الصفحة السابقةالمحتوياتالصفحة المقبلة

نحو فرص أكثر انصافا للحصول على الأغذية

يعتبر نقص الوسائل الإقتصادية في الحصول على الأغذية من الأسباب الرئيسية لحرمان السكان الفقراء وخاصة في المراكز الحضرية، وإن كان ذلك ينطبق أيضا على المناطق الريفية التي تندر فيها الأراضى. فهل حقق العالم تقدما في تحسين فرص الحصول على الأغذية والحد من الفجوة القائمة بين الأغنياء الذين يتمتعون بوفرة الأغذية وتنوعها وبين الفقراء الذين لا يحصلون إلا على الفتات؟

ففي خلال العقود الثلاثة الماضية، زاد الإنتاج الغذائي العالمي بوتيرة أسرع من زيادة عدد السكان. وفي الفترة ما بين 1969-971 1 و 997 1-999 1، زاد نصيب الفرد من الكميات المتوافرة من الأغذية من 2410 سعرات إلى 2800 سعر حراري يوميا في العالم ككل ومن 2110 سعرات إلى 2680 سعرا حراريا يوميا في البلدان النامية. وقد أدى هذا النمو الملحوظ في الكميات المتوافرة من الأغذية التي تحققت في البلدان النامية إلى خفض نسبة ناقصي الأغذية بأكثر من النصف من بين مجموع السكان حيث انخفضت هذه النسبة من 37 في المائة في 1969-1971 إلى 17 في المائة في 1997-1999غير أن ذلك لم يكن كافيا لخفض الأعداد المطلقة لناقصي الأغذية والمقدرة بنحو 956 مليون نسمة في 1969-1971 بمقدار النصف، إذ أن هذا الرقم ظل مرتفعا، في حدود 777 مليون نسمة، في 1997-1999 حسب أحدث تقديرات المنظمة عن متوسط السنوات الثلاث.

من هنا، ينبغي أن يستمر الإنتاج الغذائي العالمي في الزيادة حتى يمكن تحقيق هدف مؤتمر القمة العالمي للأغذية لعام 1996 والرامى إلى خفض أعداد ناقصي الأغذية بمقدار النصف بحلول عام 2015. ومن الناحية النظرية، فإن زيادة بسيطة في الإنتاج تكفي لبلوغ هذا الهدف إذا ما ترافقت مع فرص الحصول على الأغذية بصورة أكثر إنصافا. ويمكن تحقيق ذلك من خلال إعادة توزيع الأغذية ذاتها، ووسائل إنتاجها أو توفير القوة الشرائية اللازمة لؤلئك الذين يقفون في الوقت الحاضر في الطبقات السفلى من سلم الحصول على الأغذية.

وقياس الإختلال في الحصول على الأغذية فيما بين البلدان وداخلها وفيما بين الأسر بل وبين أفراد الأسرة الواحدة ينطوي على فوائد عديدة:

بائعو السمك يروجون لتجارتهم في السوق

ويمكن التعامل مع هذا الشكل من عدم المساواة من خلال تحويل الموارد النوعية و/أو برامج التوعية التغذوية التي ينبغى تنظيمها بدقة لكي تتفق مع معايير السلوك الدولية والمعايير الثقافية القطرية.

ويمكن تقييم مدى التغيير في حالة عدم المساواة هذه سواء داخل البلد الواحد أو في ما بين البلدان،وهو محور هذا القسم، من خلال استخدام معامل جينى ( Gini ) الذي يشيع إستخدامه في تحليل عمليات التوزيع. ويتراوح معامل جينى من الناحية النظرية بين الصفر، مما يعنى التوزيع المتساوي فيما بين الوحدات قيد الدراسة (البلدان أو الأسر في حالتنا) و1 مما يعنى عدم المساواة المطلق، أي، بأسلوب آخر، التركيز في وحدة واحدة. وكلما ابتعد المعامل عن الصفر زادت عملية عدم المساواة في التوزيغ.

عدم المساواة في ما بين البلدان

استخدم معامل جيني، في سياق هذا التقرير، لتقييم عدم المساواة في الحصول على الأغذية فيما بين بعض البلدان المصنفة في عشرة فئات بحسب نصيب الفرد من إمدادات الطاقة الغذائية. وقد حسب المعامل وفقا لنسبة السكان في العالم في مختلف الفئات فيما بين 969 1-1971 و 1997-1999 ( أنظر الجدول رقم 4).

يبين الجدول أن فرص الحصول على الأغذية فيما بين البلدان ليست متساوية بدرجة كبيرة: فمعامل جينى في حدود 0.10. كما يبين الإنخفاض المستمر في هذا الشكل من عدم المساواة خلال العقود الثلاثة الماضية. وعند هذه المستويات من عدم المساوات يعتبر الإنخفاض خلال 27 عاما إنخفاضا كبيرا، رغم أنه يبدو بسيطا. ويرجع ذلك إلى أن عددا أكبر من البلدان قد تحول من فئة إمدادات الطاقة الغذائية المنخفضة إلى المتوسطة بصورة أكبر من البلدان التي تحولت من الفئة المتوسطة إلى الفئة العليا. فعلى سبيل المثال، فيما بين

1969-1971 و 997 1-1999، كان عدد البلدان التي تحولت من أدنى ثلاث فئات 32 بلدا، في حين أن 16 بلدا فقط هي التي تحولت إلى أعلى ثلاث فئات. ويمكن أن نستخلص، من هذا التأثير الكبير/ أن النمو في المتوافر من الأغذية في العالم منذ 1969-1971 قد ترافق بالفعل مع إعادة التوزيع لمصلحة البلدان التي كان فيها نصيب الفرد من الأغذية منخفضا.

عدم المساواة في ما بين الأسر

يرجع عدم المساواة في الحصول على الأغذية داخل البلد الواحد وبالدرجة الأولى إلى الفروق في الدخل أو القوة الشرائية بين الأسر. وأفضل الطرق وأقصرها لتقييم هذا النوع من عدم المساواة هو التمعن في البيانات الخاصة باستهلاك الأسر من الأغذية في مختلف فئات الدخل. غير أن مثل هذه البيانات لا يكون في الغالب كافيا أو منتظما في شكل سلاسل بيانات تبين التغييرات بمرور الوقت. غير أن هناك بيانات بشأن توزيع دخل الأسرة وإنفاقها في عدد كبير من البلدان النامية. وعلاوة على ذلك، تتوافر السلسلة الزمنية لمعاملات جينى ذات الصلة بهذه البيانات. ونطرا لأن عدم المساواة في الحصول على الأغذية فيما بين الأسر يتحدد إلى حد كبيرمن خلال عدم المساواة الدخلية، فإن التغييرات المتعلقة بالدخل يمكن أن تستخدم كبيانات تقريبية لقياس التغيرفي فرص حصول الأسر على الأغذية.

ولقد تدارست منظمة الأغذية والزراعة البيانات القابلة للمقارنة بشأن توزيع الدخل في 23 بلدا في أمريكا اللاتينية وأفريقيا وآسيا، يغطي الفترة 1970-1997 (1). وإستنادا إلى هذه الدراسة، يمكن الإدلاء بالملاحظات التالية:

أنواع مختلفة من الخضر والفاكهة معروضة في سوق مغطاة .

وتنخفض حصة الأغذية في الإنفاق الأسري مع زيادة الدخل. وعلاوة على ذلك، فإن هناك حدودا عليا وسفلى لإستهلاك الأغذية (معبرا عنها بالسعرات)، في حين أن ذلك لا يسري على حالة الدخل. ويعنى ذلك أن التغييرات الفعلية في الحصول على الأغذية، كمقابل للدخل، سوف تميل إلى الإنخفاض عن تلك التي يمكن رصدها من التحليل.

ولذا، يمكن القول بأن التغييرات الفعلية في النمط العام لعدم المساواة في الإستهلاك الغذائي الأسري قد مالت، بمرور الوقت، إلى أن تكون صغيرة ذلك إذا أمكن رصدها. وهذا هو السبب في أن البلدان تحتاج إلى تنظيم برامج خاصة للمساعدة في زيادة مستوى الدخل القابل للتصريف بالنسبة للسكان الذين يقعون في أدنى الفئات الدخلية والذين يعانون أعلى معدلات نقص التغذية.

خلاصة القول، أنه رغم الإنحسار المطرد لظاهرة عدم المساواة في الحصول على الأغذية بين البلدان على مستوى العالم، لم يطرأ إتجاه مماثل على هذه الظاهرة بين الأسر في البلدان النامية.

(1) تم الحصول على البيانات من قاعدة بيانات عدم المساواة في الدخل في العالم التي يحتفظ بها المعهد العالمي

الصفحة السابقةاعلى هذه الصفحةالصفحة المقبلة