إدارة غابات المنغروف

يمكن إخضاع غابات المنغروف للإدارة سعيًا لبلوغ عديد من الأهداف المختلفة. أما الخدمات والمنتجات الرئيسة التي توفرها غابات المنغروف فتشمل منتجات خشبية (كالخشب والفحم النباتي والحطب وما إلى ذلك)، ومصادر غير خشبية (كالثمار والحياة البرية ومصائد الأسماك الطبيعية (غير المستزرعة) وتربية الأسماك في البحار وما إلى ذلك)؛ إضافة إلى حماية المناطق الساحلية والسياحة الإيكولوجية.

صحيح أن غابات المنغروف تندرج بين أكثر النظم الإيكولوجية إنتاجية على وجه الأرض، وأنها تتسم بمنافع هائلة من حيث التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف والتأقلم معها، إلا أنها لا تزال معرضة للتدهور أو الخسارة. ولعل جانبًا من جوانب هذه المشكلة يعزى إلى تجاهل البعد الاجتماعي لإدارة المنغروف، بما في ذلك الحوكمة والحيازة وتخطيط استخدام الأراضي. ففي كثير من البلدان، ثمة غموض وضبابية تكتنف الولاية القضائية والمسؤولية عن موارد المنغروف بين شتى الوزارات والمديريات (كالحراجة ومصايد الأسماك والبيئة)، ما يسفر عن تحويل المسؤولية المنوطة بالمنغروف إلى الأطراف المعنية بإدارة الموارد الطبيعية، إلى جانب تطبيق بعض الممارسات أو السياسات التي ترسم خصيصًا لتلبية بعض الاحتياجات الفريدة لغابات المنغروف (Rotich وآخرون، 2016).

ومن الأهمية بمكان ضمان إدراج الإدارة المستدامة لغابات المنغروف في التخطيط المتكامل للمناطق الساحلية. إذ يكمن الهدف الرئيس من وراء استراتيجية إدارة المنغروف في الحفاظ على صحة ما تبقى من نظم إيكولوجية للمنغروف والحد من نسبة خسارة هذه الأشجار. ولعل الوقاية من خسارة المنغروف وتدهورها من خلال الإدارة المستدامة لأشجارها وإصلاحها سيعود بمنافع جمّة على المستوى البيئي والاجتماعي والاقتصادي انطلاقًا من حجز الكربون وتجنب الانبعاثات، إلى جانب إضافة أنواع مصايد أسماك تجارية إلى مياه المنغروف وحماية مئات آلاف الأشخاص من الكوارث الساحلية. وفي معظم الحالات نرى أن هذه المنافع تفوق بأشواط المكاسب التي يجنيها عدد محدود من الأشخاص على المدى القصير جراء الزراعة أو تنمية البنى التحتية.

من العوامل الأخرى الأساسية للنجاح في الحفاظ على المنغروف وإدارتها هو مشاركة المجتمعات المحلية. فمن الأهمية بمكان ضمان مشاركة السكان المحليين في أنشطة إصلاح المنغروف وحمايتها، إضافة إلى ضمان انتفاعهم من استخدام المنغروف استخدامًا مستدامًا. وهنا يجب تقديم الدعم اللازم بما يساعد على تنظيم المجتمعات المحلية وتعزيز قدرة سكانها على تنفيذ أنشطة إدارة المنغروف ورصدها وإعداد التقارير بشأنها، إلى جانب بناء ودعم هياكل تنظيمية مخصصة لإدارة الموارد الطبيعية.