Food and Agriculture Organization of the United NationsFood and Agriculture Organization of the United Nations

مراقبة مصايد الأسماك: مهمة صعبة لكنها حيوية


المراقبة العلمية مهمة أساسية للحفاظ على استدامة مصايد الأسماك في أعماق البحار

Share on Facebook Share on X Share on Linkedin

يقضي السيد Saiasi Sarau، الذي يعمل مراقبًا لمصايد الأسماك، أشهرًا في البحر لتسجيل بيانات عن المصيد والمصيد العرضي وجمع البيانات البيولوجية عن الأسماك التي تم صيدها. وتساعد هذه المعلومات البلدان على معرفة حالة الأرصدة السمكية. FAO/Manoj Nawoor©

17/02/2025

يتأمل السيد Saiasi Sarau، وهو بحار من فيجي قوي البنية، المياه الهادئة في ميناء بورت لويس، عاصمة ﻣﻮرﻳﺸﻴﻮس، وترتسم على وجهه ابتسامة عريضة وهو يقول: "أنا أحب المحيط. لقد كان المحيط سخيًا معي منذ أن بدأت الصيد في طفولتي".

وقد نشأ السيد Sarau في قرية لا يعرف سكّانها سوى الصيد أسلوبًا للحياة، حيث كان يصطاد أسماك الشعاب المرجانية لإطعام أسرته قبل أن يلتحق بمدرسة الملاحة البحرية. وبعد تخرجه، شق طريقه إلى أن أصبح قبطانًا قبل أن ينتقل إلى جزر كوك ليعمل كمراقب لمصايد الأسماك.

ويسافر السيد Sarau مرة واحدة في السنة إلى جزيرة موريشيوس في شرق أفريقيا لرصد أنشطة الصيد التي تقوم بها سفينة الصيد
F/V Will Watch. وتنطلق هذه السفينة، التي ترفع علم جزر كوك، من قاعدتها في بورت لويس لتجوب مياه جنوب المحيط الهندي بحثًا عن أنواع أسماك المياه العميقة، مثل الأبراميس والهلبوت البرتقالي.

ويقول السيد Saiasi: "تقضي وظيفتي بجمع البيانات العلمية للمساعدة في إدارة هذه المصايد". وقد تستغرق رحلات الصيد ما يصل إلى عشرة أسابيع في البحر، وخلال هذه الفترة يحتفظ السيد Saiasi بسجلات عن المصيد والمصيد العرضي ويقوم بجمع البيانات البيولوجية عن الأسماك التي تم صيدها.

ويراقب السيد Saiasi الطيور أيضًا، إذ تشمل مهامه تسجيل التفاعلات مع الطيور والثدييات البحرية والزواحف. ففي وسط المحيط، تقترب عادة طيور القطرس من السفينة. ويتأكد السيد Saiasi من أن خط التوري يحول دون التقاطها الطُعم ووقوعها في الشبكة. 

يعمل مشروع الصيد في أعماق البحار، الذي يندرج في إطار برنامج المحيطات المشتركة بقيادة منظمة الأغذية والزراعة بتمويل من مرفق البيئة العالمية، على تعزيز الإدارة المسؤولة لمصايد أسماك المياه العميقة والحفاظ على التنوع البيولوجي في أعالي البحار. FAO/Manoj Nawoor©

تعرَّف على ما يحدث

حضر السيد Saiasi إلى موريشيوس هذا العام لسبب آخر. إذ يشارك، إلى جانب عشرين تقريبًا من أقرانه، في حلقة عمل حول المراقبة العلمية لمصايد أعماق البحار. ويمثل جميع المشاركين بلدانًا تمارس الصيد في المحيط الهندي وهي أطراف متعاقدة في اتفاق مصايد الأسماك في جنوب المحيط الهندي، بما في ذلك تايلند وسيشيل والصين وموريشيوس.

وفي هذا الصباح الحار والممطر من شهر ديسمبر/كانون الأول، تتدرب المجموعة على كيفية رصد أنشطة الصيد على متن السفينة F/V Klondyke، وهي سفينة من موريشيوس تستعد لرحلتها القادمة.

ويتعلم المشاركون كيفية اتباع إجراءات التشغيل الموحّدة التي قدمها السيد Isaac Forster، وهو أحد المدربين في حلقة العمل وعالم أحياء يعمل لدى هيئة صون الموارد البحرية الحية في القطب الجنوبي.

ويوضح السيد Forster مدى أهمية توحيد إجراءات جمع البيانات لضمان إمكانية استخدامها على نطاق واسع. ويضيف أن الاستقلالية في إعداد التقارير لا تقلّ أهمية، ويتابع قائلًا: "ما لم يتمكّن المراقبون من العمل بشكل مستقل، فإن جودة البيانات ستصبح موضع شكّ".

ويقول السيد Keith Reid، الخبير في مصايد الأسماك الذي يقود حلقة العمل التي نظمها مشروع مصايد الأسماك في أعماق البحار ضمن برنامج المحيطات المشتركة بقيادة منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة: "يتيح المراقبون على متن السفن معرفة ما يحدث في مصايد الأسماك وما قد تُحدِثه من تأثيرات على النظام الإيكولوجي". ويضيف أن هذا الأمر مهم بشكل خاص في أنشطة الصيد في المياه العميقة التي قد تُحدِث تأثيرًا بيئيًا كبيرًا.

ويعمل المشروع، الذي يموّله مرفق البيئة العالمية، على تشجيع الإدارة المسؤولة لمصايد أسماك المياه العميقة والحفاظ على التنوع البيولوجي في أعالي البحار.

وقد أدى الصيد الجائر للأسماك في الفترة الممتدة من سبعينات إلى تسعينات القرن الماضي إلى انهيار العديد من أرصدة أسماك المياه العميقة وألحق أضرارًا جسيمة بموائل قاع البحر. ومنذ ذلك الحين، بدأت الأرصدة تتعافى ببطء، بينما ساعدت الخطوط التوجيهية الطوعية، بالإضافة إلى توطيد التعاون الإقليمي، على جعل صيد أسماك المياه العميقة أكثر استدامة.

ويقول السيد Marco Milardi، مسؤول العلوم في هذه المنظمة الإقليمية لإدارة مصايد الأسماك، إن هذا هو علّة وجود اتفاق مصايد الأسماك في جنوب المحيط الهندي. ويضيف أن المراقبة تؤدي دورًا حيويًا: "إذ توفر البيانات اللازمة لاتخاذ قرارات مستنيرة بشأن مستويات الصيد المستدامة والحد من الأثر البيئي لمصايد قاع البحر".

يتعلم السيد Saiasi وغيره من المراقبين كيفية توحيد المعايير المتبعة في رصد أنشطة الصيد، بحيث يمكن استخدام هذه البيانات في سياقات دولية مختلفة. FAO/Manoj Nawoor©

مهمة شاقّة

أصبحت السماء صافية بحلول العصر ودخلت المجموعة إلى مركز أبحاث مصايد الأسماك في ألبيون الواقعة إلى الجنوب من بورت لويس. وفي الداخل، قدَّمت مسؤولة علمية عرضًا توضيحيًا لجمع البيانات البيولوجية. فقامت بدايةً بقياس وزن سمكة القبطان وطولها، وهي تعرف أيضًا باسم سمكة الإمبراطور المرقّط، المستخدمة في هذا العرض. ثم أجرت عملية تشريح لتقييم بلوغها من حيث إمكانية التكاثر وعمرها.

وتقول السيدة Lana Gabriel، وهي تشاهد العرض، إنها تفتقد الوقت الذي قضته في البحر كمراقبة على متن سفن صيد أسماك التونة حول سيشيل، مسقط رأسها. ومع أن معظم المراقبين هم من الرجال، إلا أنها لم تشعر قط بأن كونها امرأة كان يمثل مشكلة. وتقول: "في سيشيل، الفتيات أكثر انخراطًا، فهنّ يقمن بنفس المهام التي يؤديها الرجال".  

وتحب السيدة Lana عملها الحالي كموظفة مسؤولة عن المراقبة الإلكترونية من اليابسة، لكنها تقول إن مشاهدة لقطات للسفينة على شاشة الكمبيوتر ليست كالعمل في البحر. ولكن بعد أن أصبحت أمًّا، لم تعد ترغب في قضاء وقت طويل في البحر.

ويوافق السيد Saiasi هذا الرأي؛ فمن الصعب أن يكون المرء بعيدًا عن أسرته لفترة طويلة. ويطمح في أن يصبح موظف تقييم بيانات وأن يعمل مع العائدين من الرحلات بدلاً من السفر طوال الوقت.

وفي كل مرة يكون فيها بعيدًا، ينتظره ابنه البالغ من العمر ثلاث سنوات بفارغ الصبر. ويبتسم السيد Saiasi قائلًا: "كل ما يريده هو الذهاب لصيد الأسماك، تمامًا كأبيه".

ويعدّ الرصد العلمي مهمة صعبة، لكنها تكتسي أهمية بالغة بالنسبة إلى الجهود الدولية الرامية إلى جعل مصايد الأسماك في أعماق البحار أكثر استدامة. فالبيانات التي يتم جمعها عن المصيد والمصيد المرتجع تساعد الدول على تقييم سلامة الأرصدة السمكية واتخاذ قرارات مستنيرة بشأن التدابير المناسبة لإدارتها. ولتعزيز تعافي الأرصدة السمكية في أعماق البحار وحماية البيئة ودعم سبل المعيشة، يعتبر الرصد خطوة أولى أساسية وتبقى الأشهر التي تُقضى في أعالي البحار لا تُقدَّر بثمن.

روابط تتعلق بالموضوع

للمزيد من المعلومات

الموقع الإلكتروني: مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في منظمة الأغذية والزراعة

الموقع الإلكتروني: منظمة الأغذية والزراعة ومرفق البيئة العالمية

الموقع الإلكتروني: برنامج المنظمة بشأن المحيطات المشتركة: مصايد أعماق البحار

الموقع الإلكتروني: الهيئة العامة لمصايد الأسماك في البحر الأبيض المتوسط