Food and Agriculture Organization of the United NationsFood and Agriculture Organization of the United Nations

قوة الطاقة الشمسية


كيف تساعد مضخات المياه العاملة على الطاقة الشمسية المزارعين والرعاة الزراعيين على التكيّف مع تغيّر المناخ في جنوب السودان

Share on Facebook Share on X Share on Linkedin

15/4/2024

يأخذ السيد Michael Lokuru Kuri، كما في كل صباح عند شروق الشمس، قطيعه للرعي في هذا الصباح الباكر لتفادي الحرّ. ويقود ماشيته خارج المجمّع في مشهد مليء بالسكينة.

ولم تكن الأوضاع دومًا هكذا. ويقول السيد Lokuru، كما يُلقّب: "لقد تعرضتُ لغزوتين"، ويشرح أنَّ توترات تشوب العلاقات مع المجتمعات المحلية المجاورة في مقاطعة جنوب كابويتا في ولاية شرق الاستوائية في الجزء الجنوبي الشرقي من جنوب السودان.

خسر السيد Lokuru Kuri محصوله بأكمله في قرية نَكورينغومو في جنوب السودان، نتيجة موسم شديد الجفاف هذا العام، ما جعله يعتمد كلّيًا على حيواناته لكسب الدخل. ©FAO/Eduardo Soteras

"يريدون أخذ ماشيتنا عنوةً ويحاولون قتلنا أيضًا. أخذوا كل قطيعي ولم يبقَ منه سوى خمسة حيوانات". ويغلق قبضته في إشارة إلى الرقم خمسة ويروي كيف اضطر إلى أن يكافح للحصول على حيوانات إضافية.

ولكن خفّت أقلّه بعض الصعوبات التي كان يواجهها مع قطيعه. ففي وقت سابق، أجبره الموسم الجاف الطويل على أخذ حيواناته للرعي بعيدًا عن قريته نكورينغومو، ممّا زاد احتمال وقوع نزاع على الموارد المائية.

story cover
story cover

أجبر الموسم الجاف الطويل السيد Lokuru على اصطحاب حيواناته للرعي بعيدًا عن قريته، ممّا رفع احتمال وقوع نزاع على الموارد المائية. ©FAO/Eduardo Sotera

كان ذلك قبل أن تدعم منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة)، بتمويل من مصرف التنمية الأفريقي، حفر خزان سعته 000 30 متر مكعب، وقبل أن تقوم بتركيب مضخة مياه عاملة على الطاقة الشمسية في مجتمعه المحلي.

ويقول الرجل البالغ من العمر 34 سنة: "لسنا بحاجة إلى اصطحاب حيواناتنا إلى أماكن أخرى للحصول على المياه لأن لدينا منها ما يكفينا للحيوانات".

story cover
story cover

حفرت منظمة الأغذية والزراعة خزانًا للمياه ووفرت مضخة مياه تعمل على الطاقة الشمسية لكي يتمكن السيد Lokuru والرعاة الآخرون توفير المياه لماشيتهم من دون الابتعاد عن قريتهم. ©FAO/Eduardo Sotera

ولم يعد هو ومجتمعه المحلي بحاجة إلى تعبئة المياه بمشقة من مستجمع مائي بفضل هذه المنشأة التي يُشغّلها لوحان شمسيان يولدان الكهرباء لضخ المياه من الخزان على نحو مستدام. "لقد سهّلت مضخة المياه العاملة على الطاقة الشمسية كل شيء بالنسبة إلينا".

ويضيف السيد Lokuru: "باتت ماشيتنا تشرب الآن مياهًا نظيفة تضخها مضخة شمسية نحو الأحواض"، وهو يقوم بتعبئة حوض بواسطة خرطوم لكي يشرب قطيعه. ويعني توافر المياه النظيفة أن الحيوانات ستتمتع بصحة أفضل، وهذه مسألة أساسية بالنسبة إلى الأشخاص الذين تعتمد سبل عيشهم على الماشية.

وفي مزرعة السيد Lokuru، الآثار المدمرة لتغير المناخ واضحة وضوح الشمس في تشققات التربة وذبول المحاصيل في حقوله. وهو يوضح قائلًا "لقد حصلت تغيرات في الطقس"، ويردف شارحًا وهو يفتت المحصول الجاف بأصابعه: "هذه أسوأ سنة حيث قضت الشمس على كل المحاصيل. ولم نحصد أي شيء في هذا الموسم".

لذلك تكتسي المحافظة على صحة الماشية أهمية خاصة لأسرته. وبالنسبة إلى ثلاثة أرباع المجتمع هنا: "إنّ سبل عيشهم هي الماشية، فهم يعتمدون فعليًا عليها"، كما يقول السيد Quinto Asaye Alex، مفتش الخدمات البيطرية في ولاية شرق الاستوائية، وهو يستعدّ لتلقيح ماعز السيد Lokuru.

story cover
story cover

تعلم السيد Lokuru أيضًا كيفية تلقيح حيواناته بفضل تدريب بدعم من المنظمة. وهو يساعد اليوم في تلقيح حيوانات أفراد مجتمعه المحلي الآخرين، ويدرب آخرين على فعل ذلك. ©FAO/Eduardo Soteras

وتهدف زيارات الطبيب البيطري إلى غرض أكثر أهمية بعد، وهو تدريب السيد Lokuru على إعطاء الأمصال لحيواناته وحيوانات أبناء قريته بنفسه. ويضم هذا التدريب المدعوم من المنظمة والموجه إلى العاملين المجتمعيين مثل السيد Lokuru الذي رشّحته قريته، إعطاء التلقيح وتحديد الأمراض وفرز الحيوانات المريضة عن السليمة ومعالجتها، كما يشرح السيد Quinto.

والسيد Lokuru واحد من أصل 30 عاملًا مجتمعيًا تم تدريبهم على نطاق جنوب كابويتا ككلّ، ويقول "أعتبر نفسي قائدًا لأني أملك المعرفة. لقد درّبتني المنظمة على أمور كثيرة، فأنا أعطي العلاجات واللقاحات، وهذا شيء لا يستطيع الآخرون فعله. ولا زلت أتمتع بالقوة. وسأقوم بتدريب الشباب وسأضمن أن يصبحوا مثلي في المجتمع المحلي".

يواجه جنوب السودان تحديًّا ثلاثيًّا يفرضه تغيرّ المناخ، والتأثير المتواصل للقتال في مناطق واسعة من البلاد، والفيضانات أو الظروف الجافة. © FAO/Eduardo Soteras

الوضع في جنوب السودان

تُقدّم المنظمة الدعم نيابةً عن مصرف التنمية الأفريقي وحكومة جنوب السودان، وهو جزء من مبادرة لتعزيز قدرة المجتمعات المحلية على الصمود والتكيف في وجه تغيّر المناخ.

ويقول السيد Meshack Malo، ممثل منظمة الأغذية والزراعة في جنوب السودان، إنّ مستوى انعدام الأمن الغذائي لا يزال يشكل تحديًا كبيرًا.

ويقول "في هذا البلد، لا زال أكثر من 70 في المائة من الأشخاص لا يعلمون، في أي وقت من الأوقات، من أين سيحصلون على وجبتهم القادمة".

وعلاوة على ذلك، هناك التأثير المتواصل للقتال في مناطق واسعة من البلاد وتغيّر المناخ. ويضيف السيد Malo: "هكذا ترى البلاد نفسها تواجه تحديًا مزدوجًا، وفي بعض الأحيان ثلاثيًا مع الفيضانات أو الظروف الجافة".

ويستطرد قائلًا إنّ لدى المنظمة فهمًا عامًا بالتغيرات التي طرأت على أنماط الطقس في المنطقة، ويضيف: "ولكنّ فهم ذلك ليس بالأمر اليسير على المجتمعات المحلية. ونحن قادرون على توفير البذور والأصناف والأدوات القادرة على التكيف مع المناخ، لذا؛ فالأمر هو حزمة متكاملة تبدأ بفهم المعلومات ومعرفة التغييرات التي يلزم إجراؤها في ظل العوامل المناخية الجديدة القائمة".

ويشرح السيد Malo أن المنظمة، بالتعاون مع عدد من الشركاء، ساعدت على بثّ برنامج إذاعي أسبوعي يُسمى Ziraa Tanna لنشر المعلومات المتعلقة بالمناخ في أوساط المجتمعات المحلية الزراعية.

ولكنّ التعلم هو عملية مستمرة. ويحتاج المزارعون في الوقت الراهن إلى التصدي لهذه الآثار المترتبة على تغيّر المناخ.

يتجلى وقع تغيرّ المناخ بشدة في هذه المنطقة من جنوب السودان. وتوضح السيدة Lilly Kiden أن الشمس قد قضت على كل ما زرعته. © FAO/Eduardo Soteras

وتقول السيدة Lilly Kiden، المزارعة البالغة من العمر 38 سنة، بينما تقوم هي ومجموعة من الأصدقاء بحفر حفرة في أرض تبدو عليها معالم الجفاف في المساحة التي يتشاركون زراعتها بالخضروات: "لقد تأثرنا كثيرًا بتغيرات الطقس".

وتضيف: "كانت هذه السنة واحدة من أسوأ السنوات"، موضحة أن المحاصيل قد نجت على مدى السنوات الماضية بطريقة ما رغم قلة الأمطار، ثم قالت بنبرة من الحزن: "ولكن هذه المرة قضت الشمس على كل ما زرعناه"، وأردفت قائلة: "أشعر أن الكثير من الجهد والوقت قد ذهبا سُدًى".

والسيدة Lilly هي المعيلة الوحيدة لعائلتها، فهي تُعيل أطفالها السبعة بالإضافة إلى 10 من أقاربها الذين يعتمدون عليها، ولذلك فإن قدرتها على كسب العيش عن طريق زراعة الخضروات وبيعها تكتسي أهمية حاسمة لبقائهم.

وتقول، بينما ترسل أطفالها إلى دروسهم الصباحية: "إذا استمر الطقس على هذا المنوال فلن يتوفَّر لأطفالي ما يأكلونه وسيكون على بعضهم أن ينقطع عن الدراسة".

والآن، وبعد أن جلبت المنظمة نظم الريّ العاملة بالطاقة الشمسية إلى هذه المنطقة في جنوب السودان، لن تعتمد السيدة Lilly بعد اليوم بالكامل على الطقس. وتشرح، بينما تنزع الأعشاب الضارة من قطعة الأرض: "لقد ساعدنا مشروع المنظمة من خلال حفر حوض لتخزين المياه لخضرواتنا وتركيب مضخة مياه عاملة على الطاقة الشمسية لأغراض الريّ".

وهذا وفَّر لها ولجيرانها إمدادات كافية من المياه لخضرواتهم، وتقول بفخر: "وتمكّنا من توسيع رقعة حقلنا".

story cover
story cover

قدّمت منظمة الأغذية والزراعة نُظم ريّ تعمل بالطاقة الشمسية إلى مجتمع السيدة Lilly المحلي. وقد وفَّر لها هذا ولجيرانها إمدادات كافية من المياه لري خضرواتهم. © FAO/Eduardo Soteras

وتصف السيدة Lilly أهمية العمل في مجموعات، إذ تعمل النساء ويضحكن معًا. وتقول: "مجموعتنا هي مجموعة مسالمة جدًا تتألف من 25 عضوًا، نعمل ونبيع كفريق. ولكل شخص في المجموعة مهمة للبيع في السوق. وبعد أن ننجز مبيعاتنا، نجلس معًا في نهاية الشهر لنرى ما كسبناه كمجموعة ثم نتقاسم الأرباح في ما بيننا".

وتقول السيدة Lolibay Joyce Marco، التي تعمل كمسؤولة ميدانية في منظمة الأغذية والزراعة منذ سنتين، إنّ النساء في هذا المجتمع المحلي هنّ بمثابة المعيل الأساسي لعائلاتهن. وتضيف: "ويساعدهن [نظام الريّ] هذا كثيرًا على تعزيز قدرتهن على كسب دخل أكبر لإعالة عائلاتهن".

"وأنا أحظى بفرصة التفاعل معهن وكوني امرأة، فإنهن يشعرن بالراحة في التحدث معي حول القضايا التي تؤثر عليهنّ".

وبطبيعة الحال، يبرز من بين هذه القضايا كيفية كسب عيش لائق في ظل الظروف القاسية التي تسود هذا الجزء من جنوب السودان، حيث يكتسي حسّ التضامن في المجتمع أهمية كبيرة أيضًا. وتعدّ رابطات الادّخار والاقتراض القروية عنصرًا أساسيًّا في موضوع العمل التضامني هذا.

وتشرح السيدة Lilly، بينما تجلس مع جيرانها في أحد اجتماعات رابطة الادّخار والاقتراض القروية: "لقد ساعدني كثيرًا المال الذي كسبته من مبيعات خضرواتنا وبات بإمكاني شراء الطعام لعائلتي ووضع بعضه في صندوق رابطة الادخار والاقتراض القروي".

story cover
story cover

تساعد رابطة الادخار والاقتراض القروي أيضًا السيدة Lilly وأعضاء مجتمعها المحلي على العمل معًا للادخار من أجل الأوقات العصيبة الطارئة. © FAO/Eduardo Soteras

والسيدة Lilly، على غرار السيد Lokuru، عازمة على ردّ بعض الجميل لمجتمعها المحلي. فتنهض من مقعدها وتسلّم 500 جنيه جنوب سوداني (3.85 دولارًا أمريكيًّا) إلى السيدة المسؤولة، التي تضع المال في طبقين منفصلين. "400 جنيه جنوب سوداني للرابطة و100 جنيه جنوب سوداني لمساعدة أي عضو في الفريق متى وقعت حالة طارئة".

وتشرح السيدة Lilly أن هذا كله بات ممكنًا بفضل المساعدة التي تقدمها المنظمة، والتي تشمل البذور لزراعة الخضراوات والتدريب. وكانت السيدة Lilly قد نزحت إلى مقاطعة كابويتا هذه من قريتها الأصلية في مدينة توريت التي تبعد حوالي 120 كيلومترًا إلى الجنوب الغربي، باحثة عن سبل عيش أفضل، وهي الآن ممتنة لأنها، بفضل المشروع، لم تعد بحاجة إلى حزم أمتعتها والرحيل مرة أخرى.

لا بل تقول: "حلمي أن أعمل بجد إضافي لكي يتسنى لأطفالي مواصلة دراستهم". وتضيف: "لن أهدأ أو أرتاح أبدًا. وسأواصل بذل ما أمكنني من جهود لكي يكملوا دراستهم".

story cover
story cover

توّجه السيدة Lilly جهودها نحو إرسال أطفالها إلى المدرسة. فهذا هو حلمها وإنجاز العمر بالنسبة إليها. © FAO/Eduardo Soteras

وبدعم من المبادرة التي تديرها المنظمة وشركاؤها، ينقل السيد Lokuru والسيدة Lilly معارفهما وتجاربهما الناجحة إلى أعضاء آخرين في مجتمعهما المحلي لدعم سبل العيش وتدريب الشباب، رغم الصعوبات التي تواجهها بلادهم.

للمزيد من المعلومات


Share on Facebook Share on X Share on Linkedin