عُقد الاجتماع السنوي الأول لأفراس في لحظة حرجة تمر بها المنطقة العربية، حيث تواجه المجتمعات تحديات كبيرة مثل انعدام الأمن الغذائي، وندرة الموارد، واستمرار النزاعات في غزة والسودان ولبنان واليمن. في ظل هذا الواقع، شكّل الحدث جهدًا رائدًا لجمع الأصوات من مختلف القطاعات والبلدان، جميعها ملتزمة بمواجهة الاحتياجات الملحّة للتنمية الريفية والزراعية في المنطقة. ولم يكن الاجتماع مجرد تجمع، بل أصبح رمزًا للأمل والتعاون والالتزام بدعم المجتمعات الريفية من خلال حلول عملية وروح التضامن.

تحت رعاية صاحبة السمو الملكي الأميرة بسمة بنت علي، سلط الاجتماع الضوء على أهمية التعاون الإقليمي في تعزيز التنمية الريفية. وفي كلمتها، أكدت سموها على الدور الحيوي لخدمات الإرشاد الريفي في تحقيق التنمية المستدامة، مشددة على أهمية الابتكار والتكنولوجيا الحديثة والسياسات التي تمكّن المزارعين، لا سيما النساء اللواتي يشكّلن العمود الفقري للمجتمعات الريفية. وقد جاء نداء سموها لتعزيز الشمولية وبناء القدرات متماشيًا مع القيم الأساسية للاجتماع، التي تركز على إقامة الشراكات وخلق مسارات للتقدم الجماعي.

جمع الاجتماع مزيجًا متنوعًا من المشاركين، شمل مسؤولين حكوميين ومنظمات المنتجين ورائدين في مجال خدمات الإرشاد الريفي وباحثين، بالإضافة إلى ممثلين عن منظمات إقليمية ودولية. وقد أسهم هذا التنوع في إثراء النقاشات، وأبرز الإمكانات المشتركة لمواجهة التحديات الملحّة من خلال التعاون بين مختلف القطاعات.

الفرص الاقليمية

سلّطت الجلسات الرئيسية الضوء على الدور المتطور لخدمات الإرشاد الريفي، حيث انتقلت من النماذج التقليدية إلى نماذج أكثر شمولية ومشاركة. وتنوعت النقاشات لتشمل مجموعة واسعة من المواضيع، بما في ذلك دور الإرشاد المتغير، التكيف مع تغير المناخ، تمكين المرأة، الممارسات المبتكرة، و دمج التكنولوجيا الرقمية في خدمات الإرشاد.

قدمت المناقشات الجماعية رؤى حول التحديات والابتكارات الخاصة بكل دولة، مؤكدين على أهمية مشاركة المعرفة والتعاون. وأكد تبادل الأفكار والممارسات على فرصة المنطقة العربية للنهوض معًا من خلال التعلم من تجارب بعضها البعض و تكرار النماذج الناجحة.

كما شهدت الزيارة الميدانية إلى محافظة جرش عرضًا للممارسات المبتكرة، مثل أنظمة الزراعة المائية والزراعة المائية المدمجة التي تهدف إلى تحسين كفاءة استخدام المياه، و مبادرات تربية النحل التي تقودها النساء والتي تهدف إلى تمكين المرأة الريفية، وجهود الحديقة النباتية الملكية في الحفاظ على التنوع البيولوجي. وقد قدمت هذه الزيارات للمشاركين أمثلة عملية على الإمكانات التحولية للتقنيات الزراعية الحديثة والمشاريع المجتمعية المدفوعة.

النساء والصمود في الأوقات الصعبة

ظهر الصمود كأحد المواضيع المركزية في الاجتماع السنوي للمنتدي العربي للخدمات الارشادية الريفية، حيث تم تناول التحديات المزدوجة لتغير المناخ والنزاع. في المناطق المتأثرة بالنزاعات تمتلك التعاونيات والقطاع الخاص القدرة على لعب دور حيوي في دعم المجتمعات الريفية.

النساء، باعتبارهن العمود الفقري للمجتمعات الريفية، أكثر تأثرًا بهذه التحديات ولكنهن أيضًا يحملن إمكانات هائلة كعوامل للصمود. دورهن الحيوي كمشاركات رئيسيات في الزراعة ومحركات للتنمية المستدامة يبرز الحاجة لضمان الوصول العادل إلى الموارد والتدريب والفرص لتعزيز مهاراتهن وصمودهن وتمكينهن.

كان التغيير المناخي أيضًا نقطة اهتمام رئيسية، حيث تم مناقشة تأثر المنطقة بندرة المياه وتغير المناخ. تم تناول استراتيجيات مثل مدارس المزارعين الحقلية، والمحاصيل المقاومة للجفاف، والحلول المبتكرة لمعالجة هذه القضايا. ورغم التقدم الذي تحقق، تبقى بناء القدرات أولوية للتكيف مع الواقع المناخي، خاصة بالنسبة لعمال الزراعة، ووكلاء الإرشاد، ومقدمي خدمات الإرشاد الريفي، والمنتجين.

فيما يتعلق بالمستقبل، يخطط أفراس لاستضافة ندوات عبر الإنترنت حول المواضيع الرئيسية التي تم تحديدها خلال الاجتماع، بما في ذلك الإرشاد للتكيف مع تغير المناخ والتخفيف من حدته ودور الإرشاد في بناء الصمود في الدول المتأثرة بالنزاع. ستساهم هذه الجلسات في تبادل المعرفة والحوار حول الاستراتيجيات العملية لدعم المجتمعات الريفية في مواجهة هذه التحديات الملحة.

العمل معاً لبناء مستقبل أفراس

حدد اليوم الأخير من الاجتماع الخطوات المقبلة للمنتدي حيث تعاونت مجموعات العمل على صياغة خطة عمل لمدة عامين لتوجيه أنشطة أفراس على المستويين الوطني والإقليمي. تركز الخطة على الشبكات، والدعوة، وبناء القدرات، والصمود في السياقات ما بعد الأزمات، وتعكس الالتزام الجماعي من قبل مجتمع أفراس لإحداث تغيير مؤثر.

كان الاجتماع السنوي الأول لأفراس مثالًا على إمكانات التعاون والنمو المشترك في المنطقة. من خلال الاستفادة من الخبرات المتنوعة، وتعزيز الشراكات، واحتضان الابتكار، يتجه المنتدي العربي للخدمات الارشادية الريفية ليكون في طليعة التحول في المجتمعات الريفية وبناء أنظمة مرنة وشاملة قادرة على الصمود ومواجهة تحديات المستقبل.