المدير العام شو دونيو

الدورة السابعة والثلاثون لمؤتمر منظمة الأغذية والزراعة الوزاري الإقليمي للشرق الأدنى وشمال أفريقيا (عمّان، المملكة الأردنية الهاشمية)

للدكتور شو دونيو، المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة

04/03/2024

معالي السيد خالد الحنيفات، وزير الزراعة في المملكة الأردنية الهاشمية ورئيس الدورة السابعة والثلاثين لمؤتمر منظمة الأغذية والزراعة الوزاري الإقليمي للشرق الأدنى

أصحاب السعادة،

حضرات السيدات والسادة،

الزميلات والزملاء الأعزاء،

السلام عليكم!

صباح الخير!

يسعدني ويشرّفني للغاية أن أرحِّب بكم في مؤتمر منظمة الأغذية والزراعة الوزاري الإقليمي للشرق الأدنى.

وأودّ أن أعرب عن تقديري لكم جميعًا على مشاركتكم في هذا الاجتماع الرئيسي للجهاز الرئاسي الإقليمي لمنظمة الأغذية والزراعة الذي يعدّ منصةً هامةً للحوار بين أعضاء المنظمة في الإقليم بشأن مستقبل الزراعة والأمن الغذائي في إقليم الشرق الأدنى وشمال أفريقيا.

وأنا ممتن أيضًا للرئيس المنتهية ولايته، معالي وزير الزراعة في العراق، على استضافته الدورة السادسة والثلاثين للمؤتمر الإقليمي وعلى قيادته خلال الفترة الفاصلة ما بين الدورتين.

أصحاب السعادة،

حضرات السيدات والسادة،

لقد شهد العالم، وهذا الإقليم على وجه الخصوص، تغيرات جذرية منذ أن التقينا في بغداد قبل عامين. إنّ تصاعد النزاعات والاضطرابات أمر مقلق كونه قد أثّر بشدة على حياة الإنسان وسبل عيشه وأمنه الغذائي.

والوضع في غزة، فضلاً عن المعاناة في الجمهورية العربية السورية والسودان واليمن بفعل الأزمات التي طال أمدها، تشكل جميعًا مصدر قلق بالغ. وقد شاركنا، جنبًا إلى جنب مع الشركاء الآخرين في التنمية، في جهود الطوارئ والإغاثة وإعادة البناء في غزة منذ بدء النزاع.

وتشكل منظمة الأغذية والزراعة (المنظمة) جزءًا من النداء العاجل المشترك للأمم المتحدة وتقوم بالتنسيق الوثيق مع أسرة الأمم المتحدة الأوسع وشركائها في الاستجابة بالطريقة الأكثر ملاءمةً وفعاليةً، بما يتماشى مع ولايتنا. وقد أصدرنا دعوةً للحصول على 20 مليون دولار أمريكي في إطار النداء العاجل المشترك بين وكالات الأمم المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، والذي تم تمديده حتى مارس/آذار 2024، ونعتزم إعادة تنشيط إنتاج الأغذية القابلة للتلف والمتسمة بقيمة غذائية عالية والتي لا يمكن استيرادها على شكل معونة غذائية، بما في ذلك الحليب الطازج واللحوم والخضروات.

ويواجه إقليم الشرق الأدنى وشمال أفريقيا تحديات متعددة مثل الآثار السلبية لأزمة المناخ، وانخفاض توافر المياه العذبة للفرد الواحد، وارتفاع عدد السكان والتوسع الحضري، فضلاً عن الاعتماد الكبير على الأغذية المستوردة.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن الأزمات المتداخلة مثل جائحة كوفيد-19، وآثار النزاعات والحروب القائمة حاليًا في أجزاء أخرى من العالم، إلى جانب التحديات الاقتصادية والمالية المتزايدة، وخاصةً الزيادة في أسعار المواد الغذائية، قد فاقمت الصعوبات.

وتؤثر جميع هذه التحديات على النظم الزراعية والغذائية العالمية، وهناك حاجة إلى تحوّل عاجل لمعالجة الصعوبات.

ونحن بحاجة إلى تحويل نظمنا الزراعية والغذائية لتكون أكثر كفاءةً وشمولًا وقدرةً على الصمود واستدامةً.

ولهذا السبب، فإن موضوع هذا المؤتمر الإقليمي هو "تسريع" هذا التحول - وهو موضوع أكثر أهمية وأفضل توقيتًا من أي وقت مضى.

وفي إقليم الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، لسنا بعيدين فحسب عن تحقيق الهدف 2 من أهداف التنمية المستدامة المتمثل في القضاء على الجوع، بل إننا نشهد اتجاهًا مقلقًا يتمثل في زيادة مستمرة في معدلات الجوع وسوء التغذية في السنوات الماضية.

ومع معاناة ما يقرب من 60 في المائة من سكان الإقليم من الجوع وعجز أكثر من نصف السكان عن تحمل تكاليف نمط غذائي صحي، بات هناك اعتماد كبير على الأغذية المستوردة لتلبية أكثر من 60 في المائة من الاحتياجات من السعرات الحرارية، مما يؤدي إلى تآكل التربة بشكل سريع واستنزاف الموارد الزراعية.

ولم يعد هناك المزيد من الوقت لنضيعه من أجل السيطرة على الأضرار المتكبّدة - فنحن بحاجة ماسة إلى حماية نظمنا الزراعية والغذائية من أجل أجيال الحاضر والمستقبل.

وتحقيقًا لهذه الغاية، نحتاج إلى رؤية مشتركة، وبُعد نظر، وملكية، واستراتيجية تنفيذ، ومسار واضح يؤدي إلى التأثير وتحقيق النتائج في الآجال القصيرة والمتوسطة والطويلة.

ونحن بحاجة إلى تضافر الجهود لتسريع عملية تحويل النظم الزراعية والغذائية.

ونحن بحاجة إلى القيام بالمزيد وبشكل أفضل معًا!

حضرات السيدات والسادة، 

إنّ الإطار الاستراتيجي لمنظمة الأغذية والزراعة للفترة 2022-2031 الذي صادقتم عليه، إلى جانب الاستراتيجيات المواضيعية الجديدة، ورفع مستوى الميزانية الذي وافقتم عليه، ومبادراتنا الرئيسية مثل العمل يدًا بيد، وبلد واحد، منتج واحد ذو أولوية، والتركيز الكبير على العلوم والابتكار والتكنولوجيا، والأولويات البرامجية الأربع على المستوى الإقليمي لإقليم الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، كلها أدوات مهمة لدعم هذا التحول ومساعدتكم على تحقيق خطة التنمية المستدامة لعام 2030 وأهداف التنمية المستدامة.

وهناك في الوقت الحالي ثلاثة بلدان في هذا الإقليم تشارك في مبادرة العمل يدًا بيد، ونأمل أن يكون لدينا عدد أكبر قريبًا لأن هذه المبادرة تشكل آليةً حيويةً تدعم تنفيذ برامج طموحة بقيادة وطنية من أجل تسريع التحولات في مجال النظم الزراعية والغذائية.

ولدينا ثمانية بلدان مشاركة من إقليم الشرق الأدنى وشمال أفريقيا في مبادرة بلد واحد، منتج واحد ذو أولوية التي تدعم البلدان في إرساء سلاسل قيمة غذائية أكثر استدامةً للمنتجات الزراعية الخاصة وتحسين سبل العيش الريفية.

ويكمن السؤال في كيفية وضع هذا التحول موضع التنفيذ وكيفية تسريع هذا العمل. وبفضل تاريخ أنظمة الزراعة القديمة والممارسات الزراعية والأنظمة المجتمعية في هذا الإقليم التي تعود إلى آلاف السنين، لديكم القدرة على أن يكون هذا الإقليم مثالًا رائدًا لسائر أقاليم العالم.

وقد بدأتُ ولايتي الثانية كمدير عام للمنظمة من منطلق النهج المتمثل في الإصدار الأول من الأهداف الأربعة (Four Rs V1.0): التعافي، والإصلاح، وإعادة البناء، والنهضة. وتنطبق هذه الأهداف أيضًا على إقليم الشرق الأدنى وشمال أفريقيا.

أما التعافي، فمن الأضرار الطويلة والقصيرة الأمد الناجمة عن الأزمات المتعددة والمتداخلة التي أثرت علينا على مستوى العالم؛ والتعافي من أجل الإقرار بنهج النظم الزراعية والغذائية، واستخدام الموارد الزراعية المتاحة، وتسخير الممارسات الفريدة، مثل النظم الإيكولوجية الغذائية في الصحراء والواحات.

وإصلاح نظمنا الزراعية والغذائية والسياسات الوطنية والإقليمية والأطر التمكينية لدعم تحولها. وفي المنظمة، قمنا أيضًا بإصلاح أنفسنا وهيكلنا لنكون أكثر ملاءمةً للغرض من أجل خدمتكم بشكل أفضل لتحقيق إصلاحاتكم.

وإعادة بناء البنية التحتية الزراعية من خلال الاستثمارات المحلية والأجنبية من القطاعين العام والخاص؛ وإعادة بناء القدرات المؤسسية والبشرية اللازمة لتسريع عملية التحول؛ والأهم من ذلك، إعادة بناء ثقة السكان المحليين والشركاء في النظم الزراعية والغذائية المستدامة والقادرة على الصمود.

ونهضة النظم الزراعية التاريخية في الإقليم، كما هو الحال في إقليم المغرب العربي الفرعي والجمهورية العربية السورية ودلتا النيل والسودان والعراق واليمن وغيرها. ونحتاج أيضًا إلى نهضة في مجال التعاون بين الأقاليم لضمان الأمن الغذائي في مختلف أنحاء الإقليم وخارجه.

وإنّ المنظمة ملتزمة بدعمكم في تنفيذ نهج الأهداف الأربعة ("Rs") لتحقيق الأفضليات الأربع التي تتمثل في إنتاج أفضل، وتغذية أفضل، وبيئة أفضل وحياة أفضل، من دون ترك أيّ أحد خلف الركب.

حضرات السيدات والسادة،

أصبحت المنظمة بحلّتها الجديدة، من خلال المكاتب الإقليمية والإقليمية الفرعية التي أعيدت هيكلتها، والعمل الجاري لتحويل المكاتب القطرية، أقوى وأكثر مرونة وأكثر استجابة لاحتياجات الأعضاء، فضلًا عن كونها منظمةً موثوقةً وعريقةً وشريكًا فنيًا مفضلًا!

وقد بدأنا بالفعل، في هذا الإقليم، العمل مع التركيز بشدّة على المبادرات الاستراتيجية والسياساتية، وتوفير بيانات وتحليلات مخصصة وحسنة التوقيت لأغراض وضع سياسات مستنيرة، وتطوير القدرات القيادية لتحويل النظم الزراعية والغذائية، مع التركيز على تعزيز عمليات المشاركة معكم وإقامة شراكات تحويلية.

ومع ذلك، يجب أن تعود ملكية هذا التحول لكم أو تتولوا أنتم قيادته، فالمنظمة هي منظمتكم.

واسمحوا لي، السادة الأعضاء، أن أسلّط الضوء على بعض المجالات الرئيسية التي تتطلب المزيد من تركيزكم واهتمامكم.

أوّلًا، استخدام العلم والتكنولوجيا والابتكار. وفي حين أن لدينا أمثلة جيدة في بعض البلدان، خاصةً البلدان ذات الدخل الأكثر ارتفاعًا، فإننا بحاجة إلى تعميم الابتكار وتشجيعه وضمان الوصول إلى التكنولوجيا في جميع أنحاء الإقليم، خاصةً حيث تشتد الحاجة إليها.

وثانيًا، التجارة، خاصةً التجارة بين بلدان الإقليم باعتبارها عاملًا تمكينيًا لتحقيق الأمن الغذائي. وفي حين يعتمد الإقليم بشكل كبير على الأغذية المستوردة، نرى فجوة واضحة في مجال الاستفادة من إمكانات تجارة المنتجات الغذائية داخل الإقليم.

وثالثًا، تشجيع الاستثمارات الأجنبية والوطنية التي يقدمها القطاعان العام والخاص. وقد يشمل ذلك إعادة توجيه الدعم المالي الحالي أو الإعانات نحو مسارات أكثر كفاءةً واستدامةً.

وفي هذا الصدد، بدأنا العمل على مفهوم "الممرات الغذائية الإقليمية" الذي سيسلّط الضوء على التعاون الإقليمي في هذه المجالات، ويحدد المسارات التي تساعد في ضمان الأمن الغذائي من خلال الملكية والجهود المشتركة.

ورابعًا، إدارة الآثار السلبية لأزمة المناخ. ونحن بحاجة إلى المزيد من العمل الآن من خلال بذل جهود مثل المبادرات المتعلقة بندرة المياه في الإقليم، وغيرها من المبادرات التي توفر الحلول التي نحتاج إليها. إنّ الوقت ينفذ!

وإني أشيد باستضافة جمهورية مصر العربية للدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ والإمارات العربية المتحدة للدورة الثامنة والعشرين منه من أجل تعزيز جدول أعمال النظم الزراعية والغذائية والأمن الغذائي، فضلاً عن الترابط بين الأغذية والمياه والطاقة.

ونتطلع أيضًا إلى قيادة المملكة العربية السعودية لتعزيز التقدم المحرز في مجال دعم تحويل النظم الزراعية والغذائية خلال مؤتمر الأطراف السادس عشر لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر في وقتٍ لاحق من هذا العام.

الزميلات والزملاء الأعزاء، 

لقد أدركتم بالفعل أهمية تسريع عملية تحويل النظم الزراعية والغذائية في الإقليم والعالم.

والآن، آمل أن تعملوا على تسريع هذا التحول من خلال السياسات التمكينية والأطر المؤسسية، بدعم من المنظمة والشركاء الآخرين في التنمية، ولكن الأهم من ذلك من خلال قيادتكم ورؤيتكم وإرثكم للمستقبل.

وأتمنى لكم كل التوفيق في مداولاتكم خلال اليومين المقبلين من أجل التوصل إلى نتائج وإجراءات جماعية.

وأوّد أن أتوجه بشكر خاص إلى المملكة الأردنية الهاشمية على استضافتها هذه الدورة وإلى معالي وزير الزراعة على ترأسه الاجتماع وعلى قيادته. 

شكرًا لكم، والله معكم.