المدير العام شو دونيو

القمة الإيطالية الأفريقية: جسر للنمو المشترك بيان

للدكتور شو دونيو، المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة

29/01/2024

أصحاب المعالي والسعادة،

حضرات السيدات والسادة،

أودّ أن أثني على حكومة إيطاليا لعقدها هذه القمة الإيطالية الأفريقية الهامة من أجل النهوض بشراكة متكافئة مع أفريقيا والحرص على أن تبقى أفريقيا محور المناقشات خلال الرئاسة الإيطالية لمجموعة الدول السبع.

ويشكِّل تحويل النظم الزراعية والغذائية ركيزة استراتيجية لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة في أفريقيا، وينبغي أن يكون جزءًا لا يتجزأ من المناقشات.

وإنّ ضمان على أن تكون أفريقيا في صميم الرئاسة الإيطالية لمجموعة الدول السبع يجسِّد التزام إيطاليا بدعم العمل المناخي ونظم الإنتاج القادرة على الصمود وسبل العيش في المناطق الريفية في أفريقيا، استجابة إلى ما تشهده هذه القارة من ضعف شديد في مواجهة الصدمات المتعددة.

وتمثل إيطاليا، باعتبارها البلد المضيف للمقر الرئيسي للمنظمة منذ عام 1951، جزءًا أساسيًا من تاريخ المنظمة وثقافتها، وهي مساهم نشط في عمل المنظمة وولايتها.

ومن الأمثلة الحديثة العهد على ذلك عملية تقييم حصيلة قمة الأمم المتحدة للنظم الغذائية +2 ومنتدى الأغذية العالمي اللذان شاركت في استضافتهما بنجاح - وهذا يجسد التعاون الممتاز والشراكة المتينة بين المنظمة وإيطاليا في السعي إلى تحقيق أهدافنا العالمية الجماعية.

ونحن ممتنون لإيطاليا للتعاون الجديد بشأن المشروع المشترك "مدن خضراء من أجل أفريقيا"، الذي يُنفذ في سياق مبادرة المدن الخضراء التي وضعتها المنظمة، والذي سيتيح لنا دعم الإجراءات الرامية إلى التخفيف من آثار تغيّر المناخ والتكيف معه في عشر مدن أفريقية.

وتقدم إيطاليا مساهمات طوعيّة سخيّة، وتمثل أفريقيا أحد شركائها الرئيسيين.

وإن تعاوننا الناجح من أجل مؤازرة الأعضاء عبر مبادرات وطنية وإقليمية وعالمية مبتكرة هو تعاون تاريخي، ويستمر في التعزّز مع مرور الزمن.

وإن النظم الزراعية والغذائية تمثل الدعامة الأساسية لأفريقيا وتوفر نسبة 62 من سبل العيش.

وأفريقيا، بفضل مواردها الطبيعية الوفيرة وسكانها الشباب الواعدين وتقاليدها ومعارفها، هي أيضًا قارة الفرص.

غير أنّ الأرقام الصادرة مؤخرًا تشير إلى أنّ نسبة 20 في المائة تقريبًا من السكان تعاني من نقص التغذية.

وتتمتع أفريقيا بالقدرة على إنتاج ما يكفي من أغذية لتغذية سكانها والإسهام في الأمن الغذائي العالمي، حيث تبلغ مساحة أراضي المحاصيل المزروعة لديها أكثر من 350 مليون هكتار – أي ضعف ما هو موجود في الاتحاد الأوروبي.

ومن شأن تحويل النظم الزراعية والغذائية في أفريقيا لكي تصبح أكثر كفاءة وشمولاً واستدامة وقدرة على الصمود أن يزيد متوسط الإنتاجية الزراعية بمرتين إلى ثلاث مرات من أجل تحفيز تسريع وتيرة التجديد والتنمية في المناطق الريفية.

ويمكن لتسخير إمكانات هذه السوق الغذائية المحلية الكبيرة بصورة مستدامة المساعدة على تحقيق رؤية "منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية"، بما يفضي إلى زيادة بنسبة تتراوح بين 20 و30 في المائة في تجارة المنتجات الزراعية بين الأقاليم وداخلها بحلول عام 2040.

ومن شأن ذلك أن يعزز أيضًا القدرة على الصمود في وجه الصدمات والضغوط وأن يخلق فرص العمل وفرص السوق ويساعد على مواجهة آثار أزمة المناخ.

وتقوم المنظمة وشركاؤها، مثل الاتحاد الأفريقي والمنظمات الحكومية الدولية الأخرى، بدعم وتنفيذ الحلول التي تغيّر مجرى الأحداث، عن طريق أمور منها الحد من مخاطر الكوارث.

وتشير دراساتنا إلى أنّ المنافع تفوق التكاليف بما لا يقل عن مرتين إلى خمس مرات.

حضرات السيدات والسادة،

 أودّ أن أقترح اليوم خمس ركائز مهمة لإحداث أثر فعال في أفريقيا، مدعومة بشراكات استراتيجية، وهي:

أولًا: الاستثمارات المحدّدة الأهداف

ينبغي لنا أن نستند إلى التعاون السابق في مجالات تنمية سلاسل القيمة، وريادة الأعمال، وتوظيف الشباب، من أجل تعزيز سلاسل الإمدادات الغذائية ودعم الممارسات الزراعية المستدامة والإسهام في العمل المناخي.

ومن شأن ذلك أن يحفز النمو الأخضر في أفريقيا من أجل تنفيذ خطة أفريقيا لعام 2063 وخطة التنمية المستدامة لعام 2030.

فعلى سبيل المثال، أفضى تعاوننا مع البنك الإيطالي العام للتنمية (CDP) إلى تنفيذ مبادرة "تيرا" (TERRA) الرامية إلى تعزيز قدرة النظم الزراعية والغذائية في أفريقيا على الصمود. كما أنّ هذه المبادرة تحظى أيضًا بدعم الاتحاد الأوروبي.

وعلاوة على ذلك، يمكن لمنصات، مثل منتدى الاستثمار الخاص بمبادرة العمل يدًا بيد التابعة للمنظمة، الذي ننظمه هنا في روما في شهر أكتوبر/ تشرين الأول من كل عام، أن تمكّن الأعضاء من الالتقاء مع المستثمرين والشركاء المحتملين، ما يؤدي إلى تعزيز التعاون وتسريع وتيرة التغير التحويلي.

ثانيًا: توفير الوظائف للشباب وتمكين المرأة.

نظرًا إلى أنّ ثلاثة أرباع سكان أفريقيا لا يتجاوز عمرهم 35 عامًا، فإنه يجب على الاستثمارات في النظم الزراعية والغذائية أن تجعل الزراعة قطاعًا يستقطب الشباب ويعود عليهم بالربح.

وهذا أمر أساسي لمواجهة تحديات البطالة، كما أنه يسهم في التنمية الاقتصادية الشاملة. وإنّ تمكين المرأة بالغ الأهمية لنجاح هذه العملية.

فنسبة 66 في المائة من النساء في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى تعمل في النظم الزراعية والغذائية. وسيؤدي سدّ الفجوة بين الجنسين إلى إثراء النساء وأسرهن والحد من الجوع وتعزيز الاقتصادات.

ويمكن أن يركّز التعاون مع إيطاليا على الاستثمار في ابتكار تكنولوجيات جديدة في الزراعة، ودعم النساء والشباب.

وتجسيدًا لالتزام المنظمة بدعم المرأة والشباب باعتبارهما جهات فاعلة ذات دور رئيسي في تحويل النظم الزراعية والغذائية العالمية، بما في ذلك في أفريقيا، قمت مؤخرًا بإنشاء مكتب شؤون الشباب والمرأة في المنظمة بغية دعم هذه المبادرات الرئيسية.

ثالثًا: العمل بصورة جماعية على معالجة الأسباب الجذرية للهجرة وإيجاد حلول جديدة.

من خلال استعادة الموارد الطبيعية ونظم الإنتاج وتكييفها مع آثار أزمة المناخ التي تؤثر بشدة على الفقراء في المناطق الريفية، والسكان المعتمدين على الزراعة والرعي ومصايد الأسماك.

ومن خلال ضمان الأمن الغذائي والتغذوي للجميع.

ومن خلال خلق فرص عمل لائقة ومستدامة بيئيًا.

ومن خلال زيادة إمكانات التوسّع الحضري والتصنيع على خلق فرص عمل للنساء والشباب، لتحسين حياتهم وضمان عدم تركهم خلف الركب.

رابعًا: الابتكار وتنمية المهارات.

إنّ تسخير العلوم والتكنولوجيا والابتكار أمر حاسم في تسريع وتيرة تحويل النظم الزراعية والغذائية في أفريقيا.

وتعمل مبادرة 000 1 قرية رقمية، التي أطلقتها المنظمة في أفريقيا، على التصدي لعدم المساواة عن طريق دعم التحوّل الريفي الرقمي والحرص على عدم ترك أي أحد خلف الركب.

وقد أشار المؤتمر العالمي بشأن الميكنة الزراعية المستدامة، الذي استضافته المنظمة العام الماضي، إلى أنّه يمكن للابتكار والتكنولوجيا أن يعودا بمنافع كبيرة على أفريقيا لكي تزيد إنتاجيتها وقدرتها على الصمود.

وسيؤدي تجديد الحوار بين مؤسسات التدريب والأوساط الأكاديمية والمؤسسات البحثية الإيطالية والأفريقية دورًا حاسمًا في زيادة الابتكارات والمهارات والقدرات التي تشتد الحاجة إليها في جميع أنحاء القارة.

خامسًا: الوصول إلى الأسواق والتجارة

ينبغي الاستفادة إلى أقصى حد من الشراكات الاستراتيجية وميزة التقارب الجغرافي بين أفريقيا وإيطاليا من أجل تعزيز الوصول إلى الأسواق والتجارة.

ويمكن تحقيق منافع منطقة التجارة الحرة لأفريقيا بشكل أسرع من خلال الانضمام إلى مبادرة "بلدٌ واحد، منتجٌ واحد ذو أولوية" التابعة للمنظمة، والاستثمار في سلاسل القيمة الغذائية الزراعية الأكثر تنافسية وتعزيز حوكمتها وتنسيقها، وتحسين الامتثال لسلامة الأغذية، وزيادة القوة السوقية للتعاونيات.

الصديقات والأصدقاء الأعزّاء،

دعونا نواصل العمل معًا بأسلوب يتسم بالكفاءة والفعالية والاتساق من أجل إقامة شراكات أقوى وبناء جسر يفضي إلى نمو جماعي بين إيطاليا وأفريقيا.

وسيفضي تعاوننا اليوم إلى رسم معالم المستقبل وسيسهم في تحقيق الأفضليات الأربع، وهي: إنتاج أفضل، وتغذية أفضل، وبيئة أفضل، وحياة أفضل، من دون ترك أي أحد خلف الركب.

وشكرًا على حسن إصغائكم.