Food and Agriculture Organization of the United NationsFood and Agriculture Organization of the United Nations

خوض غمار مجال تربية الأحياء المائية في غيانا


مستزرعو أربيان المياه المائلة إلى الملوحة يجدون سبلًا تمكّنهم من البقاء والازدهار في ظلّ تغير المناخ

Share on Facebook Share on X Share on Linkedin

دَرَج مستزرعو أربيان المياه المائلة إلى الملوحة، في الجزء الشرقي من غيانا، على الاعتماد على التدفق الطبيعي للمياه الناجمة عن حركة المد والجزر، بيد أن حصيلة الأربيان لم تفتأ تنخفض بسبب الفيضانات وتغير أنماط الرياح. ©FAO/Shara Seelall

31/01/2025

يستزرع السكان المحليون، بالقرب من ساحل كورنتاين الواقع في أقصى الجزء الشرقي من غيانا، أربيان المياه المائلة إلى الملوحة المتوطن في هذه المنطقة (من نوعي Penaeus subtilis وPenaeus schmitt). وينمو هذا الأربيان في أحواض مشيَّدة تتألف من مزيج من المياه العذبة المستمدة من نهر كانجي ومن بعض المجاري المائية الداخلية الأخرى ومن مياه مالحة تأتي من المحيط الأطلسي، فتتهيأ بذلك الظروف المثالية اللازمة لإيجاد المياه المائلة إلى الملوحة التي ينمو فيها هذا الأربيان والتي تضفي عليه نكهته الفريدة ولونه المميز.

ويُعدّ السيد Suedat Persaud أحد العاملين في مجال استزراع هذا النوع من الأربيان المتخصص منذ عقود. وهو أيضًا مؤسس وأمين الجمعية التعاونية لتربية الأحياء المائية في شرق بيربايس-كورنتاين (East Berbice-Corentyne Aquaculture Cooperative Society Ltd)، التي تضم مستزرعي أسماك المياه المائلة إلى الملوحة في قرية فيريش.

وكان والداه يعملان أيضًا في مجال استزراع الأسماك وتخصصا في استزراع الأربيان وسرطان البحر والبوري وأسماك السنوك في المياه المائلة إلى الملوحة، ويواصل السيد Suedat من بعدهما استزراع هذه الأحياء البحرية.

ويفيد السيد Suedat بما يلي: "تعلّمتُ إلى جانب والديّ أساليب مختلفة لاستزراع الأسماك، ولا سيّما في ما يخص أربيان المياه المائلة إلى الملوحة، وما زلت أستخدم بعض هذه الأساليب حتى يومنا هذا. وقد حذوتُ حذوهما بعد وفاتهما. ولديّ اليوم ولدان يشاركان بدورهما في إدارة أنشطة المزرعة".

بيد أن ممارسة استزراع أربيان المياه المائلة إلى الملوحة قد اختلفت عما كانت عليه في ما مضى.

ويقول السيد Suedat في هذا الصدد: "لقد واجهنا الكثير من المصاعب من جرّاء تغير المناخ والظواهر المناخية الأخرى على مدى عقود من الزمن"، مشيرًا إلى موجات الجفاف الناجمة عن ظاهرة النينيو والفيضانات التي سببتها ظاهرة النينيا. ويردف قائلاً: "لاحظنا أيضًا حدوث تغيرات في أنماط الرياح تمثلت في جلب كمية أكبر من المياه العذبة من النهر، وهي مياه تتسم بانخفاض مستوى الملوحة، فيؤثر ذلك على كمية يرقات الأربيان التي نحصل عليها."

وجرت العادة على أن يستعين المستزرعون في منطقة شرق بيربيس بنظام إنتاج يتطلب قدرًا ضئيلًا من التغذية أو لا يتطلب أي قدر منها على الإطلاق، بل يعتمد بالأحرى على التدفق الطبيعي للمياه الناجمة عن حركة المد والجزر لـملء أحواضهم وجمع يرقات الأربيان البريّة المصدر. ويستلزم هذا الأسلوب تغيير أحواض الأسماك بصورة متكررة وحفر أحواض سمكية جديدة لتعزيز نمو يرقات الأربيان. وفي حين أنّ كلفة النهج التقليدي قد تكون منخفضة، بيد أنه ينطوي على مواطن ضعف كبيرة في ما يتعلق بانتظام عمليات الإمداد والتغيرات البيئية والأمراض.

ويؤكد السيد Suedat في هذا الصدد: "لم نكن نحصد قدرًا كافيًا من الأربيان بمرور السنين. فقد انخفضت خصوبة الأرض وانخفضت الغلات والإنتاج، وهو ما أفضى في نهاية المطاف إلى نقص في الأربيان؛ فكان لا بدّ من إحداث تغيير."

ولضمان قدرة هذا القطاع على الاستدامة والنمو، كان لا بدّ من إيجاد أنظمة دعم أفضل، مثل تحسين سُبل الانتفاع بالتدريب وبالموارد وبالفرص المتاحة في الأسواق، فضلًا عن تحسين ممارسات الإدارة لزيادة القدرة على الصمود.

واستهلت حكومة غيانا، في عام 2021، تنفيذ مشروع يرمي إلى تحسين سُبل العيش وضمان الأمن الغذائي وتعزيز الصادرات من الأربيان. وبلغت قيمة الاستثمارات في هذا المشروع، بحلول شهر يناير/كانون الثاني 2024، أكثر من 1.5 ملايين دولار أمريكي، حيث ارتفع إنتاج الأربيان من 105 أطنان في عام 2020 إلى 958 طنًا في عام 2023.

وساهمت الدورات التدريبية التي قدّمتها منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة) وإدارة مصايد الأسماك التابعة لوزارة الزراعة في غيانا في توفير المزيد من الدعم في هذا الصدد. فقد عرّفت هذه الدورات التدريبية المزارعين على أسلوب يساعد على زيادة إنتاج الأربيان من خلال الاستعانة بالأعلاف التكميلية واستخدام نظام خاضع للتحكم يمكن من خلاله ضخ المياه اللازمة من المحيط إلى الأحواض.

وأدخلت المنظمة ووزارة الزراعة أيضًا، في إطار مشروع "التنمية المستدامة لسلاسل القيمة القادرة على الصمود"، عددًا من الممارسات الجيدة الأخرى في مجال تربية الأحياء المائية، منها مثلًا زراعة أشجار المنغروف وإعادة تأهيلها.

عملت المنظمة ووزارة الزراعة في غيانا على تدريب المزارعين على أسلوب يعتمد على ضخ المياه اللازمة من المحيط إلى الأحواض. وأفضى هذا النظام الخاضع للتحكم، فضلًا عن الاستعانة بالأعلاف التكميلية، إلى زيادة إنتاج الأربيان. الصورة إلى اليمين في أعلى الصفحة: تُستخدم الصورة بإذن من Rabani Gajnabi. الصورة إلى اليسار في أسفل الصفحة: ©FAO/Shara Seelall.

ولا يزال السيد Suedat يتذكر ذلك اليوم الذي تلمَّس فيه التطبيق العملي لبعض ما تعلّمه، فيقول: "خلال زيارتي إلى إحدى القرى التي تضم مستنقعَين كبيرَين يصطاد فيهما صيادو الأسماك سرطان البحر، لاحظتُ وجود عدد كبير من أشجار المنغروف المزروعة حول السدود المحاذية لهما لتوفير الغذاء للأسماك. فأدركتُ عندها أهمية أشجار المنغروف في توفير أرضية مؤاتية لتغذية الأسماك وموئل يأويها، فضلًا عن الغلات الوافرة التي تتيحها."

وينطوي هذا الأسلوب الجديد على تكاليف أولية وجارية أعلى، بيد أن السيد Suedat قد اقتنع بأن الفوائد الممكنة تفوق التكاليف المتكبدة.

ولذلك سارع السيد Suedat وغيره من مستزرعي الأسماك إلى التماس الدعم من وزارة الزراعة من أجل غرس أشجار المنغروف في المناطق المحيطة بأحواض الأسماك التي يملكونها. وتمكّن المعهد الوطني للبحوث والإرشاد في مجال الزراعة (NAREI)، بفضل الـمِنح الصغيرة التي قدّمتها المنظمة وجامعة جزر الهند الغربية، من تأمين الأموال اللازمة لإعداد برنامج تدريبي بشأن زراعة أشجار المنغروف وإعادة تأهيلها. وأعقب ذلك تنفيذ مشروع تجريبي مجتمعي بشأن إعادة تأهيل أشجار المنغروف لغرض دعم مساعي استزراع أربيان المياه المائلة إلى الملوحة.

وقدمت المنظمة المعدات الزراعية اللازمة، ووفرت دورات تدريبية بشأن المناولة ما بعد الصيد والتخزين البارد والصرف الصحي. وعملت المنظمة أيضًا على تحسين بناء الأحواض لضمان قدرة المضخات على نقل المياه اللازمة من المحيط.

أصبح قطاع استزراع أربيان المياه المائلة إلى الملوحة يدرّ المزيد من الأرباح بسبب استعداد المستهلكين، ولا سيّما جالية غيانا في المهجر، لدفع سعر مرتفع لقاء هذا المنتج. ©FAO/Shara Seelall

وبات السيد Suedat وأعضاء الجمعية التعاونية يتحلون بنظرة أكثر تفاؤلًا بشأن مستقبل استزراع أربيان المياه المائلة إلى الملوحة، ويُعزى ذلك إلى انتفاعهم بالتدريب على الإدارة الجيدة للمزارع وسلامة الأغذية وإدارة الأعمال.

وقد أفضى نظام الإنتاج حتى الآن إلى زيادة غلات الأربيان من زهاء 35 000 كيلوغرام شهريًا إلى زهاء 60 000 كيلوغرام شهريًا. وأصبح هذا القطاع يدرّ المزيد من الأرباح بسبب استعداد المستهلكين، ولا سيّما جالية غيانا في المهجر، لدفع سعر مرتفع لقاء هذا المنتج. وبدأ المزارعون أيضًا في بيع أربيان المياه المالحة في مناطق أخرى من غيانا.

وتمكّن مستزرعو أربيان المياه المائلة إلى الملوحة، من خلال زيادة غلاته والحدّ في الوقت ذاته من الضغط على البيئة، من مواجهة تغير المناخ وتغيير الأوضاع الناجمة عنه لصالحهم وتأمين سُبل عيشهم استعدادًا للمستقبل.

روابط تتعلق بالموضوع

للمزيد من المعلومات

الموقع الإلكتروني: مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية على موقع المنظمة

الموقع الإلكتروني: الملامح القُطرية على موقع المنظمة: غيانا