الاجتماع المشترك للجنة البرنامج ولجنة المالية
للدكتور شو دونيو، المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة
04/11/2025
رئيس الاجتماع المشترك ورئيس لجنة البرنامج،
رئيس لجنة المالية،
الرئيس المستقل للمجلس،
حضرات أعضاء الاجتماع المشترك،
حضرات السيدات والسادة، الزملاء الأعزاء،
صباح الخير وأهلًا بكم.
يسعدني أن أتوجّه إليكم اليوم في مستهل أوّل اجتماع مشترك منذ انعقاد المؤتمر الوزاري لمنظمة الأغذية والزراعة في يوليو/تموز،
وأرحّب ترحيبًا حارًا برؤساء هاتين اللجنتين وأعضائها الجدد.
كما أرحّب بالرئيس المستقل للمجلس المنتخب حديثًا.
إننا نجتمع اليوم من أجل بلوغ هدف مشترك وحاسم: مواءمة طموحاتنا الاستراتيجية مع الوسائل العملية اللازمة لتحقيقها.
والتحديات التي تواجه الأمن الغذائي العالمي لا تتطلّب منا مجرد رؤية فحسب، بل عملًا حاسمًا ومزوّدًا بموارد كافية.
وفي عام نحتفل فيه بالذكرى الثمانين لتأسيس المنظمة، تصبح ولايتنا القائمة على الهدف النبيل المتمثل في إيجاد عالم خالٍ من الجوع وسوء التغذية، وعالم خالٍ من الحرمان، أكثر إلحاحًا من أي وقتٍ مضى.
وفي هذا السياق، يشكِّل التآزر بين لجنة البرنامج ولجنة المالية القوة المحركة لفعاليتنا.
وكما قلت بشأن مبادرة الأمم المتحدة 80 للإصلاح، لا تكتفوا فقط بالقيام بالتخفيضات. بل يجب أوّلًا حماية المجالات الرئيسية، وثانيًا الحفاظ على الأجزاء الأساسية، ثم تخفيض ما تبقّى. وبعد ذلك تأتي المرحلة الثالثة وهي الإصلاح المتكامل، والرابعة وهي الإصلاح الشامل الأعمق.
وفي الأمم المتحدة، يجب تصميم هذه المراحل الأربع بصورة شاملة معًا. ولكن للأسف، يبدأ البعض بالتخفيضات المتكررة. وسيُظهر التاريخ أن الاكتفاء بالتخفيضات أمرٌ مبسّط للغاية. فهذا ليس إصلاحًا حقيقيًا.
ونحن محظوظون في المنظمة لأن أعضاءنا يدركون ذلك، ولأنكم لا تطلبون فقط القيام بتخفيضات متتالية.
ويجب أن نتذكّر أنّ عدم التخفيض بحد ذاته يشكّل تخفيضًا فعليًا نتيجة التضخم، مقارنةً بما كان عليه الوضع قبل عشر سنوات أو حتى قبل خمس سنوات قبل الجائحة.
فعلى سبيل المثال، هنا في إيطاليا، أصبح سعر السباغيتي اليوم ضعف ونصف ما كان عليه عندما وصلت في عام 2019، كما تضاعف سعر الأرز أيضًا.
وللأسف، هذه هي الحقيقة لأننا لا نعيش في فراغ أو في دفيئة. فنحن نعيش في العالم الحقيقي.
ويجب أن نعترف بهذه الحقيقة وأن نتخذ قرارات تستند إلى الأدلة وليس إلى العواطف. وأحرص دائمًا على تذكير نفسي بذلك.
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، على سبيل المثال، عندما أوقفتم اقتراحي للإصلاح الشامل، لم أغضب. ولماذا يجب أن أغضب؟ فهي منظمتكم، والأغلبية، بقيادة البلدان الأكثر ثراءً ومعها بعض البلدان التي حشدتها، لم ترغب في الإصلاح. وسيُسجّل التاريخ قراركم.
وسيُسجّل أيضًا أنكم أصبحتم الآن متأخرين بعامٍ كامل بشأن أمرٍ بدأنا الإعداد له قبل عامين.
ويُستخدم مصطلح "التقييم"، ولكن ما معنى ذلك فعلًا؟
فأي اقتراح إصلاح شامل يجب أن يأتي من الأعلى، وبالطبع يمكن أن تكون لكل طرف آراؤه المختلفة.
ويجب أن يبدأ أي إصلاح بتصميم شامل أوّلًا، ثم يمكنكم تبنّيه أو تقديم مدخلاتكم، وبعدها يتم وضع خطة العمل. وهي عملية تدريجية، تبدأ بالخيارات الأسهل أوّلًا ثم تنتقل إلى المستويات الأعلى. هذه هي الطريقة الصحيحة للقيام بذلك.
ويقول بعض الأعضاء إنه ينبغي أن نتبع عملية إصلاح الأمم المتحدة 80، ولكننا تجاوزنا تلك المرحلة. ويجب أن نستفيد من هذا الزخم لتسريع وتيرة إصلاحنا وتوسيع نطاقه. وهذا هو الأثر الإيجابي لمبادرة الأمم المتحدة 80.
حضرات السيدات والسادة،
تقدّم لجنة البرنامج توصيات لرسم مسارنا، وتحديد أولوياتنا، وصياغة تدخلاتنا، وضمان أن يحقق عملنا أثرًا ملموسًا على أرض الواقع.
وفي المقابل، تقدّم لجنة المالية توصيات بشأن الوقود الحيوي لعملنا – وهو ما أسميه "فيتامين ميم" (المال) – وتضمن إدارة مواردنا بكفاءة وشفافية، بما يعزّز ثقة الأعضاء والشركاء في الموارد على حدٍّ سواء.
ويشكّل هذا الاجتماع المشترك جسرًا يربط بين هذين الركنين الأساسيين في هيكل الحوكمة الخاص بنا.
وتريد لجنة البرنامج أن نقوم بالمزيد وبشكل أفضل؛ بينما تريد لجنة المالية تخفيض الميزانية – ولهذا عليكم أوّلًا التوصل إلى توافق وتسوية، لأنه بدون مال، كيف يمكن إدارة هذه المنظمة؟
ولكن حوارنا هنا لا يقتصر على استعراض الوثائق – مثل التعديلات على برنامج العمل والميزانية للفترة 2026-2027 المعروضة أمامنا – بل يتعلق بصياغة مسار موحّد للمضي قدمًا.
وبما أن المؤتمر الوزاري للمنظمة قد اتخذ قراره بالفعل، فعليكم الآن أن تمنحوا إدارة المنظمة الثقة للمضي قدمًا في التنفيذ.
فعلى سبيل المثال، أعلم أن البعض قال إنه ليست هناك حاجة إلى تجديد المرافق الصحية أو المصاعد، ولكن هذا في الحقيقة ليس قرارًا يعود للأعضاء.
فبعد 75 عامًا، لم تكن حالة هذا المبنى – مقرّكم الرئيسي – في وضع جيّد. وكان في حاجة إلى أعمال ترميم عاجلة.
والأمر ليس مسألة مالٍ، بل مسألة إنسانية.
وقد قلت لوزير البنية التحتية في إيطاليا، معالي السيد Matteo Salvini – وهو صديق لي – إنه ينبغي تخصيص ميزانية تتماشى مع التزامنا السياسي.
فالمسألة تتعلق بضمان أن يُتَرجم كل دولار يستثمره الأعضاء إلى تقدّم قابل للقياس لصالح المزارعين، وصغار المنتجين، والصيادين، وسكان الغابات، والمستهلكين، والأسر التي تعتمد على عملنا.
وكان اقتراحي لبرنامج العمل والميزانية للعامين المقبلين قائمًا على تنفيذ فعّال لبرنامج عملنا، وتحديد مجالات التركيز البرامجية، ومجالات تخفيف التركيز، ومجالات إعادة المواءمة.
ولأننا سنعقد مؤتمرات وزارية إقليمية العام المقبل، فهذا سيشكل فرصة للمنظمة. وعلينا أن نسافر أكثر، وأن نعزّز المشاركة أكثر. الجميع يريد دعم المنظمة – والمال موجود.
أما الإرادة السياسية فهي العنصر الأهم.
وقد تمثل هدفنا في تقديم برنامج عمل وميزانية قوي وذي أثر ملموس، والحفاظ على نفس المستوى الاسمي للاعتماد المخصص بالدولار الأمريكي في ميزانية فترة السنتين 2024-2025.
وفي الواقع، فقد تراجع الدولار الأمريكي أمام اليورو بأكثر من 10 بالمائة خلال العامين الماضيين.
ولهذا قدّمت تسوية لأصدقائي الأمريكيين: إذا نظرنا إلى الدولار، فسوف ننفق 80 بالمائة من ميزانيتنا بالدولار وليس باليورو. هنا فقط ننفق جزءًا بسيطًا باليورو، أما في بقية العالم فنحن ننفق غالبًا بالدولار.
ولهذا السبب انخفضت ميزانية المنظمة بما لا يقل عن 5 بالمائة مقارنةً بما كانت عليه قبل عامين، رغم أنها كانت قد ارتفعت سابقًا بنسبة 5.6 بالمائة.
وبصراحة، مقارنةً بما كان عليه الوضع قبل ثلاث سنوات، فنحن تقريبًا في وضع مماثل.
ولم تكن مهمة سهلة، ولكننا أنجزناها – وهذا يعكس كيف نحوّل أقوالنا إلى أفعال!
وقد أجرينا مراجعة استراتيجية وتم إلغاء 177 وظيفة مدرجة في الميزانية بقيمة إجمالية تبلغ 29 مليون دولار أمريكي، وهذا ما صمّمته قبل عامين.
ونظرت في مختلف الشُعب. وبعضها كان يُسمّى "وظائف صامتة" لأسباب تاريخية مختلفة. فعلى سبيل المثال، شعبة الأسواق والتجارة. قبل إنشاء منظمة التجارة العالمية، كانت لدى المنظمة وظائف عديدة، أمّا الآن فلدينا منظمة التجارة العالمية، والمفاوضات السياسية تجري هناك. ونحن نقدم دعمًا تقنيًا فقط، ولكن عدد الوظائف في تلك الشعبة لا يزال مرتفعًا نسبيًا.
وعلينا أن نكون استباقيين، ليس فقط من أجل الموافقة على الميزانية، بل من أجل تعزيز كفاءة المنظمة ككل.
وتضم شعبة مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية عددًا مرتفعًا من الوظائف، وذلك لأن العديد من البلدان لديها وزارات مستقلة تتعامل مع هذه القضايا.
وهناك أيضًا الوحدات المنشأة حديثًا، مثل مكتب الابتكار، ومكتب أهداف التنمية المستدامة، ومكتب حالات الطوارئ والقدرة على الصمود، وغيرها. وهذه أمثلة فقط على دوري في إدارة هذه المنظمة بهدف الحفاظ على توازن بين الوظائف التاريخية، والوظائف المبتكرة، والإدارات التقليدية.
وعندما كنت نائبًا للرئيس مسؤولًا عن الشؤون المالية في الصين في الأكاديمية الصينية للعلوم الزراعية التي كان لديها 22 ألف موظف، كانت 67 بالمائة منهم ضمن ما نسمّيه "الميزانية العادية."
ولهذا، كنا نعتمد على طلاب الدكتوراه الذين كانوا يعملون بجدٍ وكفاءة للحصول على درجاتهم. فمقابل كل وظيفة مموّلة من الميزانية العادية، كنا نحصل على مزيد من طلاب الدكتوراه.
أما في المنظمة، فالوضع مختلف قليلًا. نحن في حاجة إلى المزيد من الوظائف المموّلة من برنامج العمل والميزانية، فهذا سيتيح لنا توظيف المزيد من الخبراء الاستشاريين (العمل التعاقدي).
ولهذا السبب لدينا في المنظمة ما مجموعه 000 17 موظف، ولكن أقل من 000 4 منهم ضمن وظائف برنامج العمل والميزانية.
ولهذا، قدّرت كثيرًا المدير العام السابق José Graziano da Silva، لأنه بدأ في تغيير الآلية، والرقابة على برنامج العمل والميزانية، مما أتاح للزملاء الحصول على عدد أكبر من المستشارين.
ولكن هناك أمرًا واحدًا قمتُ بتحسينه استنادًا إلى نموذج عمله: يجب أن تكون هناك رقابة أفضل على جودة الوظائف من الرتبة الفنية ف-4 وما فوق. فقد وضع ثقة كبيرة في مديري الشعب، وهذا أدّى إلى استبدال الموظفين ذوي الدرجات الأعلى بموظفين أقل درجة من أجل التوفير، ممّا أدى إلى إضعاف القدرات التقنية.
والآن، ترتفع قدراتنا التقنية، كما أن الآلية قد تغيّرت أيضًا.
وهناك قراءتان لهذا الوضع، ومؤشران، ولذلك يجب أن نكون حذرين للغاية.
يجب أن نعود إلى طموحنا الأصلي، وأن نعيد التركيز، ونعيد ترتيب الأولويات.
وهذا ليس مجرد شعار. علينا أن ننظر في ولايتنا وكيف توسّعت.
وما زلنا بحاجة في المنظمة إلى إجراء بعض التعديلات الهيكلية الصغيرة. فعلى سبيل المثال، يتولى مكتب تغيّر المناخ والتنوع البيولوجي والبيئة أيضًا مسؤولية نظم التراث الزراعي ذات الأهمية العالمية – لماذا؟ فهذا المكتب ليست لديه ولاية بشأن التراث؛ فمسؤوليته تتمثل في حماية البيئة. وهذا مجرد مثال على إصلاح هيكلي بسيط نحتاج إلى معالجته.
وقد قمنا بتعيين الأمين الجديد للاتفاقية الدولية لوقاية النباتات – وهو أخصائي ذو خبرة واسعة في أمراض النباتات وخبير في السلامة الأحيائية من أستراليا. ومن خلال هذا التعيين، نضمن استمرار القيادة العالمية في مجال الصحة النباتية.
وتُعدّ أستراليا من أكثر البلدان جدّية في التعامل مع السلامة الأحيائية، من بين جميع البلدان التي زرتها.
ولا يمكننا إهمال الأهمية الحاسمة للوقاية من الأمراض الحيوانية العابرة للحدود، التي تؤثر على جميع البلدان حول العالم. وستضمن زيادة قدرها مليون دولار أمريكي في الميزانية استدامة تعبئة التمويل من خلال البرنامج العالمي الجديد للتصدي لتحديات الأمراض الحيوانية العابرة للحدود.
وقد صرّحت في اجتماع مجلس الرؤساء التنفيذيين التابع للأمم المتحدة الأسبوع الماضي، أنه فقد حان الوقت الآن، بعد 22 عامًا من الدعم وبشكل رئيسي من جانب الولايات المتحدة، لكي يتحمّل الأعضاء الآخرون دورهم، بغض النظر عن حجم مساهماتهم. وبالطبع، لا يعني ذلك أن الجهات المانحة التاريخية، مثل الولايات المتحدة، لا ينبغي أن تساهم.
وفي إطار التحضير للدورة التاسعة والسبعين بعد المائة لمجلس المنظمة في ديسمبر/كانون الأول، نعمل على تصميم كيفية عمل الآلية الجديدة لهذا البرنامج العالمي الجديد المتعلق بالأمراض الحيوانية العابرة للحدود، بحيث يتمكّن جميع الشركاء – الحكومات، والقطاع الخاص، والأوساط الأكاديمية، ومنظمات المزارعين، وغير ذلك من الجهات – من العمل معًا للتصدي لهذا التحدي المشترك.
وهذه تدابير وقائية استراتيجية لضمان سلامة الأغذية، والتجارة الآمنة، وصحة الحيوانات، وصحة النباتات – وهي عناصر أساسية لضمان فعالية نهج "الصحة الواحدة".
ونحن نصل الآن إلى فهم أشمل لمفهوم الصحة الواحدة، الذي لا يقتصر على الأمراض الحيوانية المنشأ والبيئة، بل يشمل أيضًا سلامة التربة، وصحة النباتات، وصحة الحيوانات.
وسنعقد، العام المقبل، المؤتمر العالمي حول الصحة الواحدة. وأنا مسرور جدًا لأن فخامة الرئيس Macron سينظم أيضًا قمة حول الصحة الواحدة؛ وستقدّم المنظمة لفرنسا كلّ الدعم الفني اللازم.
ونحن في حاجة إلى أن يتفاعل السياسيون والعلماء وأن يتحاوروا. واستنادًا إلى ملاحظاتي حول أوروبا على مدى السنوات الخمس والثلاثين الماضية، يمكنني القول إنّ لديكم سياسيين من الطراز الأول، ولديكم علماء من الطراز الأول، ولكنكم في حاجة إلى مزيد من الحوار بين هاتين الفئتين.
وإذا نظرتم إلى بلدان كبيرة أخرى، مثل الولايات المتحدة، واليابان، والصين، والبرازيل، والهند، فستجدون أن السياسيين هناك يجرون نقاشات مكثّفة مع العلماء، ومع روّاد الأعمال الذين يمتلكون التكنولوجيا المتقدمة.
وفي الصين، أعلم أن الرئيس ورئيس الوزراء والوزراء يقيمون حوارًا منتظمًا مع العلماء وروّاد الأعمال، للتعلّم منهم، وللتعرّف على واقع العمل الحقيقي على الأرض.
وفي المنظمة، تتمثل مسؤوليتنا في جمع السياسيين والعلماء معًا.
حضرات السيدات والسادة،
لقد أعدنا التأكيد مرة أخرى على التزامنا بتحقيق أفضل قيمة مقابل المال وتعزيز الكفاءة التشغيلية، وأودّ أن أشكر الأعضاء على اعترافهم وإقرارهم بأن عمل المنظمة لا غنى عنه، الآن أكثر من أي وقت مضى.
وقد عبّرت الشخصيات الرفيعة المستوى التي حضرت احتفالات يوم الأغذية العالمي- واحتفالات المنظمة بالذكرى السنوية الثمانين لتأسيسها- خلال منتدى الأغذية العالمي لعام 2025 الشهر الماضي، عن هذا الواقع أيضًا.
ويحتاج العالم إلى منظمة مستدامة ومهنية تواصل قيادة الخبرة التقنية استنادًا إلى العلم والابتكار.
وقبل ست سنوات، لم يكن الناس هنا يتحدثون عن العلم والابتكار، ولم يكونوا يتحدثون عن التكنولوجيا الأحيائية، ولا عن تعديل الجينات، ولا عن الذكاء الاصطناعي. أما اليوم، فالمنظمة ليست فقط أول جهة تتحدث عن الذكاء الاصطناعي وتدعمه، بل نقوم بتنفيذه فعليًا. والآن أصبحت لدينا مبادرة CertusCare التابعة للمنظمة ومبادرة Ms FAO AI.
ونحن نطبّق الذكاء الاصطناعي في وظيفة الموارد البشرية لتنفيذ إدارة التغيير. وتستخدم بعض الشعب الأخرى الذكاء الاصطناعي فقط في المنشورات المهنية، ولكن يجب استخدامه لإدارة التغيير نفسه، وهذا هو السبب الذي دفع الصين إلى إنشاء مجتمع رقمي. ونستخدم الهواتف المحمولة ليس فقط للاتصالات، بل لنغيّر أسلوب الحياة والعمل – إننا نغيّر نموذج العمل ذاته.
ولذلك أنشأتُ "الخدمات الرقمية في منظمة الأغذية والزراعة" وقد وفّرنا 79 بالمائة من الورق. وإذا أخذنا المقرّ الرئيسي والأقاليم الفرعية في الاعتبار، فقد وفّرنا أكثر من 90 بالمائة من الورق. وهذا أكبر إسهام في الاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة. لقد طبّقنا ما نقوله فعلًا!
وأنا أشجّع شعبة خدمات الأجهزة الرئاسية ومكتب الاتصالات المؤسسية على الاضطلاع بدور قيادي في كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي لإدارة العمل وتحسين الكفاءة.
فعلى سبيل المثال، يمكن أن يحسّن الذكاء الاصطناعي كفاءة خدمات الترجمة الفورية. ففي العديد من البلدان الآسيوية، يستخدمون الترجمة الآلية بالذكاء الاصطناعي، وهي أكثر دقة بكثير.
ويجب أن نعمل معًا لجعل المنظمة مؤسسة حديثة بكل معنى الكلمة!
منظمة تساهم في تشكيل عالم أفضل من خلال الأفضليات الأربع: إنتاج أفضل، وتغذية أفضل، وبيئة أفضل، وحياة أفضل – من دون ترك أي أحد خلف الركب.
ولأوّل مرة، سمعت معظم المسؤولين في الأمم المتحدة يقولون: "الأفضليات الأربع سهلة الحفظ للغاية"، فقلت: "نعم، أنا شخص بسيط. أنا ابن مزارع". وأنتم تجعلون رواياتكم معقدة للغاية. فـ 99 بالمائة من جمهورنا من المزارعين – غير ناطقين باللغة الإنكليزية – ولذلك يجب أن نجعل "الأفضليات الأربع" سهلة التذكّر. وفي الصين، هناك 400 مليون مزارع يتذكرون هذا الشعار البسيط.
ويجب أن تكون اتصالاتنا في متناول المزارعين والناس العاديين.
وأعلم أن بعض الدبلوماسيين هنا لا يحبّون مفهوم الأفضليات الأربع ولكنني تلقيت اعترافًا قويًا من جامعة الأمم المتحدة خلال فعالية دورة الأفضليات الأربع ضمن منتدى الأغذية العالمي – وهذا واحد من أعلى أشكال الاعتراف، صادر من أستاذ جامعي.
وسواء أحببتم الأفضليات الأربع أو لم تحبوها، فهذه وجهة نظر شخصية، ويجب ألّا تؤثر على عملنا المشترك، لأنها تشكّل الأساس للإطار الاستراتيجي للمنظمة للفترة 2022-2031.
وتتوافق التعديلات على برنامج العمل والميزانية مع توجيهات المؤتمر الوزاري للمنظمة بشأن الاتجاه البرامجي والحاجة إلى تحديد مكاسب إضافية في الكفاءة وتوفير 13.8 ملايين دولار أمريكي، وهو ما قمنا به بالفعل.
فمن جهة، نحن في حاجة إلى التوفير. فأنا من عائلة فقيرة، وأفهم تمامًا الحاجة إلى عدم إهدار المال. ولكن عندما جاء معالي الوزير Salvini ورأى الحديقة الأمامية، شعر بسعادة كبيرة، فطلبت منه أربعة ملايين يورو إضافية لدعم تجديد المرافق الصحية والمصاعد.
وقد أعدنا أيضًا تخصيص 5 ملايين دولار أمريكي للمجالات ذات الأولوية العالية، ما يعني وفورات إجمالية في التكاليف قدرها 18.8 ملايين دولار أمريكي.
وقد ساعدتني المديرة العامة المساعدة، السيدة Beth Crawford، ونائب المدير العام Maurizio Martina، وغيرهم في إعداد تعديل جديد بمزيد من التفصيل، وأنا أثق في هم وأعتمد عليهم.
وإننا نحقق مكاسب في الكفاءة وتوفيرًا ماليًا من ثلاثة جوانب: التوفير في التكلفة، والتوفير في الوقت، وتحسين الفاعلية.
وأقترح إدخال تعديلات ستؤدي إلى تعزيز المنظمة وزيادة أثرها.
وفي ما يتعلق بالمخصصات ذات الأولوية العالية، قمنا بزيادة في برنامج التعاون التقني بمبلغ 2 مليون دولار أمريكي. وكما ترون، حتى في هذا الوقت الحرج، وللمرة الأولى ما زلنا نضيف 2 مليون دولار أمريكي إلى برنامج التعاون التقني. وهذا يُظهر مدى أهمية دعم المنظمة للأعضاء الأكثر هشاشة، وخاصة الدول الجزرية الصغيرة النامية، والبلدان الأقل نموًا، والبلدان النامية غير الساحلية، أي نحو 92 عضوًا.
ثم ننتقل إلى دعم البلدان المتوسطة الدخل. وهذه هي الأسرة الكبرى في المنظمة. وإذا أردتم تحسين تحقيق أهداف التنمية المستدامة، فيجب أوّلًا دعم البلدان الهشة كخطوة نحو تحقيق طموح الأعضاء ببلوغ هدف تخصيص 17 بالمائة من صافي الاعتماد لبرنامج التعاون التقني، لضمان بقائه أداة ذات أولوية للاستجابة السريعة والفعّالة لاحتياجات البلدان.
وبالعمل مع نائب المدير العام، السيدة Beth Bechdol، قمنا بتغيير طريقة تعزيز فعالية برنامج التعاون التقني. ففي السابق، كان البرنامج يركّز فقط على التدريب، ولكننا غيّرنا النهج ليشمل أيضًا دعم بناء القدرات لإعداد مقترحات لتقديم طلبات للحصول على استثمارات – صغيرة وكبيرة على حدٍ سواء. ولهذا السبب، يقدّر الصندوق الأخضر للمناخ ومرفق البيئة العالمية جودة مقترحاتنا، ليس فقط من المقرّ الرئيسي، بل أيضًا من فرقنا القطرية.
وسيُشكّل الاستعراض الجاري لهياكل المكاتب القُطرية عامل تمكين رئيسيًا لإقامة شبكة أكثر كفاءة، وتعزيز القدرة على العمل كمنظمة واحدة لتحقيق أثر أكبر على أرض الواقع.
ولن تكون تدابير الكفاءة وحدها كافية للحفاظ على هذه القدرات الأساسية خلال فترة السنتين المقبلة.
وللحفاظ على القدرات المؤسسية وتلبية توقعات الأعضاء لاحتياجات المستقبل، سنحتاج إلى استثمارات متجدّدة وأساليب عمل أكثر ابتكارًا – بما في ذلك أدوات جديدة، ونماذج مشتركة للتنفيذ، ونُهُج مُعاد تصميمها.
ونحن في حاجة إلى تعزيز نموذج عملنا الجديد بشكل أكبر.
فعلى سبيل المثال، يعمل زملاؤنا في أفغانستان بجدٍ وبمهنية عالية، وبدعم من المقرّ الرئيسي وجهات أخرى، وقد حصلنا مؤخرًا على 100 مليون دولار أمريكي من بنك التنمية الآسيوي. وقد شعر زملائي في مجلس الرؤساء التنفيذيين بالغيرة، خاصة أولئك الذين يتعاملون مع قضايا اللاجئين والشؤون الإنسانية.
قلتُ إننا نحقق النتائج المرجوة، وقد أدركوا أن مبلغ 100 مليون دولار أمريكي يمكن أن يحقق للمنظمة نتائج أكبر. وخاصة في الشهرين الماضيين. وهذا يعكس فعلًا الاعتراف بتغيير نموذج الأعمال في المنظمة وطريقة العمل المشترك.
ومن خلال برنامج عملنا، نواصل استخدام الابتكار التقني، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، لتعزيز الكفاءة والفعالية والاتساق.
ومنذ الدورة الأخيرة للجنة البرنامج في مارس/آذار 2025، أنجز مكتب التقييم 13 من التقييمات التي قدّمت دروسًا بالغة الأهمية لتحسين عمل المنظمة وعملية اتخاذ القرار فيها.
وقد قيّم مكتب التقييم فقط المشاريع والبرامج التي تقع ضمن نطاق المنظمة، وليس البرامج والمشاريع الأخرى التي كان ينبغي أن تخضع لمتطلبات الجهات المانحة.
وينبغي عدم الخلط بين التقييم الداخلي ومكتب التقييم؛ فهم ليسوا طرفًا ثالثًا، وينبغي عدم إساءة فهم أدوارهما. وهما ليسا من مقدمي الخدمات، بل جزءٌ من وظيفة التقييم الداخلي في المنظمة.
وحتى مكتب المفتش العام هو جزءٌ من المنظمة. ولهذا تولّى Mika Tapio – الذي يحظى بتقدير كبير داخل منظومة الأمم المتحدة – منصب الأمين التنفيذي لوحدة التفتيش المشتركة. ونحن في حاجة الآن إلى مفتش عام بالإنابة لمدة ستة أشهر، وسنصدر فورًا الإعلان عن الوظيفة الشاغرة. وسيُعرض الأمر بعد ذلك على اللجنة، وفقًا للممارسة المعتمدة.
وأعلم أن بعض الأعضاء ربما قالوا في البداية إنّ المدير العام لا يحب وحدة التفتيش المشتركة. وهذا غير صحيح. فأنا أقدّر وحدة التفتيش المشتركة، ولكن لها ولايتها الخاصة – ويجب عدم تجاوز حدودها. فهي هيئة استشارية داخلية ضمن منظومة الأمم المتحدة، وليست جزءًا من أجهزتنا الرئاسية.
وضمن الإطار الاستراتيجي للمنظمة، صُمّمت الأفضليات الأربع لتشجيع نهج استراتيجي وقائم على النُظم.
ويتطلّب تحويل النظم الزراعية والغذائية استثمارات ضخمة تتجاوز بكثير ما يمكن أن يوفره التمويل العام وحده. ولهذا تعمل المنظمة على توسيع نطاق الاستثمار العام والخاص معًا.
وقد اقترحتُ على مجلس الرؤساء التنفيذيين، والأمين العام للأمم المتحدة، أن تضع الأمم المتحدة توجيهات عامة بشأن كيفية التعامل مع القطاع الخاص بما يخدم مصلحة جميع الوكالات والبرامج.
وتتراوح نسبة التمويل من استثمارات القطاع الخاص بين 8 و70 بالمائة. ويمكن أن تُيسّر خطوط توجيهية مثل هذه توسيع نطاق المشاركة، وأن تفتح الأبواب أمام دخول القطاع الخاص.
وأعلم أن بعض الدبلوماسيين الموجودين معنا هنا يتمتعون بنفوذ كبير، ويمكنهم التواصل مع زملائهم في نيويورك لمساعدة المنظمة على الحصول على تمويل يعود بالنفع على البلدان النامية. وستوفّر الخطوط التوجيهية المعايير المناسبة لهذا النوع من المشاركة.
وحتى شهر سبتمبر/أيلول، تمكنت المنظمة من تعبئة 1.13 مليار دولار أمريكي من التمويل المقدّم من الجهات المانحة، وهذا أعلى قليلًا مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.
وأنا أقدّر كثيرًا جميع الجهود التي يبذلها الزملاء على نطاق المنظمة، ولا يزال هناك الكثير من الإمكانات لتحقيق المزيد، مثلما هو الحال في شعبة مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية، التي تحظى باعتراف كبير بقدراتها المهنية وخدماتها.
وينطبق الأمر نفسه على مكتب تغيّر المناخ والتنوع البيولوجي والبيئة، وكذلك مركز الاستثمار في المنظمة، اللذين يمكنهما أيضًا التواصل مع الجهات المانحة، إلى جانب الصندوق الأخضر للمناخ ومرفق البيئة العالمية.
ويجب أن نكون واقعيين وعمليين، لأن لدينا أيضًا العديد من التكاليف التشغيلية التي يجب تغطيتها. فلنواصل العمل معًا!
أما الجهات المانحة التقليدية، فقد تراجع تمويلها بشكل حاد. ولهذا بدأت المنظمة تعتمد أكثر على الصندوق الأخضر للمناخ، ومرفق البيئة العالمية، والبنك الدولي، أو حتى بنك التنمية الآسيوي.
ومع الجهات المانحة التقليدية، نتوقع أن ننهي العام عند مستوى يقلّ بحوالي 15 في المائة عن إجمالي العام الماضي.
وسيتعين إعادة إشراك الجهات المانحة بطريقة مختلفة، مع إدراك أن الدعم في المستقبل قد لا يعود إلى المستويات التاريخية.
وإنّ أكثر من 40 في المائة من مواردنا الحالية تأتي الآن من الصناديق العمودية. وقد ساعدنا ذلك في امتصاص التراجع، ولكنه يعني أيضًا مرونة أقل ومنافسة أكبر عند دخول عام 2026.
ونحن نمضي قدمًا في إصلاحات لتعزيز القدرة على التنبؤ – مثل التخطيط على مستوى الحافظات، والبرامج الشاملة، وخيارات التمويل المجمّع وصناديق الأمانة، وتعميق الشراكة مع القطاع الخاص.
ونحن في موقع أفضل لأن وكالات أخرى تبذل جهودًا للحفاظ على قدراتها مع تخفيضات تتراوح بين 16 و20 في المائة. وأحثّ الزملاء من الفئة ف-3 إلى الفئة د-2 على السفر والذهاب للقاء المستثمرين المحتملين – فهذه هي الطريقة الأكثر فعالية لاستخدام ميزانية السفر.
لا تبقوا في روما. روما مكان جيد، ولكن علينا أن نخرج من روما. ولهذا، سأذهب يوم الأربعاء للمشاركة في الدورة الثلاثين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في البرازيل، وبعدها إلى أماكن أخرى. ولن تعرفوا الإمكانات الموجودة هناك إلّا إذا تحركتم وذهبتم وتحدّثتم بشكل مباشر مع المستثمرين المحتملين. وفي اللغة الصينية هناك قول مأثور مفاده: "عندما تبدأ في السير على الطريق، يظهر الطريق".
ويقول البعض إنّ كل شيء أصبح مُكلفًا، ولذلك يجب أن نبقى في روما. ولكننا زدنا ميزانية السفر بمقدار 10 ملايين دولار أمريكي، وحصلنا في المقابل على مليار دولار أمريكي أو أكثر! هذه هي عقلية التنمية، وليست عقلية البقاء. فأنا لست شخصًا يسعى إلى البقاء فحسب؛ لطالما كنت شخصًا يسعى للتنمية.
وعلى سبيل المثال، متحف المنظمة – ما هو عدد الزوار الذين يجذبهم؟ لقد استثمرت إيطاليا عدة ملايين، وستحقق عوائد أعلى. ولم يكن ذلك ليحدث لو قمنا فقط بتحديث المكتبة. فالمكتبة أصبحت من الماضي، أما المتحف والشبكة المصاحبة له مع مكتبة رقمية فهما مستقبلنا. فهذا يجذب الجميع، من الأطفال إلى المتقاعدين.
وأودّ أن أحيّي أعضاء مثل ليبيريا. فقد جاء معالي وزير الزراعة مع فخامة الرئيس، ودعما إنشاء قاعة عمليات ليبريا في المنظمة – وهي غرفة مهنية للغاية مزوّدة بقاعدة بيانات عالمية؛ قاعدة بيانات معرفية قائمة على الأدلة. ولا توجد أي منظمة أخرى يمكنها أن تحلّ محلّ المنظمة في هذا الدور، وهو أمر يحظى بتقدير كبير من الأعضاء.
وقد التقيت مؤخرًا بفخامة رئيس الجمهورية الدومينيكية، وأخبرني أنه يتابع عمل المنظمة، وأنهم يريدون أن ندعمهم بالبيانات، لأن منطقتهم، وإقليمهم، والأقاليم الفرعية لا يمكن التنبؤ بها إلى حدّ كبير، ولا يمكنهم التعامل مع ذلك بمفردهم.
والأمر نفسه ينطبق على منطقة الشرق الأوسط. تركز بيانات الأرصاد الجوية فقط على الغبار أو الجفاف، ولا توجد روابط بينها وبين الزراعة. أما في منظمة الأغذية والزراعة، فنحن قادرون على دمج جميع البيانات من مختلف الشعب الفنية لدعم قاعة العمليات.
وجميع هذه الروابط تصبّ في مصلحة المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة. وأعتقد أن هذا أحد المجالات التي سترتقي فيها المنظمة بخدماتها.
الزملاء الأعزاء،
بعد إصدار استراتيجية الموارد البشرية وخطة العمل التي أقرّتها لجنة المالية في مارس/آذار من هذا العام، تم تحقيق تقدّم ملحوظ خلال الفصول الثلاثة الأولى في تنفيذ المبادرات الرئيسية التي تقود عملية تحول وظيفة الموارد البشرية في المنظمة.
ولا يزال استقطاب المواهب محورًا أساسيًا، وقد تم تطبيق استراتيجية التواصل، التي أقرّتها لجنة المالية في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، على وظائف الفئات د-2 ود-1 وف-5. فهناك العديد من المرشحين المتميزين، ونحن في حاجة إلى المزيد والمزيد من الكفاءات لدعم رسالة المنظمة. كما يجب زيادة الميزانية. وقد انخفض معدل الشواغر الآن إلى 10 في المائة – وقبل ثلاث سنوات كان الأعضاء يطلبون خفضه إلى 15 في المائة، والآن أصبح 10 في المائة. وعلينا أن نتخذ القرارات الصائبة في الوقت المناسب.
قبل ثلاث سنوات، طلبنا زيادة بنسبة 5.6 في المائة، وحصلنا على دعم الولايات المتحدة والصين واليابان وأوروبا وغيرها، ولكن الآن الوقت غير مناسب لطلب زيادة.
ولهذا أقول إنّه يجب أن تثقوا فينا، ولا تتحكموا حتى أدق التفاصيل.
وفي ما يتعلق بالإطار الزمني، أعلم أن البعض كان قلقًا، فقد كانت المدة سابقًا 230 يومًا، والآن أصبحت أقل من 140 يومًا. وبالطبع ما زلنا في حاجة إلى تحسين ذلك، ولكن في بعض الأحيان، الإفراط في السعي نحو الكفاءة ليس جيدًا أيضًا. فبالنسبة إلى بعض الوظائف الرئيسية، مثل وظيفة رئيس العلماء، استغرق الأمر عامًا ونصف للعثور على المرشح المناسب. ويستغرق العثور على أنسب مرشح وقتًا – وينبغي ألّا تحلّ السرعة محلّ الجودة.
ولا تستطيع لجان، مثل لجنة البرنامج واللجنة المالية، التحكم في كل شيء. فالعالم يتغير بسرعة كبيرة. كيف يمكن التخطيط لعامين مقدمًا؟ يمكنكم تقديم التوجيهات بالطبع، ولكن يجب أن تضعوا في اعتباركم أن كل شيء يتطور بسرعة فائقة.
لذلك، أصبح الأمر يستغرق الآن أقل من 100 يوم، وهذا أمر جيد، ولكن بالطبع، لا يزال لدينا مجال للتحسين.
وفي مارس/آذار 2025، أصدرت المنظمة سياسة موحدة جديدة بشأن التحرش والتحرش الجنسي وسوء استغلال السلطة والتمييز، حيث قامت بتوحيد الأطر السابقة، ولأول مرة، تعاملت مع التمييز باعتباره شكلًا متميزًا من أشكال سوء السلوك. وتعزز هذه السياسة نهجنا القائم على عدم التسامح مطلقًا، وتُقدم تعريفات أوضح، ومسؤوليات محددة، وآليات للمعالجة.
ولذلك، نحن نتعامل مع هذا الأمر بجدية بالغة، لأننا نعمل مع أشخاص من خلفيات ثقافية ودينية متنوعة. وبالطبع، من ناحية أخرى، يجب على موظفينا والعاملين لدينا فهم حقوقهم الحقيقية. ولكن من منظور الإدارة، علينا أن نكون أكثر تدقيقًا. وهذان مساران لتحسين بيئة العمل.
وفي عام 2025، حقّقت المنظمة إنجازًا رئيسيًا في التحوّل الرقمي من خلال إطلاق مبادرة CertusCare للموارد البشرية. وخلال مشاوراتي الأولى مع الأعضاء، ومع المتقاعدين من ممثلي المنظمة، أدركت أنّ هناك عددًا كبيرًا من اللوائح، ولا أحد يستطيع تذكّرها. والآن، ومن خلال AI CertusCare – أوّل روبوت محادثة معزّز بالذكاء الاصطناعي للموارد البشرية في المنظمة، والأوّل من نوعه في منظومة الأمم المتحدة – أصبح بإمكاننا تبسيط الأمور.
أمر لا يُصدَّق. فعندما شاركت في اجتماع مجلس الرؤساء التنفيذيين، ذكرت ذلك، وحتى الأمين العام للاتحاد الدولي للاتصالات أبدى دهشته عندما علم بأننا نوفّر دعم الذكاء الاصطناعي ضمن روبوت الموارد البشرية، وبالتحضيرات الجارية لإطلاق أوّل زميلة افتراضية بتقنية الأفاتار – والتي سيجري إطلاقها رسميًا غدًا. وسأسميها أول Ms FAO AI.
وأودّ أن أتقدّم بالشكر إلى مدير الموارد البشرية، Serge Nakouzi، الذي عاد بخبراته والدروس المستفادة من المكاتب القُطرية والإقليمية، حاملاً معه أفكارًا جديدة للابتكار.
وقد عزّزت المنظمة دورها بوصفها الجهة التقنية القيادية في منظومة الأمم المتحدة بشأن تحويل النظم الزراعية والغذائية، وضمان إدماج الأمن الغذائي، والتغذية، والتنمية الريفية ضمن خطط التنمية، والعمل الإنساني، والمناخ، وبناء السلام في منظومة الأمم المتحدة.
ونواصل التأكيد على أن الحق في الغذاء هو حق إنساني أساسي، وأن السلام شرط مسبق لتحقيق الأمن الغذائي.
ومن خلال التعاون عبر منظومة الأمم المتحدة، حققت المنظمة نتائج ملموسة، بما في ذلك المبادرات المشتركة على مستوى الأمم المتحدة بشأن نهج الصحة الواحدة، والعمل المناخي، ومصايد الأسماك، والغابات، والتجارة، بالإضافة إلى تعزيز المشاركة في آليات التمويل المشتركة مثل الصندوق المشترك لأهداف التنمية المستدامة، وصندوق بناء السلام، وصندوق مكافحة الجوائح. وبفضل صندوق مكافحة الجوائح، أصبح لدينا قدر من التداخل والاستمرارية في مجال مكافحة الأمراض الحيوانية.
وتُظهر هذه الشراكات كيف يُترجم العمل المعياري للمنظمة وحضورها القطري الالتزامات العالمية إلى عمل وطني من أجل نظم زراعية وغذائية أكثر كفاءة وشمولًا وقدرة على الصمود واستدامة.
ونحن متحدون من أجل تحقيق هدف أساسي وغير قابل للتفاوض: عالم يتمتّع فيه كل شخص، في كل بلد، كبيرًا كان أم صغيرًا، بغذاء كافٍ وآمن ومغذٍ يتيح له عيش حياة مفعمة بالصحة والنشاط.
وهذا ليس حلمًا بعيد المنال، بل حقّ إنساني أساسي. ومع ذلك يبقى بعيدًا للأسف عن متناول الملايين من الناس.
ويقوم مسار ضمان هذا الحق على ثلاث ركائز مترابطة وأساسية: توافر الأغذية، وإمكانية الحصول عليها، والقدرة على تحمّل كلفتها. فالتمويل الملائم والاستراتيجي هو الأساس الذي تستند إليه هذه الركائز الثلاث.
والسؤال المطروح أمامنا ليس ما إذا كان ينبغي تخصيص الموارد، بل كيف نفعل ذلك بصورة استراتيجية وشجاعة.
وهذا هو الاستثمار الأهم الذي يمكن أن نقدّمه لتعزيز الاستقرار العالمي، والازدهار الاقتصادي، وكرامة الإنسان.
والموارد التي نلتزم بها اليوم هي البذور التي ستنمو منها غدًا منظومات غذائية آمنة.
فلنوفّر ليس فقط ما يتيح البقاء، بل الأساس للارتقاء والازدهار.
وأنا واثق من أننا، من خلال روح التعاون والحوار البنّاء، سنحرز تقدّمًا كبيرًا في تعزيز قدرة المنظمة على النهوض بهذه المهمة. وأتطلّع إلى نقاش مثمر وبنّاء.
وشكرًا لكم – أعلم أنني استغرقت وقتًا أطول قليلًا، ولكن بعد عطلة الصيف، والمؤتمر الوزاري، واجتماع مجلس الرؤساء التنفيذيين، واحتفالات الذكرى الثمانين لتأسيس المنظمة، أردت أن تصلكم المعلومات مباشرة مني.
وهناك كمٌ هائل من المعلومات من أسبوع الأغذية العالمي ومنتدى الأغذية العالمي. إنها بالفعل حركة عالمية. وبالطبع، فنحن، كل عام، في حاجة إلى تحسينات إضافية. وأنا أقول دائمًا: كونوا أفضل ممّا كنتم سابقًا، وكونوا أفضل من أنفسكم.
وأتمنى لجميع أعضاء لجنة البرنامج ولجنة المالية – الجُدد منهم والقدامى، الصغار والكبار – أن يصبحوا لجنة برنامج ولجنة مالية أفضل، وكذلك رئيس مجلس مستقل أفضل!
شكرًا جزيلًا لكم على حسن إصغائكم.