تقوم السيدة Shorena Jambazishvili، وهي فنية بيطرية، بتحميل بيانات الحيوانات الملقحة إلى النظام الوطني لتعريف الحيوانات وتتبعها الذي تنفذه جورجيا بمساعدة فنية من جانب منظمة الأغذية والزراعة. ©FAO/David Khelashvili
حين تكسو الثلوج شوارع بلدة ساشكير الواقعة في جورجيا في شهر فبراير/ شباط وتنخفض درجات الحرارة إلى درجتين مئويتين تحت الصفر في الخارج، تأخذ السيدة Shorena Jambazishvili البالغة من العمر 39 عامًا قفازاتها المطاطية ومعها بعض الحقن الجديدة والأدوية وهاتفًا ذكيًا وتنطلق نحو المزرعة.
وفي الصباح الباكر، يحين موعد الجرعة الأولى من اللقاحات. وتعمل السيدة Shorena، بصفتها فنية بيطرية، يدًا بيد مع الطبيب البيطري من أجل تلقيح جميع الأبقار في البلدة ومن ثم رقمنة المعلومات المتعلقة بها.
وفي هذا الفريق المكون من شخصين، تضطلع هي بمسؤولية إدخال جميع البيانات إلى النظام الوطني لتحديد الحيوانات وتتبعها في جورجيا (النظام (NAITS))، الذي أحدث ثورة في تنفيذ خطة تتبع الحيوانات في البلاد خلال السنوات الخمس الماضية. ويقوم النظام الذي تنفذه حكومة جورجيا بمساعدة فنية من جانب منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة) بتسجيل البيانات المتعلقة بكل الماشية التي يفرض القانون تسجيلها، وتحديد القيّمين على تربيتها وأماكن تربيتها.
ويتيح النظام إمكانية تتبع الحيوانات والمنتجات الحيوانية المصدر بشكل فوري وعند الطلب ويعتبر ذلك جزءًا لا يتجزأ من سلسلة سلامة الأغذية؛ حيث يضمن النظام وصول الأغذية الآمنة من المزرعة إلى المائدة عن طريق تسجيل أصل الحيوانات وحالتها الصحية والتحقق منهما عند كل مرحلة من مراحل سلسلة القيمة.
وبات من السهل الآن البحث في شبكة الإنترنت عن مكان ولادة الحيوانات وأصلها وحالة لقاحها وحالتها الصحية بل ولونها أيضًا. وتساعد هذه المعلومات المشترين على اتخاذ قرارات مستنيرة وصحية عند انتقاء اللحوم وغيرها من المنتجات الحيوانية المصدر. وعلى سبيل المثال، يمكن للمستهلكين مسح رموز الاستجابة السريعة (QR) الموجودة على المنتجات والمرتبطة بالموقع الإلكتروني للنظام، حيث سيجدون معلومات أساسية تتعلق بالمنتج الذي يشترونه مثل الأصل والعمر وغير ذلك.
ويضم النظام حاليًا معلومات عن أكثر من مليون (1) رأس من الأبقار، ويرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى الأطباء والفنيين البيطريين الذين يمثلون ركائز هذا المشروع، حيث يعملون في الميدان من أجل جمع البيانات وتسجيلها.
وتقول السيدة Shorena: "عندما يحين موسم التلقيح، لا يمكننا أن نؤجل يومًا جرعة اللقاح أو نغفل عنها، لذلك نقصد المزارع يوميًا في مطلع الصباح وأواخر المساء".
وتسير السيدة Shorena بين بضع مئات من الأبقار المنتظرة في صفوف طويلة، حاملة الحقنة في يد والهاتف الذكي في اليد الأخرى، فتأتي بعض الأبقار لتحييها ببعض الخوار، بينما تفرك أبقار أخرى جبينها بالسياج الخشبي بسماجة لكي تحكّ رؤوسها الضخمة.
وتقوم هي باختيار الأبقار الجاهزة لتلقي جرعة اللقاح وتبتسم قائلة: "من الصعب على أفراد أسرتي أن أكون بعيدة عن المنزل في أغلب الأوقات، فهم ليسوا معتادين على ذلك".
الفنيات البيطريات يقمن بتلقيح الحيوانات ورقمنة المعلومات لتكون جزءًا من نظام التتبع في جورجيا، النظام الوطني لتحديد الحيوانات وتتبعها، الذي يجري تنفيذه بمساعدة المنظمة. ©FAO/David Khelashvili
مهنة جديدة
لقد مرّت ثلاث سنوات منذ أن قررت السيدة Shorena تغيير عاداتها اليومية كربّة منزل وتعلّم مهنة جديدة. فقد قررت في حينها الالتحاق بدورات تدريبية لكي تصبح فنية بيطرية معتمدة.
ولدى السيدة Shorena وزوجها السيد Arsen، وهو أيضًا طبيب بيطري، ولدان هما Otar، ويبلغ من العمر 15 عامًا، وMariam، وتبلغ من العمر 13 عامًا. وتذكر السيدة Shorena أنه كان من الصعب على Otar وMariam تقبّل بعض التغيرات التي طرأت على عادات الأسرة، لأنهم اعتادوا على رؤية والدتهم إلى جانبهم طوال الوقت. غير أنّ عملها الجديد كان يبشرهم بمنافع أخرى.
وتوضح السيدة Shorena قائلة: "لقد تحسنت أوضاعي المالية بالطبع" وتضيف: "لكنّ الأهم من ذلك هو أن أتعلم من هذه التجربة. فأنا أكتشف شيئًا جديدًا كل يوم. وأزيد ثقافتي في العلوم البيطرية والأمراض المتنوعة التي تصيب الحيوانات، وذلك يدفعني إلى مواصلة تطوير نفسي".
ووتردف قائلة: "كلما زاد تثقيف المرأة، كلما زادت استقلاليتها ... والاستقلالية أمر في غاية الأهمية".
علاوة على ذلك، كان هذا العلم الجديد مفعمًا بالمرح أيضًا حيث كانت السيدة Shorena وزملاؤها يستمتعون بوجه خاص باستخدام التكنولوجيات، مثل الحواسيب والألواح والهواتف الذكية.
وتشرح السيدة Shorena بحماس قائلة: "نقوم بجمع المعلومات ورقمنتها بما في ذلك رقم تعريف أصحاب الأبقار، واسم المزرعة ومعلومات أخرى – ونقوم بإدخال البيانات حسب أرقام البطاقات العائدة للأبقار. ونقوم بعدها بإضافة المعلومات المتعلقة باللقاح"، مشيرة إلى أنّ الجانب التكنولوجي من عملها قد استحوذ على اهتمامها بصورة خاصة.
وكانت هذه فرصة لإحداث تحوّل أيضًا بالنسبة إلى زميلة السيدة Shorena، السيدة Tea Kvatadze، وهي فنية بيطرية أخرى تعمل في بلدة ساشخير.
وتقول السيدة Tea: "لم يكن من الصعب علينا استخدام تكنولوجيات جديدة، كما أنها ... زادت من تطوّرنا المهني. وهي [التكنولوجيات الجديدة] تجعل عملنا مواكبًا للمستقبل، حيث كنا في السابق نؤدي العمل ذاته لكن على الورق" وتضيف: "لقد غير هذا العمل حياتي. ويكون العمل أكثر متعة عندما تحبون ما تقومون به".
وقد جرى في عام 2022 تسجيل 798 10 رأس ماشية في بلدة ساشخير بمساعدة السيدة Shorena والسيدة Tea وزملائهما. وقالت السيدة Marina Macharashvili، كبيرة المفتشين الإقليميين في وكالة الأغذية الوطنية في مدينة إميريتي الواقعة غرب جورجيا: "إنهنّ يعملن بغاية النشاط؛ وهو عمل شاق ولا أريد أن أبدو متحيزة؛ لكن أود أن أذكّر بأنّ النساء كنّ سريعات للغاية في تعلم استخدام الحاسوب وتصفح الموقع الإلكتروني للنظام باستخدام الهواتف الذكية".
مرت ثلاث سنوات منذ أن أصبحت السيدة Shorena Jambazishvili فنية بيطرية، وهي تؤمن إيمانًا راسخًا بأنه كلما زاد تثقيف المرأة، كلما زادت استقلاليتها. ©FAO/David Khelashvili
نظام التتبع الوطني
يوضح السيد Ramaz Mghebrishvili، وهو مزارع محلي يدير مزرعة كبيرة تضم أكثر من مائة بقرة، كيف أنّ الأطباء والفنيين البيطريين العاملين في النظام قد سهلوا حياة المزارعين ويقول:
"إني ممتن لوجود الأطباء والفنيين البيطريين إلى جانبنا عند حاجتنا لهم ... فلم يعد فقدان البقر في الجبال مشكلة كبيرة الآن، لأننا نعرف أرقام بطاقاتها ويمكننا العثور عليها بسهولة".
وقامت المنظمة ووكالة الأغذية الوطنية في جورجيا بتنفيذ مشروع التتبع المذكور بدعم من الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون والوكالة النمساوية للتعاون الإنمائي، مما جعل جورجيا أول بلد يطرح نظامًا لتحديد الحيوانات وتتبعها في المنطقة.
وأعربت عدة دول، منها مقدونيا الشمالية وألبانيا وأوزبكستان وقيرغيزستان وبلدان أخرى في البحر الكاريبي، عن اهتمامها في تشاطر الخبرات المتعلقة بالنظام الإلكتروني أو تطوير النظم. ومن شأن نشر أفضل ممارسات النظام وتشاطر الخبرات أن يعود بالفوائد على جورجيا وعلى البلدان التي تنفذ حاليًا نظم تسجيل الحيوانات.
وفي هذه الأثناء، تمارس الطبيبات البيطريات عملهنّ بكل عناية وإخلاص وشغف، حرصًا منهنّ على أن يتمكن المستهلكون في نهاية المطاف من اتخاذ قرارات مستنيرة وأن تكون الأغذية الحيوانية المصدر أكثر أمنًا للجميع.
للمزيد من المعلومات
الموقع الإلكتروني: منظمة الأغذية والزراعة في جورجيا
الموقع الإلكتروني: الملامح القطرية في منظمة الأغذية والزراعة: جورجيا
قصة: الهواتف الذكية تعزز المساواة بين الجنسين في جورجيا وخارجها