تكافح منظمة الأغذية والزراعة والصندوق الأخضر للمناخ تغيّر المناخ حول العالم من خلال مشاريع ابتكارية، بدءًا من إنتاج الكاكاو الذي لا ينطوي على أية إزالة للغابات ووصولًا إلى الوقود الكفء من ناحية استخدام الطاقة. ©FAO/Pier Paolo Cito
إذا ما أردنا التصدي لتغيّر المناخ، فإن نُظمنا الزراعية والغذائية تُعدّ نقطة انطلاق رئيسية بهذا المعنى. ونحن بحاجة إلى النظر إلى طريقتنا في الزراعة، وطريقتنا في الأكل، وطريقتنا في استخدام مواردنا الطبيعية. وتنبعث عن الزراعة حوالي ربع غازات الدفيئة، غير أنها تحمل في طياتها أيضًا العديد من الحلول لتحقيق الأهداف المناخية في العالم. وتبدأ مواجهة التحدي المناخي بتحويل الغذاء والزراعة.
ويجب أن يساعد كل إجراء نتخذه، من استصلاح الأراضي المتدهورة إلى القضاء على هدر الأغذية، مجتمعاتنا العالمية على التكيّف مع الضغوط الجديدة، من قبيل تزايد أعداد السكان والتوسع الحضري، مع حماية موارد الكوكب والتنوع البيولوجي في الوقت ذاته.
ومنذ عام 2016، دخلت منظمة الأغذية والزراعة في شراكة مع الصندوق الأخضر للمناخ من أجل مساعدة البلدان على بناء قدرتها على الصمود في مواجهة آثار تغيّر المناخ.
وفي ما يلي أربعة مشاريع لمنظمة الأغذية والزراعة والصندوق الأخضر للمناخ تتصدى وجهًا لوجه لتغيّر المناخ:
وقف إزالة الغابات في الأرجنتين
تؤدي الغابات دورًا رئيسيًا في الحفاظ على سلامة كوكبنا. ومع ذلك، غالبًا ما تتم إزالتها إفساحًا في المجال للمراعي أو الحقول لزراعة المحاصيل. وتُعدّ إزالة الغابات مسؤولة عن حوالي 11 في المائة من انبعاثات غازات الدفيئة في العالم. ومن خلال الحد من إزالة الغابات واستعادة الغابات المتدهورة، يمكننا خفض الانبعاثات بما يعادل أكثر من خمسة جيغا طن من ثاني أكسيد الكربون كلّ عام.
وتُعدّ الحوكمة الرشيدة للغابات واستراتيجيات الاستعادة الناجحة ذات أهمية حيوية، وهذا بالضبط ما يقوم به أحد مشاريع منظمة الأغذية والزراعة الذي يحظى بالتمويل من الصندوق الأخضر للمناخ في الأرجنتين. وبين عامي 2014 و2016، تجنبت حكومة الأرجنتين 18.7 ملايين طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون من خلال الحد بنجاح من إزالة الغابات. ويهدف مشروع منظمة الأغذية والزراعة والصندوق الأخضر للمناخ، البالغة كلفته 82 مليون دولار أمريكي، إلى البناء على هذا النجاح والحد بصورة أكبر من إزالة الغابات في الأرجنتين.
ويجري إشراك ما يقرب من 3 000 أسرة من المجتمعات المحلية والشعوب الأصلية في جهود التخطيط لتأهيل الغابات الأصلية، واستخدام الموارد الحرجية على نحو مستدام، وزيادة الممارسات المتكاملة لتربية الحيوانات، والوقاية من حرائق الغابات أو مكافحتها على وجه السرعة. ومن خلال إشراك المجتمع المحلي في إدارة موارده الخاصة، تتراجع احتمالات إزالة الغابات بشكل غير قانوني. وتعتبر الملكية والمشاركة أساسيتين لحماية الغابات وسبل العيش، وإفادة الاقتصاد المحلي، والحد من أسباب إزالة الغابات من خلال ضمان إنتاج الأخشاب والمنتجات الأخرى، مثل العسل والجوزيات، والاتجار بها بصورة مستدامة.
تؤدي الغابات دورًا رئيسيًا في الحفاظ على سلامة كوكبنا، غير أن الممارسات غير المستدامة والتغيرات في استخدام الأراضي تعرضها للخطر. اليسار/الأعلى ©FAO اليمين/الأسفل: ©Chris Steele-Perkins/Magnumصور لمنظمة الأغذية والزراعة
زيادة كفاءة الوقود من أجل تعزيز القدرة على الصمود في أرمينيا
في أرمينيا، تعتمد المجتمعات المحلية الريفية بشكل كبير على حطب الوقود للحصول على الطاقة، ولكنّ الطلب المتزايد على هذا المورد الطبيعي يزيد الضغط على سلامة النظم الإيكولوجية وقدرتها على الصمود. وستعمل المنظمة، في إطار مشروع يتلقى تمويلاّ من الصندوق الأخضر للمناخ بقيمة 18.7 ملايين دولار أمريكي، بشكل وثيق مع حكومة أرمينيا من أجل تطوير بدائل منخفضة الانبعاثات للوقود في المناطق الريفية من البلاد. وسيعزّز المشروع، من خلال العمل مع 207 مجتمعات محلية ريفية في مقاطعتين اثنتين، استخدام مواقد الحطب الموفّرة للطاقة للحدّ من استهلاك الأخشاب بنسبة 30 في المائة. وعلاوة على ذلك، من المتوقع أن يؤدي برنامج غرس الأشجار التابع للمشروع إلى زيادة الغطاء الحرجي في أرمينيا بنسبة تتجاوز سبعة في المائة، مما سيزيد بدوره من كمية الكربون الذي يمكن للغابات إزالته من الغلاف الجوي وتخزينه في الأرض. وستحوّل هذه الاستثمارات المستدامة بيئيًا طريقة استخدام الموارد الحرجية، مما سيعود بالنفع على السكان والنظم الإيكولوجية على حد سواء.
عكس تدهور الأراضي بغية تحسين الأمن الغذائي والمائي في نيبال
يعني ضمان التأهيل المستدام للأراضي والتربة والغابات على الأجل الطويل العمل مع المجتمعات المحلية لمنع تدهور الأراضي وعكس اتجاهه، من خلال الجمع بين المعارف المحلية والعلم والتكنولوجيا من أجل إيجاد طريق جديد للمضي قدمًا.
وتعتبر منطقة تشوريا الواقعة على سفوح جبال الهيمالايا في نيبال حاسمة الأهمية بالنسبة إلى الأمن الغذائي في البلاد. وتمرّ النظم النهرية الرئيسية عبر تلال تشوريا، وتُعتبر مصدرًا هامًا للمياه بالنسبة إلى المجتمعات التي تعيش عند المصبّ. ومع ذلك، أدّت عقود من الاستخدام غير المستدام للموارد الطبيعية إلى تدهور الغابات وزيادة الفيضانات وتآكل التربة. ومنذ مايو/أيار 2020، تعمل منظمة الأغذية والزراعة جنبًا إلى جنب مع شركائها الوطنيين لتنفيذ مشروع بقيمة 40 مليون دولار أمريكي يحظى بتمويل من الصندوق الأخضر للمناخ ويرمي إلى المساعدة في الحفاظ على المناظر الطبيعية في المنطقة. وسوف يستفيد من هذا المشروع أكثر من 200 000 أسرة معيشية، كما سيساعدها على التخفيف من آثار تغيّر المناخ والظواهر المناخية المتطرفة خلال السنوات القادمة.
يُعتبر الاستثمار في إنتاج الكاكاو الذي يحافظ على الغطاء الحرجي بدلاً من إزالته أمرًا بالغ الأهمية لوقف إزالة الغابات في البلدان الاستوائية. ©FAO/K. Boldt
إنتاج الكاكاو الذي لا ينطوي على أية إزالة للغابات في كوت ديفوار
يُستهلك الكاكاو حول العالم في شتى أنواع المنتجات الغذائية، من الشوكولاتة الفاخرة إلى المشروبات الحلوة. إلا أنّ إنتاج الكاكاو يعتبر السبب الرئيسي لإزالة الغابات في البلدان الاستوائية مثل كوت ديفوار. وفي الواقع، تعتبر الزراعة مسؤولة عن 62 في المائة من إزالة الغابات في البلاد، ويعود السبب في ثلث إزالة الغابات تقريبا إلى إنتاج الكاكاو وحده. ويعتمد مليونا منتج من أصحاب الحيازات الصغيرة تقريبًا على زراعة الكاكاو في سبل عيشهم.
وسيدعم أول مشروع للصندوق الأخضر للمناخ بقيادة منظمة الأغذية والزراعة في أفريقيا جهود كوت ديفوار الرامية إلى التصدي لإزالة الغابات بموازاة تحسين سبل عيش المزارعين الضعفاء من خلال تعزيز إنتاج الكاكاو الذي لا ينطوي على أية إزالة للغابات. ويُشجّع المشروع نظم الزراعة الحرجية للكاكاو المظلّلة بشكل طبيعي، مما يعني أنه لا يتعيّن قطع الغابات لإفساح المجال لإنتاج الكاكاو المعرّض للشمس بشكل كامل. ومن شأن إنتاج الكاكاو في ظل الغطاء الحرجي الكثيف للغابات الاستوائية أن يساعد البلدان النامية على خفض انبعاثات غازات الدفيئة، والحفاظ على التنوع البيولوجي وحمايته، وتوليد الدخل لصغار منتجي الكاكاو في آن واحد.
يُعدّ بناء قدرة المجتمعات المحلية والنظم الإيكولوجية الضعيفة على الصمود أمرًا محوريًا لكل من جهود التعافي والعمل المناخي المراعي للبيئة. وخلال ما يربو قليلاً عن أربع سنوات، دعمت منظمة الأغذية والزراعة أكثر من 36 بلدًا للحصول على موارد الصندوق الأخضر للمناخ بما يمكّنها من تحقيق أهدافها المناخية. وتواصل المنظمة توجيه الزخم نحو العمل المناخي كي تتمكّن البلدان من توسيع نطاق إجراءاتها والبناء بشكل أفضل بعد الأزمات وبناء عالم أكثر استدامة وخالٍ من الجوع.
تعرّف على المزيد
الموقع الإلكتروني: منظمة الأغذية والزراعة والصندوق الأخضر للمناخ
الأخبار: الكاكاو الذي لا ينطوي على أية إزالة للغابات يُحلّي يوم الأغذية العالمي