الدورة الرابعة والثلاثون لمؤتمر منظمة الأغذية والزراعة الإقليمي لأوروبا تفتتح أعمالها بالتركيز على تحفيز قدرة النظم الزراعية والغذائية على الصمود

روما - افتتح السيد شو دونيو، المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة)، أعمال الدورة الرابعة والثلاثين لمؤتمر منظمة الأغذية والزراعة الإقليمي لأوروبا وقال في كلمته الافتتاحية يوم الثلاثاء إنّ البلدان في أوروبا وآسيا الوسطى تجابه تحديات ترتبط بالصراعات وبالبيئة، إلا أنها في الوقت ذاته في وضع جيّد يُمكّنها من السعي نحو تحقيق التحول المستدام للنظم الزراعية والغذائية. ولقد اتخذت بالفعل خطوات نحو تحقيق عدد من أهداف التنمية المستدامة الرئيسية.

وقال السيد شو دونيو إنّ المنظمة تسعى من خلال اجتماع جهازها الرئاسي هذا الأسبوع إلى مساعدة الدول الأعضاء في الإقليم على تحديد الأولويات المحلية ووضع أهداف مشتركة تركّز على القيادة والشراكة والملكية الوطنية للجهود من أجل تيسير إطلاق مبادرات ملموسة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة داخل البلدان وخارجها.

وجدَّد دعوته إلى إحلال السلام بوصفه شرطًا مسبقًا لتحقيق الأمن الغذائي والحق في الغذاء باعتباره حقًا أساسيًّا من حقوق الإنسان، فقال: "إننا، في جميع أرجاء العالم، نواجه أوقاتًا حرجة تتسم بانعدام الأمن الغذائي وتراجع الازدهار".

ويعدُّ المؤتمر الإقليمي الذي ينعقد على مدى أربعة أيام، ويضم 53 بلدًا عضوًا والاتحاد الأوروبي ويمتدّ عبر تسع مناطق زمنيّة من لشبونة إلى فلاديفوستوك، فرصة لتبادل المعارف وأفضل الممارسات بشأن الحلول الأكثر فعالية لدعم تحويل النُظم الزراعية والغذائية، وفرصة للمشاركة في مناقشات لتحديد الاستجابات الأنسب لقضايا مثل مواصلة التعافي من آثار الزلازل والفيضانات وجائحة كوفيد-19 والحرب الدائرة في أوكرانيا، والتي "لا تزال تعيق الجهود الإقليمية والعالمية الرامية إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة" كما جاء على لسان المدير العام.

وأشار إلى أن النمو الاقتصادي في الإقليم، وكذلك الابتكار الرقمي في القطاعات الزراعية والغذائية، لا يزالان يتخلفان عن سائر أرجاء العالم، مُستدركًا أن لدى الإقليم إمكانات كبيرة رغم ذلك. وقال السيد شو دونيو إنّ تدني مستويات الجوع في الإقليم يُشكّل فرصة للحرص على تلقي المزارعين دعمًا اجتماعيًّا وافرًا على سبيل الاعتراف بجهودهم.

وانتُخب معالي السيد Vladimir Bolea، نائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة والصناعات الغذائية في جمهورية مولدوفا، رئيسًا للمؤتمر الوزاري الإقليمي. وتوجَّه معالي السيد Bolea بالشكر إلى المنظمة وموظفيها على الدعم المقدّم لاستضافة المؤتمر الإقليمي لأوروبا بنسق مختلط في المقر الرئيسي للمنظمة في روما.

التدفقات التجارية

تؤثر الحرب الدائرة في أوكرانيا بشكل كبير على الولاية الأساسية المنوطة بالمنظمة، وتتسبب في معاناة إنسانية هائلة، وتلحق دمارًا كبيرًا بالأصول وبسبل العيش في الجوار، بينما تُحدث أيضًا خللًا كبيرًا في التدفقات التجارية للبلدان التي تعتمد على الصادرات من مراكز القوى الزراعية المعنية. وقال المدير العام إنّ المنظمة تواصل مراقبة هذه التأثيرات عن كثب وإمداد الأعضاء بمعلومات منتظمة وشاملة عن آثار الحرب وغيرها من الأزمات التي تُثقل كاهل النظم الزراعية والغذائية.

وفي معرض التشديد على التزام المنظمة بتقديم كل ما يلزم من دعم، حثّ المدير العام الأعضاء على الأخذ بزمام المبادرة، ضمن الحدود الوطنية والإقليمية وخارجها، في سعيهم إلى تحقيق الأهداف المتفق عليها، لا سيّما بغية تعزيز قدرة الأسواق الزراعية والغذائية على الصمود؛ وتوفير الاستجابات الإنسانية والحماية الاجتماعية للفئات الضعيفة؛ والاستثمار في البنية التحتية للتجارة والخدمات اللوجستية؛ وزيادة الاستثمارات المسؤولة في قطاع الزراعة لتحسين الإنتاجية؛ وتعزيز نظم المعلومات والتقييم والتحليل التي تركز على الأمن الغذائي والتغذية؛ والتوصل إلى حلول مبتكرة للتحديات المشتركة.

ودعا بصفة خاصة إلى ابتكارات واستثمارات مسؤولة أكثر في الجوانب التكنولوجية والسياسية والمالية والاجتماعية القادرة على توجيه النظم الزراعية والغذائية نحو القدرة على الصمود في وجه تغيّر المناخ، وتحمي في الوقت ذاته التنوع البيولوجي. وأضاف السيد شو دونيو أنّ التصدي لمشكلة الفاقد والمهدر هي فرصة بارزة في الإقليم.

وتدعو المنظمة إلى تطبيق مبدأ حساب التكاليف الحقيقية للتصدي للآثار البيئية والصحية والاجتماعية الخفية، والتي تبلغ قيمتها نحو 3 تريليونات دولار أمريكي سنويَّا مُقاسة بتساوي القدرة الشرائية في الإقليم.

وحثّ السيد Hans Hoogeveen، الرئيس المستقل لمجلس منظمة الأغذية والزراعة، الأعضاء على بدء أعمال إعادة بناء النظم الزراعية والغذائية في البلدان المنكوبة بالصراعات في الإقليم، وأشار إلى أن الإنفاق العام على الأسلحة سيكون أكثر من كافٍ لحلّ مشاكل انعدام الأمن الغذائي في الإقليم. وناشد أيضًا الحكومات لمساعدة الشباب داخل بلدانهم لإسماع صوتهم بشكل أقوى في محافل السياسات الزراعية والغذائية، وعلى إنشاء مشاريع ناشئة للمساهمة في تحويل النُظم الزراعية والغذائية.

عمل المنظمة في إقليم أوروبا وآسيا الوسطى

تواصل المنظمة تقديم الخبرة الفنية وحشد الموارد لدعم الأولويات الإقليمية الثلاث التي حددها أعضاء المؤتمر الإقليمي، وهي: تمكين صغار المزارعين والمزارع الأسرية والشباب؛ وتحويل النظم الغذائية وتسهيل الوصول إلى الأسواق والتكامل؛ وإدارة الموارد الطبيعية على نحو مستدام وحفظ التنوع البيولوجي.

وتشمل الإجراءات تدشين مرصد التكنولوجيا الزراعية، وهو منصة افتراضية مصممة لمتابعة التطورات الزراعية الرقمية في أوروبا وآسيا الوسطى، ومساعدة البلدان الأعضاء على إدراج الرقمنة في استراتيجياتها الوطنية الخاصة بالنظم الزراعية والغذائية، وتعزيز نهج "صحة واحدة" من خلال مجموعة من المبادرات الإقليمية، وإعداد الشقّ الخاص بالإقليم في خطة العمل العالمية بشأن الثروة الحيوانية المستدامة. وسرّعت المنظمة أيضًا وتيرة عملها في مجال المناخ ووفّرت تمويلًا للأنشطة المتعلقة بالمناخ في تسعة بلدان في الإقليم، وأعدّت خطة عمل إقليمية لتعميم التنوع البيولوجي، ونشرت خطوطًا توجيهية بشأن منهجيات رصد التنوع البيولوجي في الغابات، وأجرت استعراضًا للحياد في تدهور الأراضي في الإقليم.

ويشارك عشرة أعضاء من الإقليم في مبادرة "بلدٌ واحد، منتجٌ واحد ذو أولوية" التي أطلقتها المنظمة، بينما تشارك أكثر من 60 قرية في تسعة بلدان في الإقليم في مبادرة 000 1 قرية رقمية التي أطلقتها المنظمة. وفي الوقت الراهن، تتيح المنصة الفنية الإقليمية بشأن الزراعة الخضراء، التي أُطلقت في عام 2022، بوابة رقمية لتشاطر المعارف والمعلومات- وتشارك أرمينيا وأوزبكستان وكازاخستان في المرحلة التجريبية لبرنامج التعاون التقني من اجل الزراعة الخضراء؛ وقامت بنشر 30 مدونة إلكترونية و70 منشورًا متخصصًا.

وتشمل المبادرات الرئيسية برنامج التعاون التقني ومبادرة العمل يدًا بيد، وتشكِّل كلتاهما فرصة مهمة متاحة على نطاق الإقليم ككلّ.