المدير العام شو دونيو

حوار روما بشأن المياه الملاحظات الافتتاحية

للدكتور شو دونيو، المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة

04/10/2023

حوار روما بشأن المياه

الملاحظات الافتتاحية

يلقيها

الدكتور شو دونيو، المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة

4 أكتوبر/ تشرينالأول 2023

 

أصحاب السعادة،

السيدات والسادة،

 

1-         أكرر ما قلته سابقًا في مؤتمر الأمم المتحدة للمياه وفي شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من السنة الماضية، أني سأبقي المياه أحد المواضيع الرئيسية المدرجة على رأس جدول الأعمال العالمي. لأنّ الجميع يتحدثون عن المياه ويستخدمون العديد من العبارات لوصف أهميتها وكيف أنها تمثل الحياة والغذاء والثروة وكل شيء. فمن دون المياه لن نتمكن حتى من إدامة هذا الكوكب.

 

2-         ولهذا السبب تحاول الشعوب إرسال رواد الفضاء إلى القمر. لأنها تعتقد أنها قد تجد الجليد والمياه هناك.

 

3-         ويدعونا ذلك إلى أن نتأمل ونوسع آفاق تفكيرنا، وأن نتخذ إجراءات ملموسة ومتواصلة. وإذا قمنا بهذه الأمور الثلاثة بشكل متسق، يمكننا السير في الاتجاه الصحيح. وهذا ما تعلمناه من الرياضيات، ثلاث نقاط على نسق واحد تشكل خطًا مستقيمًا.

 

4-         وإني أرحب بكم في حوار روما الثاني بشأن المياه، الذي بدأ في عام 2022 وينعقد اليوم بعد نجاح مؤتمر الأمم المتحدة للمياه الذي انعقد في نيويورك خلال شهر مارس/ آذار من هذا العام، وشاركت في رئاسته كل من هولندا وطاجيكستان.

 

5-         وقد فاجأني أنّ الأمم المتحدة لم تعقد أي حدث كبير يتعلق بالمياه منذ 28 عامًا! لكن حين توليت تيسير الدورة الأخيرة في نيويورك، رأيت كيف كان الأعضاء ملتزمين بالكامل بهذه القضية وممتنين للفرصة التي أتاحها الرئيسان المشاركان والأمين العام للأمم المتحدة ومنظمة الأغذية والزراعة.

 

6-         ولهذا السبب باتت منظمة الأغذية والزراعة تشارك الآن مشاركة فاعلة! فالمياه هي إحدى ركائز المنظمة وينبغي أن تظل جزءًا من جميع مناقشاتنا، في جميع أقاليم العالم.

 

7-         والمياه هي إحدى سلعنا العامة الأعلى قيمة بالنسبة إلى كوكبنا. ولا أعني الناس أو النظم الزراعية والغذائية فحسب، بل الكوكب بأسره.

 

8-         إلّا أنّ المياه ليست موردًا لا ينضب.

 

9-         ويجب علينا ألّا نرى المياه بعد الآن على أنها من المسلّمات وأن نبدأ باتباع نهج علمي يستند إلى المبادئ الأربعة: الخفض وإعادة الاستخدام والتدوير والاستبدال.

 

10-      ولكن كيف يمكننا استبدال المياه؟ الجواب هو عن طريق زراعة أنواع قادرة على تحمل الجفاف، فهذه هي الطريقة الأفضل من الناحية الاقتصادية والعلمية. كما يمكننا الاستعاضة عن المياه بشكل آخر من المياه.

 

11-      ولدينا الكثير من الأفكار والمنتجات المبتكرة من أجل استبدال المياه؛ وهي ليست فقط منتجات توفر المياه، بل تكنولوجيات وأنواع حديثة توفر المياه، لا سيما في النظم الزراعية والغذائية.

 

12-      وعلى مستوى العالم، نواجه تحديات عسيرة بالنسبة إلى المياه، إذ ترتبط نسبة 90 في المائة من الكوارث الطبيعية بالمياه – بسبب ندرة المياه والفيضانات.

 

13-      ويؤدي ذلك إلى تكبد خسائر مباشرة تفوق 200 مليار دولار أمريكي سنويًا.

 

14-      وإذا أردتم الحصول على كلفة بشكل أدقّ وواقعي أكثر، يجب أن تشمل حساباتكم الهند والصين والولايات المتحدة الأمريكية والبرازيل وغيرها من البلدان الكبيرة – وهذا ما أقوله لزملائي في المنظمة على الدوام. وإلّا فإنّ الإحصاءات والبيانات المتعلقة بالخسائر المباشرة لن تكون صحيحة.

 

15-      وينبغي أن تبدأ إجراءاتنا بالنظم الزراعية والغذائية كونها تستهلك نسبة تفوق 70 في المائة من مياهنا العذبة.

 

16-      وسيؤدي التصنيع والتوسع الحضري وتزايد عدد السكان إلى زيادة استخدام المياه بمقدار الثلث بحلول عام 2050.

 

17-      واستجابةً لذلك، أطلقت المنظمة مبادرة "رحلة المياه" التي تسلّط الضوء على الدور الحاسم الذي تؤديه الإدارة المتكاملة للموارد المائية في الزراعة وضمان الأمن الغذائي – وفي تحقيق خطة عام 2030.

 

18-      وإنّ ضمان المياه الكافية للنظم الزراعية والغذائية بموازاة ضمان تلبية احتياجات الأنشطة الأخرى من المياه يحمل في طياته مقايضات وفرصًا.

 

19-      وهذا ما دعانا إلى اتباع نهج شمولي لإدارة العلاقة بين الأغذية والمياه والتربة والتنوع البيولوجي.

 

20-      وحين نزيد كفاءة النظم الزراعية والغذائية ونخفف من آثارها السلبية ونعيد استخدام مياه الصرف الصحي، تصبح تلك النظم مفتاح الحل لأزمة المياه العالمية، وضمان الأمن المائي والغذائي في آن معًا.

 

21-      وتواصل المنظمة دعم البلدان عن طريق تزويدها بحلول فنية بشأن أمور منها جمع مياه الأمطار وتخزينها ونظم الري، نظرًا إلى الأهمية المتزايدة للبنية التحتية في جهودنا الرامية إلى تحويل النظم الزراعية والغذائية لكي تصبح أكثر كفاءة وشمولًا واستدامة وقدرة على الصمود.

 

22-      ومن شأن إسناد الأولوية للبنية التحتية الخضراء والزرقاء أن يحسّن نوعية المياه ويحافظ على التنوع البيولوجي ويحقق منافع أخرى للنظم الزراعية والغذائية والتنمية الريفية.

 

23-      وسيساعد ذلك المزارعين على تنويع ممارساتهم الزراعية وأنواع محاصيلهم وزيادة قدرتهم على الصمود في وجه آثار أزمة المناخ.

 

24-      ولهذا السبب ينبغي لنا أيضًا أن نعمل مع البلدان على تحديد الاحتياجات في مجال الري وإمكاناته، دعمًا للقرارات المتعلقة بالتخطيط والاستثمار والتمويل.

 

25-      وكنت قد أعلنت العام الماضي في البيان الذي ألقيته أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أنه في حال قامت الولايات المتحدة الأمريكية بزيادة مساحة أراضيها المروية بنسبة 2 في المائة – من النسبة الحالية التي تقل عن 18 في المائة إلى نسبة 20 في المائة – فمن شأن ذلك أن يزيد الإمدادات في الأسواق الدولية بنسبة تزيد عن 10 في المائة، كون الولايات المتحدة تنتج أغذية أساسية تزود بها السوق الدولية، وليست فقط لاستهلاكها الخاص.

 

26-      وتبلغ نسبة الأراضي المروية في أوروبا 12 في المائة فقط. وخذوا إيطاليا مثلًا، فأنا لا أعرف مساحة الأراضي المروية لديكم، ولكن إذا وصلتم إلى مستوى الري نفسه الموجود في شمال غرب الصين، قد تتضاعف كمية إنتاجكم الزراعي ونوعيته. وينبغي لكم أن تديموا تغذية المحاصيل وإمدادات المياه كي تحصلوا على فواكه حسنة المذاق وعالية الجودة. ومن أجل تحقيق ذلك، أنتم بحاجة إلى زيادة الاستثمارات في المناطق الريفية وإمدادات المياه بمقدار ثلاثة أضعاف، لا سيما في نظم الري المشفوعة بأسمدة مغذية.

 

27-      وفي اعتقادي أنه بإمكان إيطاليا مضاعفة غلاتها، ليس عن طريق زيادة مساحة أراضيها الزراعية، بل بكل بساطة من خلال تحسين نظام الري.

 

28-      وتواصل المنظمة أيضًا دعمها للبلدان عبر تزويدها بالبيانات والمعلومات، عن طريق منصات مثل بوابة إنتاجية المياه والإطار العالمي بشأن ندرة المياه في الزراعة.

 

29-      وبغية توحيد المعلومات والرؤى، ستقوم المنظمة أيضًا بإطلاق تقييم عالمي لاحتياجات الري وإمكانات الري، بالإضافة إلى إجراء تقييم لأثر الفيضانات على الزراعة والمناطق الريفية.

 

30-      الزميلات والزملاء الأعزاء،

 

 

31-      لقد قطعنا أشواطًا في رحلة المياه منذ أن عقدنا حوار روما الأول بشأن المياه في نوفمبر/ تشرين الثاني 2022.

 

32-      ولم يسألني أحد لماذا أطلقت هذه التسمية على حوار روما بشأن المياه؛ وحتى أصدقائي الإيطاليين لم يطرحوا عليّ هذا السؤال. والسبب وراء التسمية هو أنّ مياه الصنبور هنا في روما آمنة ومستدامة – بفضل النظام الذي قامت بتركيبه الكنيسة، أو الإمبراطورية الرومانية، منذ سنين عديدة، مستندة إلى حل قائم بالكامل على العلوم. وهو الإبقاء على المياه في مكانها الأساسي والحفاظ على نظافتها واستدامتها. إذًا، يمكننا أن نتعلم من أسلافنا كيف قاموا في ذاك الزمان بتركيب نظام إمدادات مائية جيد ومتطور من أجل هذه المدينة.

 

33-      وبالتالي فإنّ حوار روما بشأن المياه لا يقتصر فقط على النظم الزراعية والغذائية، بل يتعلق أيضًا بهذه المدينة – إحدى المدن الخضراء.

 

34-      وهذا هو أيضًا المفهوم الذي استندت إليه مبادرة المدن الخضراء، المتعلقة بالنظم الزراعية والغذائية والتنمية الحضرية والريفية – وهو نهج شمولي حقيقي.

 

35-      ولا بدّ لنا أن نفكر كيف ستكون المدن المستقبلية في أفريقيا وآسيا والشرق الأدنى. وقد سمعت عن تصاميم فريدة ضخمة طرحتها المملكة العربية السعودية من أجل بناء مدينة مستقبلية جديدة في الصحراء. وستكون المياه مسألة حاسمة فيها – كيفية الحفاظ على دوران المياه واستدامتها، وكيفية بناء نظام الاتصالات من الجيل السادس وبناء نظام النقل العام الموفر للطاقة هناك.

 

36-      إذًا تلك مدينة مستقبلية. ولا بدّ أن تشتمل على المياه – ويمكنهم التعلم من مدينة روما!

 

37-     وقد أطلقت المنظمة مبادرة جديدة تتناول خرائط الطريق الوطنية للمياه في سبيل تحقيق خطة عام 2030 في أفريقيا.

 

38-     وتدعم تلك المبادرة الأعضاء لوضع استراتيجيات وسياسات متكاملة تهدف إلى استخدام المياه بشكل مستدام.

 

39-      وفي مؤتمر الأمم المتحدة للمياه لعام 2023 الذي انعقد في نيويورك، قمنا بحشد طاقات المجتمع الدولي من خلال تقديم ثمانية التزامات تجاه برنامج عمل المياه.

 

40-      وفي الدورة الثالثة والأربعين للمؤتمر الوزاري لمنظمة الأغذية والزراعة التي انعقدت في شهر يوليو/ تموز من هذا العام وحملت عنوان "الإدارة المتكاملة للموارد المائية"، استضفنا موائد مستديرة رفيعة المستوى تناولت مواضيع امتدت من ندرة المياه إلى الفيضانات والبنية التحتية.

 

41-      ويمكنكم أن تلاحظوا أنّ عام 2023 هو عام المياه بالنسبة إلينا! وليس فقط من خلال حوار روما بشأن المياه، فقد بدأنا منذ مؤتمر الأمم المتحدة للمياه مرورًا بالمؤتمر الوزاري للمنظمة وانتهاءً بالدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف المزمع عقدها في الإمارات العربية المتحدة، حيث ستكون الأغذية والطاقة أهم مواضيعها نظرًا إلى طبيعة البلاد الصحراوية.

 

42-      ويجب أن تكون المياه هي القاسم المشترك بين جميع الاجتماعات الدولية. وإلّا ستكون مجرد أحداث منفردة لا رابط بينها.

 

43-     وبالنسبة إلى الزراعة، فالمياه هي الشريان الرئيسي الذي يربط كل الأمور ببعضها. وذاك هو هدفي الحقيقي من وراء جميع تلك الإجراءات الصغيرة والكبيرة، ومن ضمنها مؤتمر الأمم المتحدة للمياه والدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف. ولهذا السبب عقدت العزم على الذهاب إلى الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف. وقمت بحثّ رئيس المؤتمر على النظر في مواضيع الأغذية والمياه والطاقة، لأنه مسؤول أيضًا عن الابتكار والمياه والطاقة.

 

44-      ونواصل اليوم رحلتنا معًا، ونجري المزيد من المناقشات بشأن أوجه الترابط والتآزر والحلول الشاملة التي تربط المياه بالتربة والأراضي وتغير المناخ والتنوع البيولوجي والأمن الغذائي.

 

45-      لكنّ الأهم من ذلك هو تمتين الشراكات الهادفة إلى تنفيذ تلك الحلول على نطاق واسع. ونحن بحاجة إلى مشاريع ضخمة، وليس مجرد مشاريع تجريبية واختبارية صغيرة. ولا بدّ أن نحصل على التزام سياسي راسخ من جميع رؤساء الدول، مثل رئيس طاجيكستان أو ملك مملكة هولندا وآخرين.

 

46-      وقمت أيضًا بزيارة أوزبكستان حيث أبدى رئيس البلاد التزامه التام بدعم مسائل المياه المتعلقة بالنواحي الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، وليس فقط المسائل المتعلقة بالزراعة.

 

47-      وعلينا نحن كمجتمع دولي أن نستفيد من كل فرصة متاحة لبناء مستقبل مستدام وقادر على الصمود وينعم بالأمن المائي والغذائي.

 

48-      ويمثل حوار روما بشأن المياه منصة مهنية تضعها المنظمة تحت تصرفكم لتسهيل التبادلات بين القطاعات بغية تحديد الحلول المفضية إلى إجراءات ملموسة.

 

49-      ولذلك فإني أعوّل على حكومتيّ هولندا وطاجيكستان للاضطلاع بدور قيادي.

 

50-      وتبدي المنظمة استعدادها لدعم أي مبادرة، بما في ذلك من خلال مبادرة العمل يدًا بيد الهادفة إلى دعم الأعضاء في إنشاء مشروع تجريبي يوضح كيفية بناء مجتمع يستخدم المياه بكفاءة، بما في ذلك علم الاقتصاد الزراعي والاقتصاد الحضري.

 

51-      وما أنشده هو بناء اقتصاد يستخدم المياه بكفاءة.

 

52-      وأنا أتطلع أيضًا إلى الاحتفال بيوم الأغذية العالمي لعام 2023 برفقتكم في 16 أكتوبر/ تشرين الأول، الذي سيحمل عنوان "المياه هي الحياة، المياه هو الغذاء، لا تتركوا أي أحد خلف الركب".

 

53-      أشكركم على حضوركم ودعمكم.