذين يقومون بتجنيد هؤلاء الشباب.

وهناك عامل آخر يساهم في حدوث المنازعات وانعدام الأمن الغذائي ألا وهو فقر البيئة. إذ أن تدهور التربة، ونضوب الموارد الطبيعية، وعدم العدالة في التوزيع، والضغط السكاني هي عوامل تشعل المنافسة على الموارد الشحيحة وبخاصة الأراضي والمياه. وقد تدفع زيادة المنافسة المزارعين إلى التخلي عن الأساليب المستدامة واستغلال الأراضي الهامشية في محاولة يائسة للحصول على الدخل وتوفير الطعام لأسرهم. وعندما تصل هذه العملية إلى الفقر المدقع، والهجرة على نطاق واسع، والشروخ الاجتماعية الحادة، وضعف المؤسسات تصبح هذه البيئة التي نضبت مواردها وما ترتب على ذلك من انعدام الأمن الغذائي أرضا خصبة للمنازعات.

 

المخاطر المشتركة تحتاج إلى جهود منسقة

تتفاقم حالة انعدام الأمن الغذائي والمنازعات بسبب مجموعة مشتركة من عوامل الخطر التي قد تزيد الوضع تعقيدا. وإذا ما توافرت الرغبة في تخفيض حالة الجوع المرتبطة بالحروب، وعدم استهلاك المعونة الإنمائية في المنازعات، وعدم تحويل الأغذية في غفلة إلى عامل من عوامل إشعال المنازعات، فإنه يلزم بذل جهد منسق لمنع حدوث المنازعات كجزء لا يتجزأ من الأمن الغذائي والسياسات والبرامج الزراعية في المناطق المهيأة لوقوع المنازعات بها.

وهكذا، يتبين أن تقدير عوامل الخطر المشتركة بين انعدام الأمن الغذائي والمنازعات والتصدي لها، إلى جانب بحث كيفية العيش في المناطق المعرضة للمنازعات، يفضى إلى آلية لمنع المنازعات وتخفيض حالات الجوع على السواء.

 

الصفحة السابقةاعلى هذه الصفحةالصفحة التالية