يسعى القرويون من خلال اللجان المحلية إلى الاستفادة من إمكاناتهم الجماعية بهدف إجراء بعض التحسينات الملحة في مجتمعهم. FAO/Amir Khaleghiyan©
بدءًا من ضرورة شق طريق يربط القرية بالمناطق الحضرية، إلى وجوب إعادة تأهيل المدرسة المحلية، وصولا إلى ضرورة ترميم خط للأنابيب كثير التسرّب يهدر مياه الشرب الثمينة. ويتوق سكان قرية زانغوي منذ زمن بعيد إلى إجراء العديد
من التغييرات الكفيلة بتحقيق تحسينات ملحوظة في مجتمعهم، ولكن قلة التمويل كانت عثرةً دائمة لهم.
في هذه المستوطنة الريفية الواقعة في مقاطعة خراسان الجنوبية، في الجزء الشرقي من إيران، تحلّ الفيضانات كل شتاء فتعزل القرية عن بقية العالم وتمنع سكانها من بلوغ المناطق الحضرية، بما في ذلك لأجل الحصول على الرعاية الطبية أو لدواعي الحالات الطارئة. فنشأت حاجة ماسة إلى تشييد جسر يضع حدًا لهذه العزلة.
ويقول Ali Akbar Ebrahimi الذي عاش في القرية طيلة حياته: "عندما كنت عمدةً للقرية لمدة عشرة أعوام، حاولنا إصلاح الطريق الذي يربط قريتنا بالمستوطنات القريبة، ولكننا عجزنا عن ذلك لأن الحكومة لم تتمكن من تخصيص
ما يكفي من المال لنا. ولم تكن لدينا القدرة على حشد الأموال اللازمة بأنفسنا".
ويضيف: "واجهنا صعوبات مماثلة على صعيد ترميم مدرستينا، وإصلاح أنابيب مياه الشرب في القرية. وقد بقي المسعيان عالقين لسنوات عدة، إلى أن انطلق مشروع منظمة الأغذية والزراعة هنا."
يوفر متطوعون من القرية القوة العاملة اللازمة لإصلاح أنابيب مياه الشرب وتعبيد أراضي المدرستين الريفيتين. FAO/Mehdi Assad©
ومنذ أغسطس/آب 2011، قام مشروع إعادة تأهيل المناظر الطبيعية للغابات والأراضي المتدهورة لمنظمة الأغذية والزراعة بالتعاون مع المجتمعات المحلية بمعالجة هذه المشاكل. وبتمويل من مرفق البيئة العالمية وحكومة جمهورية إيران الإسلامية، نجح البرنامج في تمكين المجتمعات الريفية من تنظيم نفسها، والعمل معًا لحلّ المشاكل السائدة في مناطقها. وشمل ذلك إنشاء لجان لإدارة وتنمية الموارد القروية (لجان التنمية)، ومنصات لصنع القرار مكّنت القرويين من طرح القضايا الملحة وتحديد أولوياتها والتصدي لها يدًا بيد.
وقد قامت لجنة التنمية في قرية زانغوي بمنح السكان مرفقًا يعملون فيه معًا، فراحوا يعقدون الشراكات بصورة جماعية
مع السلطات المحلية لرفع التحديات على مستوى المجتمع المحلي. وبمساعدة من مشروع المنظمة، عمل سكان القرية
على مدى السنوات الخمس الماضية مع الإدارات المحلية المعنية بالتعليم وتطوير الطرقات والمناطق الحضرية والمياه، ومع شركة محلية لمعالجة مياه الصرف الصحي، من أجل تعبيد باحات مدرستين ريفيتين، وبناء جسر فوق أحد الأنهار الموسمية وإصلاح أنابيب مياه الشرب في القرية.
ويقول Ali Akbar: "قيّمنا كمية العمل المطلوبة لكل مشروع، ثم حدّدنا المعايير لكل أسرة". وبهذه الطريقة تمكّنّا
من حشد القوة العاملة المطلوبة لتنفيذ هذه المشاريع الإنمائية بالمجان".
وقرّر القرويون معًا أن تساهم كل أسرة بيومين من العمل. وإن هذا النوع من المساهمات لم ينجح فقط في خفض الميزانيات اللازمة التي تخصصها الحكومة لإنجاز هذه المشاريع، وإنما أدى أيضًا إلى اختصار كبير في المدة التي تستغرقها المشاريع عادةً.
فيقول Ali Akbar: "تمكّنّا من تغيير جميع أنابيب المياه في القرية في أقل من أسبوعين. كما أن تعبيد أراضي المدرستين قد استغرق أقل من أسبوع واحد".
ويصف Ali Hasani ، المقيم في قرية زانغوي هذه التغييرات بحماسة قائلًا: "إن أنابيب مياه الشرب التي تم تركيبها حديثًا قد عالجت عددًا من المشاكل. والأنابيب الجديدة أكبر حجمًا من سابقاتها، ما يعني أن إمداد المنازل بالمياه قد أصبح أكثر استقرارًا. ولم تعد الطرقات تفيض بالمياه نتيجة الأنابيب المعطّلة والمتآكلة تحت الأرض، كما توقف هدر مياه الشرب الثمينة [في هذه المنطقة شديدة الجفاف] الذي كان يحصل بسبب تسرّبها من الأنابيب".
Ali Akbar Ebrahimi ، مسؤول محلي مخضرم، يأتمنه سكان القرية على مسك سجلاتهم المالية. FAO/Amir Khaleghiyan©
تجميع موارد المجتمع المحلي
قام مشروع المنظمة بإنشاء حساب للتنمية المجتمعية المستدامة، وهو عبارة عن جهاز مجتمعي معني بجمع التبرعات، يسعى إلى تجميع الموارد المالية للسكان المحليين دعمًا لمبادرات الأعمال التجارية الريفية وتوفير القروض في الوقت المناسب.
ويقول Ali Akbar، الذي أصبح الآن كبير المحاسبين لدى الحساب الخاص بالقرية، إنه عندما تأسس الحساب "تمنّع عدد محدود من الأسر عن الانضمام إليه. ولكن خلال أقل من تسعة أشهر، عندما أدركوا المنافع الكبيرة للحساب،
ما لبثوا أن انضموا إليه."
ويقول علي أكبر: "اضطرّ السكان في السابق إلى اللجوء إلى البنوك للحصول على تمويل، فكانوا يخضعون إلى عملية تقييم صعبة ويتكبدون معدلات مرتفعة للفائدة.
أمّا الآن فبات بوسعهم الحصول على قروض بمعدلات معقولة، ما يساعدهم في تمويل خطط مشاريعهم التجارية الصغيرة، وإصلاح مساكنهم وشراء الأدوات اللازمة لأنشطتهم الزراعية، وحتى سداد ديونهم المستحقة للبنوك. واليوم أصبح في كل أسرة في القرية عضو واحد على الأقل مشارك في الحساب، يسدد لهذا الأخير مساهمة مالية شهرية".
وتتيح هذه المساهمات للحساب أن يمنح 50 إلى 60 قرضًا أصغر في العام. وقد حصل Zolfaghar، وهو مزارع محلي، على قرضين من القروض الصغرى من حساب القرية استنادًا إلى مساهماته فيه على مدى الأعوام الثلاثة الماضية.
فقال: "حصلت على قرض لإنشاء مشروع تجاري جديد ينتج وحدات بناء من الإسمنت. فولّد المشروع سبع فرص عمل إضافية في القرية، الأمر الذي مكّن المزيد من الأسر من كسب رزقها".
وفي أقل من عشر سنوات، تحولت قرية زانغوي من منطقة ريفية غير قادرة على تلبية احتياجات مجتمعها إلى منطقة تساهم كل أسرة في جعلها مكانًا أفضل لجميع أفرادها. ومن خلال المساعدة في إنشاء آليات جماعية لصنع القرار وتجميع القدرات المالية، تعمل المنظمة مع المجتمعات الريفية لكي تستفيد هذه الأخيرة من إمكاناتها الخاصة ولتضمن تنمية مستدامة بقيادة الناس، الأمر الذي سيعود بالنفع على الجميع.
للمزيد من المعلومات
الموقع الإلكتروني: الملامح القطرية: جمهورية إيران الإسلامية
الموقع الإلكتروني: منظمة الأغذية والزراعة ومرفق البيئة العالمية
الموقع الإلكتروني: مشروع إعادة تأهيل المناظر الطبيعية للغابات والأراضي المتدهورة