الغذاء المستدام والزراعة

التوفيق بين إنتاجية الزراعة واستدامتها

مطبوع صادر عن منظمة الأغذية والزراعة يسلّط الضوء على إطار مؤلف من ستّ مراحل لتيسير الانتقال إلى نظم الأغذية والزراعة المستدامة من خلال تقييم أوجه التآزر والمقايضات
29 May 2020

فيما تسعى البلدان إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة، من المتوقع أن تؤدي الزراعة دورًا أساسيًا في ضمان مستقبل أكثر عدالة للسكان ولكوكبنا. ويعتمد تحقيق ذلك على قدرة الزراعة في العالم على مواجهة تحديات إنتاج المزيد وبقدر أكبر من الاستدامة. 

لذا، فمن الأهمية بمكان تصميم نهج قادر على التوفيق بين احتياجات الإنتاج من جهة وضرورة حماية قاعدة الموارد الطبيعية من جهة أخرى. وبعبارة أخرى، يجب أن تكون البلدان وأصحاب المصلحة الآخرون مجهزين بما يحتاجون إليه من أدوات لتقييم الترابط بين إجراءات محددة من أجل اتخاذ قرارات مستنيرة حول النهج الأنسب لاحتياجاتهم الإنمائية. 

الخطوط التوجيهية للأغذية والزراعة المستدامة والإجراءات العشرين المترابطة

تشمل الأغذية والزراعة المستدامة مجموعة من الأدوات والنهج المصممة خصيصًا لضمان الاستدامة الاجتماعية والبيئية والاقتصادية في الإنتاج الزراعي والغذائي. وتشجع المنظمة الأغذية والزراعة المستدامة لمساعدة البلدان في مختلف أنحاء العالم على تحقيق القضاء التام على الجوع وتسريع وتيرة التقدم المحرز باتجاه بلوغ أهداف التنمية المستدامة. 

وحرصًا على دعم صانعي السياسات والقرارات في مجال التخطيط للأغذية والزراعة المستدامة وتطبيقها، يتناول مطبوع "تحويل الأغذية والزراعة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة: عشرون إجراءً مترابطاً لتوجيه صانعي القرار"بالتفصيل 20 إجراءً ومبادرة متكاملة موجة نحو تحقيق النتائج بغرض تسريع وتيرة عمليات الانتقال المستدامة في الزراعة. 

وقد أعدّت المنظمة إطارًا تحليليًا أوليًا يتضمن تقييمًا لأوجه التآزر والمقايضات في الإجراءات العشرين المذكورة والتي من شأنها أن تقدم دعمًا إضافيًا للبلدان في مجالات وضع السياسات وتنفيذها على الأرض. 

أوجه التآزر والمقايضات: أمثلة

تعدّ الاستدامة في القطاع الزراعي مسألة معقدة ومتشعّبة حيث قد تُحدث الإجراءات التي تساهم إيجابيًا في مجال ما تأثيرات صادمة سلبية في مجالات أخرى. وفي المقابل، قد تكون للمبادرات تأثيرات إيجابية على مجموعة منوعة من الأبعاد. 

فالمقايضات موجودة مثلاً بين الهدف المتمثل في تيسير حصول أصحاب الحيازات الصغيرة على موارد الإنتاج والتمويل والخدمات (الإجراء 1 من إطار الإجراءات العشرين) وذلك المتمثل في تحسين سلامة التربة واستصلاح الأراضي (الإجراء 5): زيادة الإنتاج، ربما بسبب تحسّن المعدات الزراعية التي يتم شراؤها بواسطة التمويل والتي قد تمارس مثلاً ضغطًا مفرطًا على الأراضي، مما يهدد سلامة التربة، ما لم تكن هناك نهج خاصة بالأغذية والزراعة المستدامة. 

أما أوجه التآزر من جهة أخرى فقادرة على تحسين النتائج التي يحققها كل من الإجراءات بحيث تتضافر آثارها الإيجابية معًا. ومن شأن تحسين معارف المنتجين وبناء قدراتهم (الإجراء 4) مثلاً من خلال النهج التي تعزز قدرتهم على الصمود على غرار الزراعة الذكية مناخيًا أو الزراعة الإيكولوجية، أن يؤدي في المقابل إلى تقليص الخسائر وتعظيم إعادة الاستخدام والتدوير والاستهلاك المستدام (الإجراء 8). 

الإطار

كما جرى تفصيله في المطبوع الذي سيصدر قريبًا "إطار تحليلي لتقييم أوجه التآزر والمقايضات بين الإجراءات العشرين المترابطة للأغذية والزراعة المستدامة" والموجز عنه، يمكن للبلدان والهيئات دون الوطنية استخدام هذا الإطار في مختلف مراحل التخطيط والتنفيذ لعملية انتقالها إلى الأغذية والزراعة المستدامة. والغرض من ذلك هو تعظيم أوجه التآزر والحدّ قدر المستطاع من المقايضات بين الإنتاجية والاستدامة في القطاع الزراعي، وأيضًا في ما بين سياسات وتدابير الدعم ذات الصلة. 

ويتضمن الإطار ستّ مراحل رئيسية تقتضي وضع أهداف محددة وتحليل خصوصيات السياق وتحديد الإنجازات المتوخاة: 

المرحلة الأولى: اختيار المؤشرات 

يجري اختيار مجموعة من المؤشرات ذات الصلة منها مثلاً المؤشر 2-4-1 ("نسبة المساحة الزراعية المخصصة للزراعة المنتجة والمستدامة"). 

المرحلة الثانية: تحليل الوضع 

إجراء تحليل للوضع القائم استنادًا إلى المؤشرات التي يتم اختيارها في الخطوة السابقة. ويجري خلالها تحديد العوائق الرئيسية أمام الاستدامة وتحليلها. 

المرحلة الثالثة: تحديد مسارات الإنتاجية والاستدامة في القطاع الزراعي 

تُقام حوارات بين أصحاب المصلحة المتعددين لتحديد المسار المتوخى في البلاد من حيث الإنتاجية والاستدامة في القطاع الزراعي. 

لمرحلة الرابعة: جمع البيانات ورصد التقدم 

يتمّ جمع البيانات وتقييمها مقارنة بالمؤشرات المختارة في المرحلة الأولى من أجل رصد التقدم المحرز على طول المسار المحدد في المرحلة السابقة. 

المرحلة الخامسة: تقييم أوجه التآزر والمقايضات

يمكن تحديد أوجه التآزر والمقايضات بين الإنتاجية الزراعية والاستدامة الزراعية وتقييمها على نطاقات مكانية وزمانية مختلفة. وبإمكان أصحاب المصلحة المشاركة في عملية تفسير النتائج. 

المرحلة السادسة: تعظيم أوجه التآزر والحد قدر المستطاع من المقايضات 

يُستفاد من نتائج المرحلة السابقة لمراجعة السياسات والإجراءات والتدابير القائمة - وتصميم أخرى إضافية - لتحفيز عملية الانتقال إلى نظم غذائية وزراعية مستدامة بغرض تعظيم أوجه التآزر والحد قدر المستطاع من المقايضات بموازاة ضمان الاتساق بين السياسات في الوقت عينه. 

آفاق المستقبل

يجري حاليًا اختبار هذا الإطار ضمن مشروع "الإنتاجية المستدامة في الزراعة في سياق الزراعة الذكية مناخيًا والزراعة الإيكولوجية" بموجب آلية منظمة الأغذية والزراعة المرنة والمتعددة الشركاء. 

ومع تقدم عملية الاختبار، سيجري تحديث الإطار وتنقيحه قبل إتاحته لتطبيقه على نطاقات أوسع. وتحقيقاً لهذه الغاية، سيجري إعداد مراجع لتنمية القدرات وتنظيم عمليات تدريب للممارسين وصانعي القرار من البلدان النامية المهتمة بتطبيق هذا الإطار. 

شارك بهذه الصفحة