Previous Page Table Of Contents Next Page

حقائق أولية عن
تربية الأحياء المائية

التاريخ والتعريف
والهدف

عرف استزراع السمك وتربيته في البرك منذ القدم و من المعروف أنه طور من قبل المزارعين القدامى بقصد إستقرار المصادر الغذائية .
جاءت أوائل المعلومات عن تربية الأسماك في البرك من الصين منذ 4000 سنة ومن بلاد ما بين النهرين منذ حوالي 3500 سنة ولقد تم دمج تربية الأسماك في البرك مع زراعة الأرز من فترة 25 إلى 220 سنة بعد الميلاد في الصين. كما عرف استزراع الأسماك في حوض البحر المتوسط في عهد الإمبراطورية الرومانية ثم أصبح بعد ذلك إحدى وسائل أنظمة إنتاج الغذاء في الأديرة المسيحية في أواسط أوروبا .

وفي الوقت الحاضر أصبحت تربية الأحياء المائية تتعدى تربية الأسماك في البرك أو في حقول الأرز. وإحصائيا تعرف منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) تربية الأحياء المائية بكونها استزراع الأحياء المائية من سمك وقشريات وصدفيات ونباتات مائية. وهذا الاستزراع يعني نوعا من التدخل في عملية التربية بقصد تطوير الإنتاج وتثبيت ملكية المزارع للمنتجات.

استزراع الأسماك هو أقرب للزراعة ولتربية المواشي منه إلى صيد الأسماك لأنه يمثل تربية وعناية في مصادر الحياة المائية ضمن إطار بيئة معينة. في حين أن صيد الحيوان أو صيد السمك يتم في بيئة مفتوحة هي ملك للجميع. لهذا فإن استزراع السمك يعني في الواقع ملكية الأرض أو البرك. هذه الملكية مع ملكية وسائل وحقوق الإنتاج تعتبر هامة لنجاح استزراع السمك بقدر أهمية ملكية الأرض وحقوق استعمالها للمزارع .

إن تنمية تربية الأحياء المائية تخدم أهدافا عدة أهمها :

طرق الإنتاج
والتوجهات المستقبلية

لقد نشأت عدة طرق ووسائل للإستزراع في المياه بقصد إنتاج أنواع عدة من الأحياء المائية في المياه المالحة ومياه المسوس الضاربة للملوحة والمياه العذبة . هذه الوسائل والمنشآت قد تكون ذات قاعدة أرضية أو مائية.:

أنظمة الإنتاج ذات القاعدة الأرضية تتكون في أغلبها من برك أو حقول للأرز أو مرافق أخرى مبنية على الأرض الجافة. البرك تمثل أكثرية أنظمة الإنتاج في المياه وهي تتألف من برك صغيرة بدائية أو برك كبيرة ذات أشكال هندسية تستعمل فيها الآلات وأنظمة إدارة المياه المعقدة. يستزرع في برك المياه العذبة غير المالحة عادة سمك الكارب والتلابيا. بينما يربى في مياه المسوس الضاربة للملوحة الجمبري والزعانف.

أنظمة الإنتاج ذات القاعدة المائية تشمل المحتجزات أو المحميات والأقفاص والطوافات ويتم إنشاؤها عادة في مياه شاطئية أو داخلية محمية . ويقع بناء المحتجزات بواسطة إغلاق خليج طبيعي يكون الشاطىء جميع حدوده عدا جهة واحدة يتم إغلاقها بواسطة حاجز شبكي . أما الأقفاص والحظائر فإنها محميات مكونة من أعمدة وشباك فالحظائر ترتكز على قاعدة كتلة مائية في حين تكون الأقفاص معلقة من أعمدة وأجسام تطفو فوق سطح الماء .

إن تربية الأحياء المائية تتنوع بحيث تتشابه مع أنظمة الإنتاج الحيواني التي يعتمد بعضها على التربية في مساحات واسعة مفتوحة بينما يعتمد البعض الآخر على مزارع صغيرة مكثفة التغذية .

مزارع فيتنامي يجرف حشيشة البط من بركة قليلة العمق لإطعام الأسماك في البركة المجاورة. حشيشة البط يمكن أن تستعمل لإطعام المواشي وتكون مصدر دخل عندما تباع في الأسواق المجاورة.

تربية الأحياء المائية في الأقفاص في إندونيسيا حيث ينمو السمك من إصبعيات إلى حجم يسمح ببيعه في الأسواق والمعنيون بزراعة الأقفاص يشترون الأصبعيات من المزارعين الذين يربونها في مزارع الأرز المجاورة.

إن الجزء الأكبر من منتوج تربية الأحياء المائية يتم بواسطة أنظمة التربية الإنتشارية وشبه المكثفة فالإستزراع الإنتشاري يستعمل طرقاً غير معقدة ويعتمد على التغذية الطبيعية ولذا يكون المنتوج عالياً بالنسبة للموارد المستعملة مع رقابة محدودة لحياة الأسماك ونموها . أما في حالة الأنظمة المكثفة فتقع التغذية بواسطة الأسماك الصغيرة والأطعمة المصنعة من غذاء أو سماد التي تضاف أحياناً بصورة متقطعة . ومع إزدياد كثافة الإنتاج يتم حصر الأسماك وتزاد كمية السماد الطبيعي العضوي وغير العضوي مع مأكولات مكملة ورخيصة مثل منتجات الفستق الثانوية وقشر الأرز ومواد زراعية ثانوية أخرى .

تحضير غذاء الأسماك لاستعماله في تربية السمك القطي قرب فنوم بن - كمبوديا

إن أكثر الأنظمة شيوعاً هي إنتاج السمك في البرك. لكن إنتاج السمك في مزارع الأرز أو مناطق المياه المجمعة هو أمر وارد أيضاً.

الأنظمة المكثفة يكون معدل إنتاجها أكبر لهذا فهي تتطلب مستوى أعلى من التكنولوجيا والإدارة. الأسماك والأحياء المائية الأخرى تُولَّد عن طريق بويضات تنمو وتنضج داخل الإطار ذاته وفي وحدات صغيرة. ومع ازدياد كثافة المخزون يصبح من الضروري استعمال الوقائيات الكيميائية ضد الأمراض. وتتم التغذية المصنعة على صورة حبوب بصورة منتظمة. بينما تتم مراقبة جودة المياه بواسطة مصاف ومضخات ومنقيات هوائية.

زراعة مكثفة لأسماك التلابيا في جو يتم فيه التحكم بدرجة الحرارة قرب بانكيت - زمبابوي

جاء في إحصاء حديث أن مجموع أنواع أسماك القشري و الرخويات والصدفيات يصل إلى 262 نوعا. وبالرغم من أن كثيرا منها لا يصلح للإستزراع ، إلا أن الأنواع التي يمكن زرعها في ازدياد مستمر.

زعانف أسماك المياه سيما الكارب الصيني والهندي، تشكل أكبر حصة من إنتاج التربية المائية (52 في المائة) في محصول عام 1997. بالدرجة الثانية تأتي الرخويات والحلزون (24 في المائة) تتبع ذلك النباتات المائية (20 في المائة) وأكثرها عشب البحر نوع كيلب KELP ومعظم هذه الكمية تأتي من جمهورية الصين الشعبية.

القشريات تمثل تقريباً 4 في المائة من حجم الإنتاج. أما بالنسبة للقيمة فإن القريدس الكبير (الجمبري أو الربيان) جلب مبالغ أعلى سنة 1997 وصلت إلى 3.5 مليار دولار.


منذ عام 1970 ازداد محصول الأحياء المائية في العالم بشكل مضطرد وأصبح الآن أسرع أنظمة إنتاج الغذاء نمواً في عديد من البلدان. ففي 1997 بلغ إنتاج الأحياء المائية 36 مليون طن، حوالي 29 مليون طن من الأسماك والحيوانات الصدفية و تمثل ربع إنتاج السمك العالمي آنذاك أو ما يقرب من 30 في المائة من السمك المستعمل للطعام. إن أكثرية الإنتاج المذكور تأتي من مشاريع مياه عذبة على بنية أرضية. وهذه تزيد في عدة بلدان عن كمية المصيد في المياه العذبة الطازجة. وفي الوقت الحالي فإن 80 في المائة من المنتوج العالمي لتربية الأحياء المائية في العالم يأتي من الدول النامية.

 

 

 

الإنتاج العالمي من تربية الأحياء المائية،
بالوزن والقيمة ، في عام 1997.

بالقيمة
50.369.096.000
دولار امريكي
  بالوزن
36.050.168 طن

DATA SOURCE: FAO 1999. AQUACULTURE PRODUCTION STATISTICS, 1988-1997. FAO FISHERIES CIRCULAR NO. 815, REV. 11, 203 PP.

الإنتاج العالمي من الأحياء المائية
موزعاً بين مجموعات البلاد الاقتصادية 1997-1984

SOURCE: Tacon, A.G.J. and U. Barg (in prep.) Responsible aquaculture development for the next millennium. Proceedings of ADSEA '99 SEAFDEC/AQD Workshop on Responsible Aquaculture Development in Southeast Asia held in Iloilo, The Philippines, 12-14 October 1999.

وتعتبر الصين أكبر منتج تتبعها الهند والفليبين وإندونيسيا. وبالرغم من أن آسيا هي أكبر منتج للأحياء المائية (89 في المائة) إلا أن أمريكا اللاتينية وبعض أجزاء من أفريقيا تتقدمان بسرعة في هذا المضمار. لكن هذا التقدم يظل محدوداً بالنسبة للإمكانيات الموجودة.

إن زعانف المياه العذبة تشكل الجزء الأكبر من الإنتاج العالمي للأحياء المائية - وفي الصورة أعلاه يقع حصاد الكارب الصيني من البرك للبيع في كانتون جمهورية الصين.

كيف سيساهم الاستزراع في غذاء المستقبل؟ إن ازدياد السكان في العالم، من ضمن العوامل الأخرى، قد زاد الطلب على الأسماك لدرجة أن الموجود من عدة أجناس منها هبط أو تلاشى ولم يعد يسد الإحتياجات المتزايدة . ويتنبأ العلماء أنه في سنة 2010 سيصبح سكان المعمورة قرابة 7.3 مليار نسمة وإن ما يزيد عن 90 في المائة منهم سيعيشون في البلاد النامية. التي يعاني 20 في المائة من سكانها من سوء التغذية المزمن خاصة الأطفال. من جهة أخرى فإن أكثر المحتاجين لزيادة إدخال السمك ومنتجاته في طعامهم غير قادرين على ذلك بسبب تجاوز الأسعار لقدراتهم الشرائية

إن دمج تربية الأحياء المائية مع زراعة الأرز في جافا الوسطى بإندونيسيا، كما يظهر في الصورة المجاورة ، يعطي فرصا لتحسين دخل المزارع وتوفير الغذاء للأسر

حصاد البرك في جمهورية الكونغو الديمقراطية

لهذا فمن المتوقع أن تلعب تربية الأحياء المائية دوراً هاماً في معالجة هذه المشاكل ومن أجل تحسين دخول سكان المناطق الريفية والمهمشين في ضواحي مدن البلاد النامية، ركزت بعض المؤسسات المعنية بالتربية المائية جهودها لهدف أو أكثر من الأهداف التالية:

زيادة مصادر الغذاء البيتي وتحسين جودة التغذية;
زيادة أمن الأسرة عن طريق التنويع في مصادر الدخل والغذاء ;
تحسين الاقتصاد الحدي عن طريق تخفيض البطالة وخفض سعر الغذاء;
تحسين إدارة المياه والمغذيات على مستوى الفرد أو الجماعة;
المحافظة على نوعية الحياة المتنوعة في المياه بإضافة أسماك جديدة;
تخفيف الضغط على مصادر الأسماك .

بغية الوصول إلى الأهداف المذكورة فإن وكالات المعونة الاقتصادية والفنية والبلاد المستفيدة قد وجهت استثمارات هامة لتطوير تربية الأحياء المائية بنتائج مختلفة وقد ساعدت مخصصات التطوير في آسيا في نمو هذه التربية وإنتاجها . غير أنه من سوء الحظ لم يقع نفس النجاح هذا في إفريقيا أو أمريكا اللاتينية حيث توجد إمكانيات كبيرة للتطوير.

حاولنا في الجزء السابق إعطاء القارىء فكرة عمّا تشمله تربية الأحياء المائية وسنركز في الأجزاء التالية على تربية الأحياء المائية شبه المكثفة في البرك وفي حقول الأرز لأن أنظمة الإنتاج هذه تعتبر الأكثر أهمية في الأنظمة الزراعية لصغار الملاّك .

Previous Page Top Of Page Next Page