منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة

16 أكتوبر / تشرين الأول 2024

يوم الأغذية العالمي

السيد عاطف سويلم

"بالإمكان تحقيق استدامة الموارد المائية، اليوم وفي المستقبل، من خلال الاستخدام الفعّال للمياه"
28/09/2023

جمهورية مصر العربية 

حين ينطوي الأمر على تجربة أشياء جديدة، يعتري بعض التردد مزارعي دلتا النيل، وهذا ما يعرفه السيد عاطف سويلم حق المعرفة. فقد ترعرع بينهم. وحين أتى مهندس الري المصري بفكرة تجربة تقنية جديدة من شأنها أن توفر المياه، ارتأى أنه من الأفضل له أن يجرب المشروع في قريته التي تحمل اسم الشرقية، "المكان الذي يعرفني فيه المزارعون ويثقون بي". 

لكن للأسف، لم يخطر في باله أن يكون والده هو من سيعارض الفكرة. ويقول مستذكرًا: "لم يكن مقتنعًا بنجاح الفكرة، بل وقد حاول جاهدًا إقناع الجيران بعدم اتباع نهجي". 

وكانت تلك أول مرة يُنصح فيها المزارعون بزراعة القمح على الضفاف العالية عوضًا عن الأرض المنبسطة التي غمرتها المياه، وهي طريقتهم التقليدية، التي تتطلب استخدام قدر كبير من المياه وإنفاق مبالغ كبيرة من المال من أجل ضخ المياه ودفع أجور اليد العاملة. بالإضافة إلى أنّ بعض أنواع القمح لا يناسبها الري المفرط. 

وقد رأى السيد عاطف، حين كان طفلًا، ما فعله الاستخدام غير الفعّال للمياه بالمجتمعات المحلية القاطنة في دلتا النيل، لا سيما المزارعين العاملين عند مصب النهر، أمثال والده. وهو يذكر كيف كان يستيقظ عند الساعة الثانية صباحًا قبل الذهاب إلى المدرسة من أجل مساعدة والده في ري الحقول، لأنّ المياه لم تكن وفيرة بما فيه الكفاية إلّا في ذلك الوقت من النهار. 

لكن عوضًا عن القيام بذلك، طوّر تقنية الرفع الآلي لضفة النهر، التي تمكّن المزارعين عند بداية النهر من استخدام قدر أقل من المياه للري، فيتيحون كمية أكبر من المياه أمام المزارعين الآخرين عند المصب. ويُعزى الفضل في ذلك إلى حفر قنوات متباعدة عن بعضها بدقة بين الضفاف بحيث تجمع الكمية المناسبة تمامًا من المياه اللازمة لري المحاصيل المجاورة لها. 

ويقول السيد عاطف إنّ الزراعة باستخدام تقنية الرفع الآلي لضفاف الأنهار أثبتت نجاحها بحيث أصبحت الآن رائجة في جميع أنحاء جمهورية مصر العربية ويستخدمها نحو 1.2 مليون مزارع في البلاد، وقام بقيادة عدد من مشاريع تلك التقنية في المركز الدولي للبحوث في المناطق الجافة وعمل مؤخرًا مع مكتب الابتكار التابع لمنظمة الأغذية والزراعة. 

ونظرًا إلى أنّ بناء تلك الضفاف يدويًا عملية مكلفة وصعبة، قام السيد عاطف باختراع آلة تقوم ببناء هذه الضفاف مع ترك المسافة المناسبة بينها. والأهم من ذلك أنّ هذه التكنولوجيا المبتكرة في جمهورية مصر العربية هي "ميسورة الكلفة ومناسبة لأصحاب الحيازات الصغيرة الذين يفتقرون إلى الموارد في دلتا النيل". 

وهو يقول: "لقد مكّنت هذه الآلة المزارعين من تحقيق نتائج مبهرة، بما في ذلك اقتصاد نسبة 25 في المائة من المياه المستخدمة وتحقيق زيادة بنسبة 30 في المائة في المتوسط في غلات المحاصيل". 

وفاز بحثه بجائزة اليابان الدولية للباحثين الزراعيين الشباب لعام 2015، وبات عدد من الهيئات والبلدان في المنطقة يستخدمون تلك التقنية حاليًا. 

ولعلّ أهم ربح حققه هو فوزه بإعجاب والده قبل وفاته، الذي أيّد التقنية بكل فخر في الإذاعة والتلفزيون. 

أما بالنسبة إلى الزراعة، فيقول السيد عاطف: "بالإمكان تحقيق استدامة الموارد المائية، اليوم وفي المستقبل، من خلال الاستخدام الفعال للمياه".