Food and Agriculture Organization of the United NationsFood and Agriculture Organization of the United Nations

من مُعارض عنيد إلى رائد في مجال الزراعة المحافظة على الموارد في تيمور ليشتي


مزارع عدل عن رأيه وحوّل أرضه

Share on Facebook Share on X Share on Linkedin

السيد Joaquim Caldas مزارع عدل عن رأيه بعد أن كان مشككًا بشأن تقنية الزراعة المحافظة على الموارد وأصبح أحد أكبر الداعين إليها في قريته الواقعة في تيمور ليشتي. ©FAO

09/10/2023

لم يكن من السهل إقناع السيد Joaquim Caldas بفكرة تبنّي الزراعة المحافظة على الموارد. لكنّ هذا المزارع البالغ من العمر 67 عامًا والمنحدر من قرية أوما بوكو الواقعة قرب الساحل الشمالي لتيمور ليشتي، أصبح أحد المؤيدين الأكثر حماسة لهذا النهج.

وتتمحور الزراعة المحافظة على الموارد حول عدم تحريك التربة أكثر من اللازم وإبقاء الأراضي مغطاة والتشجيع على زراعة مجموعة متنوعة من أنواع النباتات، وقد جرى الترويج لها في تيمور ليشتي خلال العقد الماضي من جانب منظمة الأغذية والزراعة (المنظمة) وشريكيها، الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية والاتحاد الأوروبي. وتهدف ممارسات هذا النوع من الزراعة إلى تحسين إنتاجية الأراضي التي تدهورت على نحو مطّرد بسبب الممارسات الزراعية التقليدية المتمثلة في القطع والحرق التي كانت متّبعة على نطاق واسع من قبل المزارعين المحليين.

وإنّ أساس تقنية الزراعة المحافظة على الموارد المطبقة في تيمور ليشتي هو الزراعة بالتناوب لما يطلق عليه السكان المحليون اسم ليهي (lehe)، أو الفاصولياء المخملية، لمدّة تقارب ثلاثة أشهر إلى أن تنمو وتصبح نباتًا متسلقًا كثيفًا. ومن ثم يجري قطعها ولفها وتركها حتى تتحلّل، فتغطي التربة وتوفر مهادًا خصبًا قبل زراعة محصول جديد من الذرة. ويقضي نبات ليهي (lehe) على معظم الأعشاب الضارة ويلغي الحاجة إلى استخدام الأسمدة الكيميائية.

وتحظى هذه الممارسة عمومًا بشعبية كبيرة في أوساط المزارعين كونها تُغني عن حرث الأرض، فتلغي بعض الأعمال اليدوية الشاقة المرتبطة بالزراعة.

وكان حرث الأرض عملًا شاقًا للغاية بالنسبة إلى السيد Joaquim الذي فقد أحد ذراعيه في حادث زراعي في عام 1980. وكان عليه منذ ذلك الحين أن يكابر على نفسه في العمل المضني المتمثل في دفع محراثه بيد واحدة على كامل أرضه التي تبلغ مساحتها 1.5 هكتارات.

ومع ذلك، حين شرعت المنظمة في تنفيذ مشروع متعلق بالزراعة المحافظة على الموارد في قريته أوما بوكو في عام 2013، عارض السيد Joaquim الفكرة، وربما كان ذلك نابعًا من عناده أو من تشكيكه فيها.

وأنشأ المشروع المموّل من قبل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية مجموعات من المزارعين وزوّد القرويين بالمدخلات والتدريب على الزراعة المحافظة على الموارد من أجل زراعة محصول الذرة.

ولكن حين أوصى المدربون بأن يقوم المزارعون بزراعة نبات ليهي (lehe) ليكون غطاء للتربة قبل زراعة محصول الذرة الرئيسي، رفض السيد Joaquim ذلك بحجّة أنّ زراعة هذا النوع من الفاصولياء لمدة ثلاثة أشهر سيشغل الأرض بلا داعٍ وسيؤدي إلى خسارة المحصول بالكامل. ومن ثم خرج هو وعدة أعضاء آخرين من مجموعة المزارعين وواصلوا تطبيق ممارساتهم الزراعية التقليدية.

أعطت الزراعة المحافظة على الموارد نتائج إيجابية أفضت تدريجيًا إلى إقناع عدد متزايد من المزارعين بالشروع في اعتماد هذه الممارسات. ©FAO

رغم معارضة أولئك المزارعين، واصلت المنظمة الترويج لممارسات الزراعة المحافظة على الموارد في قرية أوما بوكو. وقد أثمرت تلك الجهود في نهاية المطاف بعد بضعة سنوات من تنفيذ المشروع، حيث سُجّل ارتفاع معدلات استغلال الأراضي وخصوبتها وازدياد إنتاجية التربة وانخفاض نسبة الأعشاب الضارة وتآكل التربة. وقد أفضت هذه النتائج الإيجابية تدريجيًا إلى إقناع عدد متزايد من المزارعين بالشروع في اعتماد ممارسات الزراعة المحافظة على الموارد.

وكان السيد Joaquim لا يزال متردّدًا إلى أن قام خفية بتجربة الزراعة المحافظة على الموارد في قطعة صغيرة من أرضه من خلال إعداد غطاء للتربة من نبات ليهي (lehe). وقد لاحظ زيادة واضحة في الإنتاجية مقارنة بالطريقة التقليدية التي كان يتّبعها في زراعة الذرة. وقام السيد Joaquim في نهاية المطاف بالالتحاق مجدّدًا بمجموعة المزارعين في عام 2018، وشارك في مشروع يموّله الاتحاد الأوروبي وتنفّذه المنظمة، يهدف إلى دعم المجتمعات المحلية المتأثرة بموجات الجفاف.

وتمكّن السيد Joaquim منذ ذلك الحين من إنتاج ما يزيد عن طن (1) من الذرة في الموسم الواحد من قطعة أرضه التي كانت غلتها في العادة تبلغ نحو 375 كيلوغرامًا فقط. وقد أتاح له ذلك ليس فقط تلبية احتياجات أسرته، بل كان لديه أيضًا فائض يمكنه بيعه.

وردًا على سؤال عن مقاومته في البداية لممارسات الزراعة المحافظة على الموارد وتغييره رأيه من ثمّ، يوضح السيد Joaquim قائلًا: "كان تفكيري ينصب في بادئ الأمر بالنسبة إلى ممارسات الزراعة المحافظة على الموارد على الخسائر التي تكبدتها خلال الأشهر الثلاثة، والتي كان بإمكاني استخدامها لزراعة الذرة، عوضًا عن تخصيصها لزراعة نبات ليهي (lehe)".

لكنه يقول بعد أن جرّب هذه التقنية: "لقد أدّى تحسين المحاصيل على قطعة الأرض التجريبية وعدم الحاجة إلى حرث الأرض إلى إقناعي تدريجيًا بتجربة ممارسات الزراعة المحافظة على الموارد، وقد غيّرت تلك النتائج رأيي إلى الأبد".

وبعد فترة وجيزة، لم يعد السيد Joaquim يستخدم تقنيات الزراعة المحافظة على الموارد في أرضه فحسب، بل بات يروّج لها من تلقاء نفسه بين أصدقائه القرويين.

وقد دعمت المنظمة مجموعة السيد Joaquim في شراء جرار ومقطورة ومحراث. وبات يستخدم هذه المعدات من أجل زراعة أرضه بصورة فعالة أكثر، إلى جانب تشجيع جيرانه على استخدامها لزيادة فعالية الزراعة المحافظة على الموارد في أراضيهم.

وشجّعت النتائج المبهرة التي حققتها الزراعة المحافظة على الموارد في محاصيل الذرة السيد Joaquim على أن يختبر أيضًا زراعة الأرزّ في الأراضي العالية ولاحظ زيادة في إنتاجية هذا المحصول كذلك. وبغية حشد الدعم من أجل استخدام الزراعة المحافظة على الموارد في زراعة الأرزّ في الأراضي العالية، عمل السيد Joaquim مع وزارة الزراعة والثروة الحيوانية ومصايد الأسماك والحراجة على تنظيم أنشطة ترويجية لها في مزرعته.

وكان آخر تلك الأنشطة في شهر سبتمبر/أيلول 2023، حيث عرض متباهيًا غلته البالغة 2.5 أطنان من الأرزّ المزروع في الأراضي العالية لكل هكتار. وكانت تلك نتيجة مذهلة، فعندما كان يستخدم الأرض في زراعة الذرة، كانت غلتها تبلغ حوالي طنّ (1) لكل هكتار كحد أقصى. وعلاوة على ذلك، فإنّ سعر الذرة بالكاد يبلغ نصف سعر الأرزّ المزروع في الأراضي العالية وبالتالي فقد كان هذا الحصاد يمثل زيادة كبيرة محتملة في الدخل.

أدّى نجاح السيد Joaquim في زراعة الذرة والأرزّ في الأراضي العالية باستخدام الزراعة المحافظة على الموارد إلى تحفيز العديد من جيرانه. وقد ساعدت الأنشطة الترويجية المنفّذة على أرضه في استقطاب اهتمام المزارعين الآخرين إلى تجربة تلك التقنيات بأنفسهم. ©FAO

واتّخذ السيد Joaquim خطوة استباقية عن جيرانه، حيث بدأ بالفعل بالتخطيط لتجربة ممارسات الزراعة المحافظة على الموارد في زراعة اللوبياء الذهبية والخضار في حقله.

ونظرًا إلى أنّ الزراعة المحافظة على الموارد هي ممارسة جديدة نسبيًا في تيمور ليشتي، فإنّ التردّد في اعتمادها، على غرار السيد Joaquim، كان أمرًا مألوفًا. بيد أنّ عزيمة المنظمة ودعمها، إلى جانب الدليل الدامغ المتمثل في النتائج المبهرة، حفّز المزارعين على تغيير ممارساتهم التقليدية شيئًا فشيئًا. وتدل هذه التجربة حتى الآن على أنّ التغيّرات التي حدثت تدريجيًا في ذهنية المزارعين ستكون بكل تأكيد طويلة الأمد.

روابط تتعلق بالموضوع

للمزيد من المعلومات

الموقع الإلكتروني: منظمة الأغذية والزراعة وعملها في مجال الزراعة المحافظة على الموارد

الموقع الإلكتروني: الملامح القطرية في منظمة الأغذية والزراعة: تيمور ليشتي