الصفحة السابقةالمحتوياتالصفحة المقبلة

إعادة توجيه المساعدات نحو أشد الناس احتياجا

أطلق برنامج الأغذية العالمي أسلوبا جديدا لتقديم مساعداته. ويتمثل العنصران الأساسيان في مبادرة دعم التنمية في إحكام توجيه المساعدات نحو مناطق جغرافية معينة والريط بين المعونة الغذائية ونشاطات التنمية الريفية. وكانت مساعدات برنامج الأغذية العالمي توجه عادة نحو دعم السياسات الإنمائية للحكومات المستفيدة أو لدعم المناطق التي يرى أنها معرضة لنقص الأغذية على أساس ما يسودها من مناخ وتضاريس. وكانت الأغذية توزع عادة على المناطق التي تتعرض للجفاف أو الفيضانات. غير أن الفهم الأكثر دقة لأسباب التغذية غير الكافية، فضلا عن توافر الأدوات الجديدة لجمع البيانات وتحليلها، مكنا من توجيه المساعدات ذات الصلة بالأغذية مؤخرا وبطريقة أكثر دقة نحو السكان الذين هم في أمس الحاجة إليها. وقد أتاحت الوسائل الجديدة للعمل على المستوى المحلي للمنتفعين تولي ملكية النشاطات التي تتحقق بالمساعدات الغذائية، ومن ثم ساعدت على ضمان استمرار المكاسب التي تحققت.

الأسلوب الجديد

طبقا للأسلوب الجديد، هناك مجموعة من العوامل تجتمع لإحدات أنواع مختلفة من انعدام الأمن الغذائي. وقد أثبتت الدراسات التي أجريت مؤخرا كيف أن الفقر والأمية وسوء التغذية وتدهور البيئة يمكن أن تكون من الأسباب المباشرة والنتائج المباشرة أيضا لانعدام الأمن الغذائي. وعلاوة على ذلك، فعلى الرغم من أن السكان الذين يعيشون في المناطق المعرضة للجفاف أو الفيضانات قد يكونوا عرضة لنقص الأغذية كما يتضح من التحليل التقليدي، فإن لديهم في بعض الأحيان استراتيجية ناجحة للتعامل مع مثل هذه التهديدات المتكررة ومن ثم فهم لا يعانون بالضرورة انعدام الأمن الغذائي. ومن ناحية أخرى/ قد يعاني بعض أفراد المجتمع المحلي انعدام الأمن الغذائي المزمن حتى في المناطق التي تحدوها الطبيعة بمناخ وتربة جيدة تضمن توافر إمدادات غذائية عادة.

ولابد لتحقيق الأمن الغذائي من استيفاء ثلاثة شروط هي: أن تتوافر الأغذية بكميات كافية مع مراعاة الإنتاج المحلي والواردات التجارية والمعونة الغذائية والمخزونات القطرية، وإن تكون سبل معيشة الأسرة كافية لتوفير الفرصة للناس كي يحصلوا على الإمدادات الغذائية، وأن تلبي الإمدادات المتوافرة الاحتياجات التغذوية والصحية الخاصة لجميع أفراد المجتمع المحلي.

ويمكن لأدوات "تحليل التعرض لنقص الأغذية ورسم الخرائط ذات الصلة" أن تحول هذه الأفكار المتعمقة إلى خطط سليمة وإجراءات فعالة. ونظرا لأن جزءا من استراتيجية برنامج الأغذية العالمي تتمثل فى تركيزمبادرة دعم التنمية على المناطق والسكان الأكثر تعرضا لانعدام الأمن الغذائي، حددت وحدة "تحليل التعرض لنقص الأغذية ورسم الخرائط ذات الصلة" أفضل الممارسات المتوافرة لتحليل التعرض لنقص الأغذية. وبدلا من التركيزعلى فشل المحاصيل وغير ذلك من الكوارث يمكن أن تساعد الطرق الجديدة على تحديد ما يلي:

تطبيق الأسلوب الجديد

تعتبر نيبال مثلا جيدا على هذا الأسلوب الجديد في العمل. فقد كان برنامج الأغذية العالمي في السابق يعمل في مشروعين في هذا البلد: أحدهما لدعم برنامج التعليم القطري والآخر يشمل إقامة وإصلاح البنية الأساسية الريفية (الطرق والمدقات الصغيرة). وعندما شرع المكتب القطري في نيبال في إعادة تصميم برنامجه وفقا لمبادرة دعم التنمية، أجرى استعراض رئيسي للمشروعين القائمين وتحليل شامل للتعرض لنقص الأغذية. وأسفر ذلك عن برنامج جديد لتحقيق الأهداف التالية:

وكان هذا الأسلوب للعمل يعني تغييرا في كل من المناطق والسكان الذين تستهدفهم المساعدة. ومن ثم تحول تركيز نشاطات البرنامج بالتدريج بعيدا عن منطقة تيراى المنتجة للأغذية في السهول إلى المناطق الجبلية الغربية التي كانت تضم أسوأ فرص الحصول على الأغذية وأكثر السكان الذين يعانون أسوأ أنواع انعدام الأمن الغذائي. وسوف تستخدم بعد ذلك برامج المشاركة لضمان استفادة أشد المجتمعات احتياجا وأكثر الأسر والأفراد انعداما للأمن الغذائي من فرص العمل المتولدة والأصول الناجمة عن نشاطات برنامج الأغذية العالمي.

النشاطات المترابطة

وخلال برنامج السنوات الخمس القادمة (2002-2006) ، سيقدم برنامج الأغذية العالمي الدعم لثلاثة أنواع مختلفة، وإن كانت مترابطة، من النشاطات في مجالات تنمية البنية الأساسية والتعليم والتغذية. ويهدف البرنامج من وراء تركيزهذه النشاطات في نفس المناطق الجغرافية إلى تكوين رأسمال مادي وبشري معا ومن ثم تحقيق أقصي تأثير ممكن على الأمن الغذائي.

وسوف يدعم البرنامج، في أول الأمر، مجموعة من الجهود الذاتية الرامية إلى تحسين البنية الأساسية المجتمعية وربط هذه الجهود بأنشطة التعليم والتغذية اللاحقة، وتعزيز البيئة الملائمة للنشاطات الإنمائية الأخرى . وفى المدى القصير، يتمثل الهدف في التخفيف من نقص الأغذية المؤقت والموسمي لدى الأسر التي تعاني العجز الغذائي وذلك من خلال توفير فرص العمل في المجتمع المحلي. أما في المدى الطويل، فسوف يتم تحسين الأمن الغذائي لهذه الأسر من خلال إقامة الطرق الصغيرة والمدقات لتحسين فرص الوصول إلى الأسواق ومن خلال تكوين أصول تحفز على إنتاج الأغذية. وسوف تشمل هذه الأصول منشآت الري الصغيرة أو تلك التي تستخدم في التحكم في الفيضانات ومكافحة تعرية الترية. وسوف تتولى مجموعات الأسر المحتاجة إقامة البنيات الأساسية من خلال برامج "الغذاء مقابل العمل "، وبعد ذلك تمتلكها وتقوم بصيانتها. وستوفر حكومة نيبال الدعم الفني لإنشاء هذه البنية الأساسية في حين تقدم الوكالة الألمانية للتعاون التقني المشورة المتعلقة بتخطيط المشروع ورصده فضلا عن تدريب الموظفين الفنيين. أما لجان التنمية المحلية (التي سيتم تدريبها أيضا على يد الوكالة الألمانية للتعاون التقني) فمهمتها الموافقة على المشروعات وتنسق عمليات التخطيط المحلية. وسوف تساعد المنظمات غير الحكومية المحلية والخبراء الاستشاريين في تعبئة المجموعات وتدريب أفرادها. ومن شأن خطط العمل الخاصة بالمساواة بين الجنسين أن تؤدي إلى تمكين النساء وتعزيز مركزهن الاجتماعي والتخفيف من الفقر الذي تعاني منه الأسر التي تعتمد على دخل النساء. لذلك، سيزيد معدل تمثيل النساء في لجان التنفيذ المحلية من 30 إلى 50 في المائة، مما يتيح لهن الفرصة للإعلان عن احتياجاتهن وآرائهن.

وفي ما يتعلق بنشاطات "الغذاء مقابل التعليم"، سيعمل برنامج الأغذية العالمي مع برنامج الأغذية للمدارس الابتدائية في نيبال، في حين ستقدم منظمة الصحة العالمية المساعدات الفنية لبرنامج إزالة الديدان. كما سيتحمل برنامج الأغذية للمدارس الابتدائية في نيبال المسؤولية، في إطار النشاطات الجديدة لرعاية الأمومة والطفولة، عن تسليم الأغذية على المستوى الجهوي حيث تتولى بعد ذلك لجان تنمية القرى هذه العملية. وسوف يقدم برنامج الأغذية العالمي أيضا الأغذية التكميلية سواء كعنصر من عناصر التخطيط اللامركزي لبرنامج الطفولة التابع لصندوق الأمم المتحدة للطفولة أو بمساعدات فنية من مشروع صحة الإنجاب المشترك بين نيبال وألمانيا.

زيادة الفعالية

ومع استمرار مشروعات برنامج الأغذية العالمي في الاستفادة من التوجيه الأكثر دقة الذي يتيحه تحليل التعرض لنقص الأغذية مثلما الحال في نيبال، سوف تزداد أيضا فعالية هذه البرامج. ومنذ الموافقة على مبادرة دعم التنمية في مايو/ أيار 1999، استفادت نسبة 80 في المائة من البرامج الجديدة من التحليلات الخاصة بالجوع والتعرض لنقص الأغذية. وتشمل جميع المقترحات الإنمائية التي تقدم للمجلس التنفيذى لبرنامج الأغذية العالمي في الوقت الحاضر تدخلات بمعاونة الأغذية وضعت للتمكين من تحقيق التنمية في الأوضاع التي يشكل فيها انعدام الأمن الغذائي معوقا كبير. ولا تستخدم المعونة الغذائية الآن بمفردها إلا عندما يؤدي الفقر المدقع إلى الحيلولة دون الحصول على الغذاء. ولا شك في أن أي تحسن في تخطيط البرامج وتنفيذها يقرب بعض الشيئ من اليوم الذي تتحقق فيه أهداف مؤتمر القمة العالمي للأغذية.

الصفحة السابقةاعلى هذه الصفحةالصفحة المقبلة