ترعرعت إيناس مسعودي، البالغة من العمر 40 عاما، في بلدة صغيرة بالقرب من تونس العاصمة. لكن قلبها ظل عالقا في منطقة باجة، وهي منطقة ريفية تقع في شمال غرب تونس حيث كانت تمضي عطلها الصيفية في الاستمتاع بالثقافة والنكهات المحلية.
تقول إيناس متحدثة عن المنطقة التي أنشأت فيها مزرعتها وشركة ناجحة لإنتاج زيت الزيتون: "في باجة، النكهات وتقاليد الطبخ مميزة جدا."
وتعود بذاكراتها إلى الوراء وتقول: "كان حلمي في طفولتي أن أصبح مزارعة"، معربة عن تقديرها لما تعلمته من جدتها. "لقد علمتني (جدتي) أن أشم رائحة الأرض، وأستسعشر منها متى يكون الوقت مناسبا للتشذيب ومتى لا يكون مناسبا."
واليوم، تعمل إيناس كمهندسة زراعية تجمع بين زراعة الزيتون ومنتجات زراعية أخرى وتربية الأغنام في مزرعتها.
وهي تعلم أنه من غير المألوف أن ينتقل جيلها إلى المناطق الريفية، خاصة وأن إدارة مشروع زراعي في بلد يعاني من ندرة المياه تشكل تحديا.
وتقول: "إن الاحتباس الحراري يزداد يوما بعد يوم". "إننا نشهد ارتفاع درجات الحرارة لتتجاوز 45 درجة مئوية، وأصبحت المياه أكثر ندرة في أيامنا. أصبح الوضع مقلق فعلا."
وترى إيناس أنه "نظرًا لافتقار الكثير من نظم الري للكفاءة اللازمة في تونس، تُهدر كميات كبيرة من المياه". وهذا هو السبب وراء انتقالها لطريقة ري تقليدية تتسم بالكفاءة العالية وتكون منخفضة التكلفة في آن: إنها تقنية الري بالجرّات الرومانية.
وتوضّح قائلة إنّ "الجرّات عبارة عن حاويات صغيرة مسامية تُدفن في الأرض وتسمح بمرور المياه وفقًا لاحتياجات النبتة. إنها فكرة تقليدية آخذة في الانتشار (من جديد) في حوض البحر الأبيض المتوسط."
وتخفض الجرّات الفخارية نسبة التبخر لأن الماء يتسرب إلى التربة تحت السطح. وإذا وضعت بشكل صحيح، فإنها تنشئ نظامًا آليًا للري لا يعطي أبدًا أكثر مما تحتاجه النباتات، وبذلك لا تتعفن الجذور.
وتقول إيناس إن هذه التقنية ساعدتها على توفير كميات كبيرة من المياه وزادت من إنتاجها عمومًا.
وتزرع إيناس بالإضافة إلى ذلك، الشتوي والجربوعي، وهما صنفان قديمان من الزيتون المحلي يتكيفان جيدًا مع التربة والمناخ والموارد المائية المتاحة.
وتستخدم إيناس وصفة جدتها الموروثة عن أجدادها لصنع زيوت زيتون فريدة من نوعها بنكهات نباتية عطرية وطبية. ويمكن للمستهلكين معرفة أصل المكونات وفوائدها عن طريق مسح رمز الاستجابة السريعة (QR) على كل زجاجة.
وتقول إيناس: "إن عملي استثمار مسؤول ومراع للبيئية ومربح". "بالنسبة إلي، الإصغاء إلى الطبيعة واحترامها مبدأ من مبادئ الحياة."
