Food and Agriculture Organization of the United NationsFood and Agriculture Organization of the United Nations

الأسماك تبعث الأمل في نفوس النساء في الصومال


طبق مفضّل مثير للإعجاب للنهوض بسبل العيش والتغذية في الصومال

Share on Facebook Share on X Share on Linkedin

فارتون تساند أسرتها وتحسّن التغذية في مجتمعها المحلي من خلال مشروع لمنظمة الأغذية والزراعة تموّله الكويت. © الفاو/ ألبرتو تريللو باركا

19/06/2020

تهبّ نسمة هواء دافئة عبر السهول الصحراوية خارج بوساسو في الصومال حيث يعيش العديد من النازحين الداخليين في مخيمات مؤقتة منذ وقت طويل. وفرص العمل المتاحة لهم شحيحة للغاية. وقد أتى بعضهم إلى هنا هربًا من الحرب والانعدام المستمر في الأمن أو الجوع لكن من غير السهل أن يؤمّنوا لأنفسهم حياة جيدة في هذه المنطقة.

وكانت فارتون قد وصلت إلى بوساسو من جنوب الصومال "قبل وقت طويل" لكنها لا تذكر متى بالتحديد. وهي أمّ لأربعة أولاد اعتادت البقاء في المنزل لرعاية أطفالها بينما يسعى زوجها إلى كسب القليل من المال لقاء عمله كحمّال في سوق بوساسو. وقد جاهدت هي وزوجها لـتأمين سبل العيش لهما ولأطفالهما.

لكن قبل أشهر قليلة من الآن، علمت فارتون بوجود فرصة جديدة في مجتمعها المحلي. فانضمّت إلى مشروع رائد لمنظمة الأغذية والزراعة مموّل من حكومة الكويت لتعلّم صنع طبق مفضّل هو أقرب إلى إيطاليا منه إلى أفريقيا الشرقية ألا وهو المعكرونة. لكن ليس أي نوع كان من المعكرونة بل معكرونة السمك.

قد يكون الأمر غير معروفًا لكن المعكرونة طبق شائع في الصومال كونها جزء من التراث الذي خلّفه الاستعمار الإيطالي. لكن ما ليس بالطبق الشائع في الصومال، أو أقلّه ليس في الوقت الحاضر، هو السمك خاصة في المجتمعات المحلية الموجودة داخل البلاد.

وتقول فارتون "أردت كسب بعض الدخل لأسرتي بطريقة من الطرق".

فالسمك ليس جزءًا من الثقافة الغذائية في الصومال واستخدامه بالتالي غير شائع في الوقت الحاضر. غير أن لديه قدرة عالية على تحسين التغذية في مخيمات النازحين الداخليين في بوساسو وفي المنطقة المحيطة بالإجمال حيث يستشري الانعدام الحاد في الأمن الغذائي وسوء التغذي

والأسماك الغنية بالمغذيات متاحة على طول الساحل في الصومال. والسواحل في الصومال هي الأطول في القارة الأفريقية حيث أنها تمتد على مسافة 333 3 كيلومترًا. والأسماك التي لا تستغلّ بالقدر الكافي حاليًا لديها قدرة هائلة على معالجة مسألة النقص في المغذيات الدقيقة وتحسين التغذية في منطقة ينتشر فيها الانعدام الحاد للأمن الغذائي وسوء التغذية، بما في ذلك في مخيمات النازحين الداخليين في بوساسو.

ويحتوي هذا النوع الجديد من المعكرونة على 7.5 في المائة من دقيق السمك وهي الكمية المفضلة لدى المستهلكين بحسب دراسة استقصائية أجريت في المرحلة التجريبية من المشروع الممول من الكويت، فيحصل بالتالي المستهلكون على المغذيات التي يحتاجون إليها من الأسماك من دون إحداث تغيير جذري في مذاق المعكرونة. وقد نجح المشروع في إدخال السمك إلى النمط الغذائي للمستهلكين مما زاد من القيمة التغذوية للأنماط الغذائية في المنطقة من دون إحداث اضطرابات كبرى في الثقافة الغذائية للصومال التي عادة ما تعتمد على اللحوم. وليس هذا فحسب، بل إنه أتاح فرصًا جديدة لمجتمعات النازحين الداخليين لا سيما النساء منهم، من أجل توليد الدخل.

واستطاعت فارتون بفضل عملها الجديد أن تضيف بعدًا جديدًا لحياتها خارج منزلها. فهي تستمتع بالعمل مع غيرها من النساء من مخيّم النازحين الداخليين حيث يتعاونّ معًا ضمن مرفق كامل التجهيزات والأدوات. وتعلّق بالقول "من المهم جدًا التفاعل معهنّ [النساء]. فنحن نستمتع بصنع المعكرونة معًا".

وتنتج النساء معكرونة السمك العالية الجودة في بيئة محكمة مع احترام معايير السلامة. ويتم من ثمّ بيع المعكرونة للباعة بالجملة ولأصحاب المتاجر المحلية وتقوم النساء بمتابعة عملية البيع معهم لمعرفة مدى بيع المنتج والحاجة إلى تجديد المخزونات.

توفّر "معكرونة السمك" المبتكرة التغذية والدخل على حد سواء لـ فارتون ولسواها من النساء في مخيم النازحين الداخليين في الصومال. © الفاو/ ألبرتو تريللو باركا

وتقرّ فارتون بأنّ المشاركة في هذا المشروع قد أحدثت "تغييرًا كبيرًا" في حياتها مما أتاح لها توفير الدخل والدعم لأسرتها.

وتردف فارتون "لقد سمح لي المشروع بشراء مفارش لمنزلنا. "فأن أتمكن من شراء حاجاتي بمفردي شعور رائع. وأنا ممتنّة جدًا لهذه الفرصة." غير أنّ طموح هذه المرأة الصومالية لا يتوقف عند هذا الحدّ: "لا زلت بحاجة إلى صقل مهاراتي لكني أطمح إلى أن يكون لي عملي الخاص في المستقبل".

تأثير جائحة فيروس كورونا المستجدّ

تمّ اكتشاف فيروس كورونا لأول مرة في البلاد في منتصف آذار/مارس، ومنذ ذلك الحين سجّلت الصومال إحدى أكبر حالات العدوى في شرق أفريقيا. وقد أدّت القيود المفروضة على الحركة والتجارة لاحتواء الفيروس إلى زيادة عدد الأشخاص الذين

يحتاجون إلى الغذاء العاجل والدعم المعيشي في جميع أنحاء البلاد.

ويعلق فارتون قائلاً : "لقد انخفض دخلي فانعدم بالقيود المفروضة بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد، وإن لم يكن هناك ولحسن الحظ مريض أو ضحية واحد في مخيم بولا إيلاي [مخيم النازحين الداخليين] حتى الآن." 

وتواصل المنظمة تقديم المساعدة في الصومال، حيث تلتزم بالمبادئ التوجيهية لمنظمة الصحة العالمية والحكومة بشأن وباء فيروس كورونا المستجدّ، وتكيّف عملياتها لاتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة والتدابير الوقائية، مع تحديد طرق مبتكرة للحفاظ على دعم الناس خلال هذه الأزمة. 

بسبب كل من هذه القيود التي تفرضها وباء فيروس كورونا والظروف المناخية القاسية التي تواجهها المنطقة فيمجال الصيد خارج الموسم، أوقفت فارتون، ومجهزي معكرونة الأسماك، الأنشطة فيشهر أيار/مايو. وهم يأملون استئناف عملهم اعتبارا من أيلول/سبتمبر. وبالإضافة إلى استئناف أعمالهم في مجال المعكرونة السمكية، سيشاركون في حملة تغذية على نطاق البلد، تمولها فرنسا، وتشجع استهلاك الأسماك في المدن الداخليةة. 

مكافحة سوء التغذية خارج نطاق الجائحة

يشكل استخدام الموارد الطبيعية بطرق جديدة جزءًا هامًا من مكافحة سوء التغذية بموازاة استحداث سبل عيش النساء من أمثال فارتون وتحسين حياتهنّ في مختلف أنحاء العالم. والهدف 2 من أهداف التنمية المستدامة - القضاء التام على الجوع لا يقضي فقط بالحرص على أن يكون لدى الجميع الغذاء الكافي بل الحرص على حصول كل فرد على نمط غذائي صحي ومغذٍّ. ولا بد من اعتماد أساليب مبتكرة ومعكرونة السمك هي بلا شك طريقة مغذية جديدة لمعالجة مشكلة سوء التغذية القديمة العهد.

روابط تتعلق بالموضوع

للمزيد من المعلومات

الموقع الإلكتروني: الملامح القطرية: الصومال

الصور: تحسين الحالة التغذوية للأسر المعيشية في الصومال

قصة: تجفيف الأسماك تحت الشمس على الطريقة الصومالية