Food and Agriculture Organization of the United NationsFood and Agriculture Organization of the United Nations

القدرة على الصمود أولاً وآخرًا في بيرو


تستخدم نساء الشعوب الأصلية استزراع الأسماك كوسيلة للصمود بعد أعوام غيّمت عليها الصراعات والجائحة

Share on Facebook Share on X Share on Linkedin

قامت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة والحكومة الكندية بدعم 43 مجتمعًا من الشعوب الأصلية في منطقة الأمازون لبيرو من أجل تنشيط مبادرات صيد الأسماك واستزراعها واستصلاح مصادر الأغذية والتغذية. ©FAO

01/06/2023

في عام 1991، سمعت السيدة Rosalinda Shamayre Elias دوي انفجارات وصرخات تتعالى في قريتها.

فراحت تصيح: "إنهم الإرهابيون، إنهم الإرهابيون".

حينذاك، تعرّض شعبها الأشانينكا، وهم مجموعة من الشعوب الأصلية تعيش في الغابات المطيرة في بيرو والبرازيل منذ آلاف السنين، لكمين نصبته المجموعة الإرهابية السابقة المعروفة باسم SenderoLuminoso، (الدرب المنيرة).

وسقطت تلك الليلة قنبلة يدوية على منزل السيدة Rosalinda، فهربت هي وأطفالها الثلاثة إلى غابة مازاماري التي بقوا مختبئين فيها لمدة أربعة أشهر.

ولم تقتصر خسارة السيدة Rosa – وهو الاسم الذي يطلقه عليها الآخرون تحببًا – وزوجها السيدHector Luna Jacopo على منزلهما فحسب، وإنما فقدا أيضًا العشرات من أفراد أسرتيهما وأصدقائهما أثناء سنوات الصراع الطوال.

وبالرغم من الخسارة الفادحة والألم النفسي، وجدت السيدة Rosa وزوجها Hector سبيلاً لمواصلة حياتهما وتضميد جراحهما. وهذا السبيل هو الـ notsimancaque، أي "القدرة على الصمود" بلغة الأشانينكا، أو بعبارة أدق القدرة على مداواة الروح والمضي قدمًا لما فيه صالح المجتمع.

اعتمدت شعوب الأشانينكا الأصلية في بيرو على ما يعرف بالـ "notsimancaque أي "القدرة على الصمود" أثناء سنوات الصراع، ومؤخرًا طوال فترة جائحة كوفيد-19. ©FAO

إلّا أنهما وجدا نفسيهما محاصرين مجددًا بالخوف والخسارة وعدم اليقين بعد مرور عقدين من الزمن، وتحديدًا في 15 مارس/آذار 2020، حين أعلنت السلطات في بيرو إغلاقًا شامل بسبب تفشي فيروس كوفيد-19 الذي كان لا يزال مرضًا جديدًا ومجهولًا آنذاك.

وكان للمخاوف ما يبررها في قريتهما "إل ميلاغرو"، إذ كان فيها مركز طبّي ولكن من دون أطباء أو لوازم طبية أو أدوية.

وقام شعب الأشانينكا في بادئ الأمر باتخاذ تدابير من أجل حماية أنفسهم من الفيروس، فأغلقوا منطقتهم في وجه الغرباء وعزلوا أنفسهم. بيد أنّ المجتمع ألفى نفسه مع مرور الوقت يصارع الجوع وشح الإمدادات.

واستجابةً منهم لتفاقم شح الأغذية، قاموا بتعيين مجموعة مهمتها الخروج من القرية للحصول على الإمدادات. ولسوء الحظ، ما لبث أن تسلل فيروس كوفيد-19 إلى مجتمعهم، فسقط الكثيرون في براثن المرض.

ويتحدث كل من السيدة Rosa والسيد Hector عن ذلك قائلين: "لقد مرِض العديد من إخوتنا وأخواتنا، وبعضهم لم تكتب له النجاة".

استلحاق فرصة ضائعة

انتزعت الجائحة منهم أيضًا الفرصة التي أتيحت لهم مؤخرًا من أجل تحسين التغذية وسبل العيش في مجتمعهم، حين قامت السلطات المحلية عام 2018 بدعم 18 أسرة في "إل ميلاغرو" لإنشاء مزارع سمكية وتربية الاصبعيات.

وتأمّل السكان الأصليون هؤلاء بمكافحة ومنع سوء التغذية لدى الأطفال الذي قد تصل نسبته أحيانًا إلى 20.3 في المائة في مجتمعات الأمازون، حسب الأرقام الواردة من الحكومة.

بيد أنّ انتشار الجائحة أنهى المبادرة دون سابق إنذار.

ومع تحسّن الوضع الصحي في نهاية عام 2021، قامت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة)، بدعم من الحكومة الكندية، بإجراء تقييم سريع للأغذية والسوق المحلية بغية تعزيز المنظمات الريفية والزراعية القائمة على المجتمع المحلي.

وجرى توسيع المبادرة لتشمل تحسين التغذية وسبل العيش بموازاة تركيزها على تمكين نساء الشعوب الأصلية ودعم برامج الحماية المراعية لقضايا الجنسين في القطاع العام.

وزارت المنظمة "إل ميلاغرو" التي أعرب سكانها بوضوح عن ضرورة إعادة تفعيل مشروع المزرعة السمكية وتوسيعه بعد أن سلبتهم إياه الجائحة.

وتولت السيدة Rosa قيادة هذه المبادرة. وقد تمثلت مهمتها في تنسيق سير العمل وتعزيز مشاركة المزيد من النساء في تربية الإصبعيات.

وأوضحت الأمر قائلة: "لقد تعلمنا كيف نجهز علف الأسماك، وكيف نحسّن جريان المياه وننظم أنفسنا بصورة أفضل"، مضيفة أنّ الأسماك ساعدت أيضًا على تحسين تغذية مجتمعها.

وأردفت قائلة: "لطالما حلمت بمجتمع يكون فيه سوء التغذية طي النسيان، وتتعالى فيه ضحكات النساء أثناء ممارسة الحياكة من دون خوف".

وبفضل الدعم المقدم من المنظمة والحكومة الكندية، تمكّن مجتمع "إل ميلاغرو" و42 مجتمعًا محليًا آخر ضمن مقاطعة أتالايا، الواقعة في إقليم أوكايالي وساتيبو، من إنعاش المزارع السمكية وغيرها من المشاريع الزراعية، بما في ذلك زراعة محاصيل مثل البن والكاكاو.

عائلات من الشعوب الأصلية في "إل ميلاغرو" تطعم أطفالها سمك الباكو، وهو صنف موطنه نهر الأمازون. ويعتبر هذا الصنف مثاليًا للاستزراع نظرًا لتحمله مستويات الأكسجين المتدنية في أحواض المزارع. ©FAO

النساء يرأسن مساعي بناء القدرة على الصمود

تدرك السيدة Rosa أنّ تمكين النساء أمر أساسي من أجل ضمان مستقبل أفضل لأطفالها ولمجتمعها.

وقد تلقت السيدة Rosa هي ونساء أخريات من مجتمعها المحلي تدريبًا أسبوعيًا من المنظمة لم يقتصر على تعليمهن تحسين تقنيات تربية الأحياء المائية فحسب، وإنما أيضًا القيادة وحقوق المرأة وحقوق الإنسان.

وبالإضافة إلى تحفيز الإنتاجية، ركزت تلك الدورات التدريبية أيضًا على تمكين النساء على مستوى المجتمع المحلي حيث يعاني معظمهن الفقر المدقع، إذ يعيش بعضهن بأقل من 1.90 دولارا أمريكيًا في اليوم، حسب تقرير منظمة العمل الدولية.

وتقرّ السيدة Rosa بأنّ الاضطلاع بمسؤولية الأم والقائدة في الوقت نفسه أمر معقد، وأنّ العقبة الرئيسية الماثلة أمام بعض النساء هي اعتمادهن على أزواجهنّ، وهي تحمد الله لأنها ليست في وضع مشابه.

وأظهرت السيدة Rosa أنها قائدة متمكنة ودينامية، إذ تتراوح أنشطتها بين رئاسة مطبخ القرية والاضطلاع بدور أمينة الخزنة في مجلس القرية، كما أنها تحظى بدعم زوجها للمشاركة في الأنشطة. وهي تودّ في نهاية المطاف أن تتزعم مجتمع "إل ميلاغرو"، وهما يعملان معًا من أجل تحقيق هذا الهدف.

وقد قامت المنظمة مع كندا طوال عام 2022 بدعم أكثر من 000 23 شخص من صغار المزارعين، لا سيما الشباب والشعوب الأصلية في بيرو وبوليفيا ونيكاراغوا وهندوراس، في سياق برنامج الاستجابة لجائحة كوفيد-19 والتعافي منها.

وإذ تدنو السيدة Rosa من عامها الستين، تبقى قدرتها على الصمود راسخةً لا تتزعزع. فقد تعلمت لدى مواجهتها أهوال النزاع والمرض والفقر، كيف تنتهز كل فرصة تتيحها الحياة أمامها، بما في ذلك مبادرة المنظمة، من أجل التعافي والبدء من جديد، وتحقيقًا للـ notsimancaque.

روابط تتعلق بالموضوع

للمزيد من المعلومات

الموقع الإلكتروني: الملامح القطرية لمنظمة الأغذية والزراعة: بيرو

الموقع الإلكتروني: برنامج منظمة الأغذية والزراعة للاستجابة لجائحة كوفيد-19 والتعافي منها

الموقع الإلكتروني: منظمة الأغذية والزراعة والشعوب الأصلية