info
close
©J. Koelen

حالة الغابات في العالم 2022

الفصل2 توفّر الغابات والأشجار سلعًا وخدمات حيوية للنظم الإيكولوجية ولكنّ النظم الاقتصادية لا تعترف بقيمتها الكاملة

العناوين الرئيسية
  • توفرّ الغابات موارد ذات أهمية عالمية. تغطي الغابات ما يقرب من ثلث سطح الأرض وتحتوي على غالبية التنوع البيولوجي البرّي. غير أن مساحة الغابات لا تزال تتقلص رغم الجهود المبذولة لوقف إزالة الغابات واستعادة الأراضي المتدهورة.
  • تؤدي الغابات دورًا حاسمًا في التخفيف من حدّة تغير المناخ. تختزن الغابات 662 مليار طن من الكربون، أي أكثر من نصف مخزون الكربون العالمي في التربة والنباتات.
  • تستفيد المجتمعات من الغابات وتعتمد عليها اعتمادًا كبيرًا. يقدر أن أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي العالمي يعتمد اعتمادًا كبيرًا على خدمات النظم الإيكولوجية. ويساهم قطاع الغابات بأكثر من 1.52 تريليون دولار أمريكي في الناتج المحلي الإجمالي العالمي ويعمل فيه 33 مليون شخص.
  • لا يحصل العديد من القاطنين بجوار الغابات على فوائد كافية منها. يعيش 75 في المائة من جميع سكان الريف على بعد كيلومتر واحد من الغابات، إلا أن العديد منهم لا يملكون سوى القليل من الحقوق في الغابات، إذ تمتلك الولايات ما يقرب من ثلاثة أرباع (73 في المائة) مجمل الغابات. ويعيش 80 في المائة من الذين يعانون فقرًا شديدًا في المناطق الريفية.
  • كان لجائحة كوفيد - 19 تأثير كبير على سلاسل القيمة والتجارة في قطاع الغابات في أوائل عام 2020. ومع أن معظم القطاعات تمكّنت من التعافي بسرعة، إلا أن خطر تفشي الجوائح في المستقبل لا يزال قائمًا. تحتلّ الحراجة موقعًا يؤهلها لتأدية دور هام في تحقيق التعافي الأخضر.

تُحدق بالعالم مخاطر ناتجة عن التغيرات البيئية الواسعة النطاق التي قد يستحيل تصحيح مسارها، هذا بالإضافة إلى تهديدات خطيرة تتصل بالمناخ والتنوع البيولوجي والموارد الطبيعية ورفاه الإنسان. ولأن الأوان يكاد أن يفوت بالنسبة إلى تدابير التصدّي، ولأن المطالب السكانية على الموارد المادية وتطلعاتها بشأنها لا تنفكّ تشهد زيادة، يبدو واضحًا أن النظم الإيكولوجية الطبيعية هي أصول حيوية يجب استعادتها وصونها وإدارتها على نحو مستدام. ويعرض هذا الفصل أحدث البيانات عن حالة الموارد الحرجية والأشجار في العالم واتجاهاتها وقيمها، لتكون نقطة مرجعية في تصميم خيارات مجدية من حيث الكلفة ومسارات واسعة الأثر نحو كوكب سليم ومجتمعات مستدامة وقادرة على الصمود.

1.2 لا تزال ممارسات إزالة الغابات وتدهورها مستمرة

تغطي الغابات ما يقرب من ثلث مساحة الأرض، إلا أن مساحتها آخذة في التقلّص رغم الجهود المبذولة لوقف إزالة الغابات واستعادة الأراضي المتدهورة

تتوزع الغابات في المجالات المناخية الأربعة الرئيسية كافة (الشمالية والقطبية والمعتدلة وشبه الاستوائية والاستوائية) (الشكل 1). وتغطي الغابات بالإجمال 4.06 مليارات هكتار (31 في المائة من مساحة اليابسة على الأرض)، ولكن هذه المساحة آخذة في التقلص، لا سيّما في المناطق المدارية. وكشف تقييم الموارد الحرجية في العالم لعام 2020 الذي أجرته منظمة الأغذية والزراعة أن حواليّ 420 مليون هكتار من الغابات تعرّضت للإزالة (التحوّل إلى استخدام الأراضي لأغراض أخرى) بين عامي 1990 و2020؛ ومع أن معدّل إزالة الغابات قد شهد انخفاضًا على مدى هذه الفترة، إلا أن التقديرات تشير إلى أن نحو 10 ملايين هكتار تعرضّت للإزالة سنويًا في الفترة 2020-2015 (حوالي 0.25 في المائة سنويًا) (يناقش الإطار 1 تعريف إزالة الغابات؛ ويبحث الفصل 1-3 في الدوافع الكامنة وراءها).1 وفي مقابل إزالة الغابات، لم تكن جهود التحريج وتوسيع مساحة الغابات الطبيعية على قدرٍ مكافئ، إذ قُدّرت مساحة توسيع الغابات بنحو 5 ملايين هكتار سنويًا خلال الفترة نفسها.

الشكل 1التوزيع العالمي للغابات، بحسب المجال المناخي، 2020

المصدر: منظمة الأغذية والزراعة. 2020 . تقييم الموارد الحرجية في العالم لعام 2020 - التقرير الكامل. منظمة الأغذية والزراعة https://doi.org/10.4060/ca9825ar
المصدر: منظمة الأغذية والزراعة. 2020. تقييم الموارد الحرجية في العالم لعام 2020 - التقرير الكامل. منظمة الأغذية والزراعة https://doi.org/10.4060/ca9825ar

الإطار 1تعريف إزالة الغابات وقياسها

وفقًا للتعريف المستخدم في تقييم الموارد الحرجية في العالم الذي تجريه منظمة الأغذية والزراعة، فإن إزالة الغابات هي “التحوّل في استخدام أراضي الغابات إلى استخدامات أخرى بغضّ النظر عما إذا كان سببها الإنسان أم لا”.2 وبذلك، فإن إزالة الغابات تشير بشكل أساسي إلى حدوث تغيير في استخدام الأراضي، وليس في الغطاء الشجري. ولذلك فإن تعريف إزالة الغابات ينطوي ضمنًا على تعريف للغابات. ووفقًا للتقييم العالمي لحالة الموارد الحرجية، يجمع تعريف الغابات بين معايير مادية ومفهوم الاستخدام السائد للأراضي. ومن المعايير المادية التي يستخدمها التقييم في تعريف الغابات وضع الحدود الدنيا لكل من ارتفاع الأشجار (5 أمتار) والغطاء الحرجي (10 في المائة) والمساحة (0.5 هكتارات). أمّا في مفهوم الاستخدام السائد للأراضي، فإن التقييم يستثني المناطق المغطاة بالأشجار التي يكون الاستخدام الغالب لها هو الزراعة أو الاستخدامات الحضرية؛ ومن ثم، فإن التعريف يستبعد مزارع أشجار المحاصيل الزراعية (مثل مزارع زيت النخيل والبساتين) والحدائق في المناطق الحضرية، ولكنه يشمل أنواعًا مختلفة من الغابات المزروعة (بما في ذلك مزارع المطاط).3 ومع ذلك، فإن العديد من الدراسات الفنية والعلمية لا تستخدم التعريف الذي وضعته المنظمة، ولا تميّز بين إزالة الغابات وفقدان الغطاء الشجري متجاهلةً بذلك معايير استخدام الأراضي. ويُستخدم هذا التقريب في المنهجيات القائمة على الاستشعار عن بعد لسببين - فهو ينظر في جميع الأراضي ذات الغطاء الشجري (بما في ذلك المناطق المغطاة بالأشجار التي لا تفي بتعريف الغابات الذي تستخدمه المنظمة)؛ ويصنّف تحت بند إزالة الغابات جميع حالات فقدان الغطاء الشجري غير الدائم (مثل قطع الأشجار في الغابات الطبيعية أو المزروعة التي سوف تنمو في وقت لاحق، والعواقب المؤقتة لحرائق الغابات). ولذلك، ينبغي أن يكون المستخدمون على إدراك لآثار التعاريف والأدوات المستخدمة في الدراسات المختلفة قبل تفسير أرقام إزالة الغابات الواردة في هذه الدراسات.

وثمة اختلافات كبيرة في أنماط تغير مساحة الغابات باختلاف الأقاليم: إذ سجّلت أمريكا الجنوبية وأفريقيا أعلى معدل للخسائر الصافية في الفترة بين 2010 و2020، في حين حققت أوروبا وأجزاء من آسيا زيادة صافية. وانخفض معدل صافي فقدان الغابات في أمريكا الجنوبية في الفترة بين 2010 و2020 مقارنة بالعقد السابق.1

الغابات الأولية. تُشكّل الغابات الأولية ثلث الغابات في العالم تقريبًا (34 في المائة) (وتُعرّف بأنها غابات من أنواع أشجار محلية، حيث لا توجد مؤشرات مرئية واضحة للأنشطة البشرية ولا اضطرابات ملحوظة في العمليات الإيكولوجية). وقد انخفضت مساحة الغابات الأوليّة في العالم بما يقدر بنحو 47 مليون هكتار منذ عام 2000، حيث أن معدل الفترة 2020-2010 شهد انخفاضًا يزيد على نصف معدّل الخسائر المسجّل في العقد السابق. وأكثر من نصف هذه الغابات الأولية (61 في المائة) موجود في ثلاثة بلدان فقط، هي البرازيل وكندا والاتحاد الروسي. وأفاد كل من الاتحاد الروسي وكندا عن معدلات منخفضة جدًا أو معدومة لإزالة الغابات بين عامي 1990 و2020؛ لكن رغم التراجع الإجمالي في إزالة الغابات، عانت البرازيل من خسائر كبيرة في الغابات منذ عام 1990. وتشكل الغابات المتجددة طبيعيًا (أي الغابات التي تتألف في الغالب من أشجار تنمو من خلال التجديد الطبيعي، ومنها الغابات الأوليّة) 93 في المائة من مساحة الغابات في العالم.1

الغابات المزروعة. شكّلت الغابات المزروعة في عام 2020 نسبة 7 في المائة (290 مليون هكتار) من مساحة الغابات في جميع أنحاء العالم. وعلى الصعيد العالمي، انخفض معدل الزيادة في مساحة الغابات المزروعة من 1.4 في المائة سنويًا في الفترة 2015-2010 إلى أقل بقليل من 1 في المائة سنويًا في الفترة 2020-2015. وكانت أمريكا الجنوبية قد شهدت أعلى معدل للزيادة في الفترة 2015-2010؛ ورغم انخفاض هذا المعدل في الفترة 2020-2015، إلا أنها تبقى المنطقة التي سجّلت أعلى معدل زيادة من حيث القيمة النسبية في تلك الفترة، تليها أمريكا الشمالية والوسطى.1

وغطّت المزارع الحرجية (وهي فئة فرعية من الغابات المزروعة تخضع لإدارة مكثّفة) حوالي 131 مليون هكتار في عام 2020، وهو ما يمثل 3 في المائة من مساحة الغابات في العالم و45 في المائة من إجمالي مساحة الغابات المزروعة. وكان أكثر من نصف هذه المساحة الحرجية في آسيا. وتتألف المزارع الحرجية في أمريكا الشمالية والوسطى في معظمها من أنواع الأشجار المحلية، أمّا في أمريكا الجنوبية فتتألف بالكامل تقريبًا من الأنواع الوافدة.1

الأراضي الحرجية الأخرى. قُدّرت مساحة الأراضي الحرجية في العالم بحوالي 977 مليون هكتار في عام 2020، وهو ما يمثل 7 في المائة من إجمالي مساحة الأرض (وحوالي ربع مساحة الغابات في العالم). وتحظى أفريقيا بالمساحة الأكبر ضمن هذه الفئة (446 مليون هكتار)، تليها آسيا (191 مليون هكتار) فأمريكا الجنوبية (147 مليون هكتار) فأوروبا (100 مليون هكتار) فأمريكا الشمالية والوسطى (90.5 مليون هكتار) فأوسيانيا (2.47 مليون هكتار). لكن تجدر الإشارة إلى أنّ أستراليا لم تفد عن مساحة الأراضي الحرجية الأخرى في إطار تقييم الموارد الحرجية في العالم لعام 2020.

وكانت مساحة الأراضي الحرجية الأخرى قد شهدت انخفاضًا بنحو 1 في المائة (حوالي 9 ملايين هكتار) بين عامي 2000 و2020. وتواجه بلدان كثيرة تحديات في رصد التغير في هذه الفئة من استخدام الأراضي ترتبط إلى حد كبير بصعوبة قياس الغطاء الحرجيّ الشجريّ الذي تتراوح نسبته بين 10-5 في المائة؛ وبالتالي، فإنه لا توجد بيانات موثوقة عنها.4 وتشير التقديرات الأخيرة المستندة إلى أحدث دراسة استقصائية أجرتها منظمة الأغذية والزراعة باستخدام الاستشعار عن بعد إلى أن مساحة الأراضي الحرجية الأخرى في العالم قد تكون أعلى بكثير مما ورد في تقرير التقييم العالمي لحالة الموارد الحرجية في العالم لعام 2020. 5

أراضٍ أخرى فيها غطاء شجري. تُقسم الأراضي الأخرى ذات الغطاء الشجري إلى أربع فئات فرعية: (1) الأشجار في المناطق الحضرية؛ (2) وبساتين الأشجار؛ (3) وأشجار النخيل؛ (4) والحراجة الزراعية (الشكل 2). وزادت مساحة أشجار النخيل بأكثر من الضعف بين عامي 1990 و2020 من 4.2 مليون هكتار إلى 9.3 ملايين هكتار استنادًا إلى ما أفاد به 83 بلدًا. وأفاد 71 بلدًا وإقليمًا في جميع أنحاء العالم عن مساحة إجمالية تبلغ 45.4 ملايين هكتار من الحراجة الزراعية في عام 2020، معظمها في آسيا (31.2 مليون هكتار) وأفريقيا (12.8 ملايين هكتار) (وكانت هناك أيضًا مساحة تُقدّر بحوالي 1.28 مليون هكتار من الحراجة الزراعية في أمريكا الشمالية والوسطى). وكان 54 بلدًا وإقليمًا قد أفاد عن الاتجاهات المتعلقة بالحراجة الزراعية وأظهرت بياناتها أن مساحة الأراضي لهذا الاستخدام زادت بمقدار 4.21 مليون هكتار بين عامي 1990 و2020 لتصل إلى 43.3 ملايين هكتار. وتركّزت معظم هذه الزيادة في آسيا وأفريقيا.6 لكن تجدر الإشارة إلى أنّ التقديرات المستندة إلى آخر عملية مسح لاستشعار عن بعد أجرته المنظمة تشير إلى أنّ مساحة الأراضي الأخرى ذات الغطاء الشجري في العالم قد تكون أعلى بكثير مما أفيد عنه في تقييم الموارد الحرجية في العالم لعام 2020.

الشكل 2مساحة الأراضي الأخرى ذات الغطاء الشجري في العالم، 1990 – 2020

المصدر: منظمة الأغذية والزراعة. 2020 . تقييم الموارد الحرجية في العالم لعام 2020 - التقرير الكامل. منظمة الأغذية والزراعة https://doi.org/10.4060/ca9825ar
المصدر: منظمة الأغذية والزراعة. 2020. تقييم الموارد الحرجية في العالم لعام 2020 - التقرير الكامل. منظمة الأغذية والزراعة https://doi.org/10.4060/ca9825ar

وفي العديد من البلدان ذات الغطاء الحرجي المنخفض، تشكل الأشجار خارج الغابات المصدر الرئيسي للمنتجات الخشبية والمنتجات الحرجية غير الخشبية، حتّى لو كانت هذه الأشجار مشتتة.

التنوع البيولوجي. تحتوي الغابات على معظم التنوع البيولوجي البرّي الموجود على كوكب الأرض بمكوناته الثلاثة - النظم الإيكولوجية والأنواع والتنوع الوراثي. والأشجار هي أساس النظم الإيكولوجية الحرجية، وتشكّل أيضًا العديد من أنواعها في العالم التي تبلغ 000 60 نوع7 مكونات هامة للغابات والمناظر الطبيعية الزراعية. وتوفر الغابات موائل لنحو 80 في المائة من أنواع البرمائيات، و75 في المائة من أنواع الطيور، و68 في المائة من أنواع الثدييات.8 ويوجد حوالي 60 في المائة من مجمل النباتات الوعائيّة في الغابات الاستوائيّة.9 إلّا أن التنوع الوراثي للأشجار يواجه تهديدات ويتآكل بسبب فقدان مجموعات الأشجار والحصاد غير المستدام والرعي الجائر وتغير المناخ والحرائق والأنواع الغازية.10 فالانخفاضات المتوقعة في تنوع ووفرة العديد من الملقحات الرئيسية تشكّل تهديدًا للأمن الغذائي وصحة الإنسان والنسيج الثقافي وسبل عيش ملايين الأشخاص، ولا سيّما المجتمعات الريفية ومجتمعات السكان الأصليين. 11

يصعب قياس تدهور الغابات قياسًا كميًّا، ولكنه على ازدياد على الأرجح

قد تؤدي الأنشطة البشرية والظواهر المناخية الشديدة والحرائق والآفات والأمراض وغير ذلك من الاضطرابات البيئية إلى تدهور الغابات، فتؤدي بالتالي إلى تقليل السلع والخدمات الحرجية المتوفرة وتراجع قيم التنوع البيولوجي وتدنّي مستويات الإنتاجية والصحة. وقد يؤثر تدهور الغابات سلبًا أيضًا على استخدامات الأراضي الأخرى (بطرق منها التسبب في تدهور نوعية المياه في مصبات المجاري المائية والتأثير على تجدد المياه الجوفية)، وقد يتسبب أيضًا في انبعاث غازات الدفيئة. ورغم أهمية تدهور الغابات إلا أنه لا يوجد له تعريف مطبّق على نطاق واسع، فيما البيانات المتاحة نادرة. وفي إطار التقييم العالمي لحالة الموارد الحرجية في العالم لعام 2020، أفاد 58 بلدًا تشكل مجتمعةً نسبة 38 في المائة من مساحة الغابات في العالم بأنها حاولت رصد حجم تدهور الغابات، ولكنها استخدمت تعاريف مختلفة للغابات المتدهورة ولم يطبق سوى عدد قليل منها معايير كمية.1

وتؤدي ظاهرتا تدهور الأراضي والتصحر الناجمتان عن الأنشطة البشرية وندرة المياه وتغير المناخ إلى زيادة مستويات المخاطر التي يتعرض لها الإنتاج الزراعي وخدمات النظم الإيكولوجية. وتتطابق الأدلة التي تشير إلى أن تكثيف الزراعة يرافقه ارتفاع في مدى تدهور الأراضي وشدته من حيث تآكل التربة وارتفاع درجة ملوحتها واستنفاد مغذياتها.12 ويؤثر التدهور الناجم عن الأنشطة البشرية على 34 في المائة من الأراضي الزراعية: ويقع خُمس الأراضي المتدهورة بسبب الأنشطة البشرية في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، تليها أمريكا الجنوبية بنسبة 17 في المائة؛ وتساهم أمريكا الشمالية وجنوب آسيا بنسبة 11 في المائة في تدهور الأراضي الزراعية في العالم؛ ومن ناحية القيمة النسبية، فإن جنوب آسيا هي المنطقة الأكثر تضررًا، إذ تعاني نسبة 41 في المائة من مساحتها من تدهور ناجم عن الأنشطة البشرية.13

ويؤثر تغير المناخ والأنشطة البشرية على ديناميكيات النظم الإيكولوجية الحرجية وقدرتها على الصمود في وجه الأنواع والأمراض الغازية – مع ما قد يترتب على ذلك من آثار إيكولوجية واقتصادية كبيرة جدًا. فعلى سبيل المثال، تشير التقديرات إلى أن موت الأشجار بسبب خنفساء الصنوبر الجنوبية في جنوب الولايات المتحدة الأمريكية تسبب في خسائر لمنتجي الأخشاب بلغت حوالي 1.2 مليار دولار بين 1982 و2010 (أي 43 مليون دولار سنويًا في المتوسط).14 ومن المتوقع أن يكون متوسط الأضرار السنوية الناجمة عن خنافس اللحاء في غابات أجزاء من أوروبا (أي بلجيكا والدانمرك وفرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ وهولندا) أعلى بست مرات تقريبًا في الفترة بين 2021 و2030 مما كان عليه بين عامي 1971 و2010. 15

حوالي ثلث خسائر الغابات في العالم مرتبط بالحرائق

قد تنتج عن حرائق الغابات (التي يتسبب الإنسان في 90 في المائة منها) آثار سلبية واسعة النطاق على النظم الإيكولوجية وآثار خطيرة على تحقيق العديد من أهداف التنمية المستدامة، كتلك المتعلقة بالتنوع البيولوجي والمياه والصحة والحياة على البرّ والمناخ. وكانت الحرائق في عام 2015 قد أثرت على ما يقرب من 98 مليون هكتار من غابات العالم وألحقت أضرارًا بنحو 4 في المائة من مساحة الغابات الاستوائية. 16 وكشفت أبحاث أجريت حديثًا أن 29-37 في المائة من فقدان الغابات في العالم (مقاسًا بفقدان الغطاء الشجري الدائم وغير الدائم) في الفترة بين 2003 و2018 كان مرتبطًا بالحرائق. 17 وهناك مؤشرات على أن أعداد حوادث الحرائق وشدتها آخذة في الازدياد. فقد عانت أستراليا، على سبيل المثال، في الفترة 2020-2019 من أسوأ موسم حرائق في تاريخ البلاد بعدما التهمت الحرائق ما يقدر بنحو 10.2 مليون هكتار، بما في ذلك 8.19 مليون هكتار من الغابات المحلية (وتشمل المساحة المتبقية أراضٍ زراعية ومراع ومزارع حرجية وغيرها من غابات الأنواع غير المحلية والأراضي المحيطة بالمدن والمراعي المحلية والأراضي البور والجنبات). 18

اختزنت الغابات الكربون بكميات أكبر من الكميات المنبعثة منها في العقد الماضي

تؤدي الغابات دورًا هامًا في دورة الكربون العالمية، حيث تعمل كمصدر لانبعاثات غازات الدفيئة (من خلال إزالة الغابات وتدهورها) وأيضًا كبالوعة لهذه الغازات (من خلال احتجاز الكربون عن طريق التمثيل الضوئي وتخزينه في الكتلة الأحيائية والتربة). ويُقصد بمخزون الكربون كمية الكربون التي تحتويها الغابات وتتوزع في أربعة مستودعات - الكتلة الأحيائية الحية والأخشاب الميتة والمخلفات والمواد العضوية في التربة. وتحتجز الغابات الكربون الموجود في الغلاف الجوي أثناء عملية التمثيل الضوئي، ولكنها قد تساهم في زيادة انبعاثات الكربون من خلال إطلاق الكربون المخزن كما يحدث في حالات إزالة الغابات والحرائق وتحلّل الأشجار. ويشكل مخزون الكربون في الغابات وتغيّر مستوياته مؤشرات هامة على دور الغابات في دورة الكربون العالمية ونوعية إدارة الغابات.

ويُقدّر إجمالي مخزون الكربون في الغابات بحوالي 662 جيغا طن في عام 2020، أي بمعدل يقارب 163 طن لكل هكتار. 19 وكان حوالي 45 في المائة من مخزون الكربون في الغابات في عام 2020 موجودًا ضمن الكتلة الأحيائية الحية و45 في المائة في المواد العضوية في التربة و10 في المائة في الأخشاب الميتة والمخلفات.20 وانخفض مخزون الكربون في غابات العالم بين عامي 1990 و2020، إلّا أن معدله لكل هكتار شهد ارتفاعًا، ويرجع ذلك جزئيًا على الأرجح إلى تحسن إدارة الغابات.21

وبلغ صافي الانبعاثات من استخدام الأراضي والتغيّر في استخدام الأراضي وإدارة الغابات 4.1 جيغا طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا بين عامي 2011 و2020، 22 أو نحو 10 في المائة من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناجمة عن الأنشطة البشرية. ومع ذلك، فإن البالوعات الأرضية (معظمها غابات) أكبر بكثير من الانبعاثات الناجمة عن تغير استخدام الأراضي، 23 حيث تم امتصاص 11.4 جيغا طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا، أي ما يصل إلى 29 في المائة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون السنوية الناجمة عن الأنشطة البشرية في الفترة 2020-2011. 24 وتمثل المناطق المدارية وشبه المدارية 78 في المائة من إجمالي الانبعاثات و 54 في المائة من إجمالي عمليات إزالة الغابات.25

الآثار الأخرى التي تخلفها الغابات على المناخ. هناك طرق أخرى تؤثر فيها التغيرات في الغطاء الحرجي والخصائص الحرجية على المناخ. فعلى سبيل المثال، تؤثر على الوضاءة (مدى انعكاس الإشعاع الشمسي وبالتالي ارتداد الحرارة مرة أخرى إلى الغلاف الجوي) وانبعاث بخار المياه في الغلاف الجوي (من خلال التبخر) ومقدار الارتفاع عن سطح الأرض الذي تُدفع إليه الحرارة وبخار المياه صعودًا (بسبب "خشونة" الغطاء الشجري) ومدى مقاومة دخول جزيئات الغبار والدخان وحبوب اللقاح والميكروبات إلى الغلاف الجوي كهباء جوي (بالإضافة إلى آثار الهباء الجوّي على درجة الحرارة). وتنبعث من الأشجار أيضًا مواد كيميائية أخرى تؤثر على المناخ، مثل المركّبات العضوية المتطايرة الأحيائية المنشأ.

ويمكن أن تكون الآثار المحلية والإقليمية السلبية التي يخلّفها فقدان الغابات والأشجار على درجات الحرارة وهطول الأمطار آثارًا كبيرة، ولا سيما في المناطق المدارية. ويمكن أن يتسبب انخفاض هطول الأمطار المرتبط بإزالة الغابات في جنوب الأمازون في البرازيل بخسائر زراعية (مثل انخفاض غلال فول الصويا وإنتاجية الماشية)، وتُقدّر قيمة هذه الخسارة بأكثر من مليار (1) دولار أمريكي سنويًا من الآن وحتى عام 2050؛ 26 وتشير السيناريوهات الأخيرة أيضًا إلى أن إزالة ما تبقى من الغابات المطيرة الرطبة في أفريقيا من المرجح أن تؤثر تأثيرًا كبيرًا على الزراعة البعلية في جميع أنحاء القارة، ولا سيّما نظم زراعة المحاصيل القائمة على الذرة شمال خط الاستواء.27 ويمكن أن تكون الآثار المحلية إلى الإقليمية للغابات على المناخ هامة للحد من ارتفاع درجات الحرارة في المناطق الحضرية (عن طريق النتح والتظليل والوضاءة بشكل أساسي)؛ فعلى سبيل المثال، تبين أن الأشجار في المناطق الحضرية تخفض درجات حرارة سطح الأرض في وسط أوروبا خلال فصل الصيف وفي الفترات التي يسودها الحرّ الشديد بما يصل إلى 12 درجة مئوية.28

أدّى التغيّر في استخدام الأراضي إلى ظهور أكثر من 30 في المائة من الأمراض الجديدة منذ عام 1960

ينطوي فقدان الغابات على آثار سلبية مباشرة وغير مباشرة على صحة الإنسان مع أن البيانات في هذا الشأن محدودة (لا توجد مجموعات بيانات قابلة للمقارنة على الصعيد العالمي) كما أن مخاطر الأمراض المعدية المستجدّة المرتبطة بالنظم الإيكولوجية الحرجية لا تحظى بقدر جيد من الدراسة. وتميل معظم الأبحاث إلى التركيز على بعض الأمراض المحددة (وعلى الأصناف الحاضنة والمضيفة المعروفة) بدلًا من محاولة فهم جميع ديناميكيات البيئة المضيفة والمسببة للأمراض ذات الصلة في النظام البيئي فهمًا كاملًا. ومع ذلك، فإن غالبية (60 في المائة) الأمراض المعدية المستجدّة الناجمة عن مسببات الأمراض التي لها مصدر حيواني غير بشري (أي حيوانية المنشأ)، وحوالي ثلاثة أرباع (71.8 في المائة) هذه الأمراض الحيوانية المنشأ مصدرها الحياة البرية. 29 وينطوي تغير المناظر الطبيعية وفقدان التنوع البيولوجي على تحولات كبيرة في إيكولوجيا مسببات الأمراض وموائل الحياة البرية أو الأنواع التي تستخدمها كمضيفة وخزانات، مما يتسبب في تغيّر أنماط الأمراض. وعلاوة على ذلك، تميل هذه التغيرات إلى تقريب التواصل الجسدي بين الأشخاص ومسببات الأمراض، ويمكن لتجارة الحياة البرية أن تجلب مسببات الأمراض إلى السكان. ويشكّل التغيّر في استخدام الأراضي (الذي يشمل إزالة الغابات والاستيطان البشري في موائل الحياة البرية في المقام الأول، وانتشار المحاصيل والإنتاج الحيواني والتوسع الحضري) دافعًا عالميًا هامًا للأوبئة؛ حيث تشير التقديرات إلى أنه تسبب في ظهور أكثر من 30 في المائة من الأمراض المستجدّة التي أفيد عنها منذ عام 1960. 30

كما أن إزالة الغابات وتشتتها يختصران المسافة بين الإنسان والماشية من الحياة البرية، مما يزيد من الصراعات بين الإنسان والحياة البرية وخطر انتقال الأمراض في ما بينهم. وتشكل إزالة الغابات عاملًا هامًا في انتشار الأمراض المحمولة بالنواقل (أي الأمراض التي تنتقل عن طريق الأنواع الناقلة للأمراض إلى الأنواع المعرضة للإصابة ومن بينها الملاريا).31 ووجدت دراسة حديثة أن 15 في المائة من حوالي 250 من الأمراض المعدية المستجدّة التي تم تحليلها مرتبطة بالغابات، 32 والعديد منها (مثل الإيبولا وعدوى فيروس نقص المناعة البشرية/متلازمة نقص المناعة المكتسب) ضارة بشكل خاص بصحة الإنسان والاقتصادات. وقد ارتبطت إزالة الغابات، ولا سيّما في المناطق المدارية، بزيادة في الأمراض المعدية مثل حمى الضنك والملاريا والحمى الصفراء.33

فعلى سبيل المثال، تم رصد مرض فيروس الإيبولا لأول مرة لدى الإنسان في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى في عام 1976 وذكرت التقارير أنه تسبّب بوباء أودى بحياة أكثر من 000 11 شخص في جميع أنحاء غرب أفريقيا في الفترة 2016-2014، وقد ارتبط هذا المرض بالإزالة السريعة للغابات: واستنادًا إلى تغير الغطاء البرّي والبيانات الأخيرة عن الجوائح، وجد الباحثون أن وباء الإيبولا من المرجح أن يحدث في المناطق التي يتشتت فيها الغطاء الحرجي بسبب إزالة الغابات في غضون سنتين من وقت إزالة الغابات. 35،34

back to top أعلى الصفحة