الصفحة السابقةالمحتوياتالصفحة المقبلة

الالتزام تتبعه الموارد والأعمال

يقترب الآن موعد انعقاد مؤتمر القمة العالمي للأغذية: خمس سنوات بعد الانعقاد. حيث سيجتمع قادة العالم مرة أخرى في إيطاليا كما فعلوا في عام 1996 وعام 1974. فماذا يتعين علينا أن نقول لهم؟

نستطيع القول إنه خلال السنوات الخمس، منذ التوقيع على إعلان روما وخطة عمل مؤتمر القمة العالمي للأغذية، تحقق بعض التقدم في خفض أعداد ناقصي الأغذية في العالم النامي سواء بالأرقام المطلقة (حيث انخفض بما يقرب من 40 مليون نسمة) وكنسبة من مجموع السكان (أي من 20 إلى 17 في المائة).

غير أنه كما تبين من المقالين الأوليين من هذا التقرير. وتأكد في جداول البيانات المرفقة، لم يكن التقدم متساويا بين البلدان. فبينما انخفض مجموع أعداد ناقصي الأغذية، شهدت غالبية البلدان ارتفاع أعداد سكانها. وكما يدور في أذهان الكثيرين، لا ينبغي أن نهتم في الأساس بالمؤشرات الإحصائية الإجمالية. فالأمر الذي يهم حقيقة هو التدابير التي اتخذت للحد من نقص الأغذية والفقر على مستوى القطر. فإذا فرض وجود رقم أدنى قدره 5 في المائة من السكان يعانون نقص الأغذية، عندئذ يمكن القول بأن 93 بلدا من مجموع 125 بلدا من البلدان النامية وتلك التي تمر اقتصادياتها بمرحلة تحول الواردة في جداول البيانات تعاني مشكلة الحرمان من الأغذية.

والسؤال هو: كيف يمكن تصور هذه المشكلة في كل بلد من هذه البلدان؟ هل يوجد التزام قطرى واضح بالتعامل مع المشكلة باعتبارها أولوية عاجلة؟ وهل من الممكن معرفة ما إذا كان قادة الدول يأخذون هذه القضية على محمل الجد؟ إن هناك بعض المؤشرات التي يمكن أن تساعدنا في قياس استجابة البلدان لانعدام الأمن الغذائي.

أولا، علينا أن نبدأ بأعداد ناقصي الأغذية حسب تقديرات منظمة الأغذية والزراعة. ما هي التصورات بالنسبة لهذه الأعداد على مستوى البلد؟ وهل هذه التقديرات مرتفعة للغاية؟ وإذا كان الأمر كذلك، فعلى أي أساس؟ إن من الأمور المشجعة دائما، والمفيدة أيضا، أن تقدم البلدان أرقاما بديلة تستند إلى أسس عملية قوية تفيد بأن ثمة عملا جادا لمواجهة المشكلة. عندئذ يمكن القول بأن جميع البلدان بدأت تضع أهدافا قطرية لخفض نقص الأغذية بمقدار النصف بحلول عام 2015

وإذا كانت تقديرات المنظمة (أو بديل لها) معقولة، فمن هم هؤلاء الذين يعانون نقص الأغذية وأين يعيشون داخل البلد؟ وهل يعلم البلد المعني حالة فقرائه والجياع فيه؟ هل وضع سمات لهم من حيث سبل معيشتهم والبيئة المحيطة بهم وأي مخاطر خاصة يواجهونها مثل الجفاف أو الأمراض؟ وهل يعلم هذا البلد لماذا تعاني هذه الفئات حرمانا مزمنا من الأغذية؟ وهل ثمة استعداد لوضع مجموعة مفيدة من الإجراءات العملية تبرز ملامح التعرض لنقص الأغذية؟.

وأخيرا، لا بد من استعراض الأسئلة التالية: ما هي الموارد التي تستخدم لمعالجة كل من أعراض نقص الأغذية والفقر والأسباب الجوهرية الكامنة ورائهما؟ هل تتوافر المعونة الغذائية؟ وهل توجد برامج لشبكة الأمان بما في ذلك الآليات التي توفر المساعدات النقدية؟ هل هناك بحوث وجهود إنمائية طويلة الأجل لزيادة وتدعيم إنتاجية قاعدة الموارد الطبيعية؟ هل تتوافر البرامج التعليمية اللازمة لتحسين أساليب الصحة والنظافة العامة؟ هل هذه الاستثمارات تكفي لوضع نهاية للمشكلات القائمة؟ وإذا لم يكن الأمر كذلك ما هي الموارد الإضافية التي يمكن تعبئتها؟ وهل يتخذ البلد التدابير لتعبئة هذه الموارد و كيف يمكن أن تسهم المجتمعات المحلية في سد "فجوة الموارد"؟ وهل تدعم الحكومة (والمجتمع الدولي) هذه الجهود؟

إن الهدف من طرح هذه الأسئلة هو تقييم مدى التزام كل بلد بالتغلب على الجوع والحرمان. فالعمل الذي يحتاج إليه كل بلد يعتمد على الظروف المحددة السائدة في هذا البلد. وكما ذكر في السنوات السابقة، لا توجد صيغة واحدة يمكن اتباعها. فالأمثلة المتعلقة باتخاذ التدابير الواردة في حالة انعدام الأمن الغذائي في العالم لهذا العام تغطي مجموعة من التدخلات التي يمكن أن يكون لها تأثيرات كبيرة. وتبين هذه التدخلات مدى ما يمكن عمله إذا ما توافرت الإرادة السياسية والموارد. كما أنها تبين أن القضاء على الجوع ليس مجرد ضرورة أخلاقية، بل إن لها أيضا مدلولا إقتصادي وهو زيادة الإنتاجية ومضاعفة الدخل وتوفير فرص العمل وزيادة الطلب على السلع والخدمات في شتى فروع الاقتصا د.

ومازالت منظمة الأغذية والزراعة تعتقد أن هدف خفض أعداد ناقصي الأغذية في العالم بمقدار النصف بحلول عام 2015 أمر يمكن تحقيقه إذا ما وضعت البلدان وشركاؤها في التنمية هذا الهدف نصب عيونها. غير أنه قد أصبح من الواضح أن الموارد اللازمة للقيام بهذه المهمة لم توضع بعد متى وحيثما دعت الحاجة إليها. وفى بعض الحالات، يرجع ذلك لأن البلدان قد تكون في خضم حرب أهلية مما يزيد بدرجة كبيرة من أعداد الجوعى ويسد الطريق بالفعل أمام جميع المساعدات إلا في ما ندر. وفى حالات أخرى، امتنع الشركاء الخارجيون عن عمل كل ما بوسعهم على أساس ما بدا في الماضى من مظاهر فساد أو سوء استخدام للموارد في البلدان المستفيدة. غير أن هذه العوامل لا تعطي صورة شافية لقصور الإستجابة.

إن منظمة الأغذية والزراعة تثق بأن مؤتمر القمة العالمي للأغذية: خمس سنوات بعد الإنعقاد سوف يتيح لجميع شركائنا تجديد التزامهم بالتغلب على الجوع والفقر ومتابعة تعهدهم بزيادة تدفق الموارد المخصصة لهذا الهدف النبيل.

الصفحة السابقةاعلى هذه الصفحةالصفحة المقبلة