Food and Agriculture Organization of the United NationsFood and Agriculture Organization of the United Nations

ماذا وراء اسم المنتج؟ أو بالأحرى، ما الذي تخفيه أسماء الأجبان؟


تساعد البيانات الجغرافية على الاحتفاء بالتراث الغذائي الغني في البلدان

Share on Facebook Share on X Share on Linkedin

تُوجِد البيانات الجغرافية مسارات من أجل تحقيق التنمية المستدامة. إذ تشكّل البيانات الجغرافية سبيلاً للحفاظ على الدراية المحلية والمعارف التقليدية والموارد الطبيعية والتنوع البيولوجي، من خلال توفير الدعم للاقتصادات المحلية وزيادة دخل المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة في جميع أنحاء العالم. ©البنك الأوروبى للانشاء والتعمير-الفاو/نيكولوز مكيدلديز

18/06/2020

تُستمّد كلمة سولغوني sulguni، وهي جبنة مالحة مصنوعة من حليب البقر أو الجاموس الطازج، من كلمتي "suli" و"guli" وتعنيان على التوالي "الروح" و"القلب" باللغة الجورجية. وقد لا يوجد اسم أكثر ملاءمة لهذه الجبنة الأساسية التي توضع على كل مائدة تقريبًا في جورجيا.

وتتميّز جبنة سولغوني بطريقة صنعها التي تستند إلى عملية تم تحسينها على مدى قرون وتنطوي على تحريك الروب الذين يكون خيطيًا، وعجنه ثم صبّه في قوالب على شكل أقراص وتغطيته بالملح. وتعطي هذه التقنية للجبنة طبقاتها المتميزة، وطراوتها وقرمشتها الطفيفة عند تقطيعها. وسواء أكانت طازجة أو مجففة أو معتقة أو مدخنة أو محلّاة بنكهة العسل أو النبيذ أو التوابل التقليدية، لا يخفى مذاق جبنة سولغوني على أحد، ما يجعلها أحد أشهر أنواع الأجبان في البلاد.  

ولكنّ الأجبان المسوّقة باسم سولغوني لا تلتزم كلّها بالوصفة التقليدية. ويؤدّي ذلك إلى إضعاف صورة ما يشكل جزءًا هامًا لا يمكن إنكاره من التراث الغذائي الغني في جورجيا. ولهذا السبب اختارت جورجيا، وغيرها من البلدان في جميع أنحاء العالم، اللجوء إلى علامات البيانات الجغرافية لحماية تقاليدها الغذائية.

وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، عملت منظمة الأغذية والزراعة والمصرف الأوروبي للإنشاء والتعمير مع الحكومات والمنتجين في جميع أنحاء العالم لدعم وضع البيانات الجغرافية للمنتجات المصنوعة تقليديًا. فإنّ علامات البيانات الجغرافية تزيد من قيمة المنتجات، ما يتجلى في ارتفاع دخل الأسر الريفية وتشجيع الافتخار بالثقافات الغذائية المحلية وجذب الشباب إلى الأعمال الزراعية الواعدة. وليس ذلك سوى مبادرة ضمن سلسلة من المبادرات التي أطلقتها المنظمة مع الشركاء لدعم سبل العيش والمجتمعات الريفية.

بدعم من المنظمة والمصرف الأوروبي للإنشاء والتعمير، سجّل المنتجون في كلّ من تركيا والجبل الأسود وجورجيا وصربيا وكرواتيا منتجات تحمل علامات البيانات الجغرافية، ما يعزز الافتخار بالثقافات المحلية وتقدير عمل المزارعين فيها. ©البنك الأوروبى للانشاء والتعمير-ال

المنتج الأصلي 

تتميز جورجيا بوفرة مأكولاتها الفريدة من نوعها، من نبيذ سابيرافي (saperavi) إلى حلوى شورشكيلا (churchkhela) المصنوعة من العنب والجوز. وعلى شاكلة جبنة سولغوني، تتميز هذه المنتجات بصفات وبسمعة تنبع من مواطنها أو "أرضها" الأصلية. وتشكّل هذه المنتجات نتيجةَ المعارف والممارسات المعيّنة المبنية على التفاعل بين المجتمع المحلي وبيئته. وهي بالتحديد، إلى جانب الدراية المحلية التي تتوارثها الأجيال، ما يعطي المنتجات النهائية مذاقها وملمسها ومظهرها المميز.

وتشهد العلامة البيانات الجغرافية الرسمية على أن المنتج قد صنع في موقع معيّن وأنه يتّسم بالصفات المحددة التي تُعطى لمنشأ جغرافي محدد. وتربط البيانات الجغرافية المنتجات بالتراث المحلّي وهي أيضًا محمية بموجب حقوق الملكية الفكرية. 

الحفاظ على التراث الغذائي والدراية

تعتبر فينيرا ليبارتيلياني وهي مزارعة من ذوي أصحاب الحيازات الصغيرة في غرب جورجيا أنّ صنع جبنة سولغوني يشكّل جزءًا دوريًا من حياتها. وتقول: "تكون جبنة سولغوني الطازجة ليّنة وطريّة. وليس من الصعب إنتاجها، ولكنه ينبغي اتّباع خطوات محددة في ذلك."

ومن أجل تسويق جبنة سولغوني مع علامة البيانات الجغرافية، لا بد أن يتم تصنيع الجبنة وفقًا لمجموعة حازمة من المعايير. وعملت المنظمة على تمكين منتجي جبنة سولغوني ومنظمتهم المعروفة باسم الجمعية الجورجية للألبان، على رفع مستوى هذه المعايير من أجل ضمان سلامة الأغذية والقدرة على التكيف مع نظم الإنتاج الحديثة، مع احترام التقاليد في الوقت عينه. وبفضل نظام إصدار الشهادات والضوابط ضد الغش، يتأكد المستهلكون من حصولهم على الجبنة الأصلية عندما يشترون جبنة سولغوني التي تحمل علامة البيانات الجغرافية.وينطبق ذلك سواء أكان مُنتج الجبنة مُنتجًا صغيرًا مثل فينيرا، أو شركة كبرى.

تتّسم جبنة غودا الخاصة بمنطقة توشيتي (Tushetian Guda) وهو منتج آخر يحظى بدعم المشروع، بنكهتها المميزة النابعة من حليب الأبقار والغنم المحلية في جورجيا بالإضافة إلى الطريقة القديمة جدًا المعتمدة لإنضاج الجبنة في أكياس من جلد الغنم. ©البنك الأوروبى للانشاء والتعمير-الفاو/فيرناندو خافيير آوركوجو

أكثر من مجرّد علامة

ثمة أكثر من 000 8 منتج يحمل علامة البيانات الجغرافية حول العالم، ويقدّر مردودها التجاري بحوالي 50 مليار يورو سنويًا. وقد تؤدي البيانات الجغرافية دور أداة للتسويق بالنسبة إلى المنتجين المحليين، فتجذب انتباه الزبائن وتتيح فرض أسعار ممتازة وتلبي احتياجات سوق متنامية تقدّر الجودة والتقاليد والسمعة الجيدة.

ويقوم جيورجي كارسامولي وهو أحد المؤسّسين الشباب لجمعية جبنة غودا الخاصة بمنطقة توشيتي، بإنتاج نوع آخر من الأجبان الجورجية الشهيرة، هي جبنة غودا الخاصة بمنطقة توشيتي التي تحمل اليوم أيضًا علامة البيانات الجغرافية. ويشير قائلاً: إنّ إصدار شهادات البيانات الجغرافية يساعد على الحفاظ على الممارسات التقليدية المتمثلة مثلاً في إنضاج الجبنة في أكياس من جلد الغنم بدلاً من الأكياس البلاستيكية، بالإضافة إلى ضمان سلامة الأغذية. ويضيف قائلاً إنّه قد تم الاضطلاع بعمل مثمر في هذا الصدد مع السلطات الرسمية ودوائر التفتيش.

ويوضح جيورجي قائلاً: "عندما نعرض جبنة غودا الخاصة بمنطقة توشيتي في المعارض والأسواق المخصصة، يتفاجأ الناس لرؤية هذا الكيس الغريب المصنوع من جلد الغنم. فأشرح لهم ما هو، وكيفية صنع الجبنة، وكيف يعطي هذا الكيس الخصائص الفريدة للجبنة".

ويشير أيضًا إلى أنّه يمكن لعملية وضع علامات البيانات الجغرافية أن تتيح مستقبلاً واعدًا للمجتمعات التي تعيش في أعالي الجبال من خلال تحسين سبل العيش والحفاظ في الوقت نفسه على الرعي الذي يحمي الموارد الطبيعية في محمية تو الوطنية. 

ويمكن للبيانات الجغرافية إدخال روح جديدة في الاقتصادات الريفية من خلال إدامة أنشطة الإنتاج واستحداث فرص العمل في قطاعات جديدة مثل السياحة في المناطق الريفية.

الربط بين السكّان والمنتجات والأماكن 

في ظل تزايد مغادرة الشباب للمناطق الريفية والتوجّه نحو المدن وتزايد استهلاك الأغذية المجهّزة، تتعرّض الأغذية التقليدية لخطر الزوال، لا سيما في ظل تغيّر العادات وأنماط العيش. وتساعد المنظمة جنبًا إلى جنب مع الشركاء مثل حكومة جورجيا، في ترسيخ الشعور بالفخر بالتراث المحلي الغنيّ للأغذية وخاصة في صفوف الأجيال الأصغر سنًا وذلك عن طريق التعريف بالأغذية التقليدية مثل جبنة سولغوني وجبنة غودا الخاصة بمنطقة توشيتي من خلال الربط بين السكّان والمنتجات والأماكن. إذ يؤدّي الإقرار بمساهمة المنتجين في التراث الوطني للأغذية والتنوع البيولوجي وزيادة قيمة هذه المنتجات والافتخار بها إلى تعزيز سبل العيش والمساعدة في ضمان استمرارية هذه التقاليد الغذائية والاحتفاء بها على مدار الأعوام العديدة المقبلة.

في ظل اقتراب الموعد النهائي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، أي عام 2030، يمكن للمبادرات الفريدة التي تربط المنتجات بالموارد الطبيعية، وتدعم الاقتصادات المحلية وتعزز سبل العيش في الريف وتقدّم ضمانات أفضل وتعمل على توعية المستهلكين بشأن جودة الأغذية، أن تقطع شوطًا كبيرًا نحو تحقيق هذه الأهداف، لا سيّما في ما يتعلق بالقضاء التام على الجوع وسوء التغذية (الهدف 2 من أهداف التنمية المستدامة) والاستهلاك والإنتاج المستدامين (الهدف 12 من أهداف التنمية المستدامة). وفي الواقع، إنّ البيانات الجغرافية أكثر من مجرّد علامة.

روابط تتعلق بالموضوع

للمزيد من المعلومات

الموقع الإلكتروني: يوم فن الطبخ المستدام

الموقع الإلكتروني: دعم الاستثمار

الموقع الإلكتروني: برنامج الجودة والمنشأ

الأخبار توسيم الأغذية ببلد المنشأ يدعم الاقتصادات المحلية والتنمية المستدامة

شريط فيديو: : هل تعلم من أين يأتي غذائك؟

المطبوعات: المؤشرات الجغرافية للنظم الغذائية المستدامة (باللغة الإنجليزية)