Food and Agriculture Organization of the United NationsFood and Agriculture Organization of the United Nations

من حديقة إلى "إمبراطورية تجارية صغيرة" في صوماليلاند


تعمل منظمة الأغذية والزراعة بالاشتراك مع برنامج الأغذية العالمي على تنويع الدخل وبناء قدرة النساء على الصمود في المناطق المتضررة من النزاعات

Share on Facebook Share on X Share on Linkedin
29/10/2020

تقف Istaahil Mohamed بالقرب من الموقد في مطعمها الصغير وتأخذ من القدر كميةً من الأرز الذي انتهت للتو من طهيه، لتسكبه في صحنٍ. وتتحدر Istaahil من بلدة سيل شومو (Ceel Xumo) في مقاطعة بوراو (Burao) في صوماليلاند، وهي قد قطعت مراحل كثيرة لتتمكن من سكب ملعقة الأرز هذه في المطعم الذي تملكه. فهي قد أسست المطعم والكشك القائم بجانبه وهي تملكهما وتديرهما اليوم بفضل مشروعها التجاري الناجح في مجال الزراعة الذي استهلته قبل ثلاثة أعوام، بدعم من المنظمة وبرنامج الأغذية العالمي. واليوم، بفضل هذه "الإمبراطورية التجارية الصغيرة" الآخذة في التنامي على حد تعبير Istaahil، أصبح بوسع هذه الأم البالغة أربعين عامًا أن تعيل أسرتها وتسدّد رسوم المدرسة لأولادها.

خوض غمار الزراعة

اعتمدت Istaahil وأسرتها على المواشي في ما مضى، حيث كانوا يرعون 20 رأسًا من الماعز. ولكن بعد نفوقها كلها في أعقاب موجات الجفاف الحادة خلال الفترة 2016-2017، قررت Istaahil الشروع في الزراعة.  

ومع أنها لم تكن تعرف الكثير عن الزراعة، اعتبرت ذلك المسعى فرصةً لإعالة أسرتها، علمًا وأن الأمر لم يكن سهلًا على الإطلاق. فما زالت تتذكر كيف كانت تنقل الماء على ظهرها في صفائح لكي تتمكن من ري مزرعتها الصغيرة. وخلال أول عامين، بالكاد أنتجت ما يكفي لتلبية احتياجات أسرتها.  

ومن ثم وقعت Istaahil على مبادرة مشتركة بين المنظمة وبرنامج الأغذية العالمي مموّلةً من كندا، تسعى إلى تحسين قدرة المجتمعات المحلية في المنطقة على الصمود. فقدّم برنامج الأغذية العالمي تحويلات نقدية للناس كي يعملوا على احتجاز المياه في المستجمعات، وما لبثت المنظمة أن عززت تلك المستجمعات وربطتها بشبكات الري. وتقول Istaahil بارتياح: "الآن أستعين بأنابيب المياه لريّ المحاصيل."

وزوّدت المنظمة Istaahil وغيرها من المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة في بلدتها ببعض الموارد الزراعية الرئيسية اللازمة، مثل عجلات اليد وصفائح الري والشتول لكي ينمّوا مزارعهم.

إلا أن أنشطة Istaahil الزراعية شهدت انطلاقتها الحقيقية بعد خضوعها إلى دورة تدريبية على أسس الزراعة قدمها برنامج الأغذية العالمي، وتلتها دورة تدريبية متقدمة في مجال الزراعة من قبل المنظمة. وبفضل هذا التدريب، والتجهيزات والبذور المقدمة من المنظمة كذلك، تمكنت Istaahil من زيادة تنوع وغلال المحاصيل التي تنتجها. ومن خلال العمل الحثيث في حديقتها الصغيرة التي لا تتعدى مساحتها 12 بـ 14 مترًا، تمكنت من زرع أنواع مختلفة من أشجار الفاكهة والخضار بما فيها السبانخ والكايل والبصل والطماطم.

ومع توسيع مزرعتها راح يتكوّن لديها فائض في الإنتاج أتاح لها بيعه في الأسواق. والآن بفضل الغلال الوافرة، يمكنها بيع كمية من الخضار تبلغ في المتوسط 22 كيلوغرامًا.

من حديقة إلى مطعم

سمح نجاح Istaahil في الزراعة لها بأن توسع طموحها وتبحث في سبل لتنويع مصادر دخلها.  فتقول في هذا الشأن: "إن المشروع المشترك بين المنظمة وبرنامج الأغذية العالمي قد ساعدنا في تحسين مهاراتنا الزراعية وزيادة إنتاجيتنا. ونتيجة لذلك أصبحت الآن حدائقنا المنزلية الصغيرة المنتجة للغذاء تعيلنا أكثر مما كنا نتوقع بداية. ففتحت كشكًا صغيرًا بواسطة المال الذي جنيته من بيع الخضار."

ومن ثم خاضت مشروعًا تجاريًا أكبر بعد: ففتحت مطعمًا، وتقول: "سألت نفسي، ما المانع من إطلاق مطعم صغير يمكّنني من إعداد المأكولات عبر الاستعانة بمعظم كمية الخضار التي تنتجها حديقتي المنزلية؟"  

واليوم أصبحت Istaahil سيّدة أعمال بكل ما للكلمة من معنى، إذ تستعين بحوالي 80 في المائة من الفاكهة والخضار التي تنمو في حديقتها لتوفير الغذاء لمطعمها.  وهي تعتبر أن تلك طريقة أسرع لإضافة القيمة لنتاجها ولبيعه. أما الدخل الذي يدرّه المطعم والكشك ومبيعات فائض الفاكهة والخضار فيكفي لإعالة أسرتها وتسديد فواتيرها وحتى ادخار بعض المال.

تشغيل الشباب

بفضل إدارة مزرعة ومؤسستين تجاريتين، أصبحت مشاغل Istaahil كثيرة اليوم. فوظّفت Abdi، وهو شاب من مجتمعها المحلي، ليهتم بالمزرعة فيما تنصرف هي لإدارة المشروعين الآخرين. وقد قامت Istaahil بتلقين Abdi جميع المعارف والمهارات التي اكتسبتها من الدورتين التدريبيتين لبرنامج الأغذية الزراعي والمنظمة، فأصبح يطبّق الآن في إدارة المزرعة ما تعلمه من دروس. ويعمل Abdi بدوام كامل ويتقاضى راتبًا شهريًا فضلًا عن المزايا المتمثلة في إمكانية أخذ بعض الخضار مجانًا إلى بيته. وفي بلدة سيل شومو (Ceel Xumo)، يكفيه ذلك لإعالة نفسه وأسرته وادّخار بعض المال.

ولم تعد Istaahil تخشى مواسم الحصاد العجاف لأنها تمكنت من تنويع مصادر دخلها وزيادة قدرتها على الصمود. وكانت حديقتها المنزلية الصغيرة نقطة انطلاق لما تسميه اليوم بـ "إمبراطوريتها التجارية الصغيرة" وهي قد مكّنتها من قلب حياة أسرتها رأسًا على عقب.  

ويتخطى المشروع المذكور حدود الزراعة ليدعم أنواعًا أخرى من سبل المعيشة كذلك. فإن المنظمة مثلًا تعمل على تحسين المناحل لأجل تربية النحل، وتعمل على تجديد التربة وإنتاج الأعلاف. ويقدم برنامج الأغذية العالمي للأسر دعمًا تغذويًا وتدريبًا على تحسين الأنماط الغذائية وطعام الرضع والنظافة الصحية في المنازل.  

وIstaahil واحدة من 160 امرأة يستفدن من هذه المبادرة. وإن المنظمة وبرنامج الأغذية العالمي، عبر تقديم خبراتهما، يساعدان في ضمان وضع أفضل للمزارعين لإعالة أنفسهم ومجتمعاتهم المحلية على المدى البعيد، ما يساعد في جعل ممارساتهم الزراعية أكثر كفاءة واستدامة. وتتعاون المنظمة وبرنامج الأغذية العالمي بصورة وثيقة، لا سيما في البلدان المتأثرة بالنزاع، بما يضمن ارتباط المعونة الغذائية بالدعم الزراعي لإنقاذ الأرواح وحماية سبل المعيشة وبناء القدرة على الصمود لصالح الناس والمجتمعات المحلية.

روابط تتعلق بالموضوع

للمزيد من المعلومات

موقع إلكتروني: عمل المنظمة في مجال القدرة على الصمود

موقع إلكتروني: برنامج الأغذية العالمي.