المدير العام شو دونيو

منظمة الأغذية والزراعة قيد الاستعراض: أسبوع الأغذية العالمي والميزة النسبية لمنظمة الأغذية والزراعة على أرض الواقع

المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة يتحدث خلال ختام منتدى الصندوق العالمي للحياة البرية والسكان الأصليين.
FAO/Alessandra Benedetti ©

 

 ليس منتدى الأغذية العالمي ويوم الأغذية العالمي مجرّد حدثين؛ بل إنهما عاملا تغيير أيضًا. فإنّ منتدى الأغذية العالمي الذي انبثق عن رؤية المدير العام، السيد شو دونيو، يمثّل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة) في أفضل صورها إذ أنه يستفيد من ميزتها النسبية الشاملة لتوحيد العالم في مكافحة الجوع وبناء نظم زراعية وغذائية مستدامة وقادرة على الصمود.

وتكلل منتدى عام 2024، الذي حمل عنوان " أغذية جيدة للجميع، اليوم وفي المستقبل"، بنجاح باهر حيث شارك فيه أكثر من 9 000 مشارك اجتمعوا في المقر الرئيسي للمنظمة في روما من أجل إرساء تعاون مؤثر. وكان النشاط ملموسًا حيث شارك الحاضرون في مناقشات ديناميكية تناولت مجموعة من القضايا الهامة، من الاستثمار والابتكار وصولًا إلى مشاركة الشباب والمعارف المتوارثة للشعوب الأصلية.

وقال المدير العام للمنظمة خلال الحفل الافتتاحي لمنتدى الأغذية العالمي لعام 2024: "يسعى هذا المنتدى المستقل والمحايد الذي أطلقته المنظمة وقامت باستضافته، إلى بناء عالم أفضل من خلال تحويل النظم الزراعية والغذائية العالمية بقيادة الشباب. ويتطلب التغيير التحوّلي ثلاثة عناصر رئيسية وهي: الشباب؛ والعلوم والابتكار؛ والاستثمارات المحددة الأهداف. وهذه هي الركائز الثلاث الرئيسية لمنتدى الأغذية العالمي".

وبالفعل، يتمثل أحد الجوانب المشجعة للمنتدى في تركيزه على تمكين الجيل القادم. فقد وفر منتدى الشباب العالمي خلال السنوات الماضية، منصة ديناميكية للقادة الشباب من أجل تبادل الأفكار وتولّي القيادة. وفي عام 2024، أطلق القادة الشباب أوّل خطة عمل عالمية للشباب، وهي خارطة طريق شاملة تحدد المبادرات التي يقودها الشباب لإحداث الأثر المنشود وتحديد ملامح مستقبل الأغذية.

وكان مختبر الابتكار الخاص بالشباب يعجّ بالإبداع، الأمر الذي شجّع إيجاد حلول مبتكرة للتحديات الزراعية والغذائية. وعزز المنتدى بفروعه الوطنية الخمسة والعشرين المشارِكة بصورة فاعلة، حِسّ الانتماء إلى المجتمع العالمي ومكّن الشباب ليصبحوا عناصر تغيير على المستويات كافة.

ولم يقتصر التركيز على الشباب على المنتدى فحسب، إذ شملت الاحتفالات بيوم الأغذية العالمي حدثًا خاصًا تمثَّل في يوم الأغذية العالمي للشباب الذي أشرك الأطفال الصغار في مكافحة الجوع وسوء التغذية من خلال محادثات وأنشطة ملهمة. وإنَّ التزام المنظمة بالشباب واضحٌ لأنها تعترف بدورهم الحيوي في تحويل النظم الزراعية والغذائية.

ولا يوفّر منتدى الأغذية العالمي منصةً للنقاش فحسب؛ بل يشجّع أيضًا على اتخاذ إجراءات ملموسة. وكان منتدى العلوم والابتكار بمثابة ملتقى لعرض آخر التطوّرات في النظم الزراعية والغذائية. وهذه السنة، تم عرض البحوث الرائدة في مجال التكنولوجيات البيولوجية والتكنولوجيات الرقمية، بالإضافة إلى أمثلة مشجعة على المبادرات التي يقودها المجتمع المحلي. وشدّد المنتدى على أهمية سدّ الفجوة التكنولوجية القائمة في البلدان النامية بغية ضمان استفادة الجميع من التقدم العلمي والابتكار.

وبموازاة ذلك، قام منتدى الاستثمار الخاص بمبادرة العمل يدًا بيد بتيسير الشراكات الرفيعة المستوى وحشَد استثمارات كبيرة في النظم الزراعية والغذائية المستدامة. وقام 29 بلدًا و5 مبادرات إقليمية بتقديم خطط وفرص استثمارية مفصّلة، حيث جرى عرض ما مجموعه 115 استثمارًا مصممًا لصالح أكثر من 120 مليون مستفيد. وأظهر المنتدى من خلال فرص الاستثمار المفصّلة في الأغذية والزراعة والتي تجاوزت قيمتها 15 مليار دولار أمريكي، قوة التعاون بين المستثمرين والحكومات والقطاع الخاص لإحداث تغيير حقيقي. وكشفت المنظمة أيضًا عن منصة المعلوماتية الزراعية الموسعة التابعة لها والتي تستخدم أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي والتخطيط المتقدم للاستثمارات في الأغذية والزراعة، بالإضافة إلى أداة التقدير المسبق لصافي الكربون (Ex-ACT) الجديدة على شبكة الإنترنت، لتؤكد مرّة أخرى التزامها بالاستفادة من التكنولوجيا لتحقيق التنمية المستدامة.

وشهد منتدى الأغذية العالمي الأخير إطلاق ثلاث مبادرات إقليمية جديدة - في منطقة الأمازون مع منظمة معاهدة التعاون في منطقة الأمازون، وفي الدول الجزرية الصغيرة النامية في البحر الكاريبي مع المجموعة الكاريبية، وفي الجنوب الأفريقي مع الجماعة الإنمائية للجنوب الأفريقي. وشكلت اجتماعات الوساطة الثنائية الفريدة من نوعها ابتكارًا رئيسيًا وقيمة مضافة لمبادرة العمل يدًا بيد. فقامت المنظمة خلال هذه الاجتماعات بتيسير العمل بين الحكومات والمستثمرين وبترتيبه، في حين تولّت الحكومات إدارة المناقشات.

ومنذ انعقاد منتدى الاستثمار التابع للمبادرة في عام 2022، تمّ التعهّد باستثمارات بقيمة 1.5 مليارات دولار أمريكي وهي قيد التفاوض. أمّا خلال منتدى الاستثمار التابع للمبادرة في عام 2023، فقد تمّ الالتزام بموارد بقيمة 2.3 مليارات دولار أمريكي وهي قيد التفاوض من جانب مستثمرين مختلفين، بما في ذلك المؤسسات المالية الدولية والقطاع الخاص والحكومات.

 

©FAO/Alessandra Benedetti

يوم الغذاء العالمي للناشئين وجمعية منتدى الغذاء العالمي المدرسية. FAO /  Alessandra Benedetti ©

 

يوم الأغذية العالمي: دعوة عالمية إلى العمل

يشكل يوم الأغذية العالمي الذي يُحتفل به كل سنة في 16 أكتوبر/تشرين الأول، تذكيرًا قويًا بالحق الأساسي في الغذاء ويوحّد العالم في محاربة الجوع. وشدّد موضوع هذا العام "الحق في الأغذية، من أجل حياة ومستقبل أفضل"، على أهمية الأغذية المتنوعة والمغذية والميسورة الكلفة والمتاحة والآمنة للجميع. وجمع الحفل العالمي الذي عقد في روما أكثر من 1 000 مشارك، وقام قادة عالميون مثل المدير العام للمنظمة السيد شو دونيو، وسفير المنظمة المعني بالتغذية جلالة ملك ليسوتو ليتسي الثالث، وقداسة البابا فرنسيس، والأمين العام للأمم المتحدة، برفع أصواتهم مناصرةً لهذه القضية الملحة.

وتردد صدى رسالة يوم الأغذية العالمي أبعد بكثير من روما، حيث جرى تنظيم أكثر من 150 حدثًا في جميع أنحاء العالم وفي 63 لغة. وساهمت الإعلانات المجانية التي اكتست بها شاشات المدن ووسائل النقل العام والمعالم الرئيسية في أكثر من 50 بلدًا في نشر الرسالة على نطاق واسع، ورفع مستوى الوعي، وحشد الدعم للحق في الغذاء. وشهد اليوم أيضًا الكشف عن شعار متحف وشبكة الأغذية والزراعة المقرر افتتاحهما في روما بمناسبة يوم الأغذية العالمي لعام 2025، وإطلاق "العد التنازلي 80-1 وصولًا إلى الذكرى الثمانين" لتأسيس المنظمة الذي يسلّط الضوء على تاريخ المنظمة ورؤيتها للمستقبل.

وكان الشباب في صلب الاحتفالات بيوم الأغذية العالمي، حيث عقد يوم الأغذية العالمي للشباب بمشاركة أكثر من 000 3 طفل وشاب في المقر الرئيسي للمنظمة. وشارك نشطاء ملهمون مثل الطاهية Binta والطاهي Max Mariola معرفتهم وشغفهم بالنظم الغذائية المستدامة، فيما استخدم فريق هارليم غلوبتروترز (Harlem Globetrotters) علامته الفريدة التي تجمع بين الرياضة والترفيه لدعم قضية الأمن الغذائي وأساليب العيش الصحية. وكان يوم الأغذية العالمي لعام 2024 احتفالًا عالميًا بحقّ، حيث ذكّرنا جميعًا بمسؤوليتنا المشتركة المتمثلة في ضمان إمكانية حصول الجميع وفي كل مكان على الأغذية التي يحتاجون إليها لعيش حياة مزدهرة.

 

تحقيق الأثر في جميع المجالات

يتردد صدى تأثير منتدى الأغذية العالمي عبر مختلف الأعمال التجارية، والخبرات الفنية، والعلوم الطبيعية والاجتماعية، والاستثمار، والابتكار، والبحوث. ويقوم المنتدى بتيسير التعاون بين القطاعات وتشارك المعارف من خلال الجمع بين هذه المجالات المتنوعة. فتكتسب الأعمال التجارية فهمًا أعمق للاتجاهات على مستوى الاستهلاك والممارسات المستدامة، فيما يتمكن العلماء والباحثون من التواصل مع المستثمرين وواضعي السياسات لترجمة الاستنتاجات التي توصلوا إليها إلى حلول واقعية. ومن شأن هذا النهج المتكامل أن يحفّز الابتكار ويسرّع وتيرة التقدم المحرز باتجاه تحقيق أهداف التنمية المستدامة والأفضليات الأربع للمنظمة، أي: إنتاج أفضل، وتغذية أفضل، وبيئة أفضل، وحياة أفضل، من دون ترك أي أحد خلف الركب. 

 

توطيد أواصر التعاون

يمكّن منتدى الأغذية العالمي الأعضاء في المنظمة والشركاء لكي يعملوا معًا من خلال توفير حيّز حيادي وشامل للحوار والعمل. ويمكّن المنتدى أيضًا أصحاب المصلحة، من خلال تيسيره إقامة الشراكات وتشجيعه لحس المسؤولية المشتركة، من حشد مواردهم وخبراتهم لمواجهة التحديات المعقدة مثل تغيّر المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، وانعدام الأمن الغذائي. وتكتسي روح التعاون هذه أهمية بالغة لتحويل النظم الزراعية والغذائية وضمان مستقبل مستدام للجميع.

ويجسّد الاحتفال نهج "المنظمة الواحدة" الذي يشدّد على الترابط في المنظمة وعلى الحاجة إلى إيجاد حلول متكاملة. ويؤدي الطابع اللامركزي دورًا رئيسيًا في هذا النهج من خلال تمكين المجتمعات المحلية والحرص على أن تكون الحلول مصممة خصيصًا لتتناسب مع السياقات المحددة. وتؤكد المنظمة، من خلال إيصال المنتدى إلى مختلف الأقاليم بواسطة الفروع الوطنية والعمل مع أصحاب المصلحة المحليين، على التزامها بالشمولية والحلول المنطلقة من القاعدة.

 

حيّز للشعوب الأصلية

تعترف المنظمة بالدور الحيوي الذي تؤديه الشعوب الأصلية في النظم الزراعية والغذائية المستدامة. ويوفر منتدى الأغذية العالمي منصة لتُسمع هذه الشعوب صوتها وتشارك معارفها. ولا يمثل المركز العالمي للنظم الغذائية للشعوب الأصلية الذي اجتمع خلال منتدى الأغذية العالمي، مجرّد منبر فحسب، بل هو أيضًا حيّز فريد يتم فيه الاعتراف بحقوق الشعوب الأصلية ونظمها الغذائية والمعرفية واحترامها.

وقال البروفيسور Valmaine Toki، رئيس آلية الخبراء المعنية بحقوق الشعوب الأصلية: "يمثّل المركز حيّزًا تشعر فيه [الشعوب الأصلية] بالارتياح والاحترام وحيّزًا يمكنها فيه المشاركة بفعالية في تحقيق أهداف ملموسة". وجمع المركز هذه السنة 53 خبيرًا من الشعوب الأصلية ومن خارجها من جميع أنحاء العالم لتبادل المعارف، وتشجيع التفاهم، وإعداد توصيات ملموسة في مجال السياسات.

ويشكل المركز صلة وصل حيوية حيث أنه يعمل على سدّ الفجوة بين معارف الشعوب الأصلية وعملية وضع السياسات، الأمر الذي يضمن دمج الممارسات ووجهات النظر التقليدية في المناقشات العالمية المتعلّقة بالأمن الغذائي. ولقد عززت الأجواء الفريدة السائدة مثلًا في مختبر أغذية الشعوب الأصلية بفضل الخيم البدوية والنيران المقدسة الخاصة بالشعوب الأصلية في منطقة سابمي، حسّ الانتماء إلى المجتمع المحلي وشجّعت الحوار المفتوح، الأمر الذي سهّل المشاركة في توليد المعارف ودفع عجلة التقدم باتجاه بناء مستقبل أكثر استدامة وشمولًا للجميع.

 

© FAO /  Pier Paolo Cito

إيطاليا – افتتاح منتدى الصندوق العالمي للحياة البرية والسكان الأصليين FAO /  Pier Paolo Cito ©

 

ولاية تفي بالغرض المنشود

تتماشى ولاية منتدى الأغذية العالمي تمامًا مع الهدف الرئيسي للمنظمة المتمثل في تحقيق الأمن الغذائي والتغذية للجميع. ويوفر المنتدى خارطة طريق لتحقيق هذا الهدف من خلال تركيزه على مشاركة الشباب، والابتكار العلمي، والاستثمار في النظم الزراعية والغذائية المستدامة. ولا يمثل منتدى الأغذية العالمي مجرّد حدث؛ بل هو حركة تمكّن الأفراد والمجتمعات المحلية لاتخاذ الإجراءات وتهيئة مستقبل أفضل للأجيال القادمة.

 

Video
World Food Day 2024 Video Message by QU Dongyu, FAO Director-General

Collective action across over 150 countries worldwide is what makes World Food Day one of the most celebrated days in the UN calendar.