السيدة Juliana تتجوَّل في حديقتها حيث يساعدها نظام ريّ يعمل بالطاقة الشمسية والتدريب الذي تلقّته في المدرسة الحقلية للمزارعين التابعة لمنظمة الأغذية والزراعة على تنويع محاصيلها، وتحسين خصوبة التربة، وضمان تمتع أسرتها بالأمن الغذائي على مدار العام. FAO/Samuel Creppy©
تمشي السيدة Juliana على طول الممر الضيق الذي يفصل حديقتها إلى مربّعات منظّمة من المحاصيل المخضرّة. وتتوقّف عند رأس كرنب، ثمّ ترفعه بيديها وتبتسم. فحقولها التي كانت جافة في السابق باتت اليوم مخضرّة، بفضل نظام ريّ منخفض الضغط يعمل بالطاقة الشمسية، يضخّ المياه لمحاصيلها بكفاءة، حتى في فترات الجفاف. وبفضل هذه الأدوات العملية، إلى جانب التدريب الذي تلقّته على استخدامها، بات بإمكان السيدة Juliana زراعة محاصيل غذائية باستمرار، رغم التغيرات المناخية التي يتعذّر التنبؤ بها.
وكانت السيدة Juliana قد فقدت زوجها منذ بضع سنوات، وتكافح لتأمين احتياجات أطفالها الستّة من المحاصيل القليلة التي تنتجها في مزرعتها الصغيرة. وعلى غرار العديد من الأسر في بلدة بايشا دا ميساو (Baixa da Missão) في مقاطعة هوِيلا (Huila) في جنوبي أنغولا، عانت السيدة Juliana من مواسم متتالية من قلّة الأمطار وذبول المحاصيل. فقد أدّت الصدمات المناخية، مثل ظاهرة النينيو، إلى تقصير فترات الزراعة، وقلّة المحاصيل.
ولكي تأخذ زمام الأمور بنفسها، انضمّت السيدة Juliana إلى مدرسة تشيتاكا (Chitaka) الحقلية للمزارعين، وهي مجموعة تعليمية مجتمعية تحظى بدعم من مبادرة تعزيز القدرة على الصمود والأمن الغذائي والتغذوي (FRESAN) في أنغولا، المموَّلة من الاتحاد الأوروبي. وبالشراكة مع معهد التنمية الزراعية، وبدعم فني من منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة)، درّبت هذه المبادرة أكثر من 425 7 مزارعًا من أصحاب الحيازات الصغيرة في أكثر من 30 مدرسة حقلية للمزارعين في مختلف أنحاء المنطقة.
تتناول المدارس الحقلية للمزارعين جملة من القضايا في آنٍ واحد، منها نُدرة المياه، وسلامة التربة، وتنويع المحاصيل، ورعاية الماشية. ومن خلال مبادرة تعزيز القدرة على الصمود والأمن الغذائي والتغذوي في أنغولا، التي تنفّذها منظمة الأغذية والزراعة، جرى تدريب أكثر من 425 7 مزارعًا من أصحاب الحيازات الصغيرة في أكثر من 30 مدرسة حقلية للمزارعين في المنطقة. FAO/Samuel Creppy©
وفي قلب كلّ مدرسة حقلية للمزارعين، توجد قطعة أرضٍ تجريبية صغيرة ومتكاملة، يعمل فيها المزارعون معًا لاختبار حلول عملية على مدار الموسم الزراعي. ويُحدّد المزارعون التقنيات والممارسات الزراعية الذكية مناخيًا الأنسب لبيئتهم المحلية. وتتناول المدرسة الحقلية جملة من القضايا في آنٍ واحد. إذ تجمع في مساحة واحدة قابلة للإدارة بين أساليب الري الموفّرة للمياه، وسلامة التربة، وتنويع المحاصيل، ورعاية الماشية.
وقامت مجموعة السيدة Juliana، التي تضم أكثر من عشرين مزارعًا، بتركيب مضخّة صغيرة تعمل بالطاقة الشمسية، قدَّمها المشروع، تُستخدم لاستخراج المياه الجوفية بالاعتماد على الطاقة المتجددة. وربطت المجموعة هذه المضخّة بنظام ريّ بالتنقيط منخفض الضغط، لتحقيق الاستخدام الأمثل لموارد المياه المحدودة. ويعمل هذا النظام على توصيل المياه مباشرة إلى جذور النباتات، ما يقلّل التبخّر ويضمن ثبات رطوبة التربة، حتى خلال فترات الجفاف.
وتتذكّر السيدة Juliana قائلة "كنّا نحمل الماء في الدلاء، لكنه لم يكن قطّ كافيًا. أما الآن، فبفضل المضخّة الشمسية وخطوط الريّ بالتنقيط، يمكننا الريّ حتى في فترات الجفاف. وأصبحت النباتات أكثر صحة، وأصبحنا نوفّر الوقت والجهد".
كما اعتمدت المجموعة استخدام السماد العضوي للحفاظ على برودة التربة ورطوبتها، وزّرعت مزيجًا من الخضروات سريعة النمو والمحاصيل الأساسية، لتعزيز الأمن الغذائي الأسري، إضافة إلى البقوليات لتحسين خصوبة التربة.
وتقول السيدة Juliana، موضّحة أسلوبها في زراعة الذرة والخضروات، "نستخدم روث أبقارنا وماعزنا. وبفضل المدرسة الحقلية للمزارعين، تعلّمتُ تقنيات جديدة وشاهدتُ تحسّنًا في المحاصيل".
ومن خلال الدورات التدريبية حول صحة الحيوان والاستخدام الآمن للمستلزمات البيطرية، بيّن المشروع كيف يمكن لرعاية المحاصيل والعناية بالحيوانات أن تكمّل الواحدة منهما الأخرى وتدعمها لتعزيز القدرة على الصمود.
تضمن المدارس الحقلية للمزارعين انتشار الممارسات الزراعية الذكية مناخيًا إلى ما يتجاوز الحقل التجريبي لتصل إلى الحقول الأسرية. وبالنسبة إلى السيدة Juliana، فقد تجسَّدت هذه التغييرات في شكل زيادة في الخضروات الطازجة ودخل أكثر استقرارًا. FAO/Samuel Creppy©
وقد أسهم نهج المدارس الحقلية للمزارعين في تعزيز القدرات المحلية من خلال تدريب صغار المزارعين، والميسّرين المجتمعيين، والعاملين في الإرشاد الزراعي على حدٍّ سواء. ويضمن ذلك انتقال الممارسات الزراعية الذكية مناخيًا والمهارات الجديدة من الحقول النموذجية إلى الحقول الأسرية.
وبالنسبة إلى السيدة Juliana وأفراد المجتمعات المحلية في هوِيلا، فقد تجسّدت هذه التغييرات في تحسين الوصول الموثوق إلى الخضروات الطازجة، وتوفير دخل مستقر يساعدهم على تغطية نفقات التعليم وغيرها من نفقات الأسرة.
وتوضّح قائلة "أستطيع الآن تحمّل تكاليف تعليم أطفالي. إذ يدرس الكبار منهم في الجامعة الآن، بينما يساعدني الصغار في الحقل بعد عودتهم من المدرسة".
ورغم أن فوائد المدارس الحقلية للمزارعين قد تبدو متواضعة في الوهلة الأولى، فإنها فوائد لا يستهان بها - إذ تضمن توفير إمدادات غذائية منتظمة، وفائضًا صغيرًا لتلبية احتياجات الأسواق المحلية، فضلًا عن المهارات العملية التي تعود بالنفع على المجتمع.
ومع انضمام مزيد من الأفراد إلى المدارس الحقلية للمزارعين، تساهم الزراعة الذكية مناخيًا، والتدريبات العملية، ونظم الريّ بالطاقة الشمسية، في بناء مجتمعات أقوى وأكثر قدرة على الصمود، وعلى أهبة الاستعداد لمواجهة تحديات تغيّر المناخ.
للمزيد من المعلومات
الموقع الإلكتروني: منظمة الأغذية والزراعة في أنغولا
الموقع الإلكتروني: منصة مدارس المزارعين الحقلية العالمية
الموقع الإلكتروني: الشراكة بين منظمة الأغذية والزراعة والاتحاد الأوروبي