الصفحة السابقةالمحتوياتالصفحة التالية

 

نحو الوفاء بالتزامات مؤتمر القمة العالمي للأغذية

التمويل من أجل التنمية:

الدور الحيوي لخفض معدل الجوع و دعم التنمية الزراعية

وضع المؤتمر المعني بتمويل التنمية الذ ي عقدته الأمم المتحدة في مارس/آذار 2002 مستوى جديدا من الالتزام بالأهداف التي حددها "إعلان الألفية" في سبتمبر/أيلول 2000. وأعادت الأهداف الإنمائية للألفية الجديدة التأكيد والتركيز على ما التزم به المجتمع الدولي في سلسلة من المؤتمرات ومؤتمرات القمة التي عقدت في التسعينات. ويأتي الحد من تعاسة البشرية وتنشيط التنمية الاجتماعية في قلب هذه الالتزامات. ويعتبر تخفيض كل من الفقر الشديد والجوع إلى النصف بحلول عام 2015 هدفا رئيسيا.

واقترح المؤتمر المعني بتمويل التنمية اتخاذ إجراءات ملموسة في عدد من المجالات بهدف زيادة مستوى تعبئة الموارد من أجل التنمية وتخفيض معدلات الفقر. ولهذا الغرض، قدمت وكالات الأمم المتحدة الثلاث التي توجد مقارها في روما، والمعنية بالأغذية والزراعة والتنمية الريفية حججا قوية لإعطاء أولوية لتخفيض معدل الجوع ودعم التنمية الزراعية والريفية. وقدمت منظمة الأغذية والزراعة، وبرنامج الأغذية العالمي، والصندوق الدولي للتنمية الراعية بيانا بآثار الجوع التي تسبب ضعف إنتاجية الفرد وضعف النمو الاقتصادي بوجه عام. وأوضحت هذه الوكالات أنه ما لم يتم التصدي للجوع بطريقة فعالة، فإن احتمالات تحقيق أهداف أخرى مثل التعليم العام، وصحة الأم، والاستدامة البيئية سوف تتعرض لخطر شديد (أنظر الصفحة 04).

وقدمت الوكالات الثلاث الدليل على أن مكافحة الجوع والفقر الشديد تحتاج إلى التزام متجدد وموسع في مجال التنمية الزراعية والريفية. وبوجه عام، يعيش نحو 70 في المائة من فقراء البلدان النامية في المناطق الريفية، ويستمدون أسباب معيشتهم من الزراعة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. وفي هذه البلدان يزيد الاعتماد على الزراعة حيث يزيد انتشار الجوع (أنظر الرسم البياني). لذلك فإن نمو القطاع الزراعي يعتبر ضروريا من اجل تخفيض معدل الفقر وضمان الأمن الغذائي.

 

الاستثمار في الزراعة يتراجع حيثما يزيد انتشار الجوع

يوضح استعراض البيانات المتعلقة بالاستثمار الخاص والإنفاق العام والمساعدات الخارجية التي تقدم للزراعة في البلدان النامية أن القطاع يحصل على قدر أقل من الاستثمارات والدعم في البلدان التي ينتشر فيها الجوع والفقر على وجه الخصوص.

ويأتي معظم الاستثمارات اللازمة لحفز النمو "في القطاع الزراعي من الموارد الخاصة، وعلى رأسها المزارعون أنفسهم. إذا نظرنا إلى حصة العامل الزراعي من الزراعة الأولية في البلدان النامية نجد أنها منخفضة للغاية ومتدنية في البلدان التي يزيد فيها انتشار نقص الأغذية، مقارنة بالبلدان التي تمكنت من تخفيض معدل الجوع (أنظر الرسم البياني).

وتزداد هذه الفجوة في الاستثمار اتساعا. فمنذ عام 1975، يحصل الذين يبلون بلاء حسنا في تخفيض معدل الفقر على حصة أكبر من الاستثمارات الموجهة للزراعة. وفي جميع الفئات الأخرى، لم يزد الاستثمار إلا زيادة قليلة، ذلك إذا كانت هناك زيادة أصلا. وفي مجموعة البلدان التي يعاني أكثر من ثلث سكانها نقص الأغذية، انخفض نصيب الفرد من الزراعة الأولية بالأرقام الحقيقية خلال ربع القرن الماضي (أنظر الرسم البياني).


 

الاستثمار العام لا يعكس أهمية الزراعة

الاستثمار العام في البنية الأساسية والبحوث الزراعية والتعليم والإرشاد الزراعي يعد ضروريا لحفز الاستثمار الخاص والإنتاج الزراعي والمحافظة على الموارد.

غير أن الإنفاق العام الفعلي على الزراعة والتنمية الريفية في العالم النامي لا يعكس أهمية القطاع بالنسبة للاقتصاد القطري والحياة المعيشية للسكان. والواقع أن إنفاق الحكومة على الزراعة يقترب من الأهمية الاقتصادية لهذا القطاع في البلدان التي يقل فيها انتشار الجوع. وفي مجموعة البلدان التي يزيد فيها انتشار نقص الأغذية، لا يعادل الإنفاق الحكومي على الزراعة أهمية القطاع بالنسبة للاقتصاد بل إنه يقل كثيرا عن ذلك.

وهذه الاتجاهات مثبطة للهمم. فخلال التس ع ينات أوضح دليل التوجهات الزراعية (الذي يحتسب على أساس النسبة بين حصة الزراعة من مجموع الإنفاق العام وبين حصتها في الناتج المحلي الإجمالي) زيادة اهتمام البلدان التي يوجد بها أقل نسبة من انتشار نقص الأغذية، في حين تناقص هذا الاهتمام لدى البلدان التي يوجد بها أعلى معدلات انتشار نقص الأغذية.

 

المساعدات الإنمائية لا تستهدف أكثر البلدان احتياجا

تعتبر المساعدات الإنمائية ضرورية للغاية بالنسبة للبلدان التي تعاني الفقر الشديد ولا توجد لديها غير قدرة محدودة على تعبئة المدخرات المحلية الخاصة والعامة من أجل الاستثمار. وهذه المساعدات الإنمائية حيوية للزراعة على وجه الخصوص، حيث أن الاستثمارات الأجنبية الخاصة كثيرا ما تتخطاها. ومع ذلك انخفضت المساعدات الإنمائية الرسمية للزراعة بنسبة 48 في المائة خلال الفترة من 1990 إلى 1999 بالأرقام الحقيقية.

ويبدو أيضا أن المساعدات الخارجية للزراعة ليست مرتبطة بالحاجة. إذ تشير بيانات هذه المساعدات للفترة 1997-1999 إلى أن البلدان التي كان ما يقل عن 5 في المائة من سكانها من ناقصي الأغذية تلقت قدرا من المساعدة لكل عامل زراعي يزيد ثلاث مرات عما تلقته البلدان التي كان أكثر من 35 في المائة من سكانها من ناقصي الأغذية. وعلاوة على ذلك، ومع أن المساعدات الخارجية للزراعة لكل عامل زراعي انخفضت بالنسبة لجميع الفئات في التسعينات، فإن البلدان التي ينتشر فيها نقص الأغذية بمعدل أعلى هي التي عانت أشد انخفاض. ففي تلك البلدان، انخفضت المساعدات الخارجية للزراعة بنسبة 49 في المائة بالقيمة الحقيقية، بحيث بلغت أقل من 40 في المائة من المستوى لكل عامل زراعي في البلدان ذات المعدلات الأدنى لانتشار الجوع.

والرسالة واضحة، وهي أن توجيه موارد كافية للزراعة والتنمية الريفية سيزيد من الانتاجية وفرص العمل وإمكانيات الحصول على الغذاء، وبخاصة في المناطق الريفية وفي البلدان الذي يزيد فيها انتشار الجوع. والكثير من هذه البلدان في أمس الحاجة إلى الموارد القابلة للاستثمار. وتقديم المساعدات الدولية لهذه البلدان، بدءا بالوصول إلى حل لمشكلة الدين، سيكون دليلا ملموسا على الالتزام ببلوغ أهداف مؤتمر القمة العالمي للأغذية.

 

 

 

الصفحة السابقةاعلى هذه الصفحةالصفحة التالية