البلدان تساعد في تحويل الخطوط التوجيهية الطوعية بشأن الحيازة إلى أفعال

إن الموافقة على الخطوط التوجيهية يلقى بأنه خطوة هائلة باتجاه وضع عالمياً اعترافاً معايير منصفة للحيازة في جميع بلدان العالم.

نقاط رئيسية

في العقد الأول من القرن الحالي، تعامل العالم النامي مع مستوى لم يسبق له مثيل من استيلاء المضاربين الدوليين على مساحات شاسعة من الأراضي والأعمال الزراعية العالمية، في أفريقيا أساساً. وكان من بين المسائل الأخرى الفساد في إدارة الموارد الطبيعية، والصراع على الموارد الطبيعية، وعدم الاعتراف بنظم الحيازة العرفية. وقد لفت هذا أنظار العالم إلى ضرورة وجود حوكمة رشيدة لنظم الحيازة. وفي ضوء هذه الخلفية شارك أكثر من 1,000 خبير من الحكومات والأكاديميات ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص، يمثلون 133 بلداً، في سلسلة من المشاورات وحلقات العمل ولجان الصياغة والمنظمات الحكومية الدولية، تتصدرهم لجنة الأمن الغذائي العالمي في منظمة الأغذية والزراعة. وقد أسفر كل ذلك عن وثيقة تعتبر علامة فارقة، وهي: الخطوط التوجيهية الطوعية بشأن الحوكمة الرشيدة لحيازة الأراضي ومصايد الأسماك والغابات في سياق الأمن الغذائي الوطني. وكانت الموافقة عليها في مايو/ أيار 2012 خطوة هائلة في وضع معايير عالمية لسياسات الحيازة من أجل حماية صغار الحائزين في البلدان النامية. أما الآن، فقد بدأت المنظمة في اتخاذ خطوات لتحويل الكلمات على الورق إلى أفعال ملموسة على الأرض.

مع تنفيذ جمهورية أفريقيا الوسطى لعملية تهدف إلى تنسيق الأطر القانونية المتعددة والمتداخلة في أغلب الأحيان فيما يتعلق بالحيازة، أصبحت تستخدم الخطوط التوجيهية الطوعية بشأن الحوكمة الرشيدة لحيازة الأراضي ومصايد الأسماك والغابات في سياق الأمن الغذائي الوطني، كمعيار تستند إليه في قراراتها. أما بعض البلدان الأخرى الواقعة جنوب الصحراء الكبرى، التي تقوم بإصلاح سياسات وتشريعات حيازة الغابات وإدارتها، فتقول إنها ترجع الآن إلى هذه الخطوط التوجيهية لكي تضع معايير تكفل للمجتمعات المحلية عدم فقدان فرص استفادتها من الغابات في أغراضها المعيشية. وسوف يشرع الممثلون عن الأكاديميات في إدراج هذه الخطوط التوجيهية في مناهجهم، لكي يتشبع تلاميذهم بالوعي بقيمة هذه الغابات عند عمل قاعدة لوضع سياسات وقوانين وبرامج الحيازة.

وقد أثير كل ذلك في حلقة العمل التي استضافتها المنظمة في الكاميرون في ديسمبر/ كانون الأول 2012، والتي جمعت 70 خبيراً من 14 بلداً من البلدان المتحدثة بالفرنسية في أفريقيا. وكانت هذه أول حلقة في سلسلة حلقات عمل إقليمية نظمتها منظمة الأغذية والزراعة لإثارة الوعي بهذه الخطوط التوجيهية. وقد تعلم المشاركون شيئاً عن مضمون هذه الخطوط، وناقشوا كيفية إمكانهم تنفيذها في بلدانهم، وعقد حلقات عمل إقليمية حتى يستطيعوا مواصلة مناقشة الأفكار التي كانت موضع الحديث في الاجتماع. كما تقاسموا المعلومات بشأن المبادرات الوطنية.

وتستكمل حلقات العمل الإقليمية هذه، كلما كان ذلك ممكناً، باجتماعات قطرية لمناقشة استخدام الخطوط التوجيهية وتنفيذها. كما تتعاون المنظمة مع آحاد الحكومات ومع المجتمع المدني من أجل تنمية القدرات وتعزيز الشراكات، حتى يمكن تيسير عملية التنفيذ.

الخطوط التوجيهية تمثل توافق عالمياً في الآراء
إن كون المشاورات والمفاوضات التي دارت في مختلف أنحاء العالم، والتي أفضت إلى الانتهاء من الخطوط التوجيهية في ثلاث سنوات فقط، لهو شهادة على أن البلدان تعترف بأهمية ضمان حقوق الناس في الحيازة وفي فرصهم المتساوية للحصول على الموارد. والحقيقة أن الجمعية العامة للأمم المتحدة قد وافقت على الخطوط التوجيهية في ديسمبر/ كانون الأول 2012.

ورغم أن هذه الخطوط التوجيهية طوعية، فإن وجودها في الساحة العالمية يمثل خطوة جبارة نحو حماية حقوق المجتمعات الريفية في العالم. فهي تعطي رؤية مشتركة تم التفكير فيها جيداً للمبادئ والممارسات التي يمكن أن تكون نقطة انطلاق للحكومات في سن قوانين وإدارة الحق في حيازة الأراضي ومصايد الأسماك والغابات.

والخطوط التوجيهية - التي تطبق بالتساوي على البلدان المتقدمة والنامية على السواء - تفيد في توجيه السياسة والتشريع، حيث ترسي مبادئ وتضع علامات للأنشطة. وبإمكان هذه الخطوط أن تسهم في وضع استراتيجيات لمعالجة آلاف المشكلات مثل حقوق الحيازة المتداخلة، والتنازع على الموارد الطبيعية. وهي تروج لنهج قائم على الحقوق، وتشجع الحكومات على الاعتراف بالحقوق المشروعة للحيازة واحترام هذه الحقوق وصونها وتشجيعها، كما أنها تمثل أفضل الممارسات للاعتراف بحقوق الحيازة المشروعة وحمايتها، حتى تلك التي تأتي من نظم غير رسمية. وتشمل أيضاً على أفضل الممارسات لتسجيل هذه الحقوق ونقلها.

الحيازة الآمنة تشجع المالكين على الاستثمار في تحسينها
تبين بمرور السنين، أن هؤلاء الذين يتمتعون بحيازة آمنة هم الذين يستثمرون على الأرجح في تحسين أراضيهم أو مصايدهم أو غاباتهم، ويحمونها أو يخططون لاستخدامها لآجال طويلة. وتطرح الخطوط التوجيهية بعض التوجيهات لمجموعة من المسائل العملية المتعلقة بالحيازة، مثل الإبقاء على فرص الحصول على الخدمات الإدارية المتعلقة بالحيازة، وجعلها شفافة وفي متناول اليد، والتصرف في نزع ملكية الأراضي وردها إلى من أُخرجوا منها بالقوة في الماضي، والاعتراف بحق مجتمعات السكان الأصليين، والتعامل مع التوسع العمراني في المناطق الريفية. والجواب على كل ذلك موجود في الخطوط التوجيهية.

إن الموافقة على الخطوط التوجيهية يلقى اعترافاً عالمياً بأنه خطوة هائلة باتجاه وضع معايير منصفة للحيازة في جميع بلدان العالم. وقد بدأت الاجتماعات الإقليمية وبرامج الدعم الموجودة في منظمة الأغذية والزراعة في أخذ هذه الخطوط الآن إلى المستوى التالي - وهو زيادة القدرة الوطنية على تحويل الكلمات على الورق إلى أفعال على الأرض - باستخدام هذه الخطوط التوجيهية كمرجع للسياسات والتشريعات والبرامج الوطنية. فهؤلاء الذين حضروا حلقة العمل التي عُقدت في الكاميرون، حملوا الآن هذه الأفكار إلى بلادهم، وهو ما سيفعله ممثلو العشرات من البلدان الأخرى ممن سيحضرون حلقات العمل الإقليمية التي ستستضيفها منظمة الأغذية والزراعة. وحلقات العمل هذه هي الخطوة الأولى في تيسير تنفيذ الخطوط التوجيهية في البلدان. وكما سبق أن أوضحنا، فعندما تكون حقوق الحيازة آمنة، وعندما تتيح للفقراء والمهمشين حقوقاً متساوية في الأراضي والمصايد والغابات، تصبح خطوة رئيسية في الحرب ضد الجوع والفقر، ونقطة انطلاق باتجاه التنمية الريفية المستدامة.

شارك بهذه الصفحة