Food and Agriculture Organization of the United NationsFood and Agriculture Organization of the United Nations

المغامرات الإحصائية


لماذا جمع الإحصاءات الزراعية أمر يستحق العناء

Share on Facebook Share on X Share on Linkedin

كانت الطرقات غير السالكة والجسور المغمورة أو المحطمة من بين التحديات الماثلة أمام تنفيذ مبادرة المسح الزراعي 50x2030 الكبرى في ليبيريا وفي 49 بلدًا آخر. ©FAO/ Andrew Esiebo

20/01/2025

انزلقت المركبتان الرباعيتا الدفع وتوقفتا للمرة الألف. وكانتا تسيران في إحدى الطرق الرئيسية في البلاد جنوب شرق مونروفيا، عاصمة ليبيريا، إنما كانت الأمطار الموسمية قد حولتها إلى مستنقع لزج من الوحل البني المحمر اللون.

في نهاية المطاف، وبعد التخلي عن الجهود الرامية إلى دفع السيارتين، ذهب الفريق الذي يرتدي اللون الأصفر المضيء سيرًا على الأقدام في الغابة الاستوائية المجاورة. وسيستغرق المشي ساعتين أو ثلاث ساعات للوصول إلى المواقع المستهدفة. ولكن من هم هؤلاء الأشخاص الذين يرتدون سترات عالية الوضوح؟ هل هم حراس الغابات؟ أو مراقبو المنتزهات؟ أم حراس الحياة البريّة؟ قد تبدو الإجابة غير متوقعة، ولكنهم في الواقع خبراء إحصائيون.

يضم الفريق الخماسي خبراء إحصائيين من منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة) وموظفين من مكتب الإحصاء الرئيسي في البلاد وهو معهد ليبيريا للإحصاء وخدمات المعلومات الجغرافية (LISGIS).

وبما أنها ليست المرة الأولى التي يحصل فيها سيناريو مماثل مع الخبراء الإحصائيين الميدانيين، قد يبدو من البديهي أن يقول السيد Anthony Dymacole، قائد فريق معهد ليبيريا للإحصاء وخدمات المعلومات الجغرافية، إن
"إمكانية الوصول تشكل إحدى أكبر التحديات"  من بين العراقيل التي تواجههم عند القيام بمسح المناطق الريفية.

وثمة عراقيل أخرى قد تعترض طريقهم وتعوقهم بالفعل، من بينها: الحواجز الأمينة التي قد تعوقهم لعدة أيام، والجسور المغمورة أو المدمرة، أو حتى الحيوانات البريّة.

وقد تبدو هذه السيناريوهات شديدة لمجرد جمع الأرقام، ولكن يصعب في الواقع المبالغة في تقدير أهميتها. ويفيد السيد
Yakob Seid، كبير الخبراء الإحصائيين في المنظمة "إنْ لم تتمكن من قياس أمر ما، فلن تتمكن من إدارته".

وبالفعل فإن القياس هو هدف مبادرة 50x2030، التي ترمي، كما يشير إليها اسمها، إلى دعم عمليات المسح الإحصائية للزراعة في 50 بلدًا أفريقيًا وآسيويًا مع حلول بداية العقد القادم. وتم إطلاق المبادرة التي تنفذها منظمة الأغذية والزراعة والبنك الدولي والصندوق الدولي للتنمية الزراعية مع الحكومات في 26 بلدًا حتى الآن.

وفي معظم هذه الدول الخمسين المنخفضة والمتوسطة الدخل، تشكل الزراعة المصدر الرئيسي للدخل وفرص العمل وتساهم بشكل حاسم في الناتج المحلي الإجمالي.

وتقوم الحكومات والشركاء في التنمية بما في ذلك المنظمة باستثمار قدر هام من الموارد في القطاع الزراعي في تلك البلدان. لكن يقول السيد Seid إنه "من دون البيانات المناسبة، لن نتمكن من قياس مدى فاعلية تلك الموارد في تحسين حياة الأشخاص وسبل عيشهم."

عندما يصل الخبراء الإحصائيون إلى المجتمعات المحلية، تكتسي المعلومات التي يقومون بجمعها، بما في ذلك المحاصيل المنتجة والمساحات المحصودة والقوى العاملة والمدخلات الأخرى، أهمية حاسمة من أجل تقييم الاحتياجات وصياغة السياسات لتحسين حياة المزارعين وسيل عيشهم. ©FAO/Andrew Esiebo

ولكن ما الذي يقوم الخبراء الإحصائيون بقياسه فعليًا؟ لا عجب أن تضمّ مجالات التركيز كمّية المحاصيل التي ينتجها المزارعون، والمساحات المحصودة، ومدخلات اليد العاملة، وخصائص القوى العاملة الديموغرافية، والآليات المستخدمة، والأثر البيئي، والتكنولوجيا مثل الريّ.

وقد يبدو الأمر سهلًا، لكنه ليس دومًا بهذه البساطة. على سبيل المثال، حتى عندما تكون لدى المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة لمحة عامة عمّا يتنجونه وما تنتهي إليه، يفكر الكثير منهم من ناحية عدد سلال الحبوب أو أكياس الخضروات عوضًا عن وزن المحاصيل بالكيلوغرام، ما يجعل من الأصعب على الخبراء الإحصائيين تسجيل البيانات باستخدام عبارات متماشية مع المعايير الوطنية والدولية.

وفي كثير من الأحيان، يحتاج الخبراء الإحصائيون، الملقبون أيضًا بالعدادين، إلى الاعتماد على أخذ عيِّنات من المحاصيل، الأمر لذي يشمل أخذ عينة من المحصول من قطعة صغيرة تابعة لحقل المزارع، واستقراء المحصول الناتج المتوقع بالنسبة إلى المساحة الإجمالية. ولتكوين صورة دقيقة عن نسبة المحصول التي تذهب للاستخدامات المختلفة، غالبًا ما يستخدم الخبراء الإحصائيون أسلوبًا يدعى التراكم النسبي (proportional piling) أي مطالبة المزارع بإنشاء أكوام صغيرة تمثل الاستخدامات المختلفة للمحاصيل، مثل الاستهلاك الأسري، والمبيعات النقدية، أو دفع الإيجار.

وتقول السيدة Susannah Tarway، وهي مزارعة تكسب لقمة عيشها من زراعة الكسافا والبطاطا والبامية، إنها واثقة أن المسح "سيساعدني في عملي... وفي إرسال أطفالي إلى المدرسة"، لأنّ البيانات يمكنها أن تسلط الضوء على الاحتياجات، مثل المزيد من الأسمدة، التي يمكن أن تعالجها الحكومة أو الشركاء الآخرون، ممّا يساعد المزارعين على تحسين سبل عيش أسرهم.

وفي ليبيريا، كما في الكثير من البلدان، تأخرت مهمة جمع هذه المعلومات كثيرًا، حيث جرى آخر إحصاء زراعي قبل نصف قرن باستخدام الأساليب الورقية. ويجلب استبدالها بأجهزة الحاسوب مزايا هائلة، من ناحيتي السرعة والحد من الأخطاء المحتملة على السواء، حيث يمكن للنماذج التي يستخدمها المحاورون رصد التناقضات قبل وصولها إلى مجموعة البيانات.

ولكن حتى أجهزة الحاسوب اللوحية تعجز عن حل جميع المشاكل. فإرسال البيانات التي يجمعها الخبراء الإحصائيون في الميدان إلى خادم مركزي لا زال يعتمد على اتصال الإنترنت عبر الجوّال، الغائب في مناطق كثيرة، ممّا يجبر فرق الإحصاء على السفر إلى أقرب مكان تتاح فيه تغطيه شبكات الجوّال. ولا يمكن إنجاز مهمة العدادين قبل إرسال البيانات والتحقق منها.  

تتمثل إحدى التحديات التي تواجه خبراء الإحصاء في عدم التزام المزارعين الدائم بالمقاييس المعيارية لتعداد المحاصيل أو النسب المئوية لتحديد الاستخدامات المختلفة للمحاصيل. ©FAO/Andrew Esiebo

وستكون ليبيريا وخبراؤها الإحصائيين بموقع أفضل للاضطلاع بقياس وجمع المعلومات الحيوي في الأعوام المقبلة، بدعم من المنظمة لإنجاز العمل الإحصائي.

والبيانات الدقيقة ضرورية لمساعدة الحكومات على تكوين فهم أفضل لوضع قطاعها الزراعي، والمجالات التي تزدهر، والمجالات التي تحتاج إلى استثمارات إضافية. والعملية "ليست عبارة عن جمع البيانات لمجرد جمعها، بل يتعلق الأمر باستخدام هذه البيانات لصالح الأهداف الإنمائية الهامة مثل القضاء على الجوع والحد من الفقر"، كما يقول الدكتور Jose Rosero Moncayo ، كبير الخبراء الإحصائيين في المنظمة ومدير شعبة الإحصاء.

وبدعم من المنظمة وشركائها من خلال مبادرة 50x2030، سيكون كل من صانعي السياسات والمزارعين في وضع أفضل للاستفادة قدر الإمكان من مواردهم لأجل مستقبلهم ومستقبل بلدانهم. 

روابط تتعلق بالموضوع

للمزيد من المعلومات

الموقع الإلكتروني: الإحصائيات في منظمة الأغذية والزراعة

الموقع الإلكتروني: منظمة الأغذية والزراعة في ليبيريا

الموقع الإلكتروني: المركز الإعلامي لمنظمة الأغذية والزراعة