التحدث بجرأة ووضوح عن العنف القائم على نوع الجنس

04/12/2023

عندما سُئلت النساء اللاتي يشاركن في نوادي ديميترا في النيجر حول ما يُشكّل عُنفًا قائمًا على نوع الجنس، أعربن عن شعورهنّ بالعنف بأشكال عديدة. ومع أنّ الاعتداءات البدنية والجنسية هي تجليات واضحة لهذا العنف، إلا أنّ النساء يشعرن أيضًا أنّ الأعراف الاجتماعية الشائعة، مثل عدم قدرة الأرملة على الزواج مرة أخرى وإقصاء المرأة من المشاركة في القرارات المالية للأسرة المعيشية وعدم السماح للمرأة بالمشاركة في بعض الأنشطة المجتمعية، يجعلهن يشعرن بأنهن أقل شأنًا ومنبوذات في مجتمعاتهن. وإلى جانب ذلك، هناك مشكلة كبيرة بالنسبة إلى المرأة في العديد من المجتمعات المحلية وهي الزواج القسري أو تزويج الفتيات في سنّ مبكرة.

ففي النيجر، تتزوّج نسبة 76 في المائة من الفتيات قبل بلوغهن 18 عامًا. وفي جمهورية الكونغو الديمقراطية، تكاد هذه النسبة تصل إلى ثلث الفتيات. وهذا هو الحال أيضًا في المناطق الريفية في السنغال، حيث تتزوج نسبة 31 في المائة من الفتيات قبل بلوغهن 18 عامًا، و9 في المائة قبل بلوغهن 15 عامًا.

وبالإضافة إلى كون زواج الأطفال انتهاكًا لحقوق الإنسان، فهو يقوّض الجهود الإنمائية ويعيق تقدّم المجتمعات وإنتاجيتها. وتضيّع هذه الممارسة على الفتيات فرص الحصول على التعليم، مما يؤدي إلى الحدّ من خياراتهن الحياتية في المستقبل. ويؤدي هذا أيضًا إلى زيادة المشاكل الصحية، إذ تواجه الشابات مضاعفات أكبر أثناء الحمل والوضع. ويُفضي الزواج المبكر أيضًا إلى التبعية إزاء الرجل، إذ غالبًا ما تكون الفتيات من مستويات تعليمية متدنية أو تكون فرصهن قليلة لاكتساب المهارات التي تجعلهن قادرات على كسب عيشهن بأنفسهن.

وقد نفّذت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة) عدة مشاريع في المناطق الريفية في السنغال لرفع مستوى وعي جميع أفراد المجتمع بمخاطر هذه الممارسة، بالنسبة إلى الفتيات الصغيرات وإلى المجتمعات المحلية عمومًا.

وتعمل المنظمة مع المجتمعات المحلية لإقامة مجموعات نقاش وعمل يُطلق عليها اسم نوادي ديميترا. ويقوم الشركاء في التنفيذ في البلاد، الذين تلقوا تدريبات من المنظمة، بإطلاع المجتمعات المحلية على مفهوم نوادي ديميترا ومساعدة هذه المجتمعات على إقامة مجموعات مستقلة. وهذه النوادي، التي تكون العضوية فيها أحيانًا حصرية للنساء أو الرجال أو الشباب، وتكون أحيانًا مختلطة، تعقد اجتماعات منتظمة لتحديد المشاكل الملحة التي تواجه المجتمع المحلي. ويختار كل نادٍ جهة تنسيق لتيسير النقاشات، ويبحث أعضاء النادي وأعضاء آخرون في المجتمع المحلي عن حلول للتغلب على المشاكل المطروحة.

وفي قرية كوثيا فاريندالا ماندينج في إقليم تامباكوندا شرق السنغال، كان الزواج المبكر والعنف القائم على نوع الجنس من بين أبرز المشاكل التي طرحتها النساء وعالجتها هذه النوادي. فقد كانت الأعراف السائدة في القرية تقضي بتزويج الفتيات عند بلوغهن سنّ 14 أو 15 عامًا تقريبًا.

وتصف السيدة Mawdo Diarra، وهي قائدة لأحد نوادي ديميترا، الوضع قائلة "تمكنّا بفضل النوادي من تحديد الزواج المبكر بصفته مشكلة مجتمعية. ثم طرحنا هذه المشكلة على زعيم القرية وناقشناها في اجتماعات النوادي المختلفة المخصصة للنساء، والرجال، كبارًا وشبابًا. وتمكّنا من الاتفاق على رأي موحّد، بحيث لا يتم من الآن فصاعدًا تزويج الفتيات قبل سن 18 أو 19 عامًا. والآن، بفضل نبذ الزواج المبكر، تواجه النساء أيضًا مشاكل أقل أثناء فترة الحمل".

ولا يزال هذا القرار التي اتخذ قبل عامين ساري المفعول حتى اليوم، وقد ازدهرت القرية بفضله. وغالبًا ما تدوم الحلول التي تنبثق عن نوادي ديميترا، كونها حلولًا تُتخَّذ داخليًّا وتعتمد على واقع المجتمعات الريفية وقدراتها الذاتية من دون تدخلات خارجية.

مساعدة النساء على التعبير عن أنفسهن

تكتسب النساء في نوادي ديميترا الثقة بأنفسهنّ لكي يتحدّثن بحرّية في الأماكن العامة ويعبرّن عن آرائهنّ واحتياجاتهنّ. وبفضل هذه التغييرات، أصبح العديد من النساء اللاتي شاركن في نوادي ديميترا قائدات ناشطات يُشاركن في عمليات اتخاذ القرارات في مجتمعاتهنّ المحلية.

وتقول السيدة Assietou Diallo، قائدة أحد نوادي ديميترا وقائدة مجتمعية "قبل وصول نوادي ديميترا، لم يكن لصوت المرأة أي وزن؛ لم تكن النساء قادرات على طرح أفكارهنّ... أمّا الآن فقد تغير كل هذا الواقع. وبات بإمكان النساء والشباب طرح أفكارهم في الاجتماعات، وتُؤخذ هذه الأفكار في الحسبان، حيث يحظون بالاعتراف كأعضاء مفيدين في المجتمع".

وتقول السيدة Fatou Ngom: "أنا ممتنة جدًّا لنوادي ديميترا. ويمكن أخذي كمثال: ففي السابق، لم أكن أحضر الاجتماعات التي نظمها المجتمع المحلي. إذ لم تكن النساء على دراية بالأعمال والأنشطة التي تجري في القرية. ولم يكن لدينا الحق في التحدّث. ولكن بفضل نوادي ديميترا، تجرّأت على المشاركة في اجتماعات المجتمع المحلي والتعبير عن رأيي".

وغالبًا ما تقود هذه التغييرات في السلوك وتحسين ميزان القوى في العلاقات بين الرجال والنساء، سواء في الأسرة المعيشية أو في المجتمع المحلي، إلى الحد من العنف القائم على نوع الجنس والممارسات التمييزية. ويُفيد كلّ من الأزواج والزوجات عن حدوث تراجع في حالات العنف والتمييز.

وفي السنغال، يتم دمج النوادي في عدد من مشاريع المنظمة، بما فيها المشاريع التي يموّلها مرفق البيئة العالمية وصندوق الأمم المتحدة لبناء السلام، وهي تركّز على تعزيز قدرة المجتمعات على الصمود في وجه تغيّر المناخ وتعزيز دور المرأة في إحلال السلام. وينشط اليوم أكثر من 800 ناد من نوادي ديميترا في 219 قرية في السنغال، ويشارك فيها أكثر من 000 24 شخص.

أمَّا على الصعيد العالمي، فيوجد أكثر من 500 8 نادٍ من نوادي ديميترا التابعة للمنظمة، تضم أكثر من 000 255 رجل وامرأة من المناطق الريفية. وتعمل هذه النوادي في الآلاف من المجتمعات المحلية الريفية في آسيا وأمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي والشرق الأدنى وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وتعدّ جزءًا من مشاريع تهدف إلى تيسير تمكين الأفراد. ويُقدّر أن حوالي ثمانية ملايين شخص في المناطق الريفية يستفيدون من المبادرات التي تنفّذها هذه النوادي.

روابط تتعلق بالموضوع

للمزيد من المعلومات

الموقع الإلكتروني: منظمة الأغذية والزراعة والمساواة بين الجنسين

الموقع الإلكتروني: نوادي ديميترا: الإشراك المجتمعي من أجل التمكين [باللغة الإنكليزية]

الموقع الإلكتروني: 16 يومًا من النشاط لمناهضة العنف القائم على نوع الجنس [باللغة الإنكليزية]

قصة: قيادة مهمّة تمكين النساء الريفيات في النيجر