الصفحة السابقةالمحتوياتالصفحة التالية

 

نحو الوفاء بالتزامات مؤتمر القمة العالمي للأغذية

اصلاح الأراضي و تأمين حيازتها:

وسائل تحقيق الأمن الغذائي و التنمية الريفية المستدامة

يمثل حصول فقراء الريف على الأراضي بطريقة مأمونة، أحد العوامل الأساسية في تحقيق الأمن الغذائي والتنمية الزراعية المستدامة.

ويعيش ما يقرب من ثلاثة أرباع الفقراء والجوعى في العالم في المناطق الريفية النامية. وليس من قبيل الصدفة أن يتركز الفقر الشديد والجوع بين المعدمين الذين لا يمتلكون أرضا أو الذين يزرعون مساحات محدودة لا تكاد تلبي احتياجاتهم.

وتزيد نسبة المعدمين من فقراء الريف في أمريكا اللاتينية والكاريبي على 30 في المائة. وقد انتهت دراسة أجريت في بنغلاديش إلى أن أكثر من نصف الأسر الريفية المعدمة وشبه المعدمة يعيش في فقر شديد. وعلى النقيض من ذلك، يعاني 10 في المائة فقط من المزارعين الذين يحوزون أكثر من 3 هكتارات من الأراضي الفقر الشديد (أنظر الرسم البياني). وأكدت دراسات عديدة أخرى أن انخفاض المساحة المملوكة من الأراضي، أو عدم امتلاكها على الإطلاق، يؤدي بطريقة مباشرة إلى انخفاض الدخل وانخفاض فرصة الحصول على الغذاء.

وبالنسبة للفقراء والجوعى في المناطق الريفية، تعتبر فرص الحصول على الأراضي ليست فقط غير كافية، وإنما غير مأمونة. ويعمل الكثيرون في الأراضي كمستأجرين أو بالمشاركة في المحصول. ويواجه أصحاب الحيازات الصغيرة والفقراء تهديدا مستمرا يتمثل في احتمال اضطرارهم إلى بيع أراضيهم وأصولهم الأخرى لشراء الغذاء.

ويستشري الفقر والجوع بسبب عدم وجود حقوق مأمونة لحيازة الأراضي، والعكس صحيح. إن انعدام الأمن الغذائي غالبا ما يدفع المزارعين الفقراء إلى اتخاذ قرارات قد تضر بقدرتهم على استبقاء السيطرة على أراضيهم. وكثيرا ما يضطر المزارعون الذين يكافحون من أجل إطعام أسرهم إلى الاختيار الصعب بين البقاء على الأمد القصير وتحقيق الاستدامة الاقتصادية والبيئية على المدى الطويل، وبين شراء الأغذية أو الأسمدة، وبين الزراعة المعيشية والمحاصيل التجارية المربحة. وأوضحت الدراسات التي أجريت في شيلي وغواتيمالا وباراغواي، على سبيل المثال، أن ازدهار المحاصيل التصديرية غير التقليدية أدى إلى تفريط أصحاب الحيازات الصغيرة الذين يعانون انعدام الأمن الغذائي، حيث لم يتمكنوا أو لم يرغبوا في التحول من الزراعة المعيشية إلى المحاصيل النقدية.

كما يعتبر تأمين حيازة الأراضي ضروريا من أجل الاستدامة. وبدون الأراضي التي تستخدم كضمان بديل، لا يستطيع أصحاب الحيازات الصغيرة الحصول على الائتمان الذي يحتاجون إليه للحفاظ على أراضيهم وتحسينها، كما أنهم لا يثقون في ما إذا كانوا سينتفعون من جهودهم إذا فقدوا حقهم في حيازة الأراضي. ويؤدي عدم الإقبال على الاستثمار في تحسين التربة وإدارة المياه إلى تدهور الأراضي وفقدان خصوبة التربة، مما يهدد الحياة المعيشية لملايين الناس كما يهدد مستقبل الأمن الغذائي.

 

 

إصلاح الأراضي وتخفيض الفقر والجوع

تؤكد دراسات كثيرة أن تحسين سبل الحصول على الأراضي يمكن أن يكون له أثر كبير على تخفيض الفقر والجوع. وانتهت دراسة شاملة أجريت في الهند إلى وجود رابطة قوية بين إصلاح الأراضي وتخفيض معدلات الفقر. وقد تناولت الدراسة بالبحث جهود إصلاح الأراضي التي بدأت في الدولة في ما بين 1948 و1990، وقارنت نسبة انخفاض الفقر ونسبة النمو الاقتصادي الشامل في الولايات التي قامت بجهد ملموس في إصلاح الأراضي والولايات التي لم تفعل ذلك. وأكدت الدراسة أن إصلاح الأراضي أحدث تخفيضا ملموسا في معدل الفقر في الريف وكان حافزا لزيادة الأجور الزراعية. واستفاد من ذلك أصحاب الحيازات الصغيرة والعمال المعدمون الذين يمثلون جزءا رئيسيا من فقراء الريف.

وأجريت دراسة أخرى استندت إلى بيانات مأخوذة من 20 من البلدان النامية حيث وجدت أن تركيز ملكية الأراضي كان السبب وراء 69 في المائة من التباين في مستويات الفقر.

ويوضح تحليل بيانات المنظمة وجود ارتباط بين الأمن الغذائي وتوزيع الأراضي، حيث تمكنت البلدان النامية التي تم فيها توزيع الأراضي بطريقة أكثر إنصافا في 1980 من إحراز تقدم سريع في تخفيض معدلات انتشار الجوع خلال العقدين الماضيين (أنظر الرسم البياني في الصفحة التالية).

 

إصلاح الأراضي وزيادة الإنتاجية

يؤدي تحسين سبل الحصول على الأراضي والحد من تركيز ملكياتها إلى تحقيق فوائد تتجاوز المزارعين أنفسهم. وعادة ما تكون المزارع الصغيرة في المناطق الفقيرة أكثر إنتاجية وأكثر كفاءة من المزارع الكبيرة (أنظر الرسم البياني). ويبذل أصحاب الحيازات الصغيرة الكثير من الجهد في حقولهم، وكثيرا ما يزرعون أكثر من محصول سنويا في أراضيهم. ونادرا ما يتركون الأرض دون زراعة، كما يحدث في المزارع الكبيرة أحيانا.

ففي البرازيل، على سبيل المثال، تزرع نسبة تقل عن 15 في المائة من المزارع الكبيرة بالمحاصيل. وانتهت دراسة أجريت في شمال شرق البرازيل إلى أن إنتاج الهكتار يزيد بمقدار 5.6 أضعاف في المزارع التي تتراوح مساحتها بين 10 و50 هكتارا عن المزارع التي تزيد مساحتها عن 100 هكتار. وفي بلدان أخرى، وجد أن المزارع الصغيرة يزيد إنتاج الهكتار فيها بمقدار ضعفين إلى ثلاثة أضعاف عن مثيله في المزارع التجارية الكبيرة.

وحتى السكان الفقراء المعدمون يستفيدون من التوزيع العادل للأراضي، حيث تستعين المزارع الصغيرة بوجه عام بعدد أكبر من الناس للعمل في كل هكتار. وكثيرا ما ينفقون الدخل الذي يحققونه على المنتجات المحلية غير الزراعية والتي تكون مصدر عمل للفقراء والمعدمين منهم.

ويمتد هذا الأثر إلى المستوى القطري. فقد أوضح تحليل أجراه البنك الدولي عن توزيع الأراضي والناتج المحلى الإجمالي أن البلدان التي وزعت فيها الأراضي بطريقة أكثر إنصافا حققت قدرا أكبر من النمو الاقتصاديِ السريع والمستدام (أنظر الرسم البياني).

 

اتجاهات جديدة وقوة دفع

عادة ما يتمتع ذوو الحيازات الكاملة بحياة مستقرة عن أولئك الذين لهم حقوق جزئية فقط في الحصول على الأراضي. وبوجه عام، فإن الذين لهم حقوق جزئية أفضل حالا من المعدمين. وفي سياق تنشيط التنمية الريفية، تسعى بلدان كثيرة إلى التأكيد على أهمية تحسين سبل الوصول إلى الأراضي وزيادة تأمين الحيازة الزراعية.

وتوجد عملية إصلاح حيازة الأراضي على جدول الأعمال الدولي منذ زمن طويل، وبدلا من إتباع المنهج التقليدي، وهو البدء من القمة إلى القاعدة، تؤكد الإصلاحات الحديثة على المناهج التي تقوم على المشاركة واللامركزية والتي تستهدف المجموعات المحرومة، وبخاصة المجموعات المحلية والنساء (أنظر الإطارين)، إلى جانب تسهيل العمليات التجارية في مجال الأراضي، بما في ذلك التأجير.

 

 

 

الصفحة السابقةاعلى هذه الصفحةالصفحة التالية